أعلن الحاده فقتلوه!

داود السلمان
dawdbagad@yahoo.com

2017 / 9 / 4

أنه إسماعيل أحمد إسماعيل إبراهيم أدهم (1329 - 1359 ه‍ 13 يناير 1901- 1940 م).
وقد ولد بالإسكندرية وتعلم بها، ثم أحرز الدكتوراه في العلوم من جامعة موسكو عام 1931، وعُيِّنَ مدرسًاً للرياضيات في جامعة سانت بطرسبرغ، ثم انتقل إلى تركيا فكان مدرساً للرياضيات في معهد أتاتورك بأنقرة، وعاد إلى مصر سنة 1936. (الموسوعة الحرة).
وقد اغتيل في ظروف غامضة وقيل: أنه انتحر حيث سأم الحياة!؛ وذلك بسبب أنه اعلن الحاده للملأ في رسالة اسماها "لماذا انا ملحد". ونشرت الصحف في حينما وقالت: " انتحر غرقاً وعثر على جثّته في 23 يوليو 1940 وعثر البوليس بمعطفه على رسالة يوصى فيها بإحراق جثّته وعدم دفنه بمقابر المسلمين".
إسماعيل أدهم كتب رسالته في سنة 1937 ردًا على رسالة صديقه الشاعر أحمد زكى أبو شادي «عقيدة الألوهية»، وأفاض في الرسالة بعرض الأسباب والمبررات التي ساقته إلى الإلحاد كعقيدة في مواجهة الإيمان. وفي حينها رد عليه أبو شادي بمقال «لماذا أنا مسلم؟»، ثم محمد فريد وجدى برسالة «لماذا أنا مؤمن؟»، وظل الجدل بين ضرورة الإيمان في المجتمع ومغزى الإلحاد وأسبابه محور النشاط الفكري بمختلف المنابر والدوريات والصحف، لم يعكرها إلا استعداء الشيخ يوسف الدجوى السلطات على إسماعيل أدهم فضيقت عليه، ومنعت تدريس مؤلفاته، وأغلقت المجلة التي نشرت رسالته.
يقول إسماعيل إدهم في رسالته: " إن الأسباب التي دعتني للتخلي عن الإيمان بالله كثيرة منها ما هو علمي بحت ومنها ما هو فلسفي صرف ومنها ما هو بين بين، ومنها ما يرجع لبيئتي وظروفي، ومنها ما يرجع لأسباب سيكولوجية. وليس من شأني في هذا البحث أن أستفيض في ذكر هذه الأسباب، فقد شرعت منذ وقت أضع كتابا عن عقيدتي الدينية والفلسفية ولكن غايتي هنا أن أكتفي بذكر السبب العلمي الذي دعاني للتخلي عن فكرة “الله” وإن كان هذا لا يمنعني من أعود في فرصة أخرى (إذا سنحت لي) لبقية الأسباب".
وبعد ذلك اعلن الحاده وعرّف الالحاد بقوله: "“الإلحاد هو الإيمان بأن سبب الكون يتضمنه الكون في ذاته وأن ثمة لا شيء وراء هذا العالم”. وهو تعريف لم تتطرق اليه القواميس اللغوية، بل عرفت الالحاد بغير هذا.
وهو لا يعتقد بوجود خالق للكون إذ يقول أن "الواقع الذي ألمسه أن فكرة الله فكرة أولية، وقد أصبحت من مستلزمات الجماعات منذ ألفي سنة. ومن هنا يمكننا بكل اطمئنان أن نقول أن مقام فكرة الله الفلسفية أو مكانها في عالم الفكر الإنساني لا يرجع لما فيها عناصر القوة الإقناعية الفلسفية وإنما يعود لحالة يسميها علماء النفس التبرير. ومن هنا فإنك لا تجد لكل الأدلة التي تقام لأجل إثبات وجود السبب الأول قيمة علمية أو عقلية". (راجع الرسالة ص 9).
قوله في قانون الصدفة:
"لنفرض أن أمامنا زهر النرد ونحن جلوس حول مائدة، ومعلوم أن لكل زهر ستة أوجه، فلنرمز لكل زهر بالوجه الآتي في كل من الزهرين:
يك: دو: ثه: جهار: بنج: شيش
ل1: ل2: ل3: ل4: ل5: ل6 في زهر النرد الأول
ك1: ك2: ك3: ك4: ك5: ك6 في زهر النرد الثاني
وبما أن كل واحد من هذه الأوجه محتمل مجيئه إذا رمينا زهر النرد، فإن مبلغ الاحتمال لهذه الأوجه يحدد معنى الصدفة التي نبحثها.
إن نسبة احتمال هذه الأوجه تابعة لحالة اللاعب بزهر النرد، ولكن لنا أن نتساءل:
ما نسبة احتمال هذه الأوجه تحت نفس الشرائط، فمثلا لو فرضنا أنه في المرة “ن” كانت النتيجة هي:
ل6 xك 6= شيش x شيش = دش
فما أوجه مجيء الدش في المرة (ن + س)؟
إذا فرضنا أن الحالة الاجتماعية هي “ح” كان لنا أن نخلص من ذلك بأن اللاعب إذا رمى زهر النرد (ن=س) من المرات وكان مجموعها مثلا 36 مرة فاحتمال مجيء الدش هنا في الواقع :1-(ن+س)
وبما أن ق + س = 36 مرة فكأن النسبة الاحتمالية هي 1-36.
فإذا أتى الدش مرة من 36 مرة لما عد ذلك غريبا لأنه محتمل الوقوع، ولكن ليس معنى ذلك أن الدش لابد من مجيئه لأن هذا يدخل في باب أخر قد يكون باب الرجم. وكلما عظمت مقدار “س” في المعادلة (ن + س) تحدد مقدار “ح” أي النسبة الاحتمالية وذلك خضوعا لقانون الأعداد العظمى في حسابات الاحتمال. ومعنى ذلك أن قانون الصدفة يسري في المقادير الكبيرة".(المصدر نفسه ص10).
مثال آخر:
ثم يعطي مثال آخر يبرهن فيه ما هو بصدده.
"مثال ذلك أن عملية بتر الزائدة الدودية نسبة نجاحها 95%. أعني أن 95 حالة تنجح من 100 حالة، فلو فرضنا أن مائة مريض دخلوا أحد المستشفيات لإجراء هذه العملية فإن الجراح يكون مطمئناً إلى أنه سيخرج بنحو 95 حالة من هذه العمليات بنجاح، فإذا ما سألته: يا دكتور ما نسبة احتمال النجاح في هذه العملية؟ فإنه يجيبك 95 في المائة، ويكون مطمئنا لجوابه. ولكنك إذا سألته: يا دكتور ما نسبة احتمال النجاح في العملية التي ستجريها لفلان؟ فإنه يصمت ولا يجيبك، لأنه يعجز عن معرفة النسبة الاحتمالية".
ثم يأتي ببراهيم وأدلة أخرى رياضية وعلمية وفلسفية، ويستشهد ببعضها من براهين انشتاين صاحب النظرية النسبية يدعم فيها نظريته بعدم وجود اله للكون. أعرضنا عن ذكرها خوف الاطالة. ويلخص كلامه بقوله: " ومن هنا لا أجد بداً من الثبات على عقيدتي العلمية والدعوة إلى نظريتي القائمة على قانون الصدفة الشامل الذي يعتبر في الوقت نفسه أكبر ضربة للذين يؤمنون بوجود الله".
وربما لنا عودة مجددة نركز فيها على الاسباب الكامنة وراء اغتياله، ولا نعتقد من أنه قد انتحر فعلاً كما يدّعون.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن