استفتاء الاقليم يضع البارزاني امام مفترق الطرق

جمال فاروق الجاف

2017 / 9 / 6

ان التعنت الذي يظهره البارزاني برفضه لمطالب المجتمع الدولي بتأجيل الاستفتاء قد يخلف تداعيات لن تصب في صالح رئاسته. فعورة الاستفتاء لا تقتصرعلى موعده المقرر لإجرائه فحسب بل ان سمة الدولة القومية التي ينشدها البارزاني غير قابل لقبول امريكا و لعديد من الدول الاوروبية و لاسباب عديدة, منها خلط اوراق الشرق الاوسط و تفجير الصراعات القومية بين مكونات الشعب العراقي و بدورها قد تؤدي الى افشال التجربة العراقية الفتية والتي كلفت امريكا عشرات الالاف من القتلى و الجرحى والتهمت مليارات من ميزانيتها.



وبالنسبة لاوروبا التي ازالت الحدود بين دولها و عالجت القضية القومية ببنائها دول ديمقراطية لكافة مواطنيها بغض النظر عن قومياتهم و اديانهم, فانها لم تعد تنظر الى القضية الكردية بمنظار قومي بحت بل تراها كمهمة ديمقراطية عجزت عن تحقيقها الدول التي استعانت بالقمع ضد تطلعات الكورد. وترى اوروبا ان بالامكان صهر هذه القضية في بوتقة حراك ديمقراطي شمولي في الدول التي يشارك الكورد عيشهم فيها مع القوميات الاخرى. ولعل زيارة البارزاني لبروكسل ازاح الغطاء عن الموقف الرسمي لاوروبا. ان تجربة نضال الاحزاب الكوردية في سوريا ضمن اطار حركة ديمقراطية تشمل كافة القوميات التواقة للانعتاق من براثن الديكتاتورية هي التجربة التي اجتذبت انتباه امريكا و اوروبا. فنظام كانتونات الجزيرة, عفرين و كوباني هي الامثلة التي يود المجتمع الدولي ان يقتدي البارزاني بها.



ومن جانب اخر فقد اظهرت قضية الاستفتاء الوجه العشائري لرئيس اقليم كوردستان في اصراره المتعنت وهذا ما لا يتلائم مع اسلوب دبلوماسية المجتمع الدولي في معالجة القضايا الملحة باسلوب ديبلوماسي دون اللجوء الى اسلوب القوة. فلقد تبين للغرب بان البارزاني مازال يتعامل مع العالم الخارجي وفق ثوابته العشائرية وعقليته البارتيزانية. لذا فمن المرجح ان تسعى امريكا البحث عن بديل لمسعود البارزاني بعد هدوء عاصفة الاستفتاء, بديل متمرس ملم بانتهاج اساليب دبلوماسية تتلائم مع متطلبات عصر العولمة. ولعل نجل البارزاني مسرور هو من بين الاهداف الاكثر حظا لاستلام الضوء الامريكي الاخضر.



ان التعنت في السياسة غالبا يقود الى الفشل كما حدث للرئيس الاسبق لبنما, نورييكا و صدام حسين في العراق فقد قادهما تعنتهما الى المهلكة.



وعليه فسواء اجرى البارزاني الاستفتاء في موعده او اقدم على تأجيله فلن ينفعه اي من الخيارين. فاجرائه خطر على الاقليم برمته بالاضافة الى ان نتائجه غير مضمونة وسط مقاطعة شريحة واسعة من المعارضين, ومن جانب اخر فان تأجيله يعني اسقاط هيبة البارزاني في اعين انصاره كما اعترف بنفسه لجريدة الشرق الاوسط. لقد وصل البارزاني الى خط النهاية و أياً من القرارين لن ينفعاه لانه قد تلكأ كثيرا.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن