هل بدأت مرحلة التغيير في الشريعة ام لدعاة حد الردة كلام اخر

يعقوب يوسف
yybihnam@yahoo.com

2017 / 9 / 22

قبل أيام أعلن رئيس جمهورية الشيشان الروسية قرارا مثيرا لكونه سابقة جميلة وذلك بإرغام المطلقين بالعودة الى ازواجهم حفاظا على التماسك الاسري ومنعا من التشتت والانحراف ثم التطرف، قرار يخالف الشرع الإسلامي الذي يحلل الطلاق، وقام الرئيس رمضان قديروف بنفسه بتنفيذ القرار وذلك بإعادة المطلقين الى بعضهم البعض حتى وان كان الرجل قد تزوج بأخرى، وهو بالتأكيد خطوة على الطريق الصحيح.
وبالرغم من ان الطلاق مشكلة انسانية ازلية، وهو أحد الأسباب الرئيسية في التحلل الاسري وانحراف المراهقين الا انه في الشيشان له خاصية أكثر خطورة وهي أن هذا البلد أحد أكبر الموردين للمنظمات الإرهابية في العالم، ويعتبر الشيشانيين أنفسهم محتلين من الدولة الروسية الكبرى وبالتالي فإنه إذا ما وقع الشباب الضائع العاطل عن العمل فريسة المنظمات الأصولية التي تعرف كيف تغسل ادمغتهم ستكون الكارثة.
.
ان الرغبة في التغيير والعصرنة لم تكن وليد الساعة فقد كانت محاولات كثيرة للانسلاخ عن الشريعة والتي تظهر بين الفينة والأخرى.
سبق لوزير مصري في بداية السبعينات ان صرح (ان تعدد الزوجات أصبح من الماضي - لاحظ كيف كانت مصر ومما لاشك فيه فان ارتفاع مستوى المعيشة مساهم فاعل مع نضوج الفكر التحرري البناء) إلا ان احداً لم يكن يجرؤ على الرد عليه ولا حتى الازهر، لان مصر كانت رائدة الأيديولوجية التقدمية في العالم العربي وتحديها يعتبر سلوكا رجعيا متخلفا، قبل ان يتمكن السادات من الانقلاب على الأفكار اليسارية لتنتقل مصر الى الايديولوجية الإسلامية وتتحول شيئا فشيئا الى منبع للأفكار المتطرفة والارهابية، ففي عام 1981 أي قبل مقتله بشهر واحد في 6 سبتمبر1981 على يد المتطرفين الإسلاميين (في 5سبتمبر اعتقل السادات اكثر من 1500مثقف واعلامي ومعارض وسيطر على العديد من الصحف والمطبوعات كما اعتقل المئات من الأساقفة والرهبان وعلى راسهم البابا شنودة لرفضه زيارة اسرائيل) وهكذا تحولت مصر العلمانية الى العوبة بيد الأنظمة الإسلامية التي لم تكن ترغب بان دولة قوية وتمثل مركز العالم الإسلامي خارج سيطرتها وبالفعل فبانقلاب مصر تغير العالم الإسلامي كله وتمكنت من ابتلاع تركيا العلمانية.
.
لقد قدمت لنا داعش نموذجا مصغرا عن المآسي التي حصلت في التاريخ الإسلامي الحقيقي وكيف كان الغزو عندما قاموا بتجميع المجاهدين من مختلف البلدان دون استثناء لطبيعة أي بلد ومستواه الحضاري هدفهم الوحيد الجهاد في سبيل الله ورفع رايته وكان احد اهم مرتكزات هذا الجهاد والمعلن هو (النكاح) وكيف كان يتم هذا العمل بلا حياء مع المختطفات من غير المسلمات ، وكيف كان يتم بيعهن او التنازل عنهن او تبادلهن بين المجاهدين، إضافة الى دعوة المجاهدات من دول العالم مدعومة بفتاوى من كبار علماء المسلمين الى (جهاد النكاح) تصوروا هذه العبارة وما نتج عن هذه الاعمال فعلا من أطفال لا يعرف من هم آبائهم وما هو مستقبلهم وخاصة وهذا ما يثير الاشمئزاز أنهم ولدوا في بلاد تحتقر هذه الطفولة البريئة وتضع الذنب عليها رغم معرفة السبب المباشر. وكيف يمكن اعتبار البشر أموالا كالحاجيات والاغنام تباع وتشترى ويتم نكاحهم بلا حساب وحتى خارج إطار حدود الزوجية، الم يقل الله نفسه عنهم (لقد خلقنا الإنسان في أحسن تقويم) ام ان المسلم وحده هو الانسان؟
كان ولازال أكبر خطر يهدد الإسلام هو تعدد الزوجات حيث تربي كل زوجة أولادها على طريقتها وتحاول ان تميزهم عن غيرهم فاذا كان العديد من الإباء غير قادرين عن تحقيق وإرضاء رغبات اولادهم من زوجة واحدة فكيف سيتمكنون من إرضاء أولاد لا يجمعهم سوى الانتماء الابوي.
لقد ساهم الصراع الاسري مساهمة فاعلة في التصدع والاقتتال بين الاخوة داخل المجتمعات الإسلامية سواء بسبب الخلاف على اقتسام الإرث ام ولاية العهد والسلطة بين النخبة من قادة الامة.
.
هل يمكن ان يكون هذا هو الزواج المطلوب لتأسيس الاسرة المؤمنة وفق المتطلبات الإلهية التي جاء بموجبها الدين الجديد لإصلاح البشرية من الفساد المزعوم، وهل الزواج هو مجرد (عقد) بين طرفين حتى وان كان مصدقا لدى المحكمة، ام انه شركة روحية بين طرفين تجمعهما بركة الهية لتكوين اسرة.
فاذا كانت الاسر المستقرة والمكونة من اب وام وعدد من الأولاد مليئة بالمشاكل والاضطرابات فكيف يمكن تصور الاسر المفككة التي لا تعرف من يرعاها،
وهل عبارة (عقد نكاح) كلمة مهذبة لتكون شريعة الهية،
وما ينطبق على عقد النكاح ينطبق على العقود الأخرى كعقد المسيار وعقد المتعة والعرفي والسياحي والفرند في اوروبا وغيرها مسميات تدل معانيها بوضوح على الدعارة.
فتصوروا كم كان حجم الكارثة عندما يكون الغزو بعشرات او بمئات الألوف من الغزاة، وما سينتج عنه من مشردين لا أهل لديهم؟
.
ان التعايش مع الواقع من الأمور المُسلم بها في الحياة وهذا ما يؤكده لنا التاريخ فالأشجار الغير قادرة على الانحناء مع التيار ستتكسر مهما طال الزمن، فإذا كنا نؤمن بأن الله خالق كل شيء وهو الذي وضع قواعد هذه الحياة فكيف يمكن ان نصدق ان هذا الاله هو من وضع شريعة ثابتة بل وكل من يفكر في تطويرها يكفر، خاصة إذا علمنا انها تعالج تعاملات وضعية أرضية وليست سماوية بمعنى انها احكام إدارية لضبط النظام على الأرض لمجتمع يتغير مع الزمن بطبيعته.
غير ان الانحناء في الإسلام له فلسفة أخرى (تمسكن حتى تتمكن)
ان الذي يؤمن باله ازلي يعلم أن شريعته الإلهية مسؤوليته وحده وهو القادر على كل شيء فهو يضع قواعد الثواب والعقاب ولم يكن يوما بحاجة الى ان يستنجد بعبيده لتنفيذها، وإلا لم يعد الها يستحق العبادة، فالامر بالنسبة بضع دورات للأرض حول الشمس وينتهي المطاف بالإنسان الى القبر.
اما الشريعة الاجتماعية فهي مسؤولية بشرية هدفها تنظيم إدارة المجتمع الإنساني.
.
قتل المرتد: الشريعة الإسلامية هي القانون الوحيد في العالم الذي يميز بين المسلم وغيره، فحقوق غير المسلم لا تتساوى مع المسلم في كل شيء رغم تباين هذه الحقوق بين امام وآخر وعلى هذا الأساس فالقضاء وفق المعايير الدولية مهزوز في ظل الشريعة، والمرتد وهو أخطر ما يهدد الإسلام كونه كان مسلما وابتعد عنه. مفهوم قتل المرتد وفق الفتوى الإسلامية يدحض فكرة الإسلام دين ودولة اذ كيف تبيح الشريعة قتل المرتد دون الرجوع حتى الى الامام، هل هناك دعوة للفوضى أكثر من هذا، بل وينسف مبدأ القضاء الذي يعتمد على التحقيق والأدلة الجنائية والشهود وغير ذلك من المعايير المفقودة هنا.
ان ما يحصل اليوم على ارض الواقع وعلى مرئى من كل وسائل الاعلام خير دليل على ذلك عندما تتم خطف او اعتداء على غير المسلمين ولا يتمكن القضاء ممارسة مسؤولياته بموجب القانون وعندما يَحرق صاحب فرن عماله المسيحيين بادعاء إهانة الإسلام ثم يثبت ان السبب الحقيقي هو المطالبة بزيادة الاجر، او ان يَقتل (طفل) زميله بالمدرسة لأنه أهان الإسلام اين القضاء وأين عدالة عمر!
ان مفهوم ان الإسلام دين ودولة يرجع أساسه بعد تبلور مفهوم الدولة في العهد الاموي بشكل واضح بحيث لينفرد الحاكم والخليفة في السلطة دون ان يشاركه أحد بها، ولا ننسى ان الخليفة الأول معاوية بن ابي سفيان كان من كتاب الوحي (واللبيب من الإشارة يفهم).
ولو عدنا الى عهد أبو بكر الصديق الذي رفض ان ترث فاطمة بنت محمد ارض فدك التي كانت مملوكة لوالدها وقيل انه اهداها لها، قائلا ان الأنبياء لا يرثون، أي ان محمد مجرد راهب لا ذرية عنده، لأنه حتى رجال الدين المسلمين اليوم يمتلكون ويرثون، أي انه بعد كل ما قام به خرج بخفي حنين.
فالاسلام سواء سمي دين ودولة او دين الدولة كان ولازال السلاح الخفي لتبرير استخدام الدولة المفرط للعنف ضد معارضيه المؤطر بالشريعة التي تحرم النقاش والاعتراض (لا تسألوا عن أشياء إن تُبد لكم تسؤكم) وهذا هو سبب بقاء الإسلام 1400 سنة (مناصحة ولاة الأمور، والدعوة لهم بالخير... أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُون).
.
كيف يمكننا ان نصدق ان الله هو القائل بإن السارق تقطع يده، أي سارق تقطع يده، سارق الدجاجة او البعير، أم الذي يسرق شعب بأكمله وينهب أموال كل من لا يؤمن بدينه مع اهل بيته باعتبارهم جزءا من هذا المال.
ولان هذه الآية باتت من الماضي فحتى القوانين الإسلامية تجاهلتها وهو بحد ذاته اعتراف بفشل هذه الآية، ربما باستثناء بعض المناطق التي لازالت تعيش (الحلم الإسلامي).
.
أخيرا عادت تونس الى أصولها الحضارية البورقيبية بإعلان مهم لكن المتحجرين لا يرضيهم هذا الاجراء المتمثل في مساوات الرجل بالمرأة في بعض القضايا أهمها الميراث، واعتقد ان منطقية هذا القرار يتمحور في أن القرآن او يفترض جاء في زمن لم يكن للمرأة اية مكانة او حقوق في المجتمع وعليه فإن الاسلام كدين سماوي يدعوا للمساواة الاجتماعية أصدر ضوابط الميراث كحد ادنى لضمان حقوق جميع الورثة ومنهم المرأة التي لم تكن ترث آنذاك (حسب ادعائهم ونسوا مثلا أن خديجة زوجة النبي كانت من اسياد قريش وانها ورثت المال والتجارة من زواج سابق وان محمد نفسه كان يعمل لديها، ونسوا الشاعرة الكبيرة الخنساء سيدة قبيلتها والتي قدمت أربعة من أولادها شهداء في القادسية، وان تدمر كانت تحكمها الملكة زنوبيا)
وكان رد أحد المسؤولين التونسيين لمنتقديه الازهريين ان من يبيح في كتبه اكل لحوم البشر لا يحق له الاعتراض.
.
ذبح الاضحية: هذا التقليد الوثني واليهودي الذي اقره الإسلام دون تغيير، ومشكلة امة اقرأ انها ممنوعة من القراءة على أساس ان كل ما سبقها محرف،
ان الذبح وجد مع الخليقة فالانسان عليه ان يذبح ليأكل وبالتالي تطورت أساليب الذبح مع التطور الحضاري للبشرية الى ان وصلت الى الإسلام، ربما كان الذبح في زمانه ارقى طرق الذبح الحيواني لكنها اليوم مع التقدم العلمي مرفوضة لوحشيتها وابتعادها عن ادنى المعايير الصحية وعدم انسانيتها، بل وكثيرا ما يتم الذبح في الازقة والشوارع غير النظيفة وامام جموع المواطنين خاصة الأطفال والنساء مع الاحتفال والتكبير فيما يرون منظر الضحية تلقى بعنف على الأرض وتذبح والدم يسيل منها ومع هذا يصر المسلمون على اتباع نفس الطرق المتخلفة بل يحاولون فرضه على دول حرمت هذا الأسلوب منذ زمن طويل بأدعاء انه (الحلال) لاحظ حتى مفهوم الحلال كيف يفسر، وبالمقابل اذن الذبح الغير حلال هو الذبح بالطرق العلمية الصحية (هل هناك تخلف اكثر من هذا الحلال) اليس هذا تحد مفضوح لهذه الشريعة، خاصة عندما يحاول مروجي الشريعة ردع منتقدي هذا الذبح بدعوى ازدراء الأديان.
.
الرجم وهي معضلة معقدة حيث كان المسلمين ولا زالوا يمارسونها بكل وحشية في بعض الدول مثل افغانستان ونيجيريا يمارسونها الى يومنا هذا مع ان آية الرجم أساسا غير موجودة في القرآن على أساس ان الداجن قد اكلها (ولا اعرف كيف لم يمنع إله القرآن من اكله وهو القائل انا له لحافظون) اما الداعشيين فطوروها لتكون أكثر رحمة فجعلوا قتل الزانية بالرصاص، ان الرجم او مجرد إيذاء المرأة بتهمة الزنى مرفوض ليس لأنه وحشي وحسب بل لعدم اخلاقيته وعدم قانونيته لأنه في الحقيقة التهرب من ان تتحول الى جريمة اغتصاب.
.
حتى السنة الهجرية التي هي شأن داخلي تجاوزتها السعودية (الدولة الإسلامية 100%) لعدم إمكانية الاستمرار في تطبيقها.
.
والسؤال للذين يتشدقون بالشريعة هل القتل والرجم وقطع الايادي والارجل من خلاف والنكاح وعد
الانسانة غير المسلمة مع السلع او الحيوانات هل هذه هي الثورة التي أرادها الله للقضاء على الجاهلية، وهل هذه هي الشريعة التي تصلح لكل زمان ومكان ام ان للعقل راي آخر.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن