مداخلة عبد الله الحريف في ندوة حراك الريف يوم 24/09/2017

عبد الله الحريف
abdallah.elharif@team-maroc.com

2017 / 9 / 29



تحية عالية لحراك الريف
تحية عالية لمعتقي الحراك وقادته
الحضور الكريم،

قبل أن أتطرق لمداخلتي، أود أن أفتح قوسا لطرح أفكار أثارتها مداخلة الأستاذ عبد الله الحمودي القيمة.
لقد عرف المغرب خطان نقيضان للنضال ضد الاستعمار، لكل واحد منهما أسسه الطبقية المحددة:
الخط الثوري الذي جسده القائد الفذ محمد بن عبد الكريم الخطابي والذي يرتكز إلى حرب التحرير الشعبية التي يخوضها الفلاحون ضد الاستعمار وضد الإقطاع ومن أجل الاستقلال الحقيقي واسترجاع أراضيهم المغتصبة من طرف المعمرين والإقطاعيين. هذه التجربة التي ألهمت ماو تسي تونغ وهو شي منه.
الخط المساوم الذي مثلته الحركة الوطنية والذي يعبر عن مصالح البرجوازية والذي ارتكز إلى التوافقات والمساومات في الغرف المغلقة مع القصر والإقطاع والاستعمار والذي أثمر في أيكس لي بان استقلالا شكليا والذي لا زلنا نعاني من مخلفاته إلى يومنا هذا. ينتهي القوس.
اعتبر النهج الديمقراطي أن ما سمي “ربيعا عربيا” للإيحاء بأنه سيمر وينتهي هو، في الواقع، الموجة الأولى لسيرورات ثورية في المنطقة ستستمر، ليس في خط مستقيم، بل ستعرف موجات من المد و”هدوءا” وانكماشا وتراجعا في فترات الجزر. لكنها لن تتوقف حتى تتغير الأنظمة السائدة في المنطقة. لكن، حتى في فترات الجزر، لا يتم الرجوع إلى الوضع السابق لأن الجماهير وقواها المناضلة تكون قد اكتسبت تجربة هائلة بنفض الخوف عليها وفقدان الثقة في المؤسسات الرسمية( المقاطعة العارمة للانتخابات كنموذج) وعرفت من هم أعداؤها وحلفائها الموثوقين والمترددين وخبرت قدرنها على تغيير واقعها وصنع مستقبلها.
وفي المغرب، يمثل استشهاد محسن فكري الشرارة التي أشعلت الموجة الثانية من السيرورة الثورية في بلادنا. وهكذا انطلق حراك الريف الذي ارتكز إلى العناصر الأساسية التالية التي مكنت من إعطائه زخما كبيرا واحتضانه من طرف جماهير الريف وتوحيد نضالها وامتداده إلى مناطق أخرى واكتسابه لتعاطف كبير، داخل البلاد ووسط الجالية المغربية والرأي العام الديمقراطي في الخارج:
-الاستفادة من دروس حركة 20 فبراير( النضال الجماهيري، السلمية،…) ومن مكتسباتها( تراجع الخوف، فقدان الثقة في أدوات المخزن).
-طرح المطالب العادلة الملموسة للكادحين في منطقة عانت ولا زالت من التهميش
-العداء للمخزن، وخاصة نواته الصلبة المافيا المخزنية، المتجذر في وجدان الريفيين الذين قاسوا من تواطؤه مع الاستعمار ضد ثورة الريف المجيدة تحت قيادة البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي ومن قمعه الدموي الإجرامي لانتفاضة سنتي 1958-1959 وانتفاضة يناير 1984 وحركة 20 فبراير( خاصة استشهاد خمسة مواطنين).
-توفره على قيادة، على عكس حركة 20 فبراير وإبداعه لأشكال نضالية متنوعة و جرأته بالتوجه مباشرة إلى الملك ورفضه التفاوض مع الحكومة، وعيا منه بأن القرار ليس بيدها، وتصديه لاستعمال الدين من طرف الدولة لإخماد الحراك، والصلاة خارج المساجد.
-ارتكازه إلى هوية خاصة متجذرة في وجدان الريفيين والريفيات.
فبينما انطلقت حركة 20 فبراير من شعارات سياسية عامة( مناهضة الاستبداد والفساد، حرية، كرامة، عدالة اجتماعية)، تنطلق الحراكات الحالية من المشاكل الاجتماعية الملموسة للجماهير ثم تتحول، بشكل طبيعي، حين تصطدم بعجز الدولة على تلبية هذه المطالب الاجتماعية ومناوراتها لإجهاضها وصولا إلى قمعها، إلى حراك من أجل التغيير السياسي. هكذا تكتشف الجماهير، من خلال تجربتها النضالية الملموسة، أن تحقيق مطالبها الاجتماعية العادلة والمشروعة يتطلب التخلص من المافيا المخزنية أي أن نضالها من أجل مطالب اجتماعية، بعضها خاص بهذه المنطقة أو تلك، هو نضال موحد في العمق لأنه يواجه نفس العدو.
وخلاصة القول أن حراك الريف، كتجربة رائدة، يجب أن يلهم الحراكات الجارية في مناطق أخرى في البلاد او المرتقبة. ويجب أن تعي هذه الحراكات أنها تواجه نفس العدو أي المافيا المخزنية. وأن حراكا في منطقة معينة، مهما كانت قوته وزخمه غير قادر على هزم المافيا المخزنية التي تتحكم في مؤسسات وأجهزة سياسية و أيديولوجية وعسكرية وأمنية ودعائية وموارد مالية هائلة ولها حلفاء أقوياء في الخارج. وبالتالي أن وحدتها ضرورية لتحقيق الانتصار. هذه الوحدة المبنية على التعددية والعلاقات الديمقراطية تشكل ضمانة ضد النزعات الانعزالية وجنين السلطة الشعبية الديمقراطية البديلة لحكم المخزن.
إن انتصار حراك الريف انتصار لكل قوى التغيير وإضعاف للمخزن. إنه يستوجب ما يلي:
-تحديد عدو أساسي واحد في كل فترة وتركيز الصراع ضده وعدم تشتيت الجهود في صراعات ثانوية والسعي، بدون كلل أو ملل وبكل قوة وحماس، إلى تجميع كل الطبقات والفئات والشرائح الاجتماعية والقوى الحية، أيا كانت مرجعيتها الفكرية أو موقعها الطبقي، المتضررة من ذلك العدو الذي هو، في الفترة الراهنة، المخزن. هذه الجبهة التي يمكن أن تضم القوى اللبرالية المعبرة عن مصالح البرجوازية المتضررة من المافيا المخزنية والتي ترفع شعار الفصل بين الثروة والسلطة والقوى الإسلامية المناهضة للمخزن والغير تكفيرية والغير التبعية للخارج والقوى اليسارية والحركات الاجتماعية ومنظمات المجتمع المدني الجادة,
-فك العزلة عن حراك الريف من خلال تجسيد شعار الحراك في كل مكان للنضال من أجل المطالب المحلية والتضامن مع حراك الريف، خاصة وأن جل المطالب التي رفعها حراك الريف هي مطالب الشعب المغربي، وخاصة كادحيه. وكدا من خلال العمل على ان تنخرط الحركات الاجتماعية فيه( الحركة النقابية والطلابية والمعطلين وغيرها).
-دعم صمود المعتقلين، وعلى رأسهم قادة الحراك، كمسألة جوهرية لتحقيق الانتصار.
ولذلك فإن القوى الحية، تتحمل مسئولية تاريخية في الانخراط فيه وإسناده بكل الوسائل الممكنة. الشيء الذي يتطلب منها وضع التناقضات الثانوية جانبا والتشبع بالروح الوحدوية ونبد الإقصاء والاشتراطات في النضال المشترك.
فما هي إذن مهام القوى الحية إزاء حراك الريف؟
-المهام إزاء المعتقلين وعائلاتهم:
°تقوية صمودهم في وجه القمع والمناورات والوعود الزائفة وبائعي الأوهام وسماسرة الوساطة، من خلال فضح أهداف وخلفيات هذه الممارسات.
°تعبئة أكبر عدد ممكن من المحامين، من المغرب وخارجه، لمؤازرتهم.
°مواجهة التعتيم والتشويه الإعلاميين الذي يمس المعتقلين والحراك والتعريف على أوسع صعيد بواقعهم ونضالهم، وخاصة الإضرابات عن الطعام.
°القيام بوقفات أمام المحكمة خلال جلسات محاكمتهم.
°تصعيد النضال والتعبئة خلال الإضرابات عن الطعام التي يخوضها المعتقلون.
°احتضان العائلات أثناء تواجدهم خارج مسقط رؤوسهم لمتابعة محاكمة أبنائهم.
°فضح الاعتقالات الجديدة والمحاكمات الصورية.
-المهام إزاء الحراك:
°من أجل توفير شروط مفاوضات حقيقية مع قادة الحراك: لا يمكن أن تستقيم المفاوضات والمعتقلون على خلفية الحراك في السجن والنظام متماد في القمع والاعتقالات والأحكام الجائرة وفي عسكرة المنطقة. ولذلك لا بد من:
+تصعيد النضال من أجل إطلاق سراح المعتقلين وتوقيف المتابعات القضائية ضدهم والتحرش البوليسي والمتابعات ضد المناضلين المنخرطين في دعم الحراك.
+رفع العسكرة على الريف
°توسيع الحراك إلى مجموع التراب الوطني
°العمل من أجل أن تنخرط الحركة النقابية المناضلة والحركة الطلابية وحركة المعطلين وغيرها في حراك الريف والحراكات الأخرى.
°تعبئة التضامن في الخارج من طرف الجالية المغربية والقوى الديمقراطية في العالم.
°النضال من أجل فتح مفاوضات حقيقية مع قادة الحراك. الشيء الذي يعني أن تتحمل الدولة مسئوليتها بتعيين وفد قادر على أخد التزامات واضحة وليس سعاة بريد أو سماسرة وإشراكها( أي القيادة) في مراقبة تنفيذ الالتزامات والاتفاقات.
°مواجهة محاولات زرع التفرقة وسط حراك الريف( وسط المعتقلين ووسط عائلاتهم من خلال خلق جو من التوجس) و/أو بين الحراك والقوى المدعمة له( ما وقع لسيليا في حفل الإنسانية أو الترويج للأسطوانة المخدوشة للصراع بين الامازيغ والعرب).
إن تصعيد النضال يتطلب، إضافة لما سبق، خوض نضالات وطنية موحدة في الزمان ومتفرقة مكانيا وكذا مسيرة وطنية حاشدة في الدار البيضاء.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن