الترجمة الكاذبة تتحول إلى معيار صحافي خاص بالتلفزيون الإيراني

عادل محمد - البحرين
adelmohd1947@live.com

2017 / 9 / 22

كشفت وسائل التواصل الاجتماعي في إيران ما قام به التلفزيون الرسمي من تحريف لخطاب الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث بدل جميع العبارات التي تتضمن إدانة لممارسات النظام الإيراني، وبدلا من الاعتذار عن الإخلال بمعايير مهنة الصحافة، برر المترجم تضليله بأنه أراد تجنيب الجمهور الإيراني هجمات ترامب.

الجمعة 22 سبتمير 2017

طهران – كرر التلفزيون الإيراني تحريفه لتصريحات مسؤولين دوليين، لتتناسب مع الخطاب الرسمي، وطال التحريف هذه المرة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال كلمته أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، والتي هاجم فيها السياسات الإيرانية العدائية.
واعترف مترجم يعمل لحساب التلفزيون الإيراني الرسمي بتحريفه للمقاطع التي هاجم فيها ترامب إيران بعد الجدل الذي أثارته في شبكات التواصل الاجتماعي وبعض وسائل الإعلام، لكنه اعتبرها أمرا طبيعيا. وقال المترجم نيما شيتساز "أعتقد أنه من غير اللائق أن أذكر بالسوء بلدي في القناة الوطنية". وأضاف أنه أراد بذلك تجنيب الجمهور الإيراني هجمات ترامب.
وبدا واضحا للجمهور الذي يتابع الخطاب في إيران، التباين بين الكلمات الإنكليزية وترجمتها باللغة الإيرانية، فحين وجه ترامب اتهاما لإيران بأنها "دولة مارقة تتمثل صادراتها الأساسية في العنف وإراقة الدماء والفوضى"، قال المترجم باللغة الفارسية "إيران تتحدث عن تدمير إسرائيل".
وأيضا حين قال ترامب “بغض النظر عن القوة العسكرية الهائلة للولايات المتحدة، ما يخشاه القادة الإيرانيون أكثر هو شعبهم”، قال المترجم "جيش الولايات المتحدة قوي جدا والأمة الإيرانية أمة قوية جدا".
وتابع ترامب انتقاده للسلطات الإيرانية، "هذا ما يدفع النظام (الإيراني) إلى التضييق على الوصول إلى الإنترنت وإطلاق النار على متظاهرين طلبة عزل وسجن من يريدون إصلاح النظام السياسي”، لكن المترجم حولها إلى الفارسية قائلا “تشهد إيران الكثير من الحوادث التي هي غير مقبولة من وجهة نظرنا".
التوجهات الرسمية التلفزيون الإيراني دأب على تحريف تصريحات المسؤولين والزعماء العرب والأجانب
وتعرض المترجم إثر ذلك للكثير من الانتقادات. واتهمه سياسي إصلاحي بأنه "مارس الرقابة وحرف" خطاب ترامب.
واعتبرت وكالة إيسنا شبه الرسمية أن أداء المترجم يسهم في زيادة تقويض ثقة الجمهور بوسائل الإعلام الإيرانية ويدفع المتفرجين إلى متابعة وسائل الإعلام الناطقة بالفارسية والتي تبث من الخارج.
وقال أحد مستخدمي الإنترنت "هل تتقاضون مرتبا للقيام بالترجمة أو للترجمة كما يحلو لكم؟" وأضاف آخر "كان من الأجدر أن تترجموا حماقات ترامب حتى يتعرف الناس أكثر على هذا الغبي".
ورأى متابعون أن التلفزيون الإيراني دأب على تحريف تصريحات المسؤولين والزعماء العرب والغربيين بما يتناسب مع التوجهات الرسمية والتعليمات التي تفرضها الرقابة على وسائل الإعلام الإيرانية، ولا تعني الانتقادات الموجهة من وكالة إيسنا أن السلطات بريئة من هذه الترجمات الكاذبة، بل تهدف إلى حفظ ماء الوجه وإلقاء المسؤولية على المترجم وحده بعد كشف التضليل في وسائل الإعلام المعارضة ومواقع التواصل الاجتماعي التي تداولتها باعتبارها فضيحة للإعلام الإيراني كاملا.
ولم يجد المترجم في رده على الانتقادات إلا ذرائع واهية لتبرير الفضيحة، قائلا إن صوت الخطاب بالإنكليزية كان واضحا بما فيه الكفاية في التلفزيون ما يتيح للناس أن يترجموا بأنفسهم.
وترى صحافية متابعة للشأن الإيراني أن إيران في طريق مفتوح للتشبه بكوريا الشمالية التي يظن شعبها أن منتخب بلاده لكرة القدم يحصل كل عام على كأس العالم وأن الولايات المتحدة الأميركية ترهب قوته التي لا تقهر، بسبب ما ينقله لهم الإعلام الرسمي في البلاد.
ولوسائل الإعلام الإيرانية تاريخ طويل مع هذه الممارسات، حيث قامت وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية "إرنا" ومواقع ووكالات إيرانية، في أبريل الماضي، بفبركة تصريحات للرئيس التونسي الباجي قائد السبسي، ولرئيس وزراء الجزائر عبدالملك سلال، خلال تغطية زيارة وزير الثقافة الإيراني إلى هذين البلدين.
نقل الخبر من اللغة الفارسية إلى العربية يتم من خلال انتقاء العنوان الموجَّه للعرب غير الموجَّه للفرس
وزعمت الوكالة أن السبسي "أشاد بالدور الإيراني في المنطقة"، وقال إن إيران "حامية العالم الإسلامي من كيان الاحتلال الصهيوني"، ما دفع الناطق الرسمي باسم رئاسة الجمهورية التونسية، رضا بوقزي، إلى الرد رسميا، بأن هذه التصريحات المنسوبة للرئيس السبسي "لا تمُت إلى الحقيقة بصلة"، مشددا على أن "هذا اللقاء تناول علاقات التعاون بين البلدين، وأهمية أن تستفيد إيران من فك العزلة الدولية التي كانت مفروضة عليها لعقود".
وقد طالت هذه الفبركات في سبتمبر العام الماضي، الأمين العام السابق للجامعة العربية، عمرو موسى، حيث نسبت له وكالة "إرنا" أيضا تصريحات تداولتها وسائل إعلام إيرانية رسمية أخرى، زعمت فيها أنه هاجم السعودية ودول التحالف العربي، ما اضطر مكتبه لأن يصدر نفيا قاطعا لما نسبته له وسائل الإعلام الإيرانية.
ونفى البيان صحة الأخبار المغلوطة التي تناقلتها تلك الوكالات والمواقع عن حوار مزعوم أجراه موسى مع شبكة "سي بي سي" المصرية.
كذلك سبق لوسائل إعلام إيرانية أن قامت بتحريف خطاب كل من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، ورئيس الجمعية العامة للأمم المتحدة ناصر عبدالعزيز حول الأزمة السورية، بالإضافة إلى حجم كبير من التقارير الكاذبة والمفبركة ضد المملكة العربية السعودية ودول الخليج وكبار مسؤوليها.
وكان الكاتب السعودي عائض محمد آل ربيع قد استعرض في وقت سابق نماذج من ملامح الإعلام الإيراني الموجه، وقال إن المتتبع للوكالات ووسائل الإعلام الإيرانية وغيرها يلاحظ أنها تركز في نشر الأخبار على اللغة العربية، فيجد أن نقل الخبر من اللغة الفارسية إلى العربية يتم من خلال انتقاء العنوان الموجَّه للعرب غير الموجَّه للفرس، بالرغم من أنه الخبر نفسه، أي عرض الخبر في الصفحة العربية بشكل مختلف عن عرضه في الصفحة الفارسية.
وأضاف "ولنأخذ على سبيل المثال صحيفة كيهان، فقد نشرت في صفحتها العربية الخبر الآتي: الرئيس روحاني: أميركا ركعت بفضل صمود شعبنا الذي لن يستسلم للضغوط والتهديد، بينما كتبت في الصفحة الفارسية الخبر نفسه كالآتي: روحاني في حشد كبير من أهل كردستان: إيران الإسلامية تحافظ على أربيل".

نقلاً عن موقع صحيفة العرب
----------
رابط الموضوع + صورة
http://www.alarab.co.uk/article/%D9%85%D9%8A%D8%AF%D9%8A%D8%A7%20%D9%88%D8%A7%D9%88%D9%86%D9%84%D8%A7%D9%8A%D9%86/119497/%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%B1%D8%AC%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%B0%D8%A8%D8%A9-%D8%AA%D8%AA%D8%AD%D9%88%D9%84-%D8%A5%D9%84%D9%89-%D9%85%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D8%B1-%D8%B5%D8%AD%D8%A7%D9%81%D9%8A-%D8%AE%D8%A7%D8%B5-%D8%A8%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%84%D9%81%D8%B2%D9%8A%D9%88%D9%86-%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D9%86%D9%8A



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن