بخصوص الدعوة الى مسيرة 30 يوليو

سعيد الوجاني
zehna_53@hotmail.fr

2017 / 7 / 25

بعد فشل مسيرة 20 يوليو بفعل التدخل الأمني المكثف ، وبفعل المزايدات التي كانت تتجاوز الطاقات الذاتية ، من خلال رفع شعارات اكبر من حجم أصحابها ، ورغم موجة الاعتقالات المتعددة التي شملت الجميع ، إنْبرتْ مؤخرا دعوات تنادي إلى جعل يوم عيد جلوس الملك على كرسي الحكم ، يوما لمسيرات شعبية ، تؤطرها شعارات ثورية تعكس الحِسّ الظرفي ، كما تعكس الاندفاع الشبابي التواق الى الثورة .
عندما بدأ الحراك قويا ، تخلّلتْهُ شعارات قوية ، سواء شعارات حناجر الحركيين ، و كانت ذات دلالات عقائدية ( الإسلام -- الفاشية ) ، او شعارات مُعبّر عنها بالملموس ، تؤسس للتمايز ألاثني من جهة ، وللانفصال من جهة أخرى .
ورغم مرور أكثر من تسعة أشهر على الحراك دون أن يحقق مُبْتغاه ، بسبب الانتقال من المطالب الاجتماعية والاقتصادية ، الى تسييس المطالب ، ثم الى رفع شعارات سياسية تشكك في أصل الحكم ، وتشكك في أصل انتماء الريف ، فان دعوات الى مسيرات 30 يوليو ، وبعد فشل مسيرة 20 يوليو ، تعطي الانطباع الكافي ب :
1 ) ان الدعوة لتنظيم مسيرات في 30 يوليو ، هي دعوة للتصادم مباشرة مع النظام ، ومع شخص الملك . وفي عدم معرفة الواقفين وراءها الذين يوجهون دعواتهم من خلال الشبكة العنكبوتية ، نؤكد :
ا – ان الحراك أضحى منذ مدة ليست بالقصيرة مخترقا .
ب – ان من يقف وراء هذه الدعوات المشبوهة ، هي قوى تؤطرها المخابرات الجزائرية ، وكل أعداء الوحدة الترابية للمغرب ، الذين يراهنون على سقوط المغرب في السكتة الدماغية ، حتى يشرعوا في الفتك به ، بسلاح التقسيم .
ج – ان رفع الدعوة الى مسيرة 30 يوليو ، والدعوة إلى حمل القرآن باليد اليمنى ، وترديد صياح ( تكبير ) أثناء المسيرات ، يعني احتمالين :
-- أسْلمة الحراك ، إمّا باتجاه داعيشي ، وهو ما يعني ان الخطر أضحى بيننا ، وليس فقط على الأبواب .
--أسْلمة الحراك باتجاه شيعي يُكوّن الأكثرية بالشمال .
-- اللعب على دغدغة العواطف بالدين ، لتكرار الحالة الإيرانية ( الثورة الإسلامية ) في سنة 1979 التي أطاحت بالإمبراطور الشاهنشاني .
-- انتقال مطالب الحراك الاجتماعية والاقتصادية الى المُطالبة بأصل الحكم .
-- كشف الصراع عن وجهه الحقيقي بين الدولة الإسلامية من جهة ، والنظام المغربي من جهة أخرى .
2 ) ان الهدف من الحراك لم يعد تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي ، بل أضحى الجمهورية الإسلامية ، والوصول إليها سيكون على الطريقة الإيرانية . وهذا يعني التأسيس لنظام فاشي تحكمه العمامات باسم الدين . والسؤال : إذا كانوا يصفون النظام بالدكتاتورية ، فهل وجدوا أحسن منه في نظام العمامات الفاشي الذي سيكون كارثة ما بعدها كارثة على المغرب ، ومشروعه الديمقراطي الذي يناضل من اجله شرفاء وأحرار الشعب المغربي .
3 ) إذا كان النظام قد منع مسيرة 20 يوليو التي لم تصادف ذكرى او رمزية ، فهل يمكن ان نتصور انه سيرخص لمسيرة 30 يوليو ، التي تصادف عيد جلوس الملك على كرسي الحكم ، وليس على كرسي العرش ، لان هذا لله وحده لا لغيره .
4 ) ان الدعوة المشبوهة لمسيرة 30 يوليوز ، هي دعوة لانتحار الحراك ، ومصيدة لمجزرة قد تلقي بظلالها المأساوية ، لعشرات السنين على الريف وعلى كل الوطن .
5 ) إذا كان الحراك رغم مرور أكثر من تسعة أشهر ، لا يزال يراوح بدايته الأولى ، بسبب التشكيك في مشروع الحراك ألاثني ، والتقسيمي الانفصالي ، وبسبب فقدان المساندة ، الدعم القوي المساند للحراك عبر طول أرجاء المغرب ، فهل الدعوة إلى مسيرة 30 يوليو،، ستخلق المفاجئة التي ستقلب كل شيء رأسا على عقب ؟
إذا عدنا الى ما يسمى بالوقفات التضامنية التي شاهدتها معظم المدن ، فان ما حصل بالساحات ، لا يعدو ان يكون فرجة خاصة في ليالي رمضان ، ولم يكن يرقى الى حجم المساندة الحقيقية .
فمثلا لنأخذ مدينة الرباط . ان الوقفات التي نظمتها التنسيقيات بشارع محمد الخامس ليلا ، لم تكن تتجاوز وفي أحسن حالاتها مائتي فرد . فكم عدد سكان الرباط ونواحيها ؟ فهل 200 نفر من الواقفين ، يمثلون أكثر من مليونين من ساكنة العاصمة ونواحيها ؟
ومن جهة ، عندما كنا نتفحص ونحلل الشعارات والواقفين ، فهؤلاء بدورهم لم يكونوا متجانسين . فمنهم من كان يتضامن فعلا مع الحراك من مبدأ إيديولوجي ، وعددهم لم يكن يتعدى خمسين او ستين نفر ، لكن هناك من جاء ليركب على الوقفة بالظهور الشخصي ، وليس له من تضامن مع الحراك إلاّ الاسم . وهناك من جاء ليتسلى بليالي رمضان ، ووجد نفسه مع الواقفين يردد شعرات دون معرفة كنهها . وهناك الأكثرية كانت تتفرج لا غير .
فهل 200 او 400 واقف ، هو مليونين من سكان الرباط والنواحي .؟ وقس هذا على كل المدن المغربية .
فإذا كان ما يسمى بالمساندة للحراك قد بدا باهتا ، ولم يرق إلى مستوى التأييد الحقيقي ، وتم توظيفه بطريقة ماكرة من قبل الأحزاب ( اليسار ).
وإذا كانت الوقفات باسم التضامن ، قد اقتصرت على الساحات ، وحضور نفس الوجوه التي تعودنا على مشاهدتها ، ترقص هنا وهناك .
وإذا كان الحراك قد حُرم من المساندة الحقيقية ، التي كان يجب ان تشمل كل المدن ، بشوارعها ، وأزقتها ، وساحاتها ، وطرقها ..... فكيف يمكن تصور نجاح دعوة مسيرة 30 يوليو ، التي هي دعوة الى الثورة ضد الملك ، وضد نظامه ؟
فهل يمكن تصور ، ان المغاربة البسطاء ،سينزلون لإعلان الثورة ، وإسقاط النظام ، وأكثريتهم تجهل شيئا يسمى بأزمة الريف ؟
6 ) هل الدعوة الى مسيرة 30 يوليو ستكون كافية لإسقاط النظام ؟
وإذا سايرنا تحليل ، واللاّمنطق عند البعض المدعم لهذه المسيرة ، وفي غياب القيادة الثورية ، وفي غياب البديل ، فمن سيقود المسيرة ؟
من هي القوى السياسية الثورية التي ستشارك فيها ؟
وعند نجاحها ، من هم هؤلاء الثوار الذين سيشكلون مجلس قيادة الثورية لقيادة الجمهورية الشيعية ؟
انه في غياب أحزاب ثورية ، فان أي دعوة لمثل هذه المسيرات ، وتزامنا مع عيد جلوس الملك على كرسي الحكم ، هي دعوة مشكوك فيها من جهة ، ومن جهة تحركها قوى مخابراتية أجنبية معادية لوحدة المغرب الشعبية والترابية ، ومن جهة ، تبقى في حقيقتها دعوى إلى الخراب والتدمير ، بخلق الحالة السورية ، والليبية ، واليمنية ، والعراقية .
فمن يريد تخريب وتدمير المغرب ؟
وهل بهكذا مؤامرة خطيرة ، سيتم تسريع انفصال الصحراء عن المغرب ، وسيتم تسريع انفصال الريف والأطلس المتوسط ...... الخ .
7 ) ولنا ان نتساءل : لماذا بالضبط الدعوة الى مسيرة 30 يوليو ، التي تصادف عيد جلوس الملك على كرسي الحكم ، رغم العنف السلطوي الذي مورس ضد مسيرة 20 يوليو ؟
وهل تاريخ 30 يوليو ، هو المحطة الوحيدة والأخيرة ، المتبقية في عمر الحراك ، لحسم المعركة التي لا تزال تراوح مكانتها الأولى ؟
أليست هناك تواريخ أخرى ، ومحطات نضالية يجب ان تكون متواصلة في الزمان والمكان ؟
وهل يستطيع الواقفون وراء دعوة 30 يوليو ، بلوغ مرادهم الذي ليس هو قلب النظام ، لان هذا صعب عليهم ، ولا يمكن تصوره بهذه السهولة الساذجة التي تنم :
إمّا عن المراهقة السياسية ، لأنهم يجهلون أسباب وعوامل تغيير الأنظمة السياسية داخليا وخارجيا .
وإمّا أنهم عملاء لدول أجنبية ، يشاركون في مؤامرة ضرب وحدة المغرب ، الترابية والشعبية .
وإمّا ، وفي غياب البديل الثوري ، وتدني الوعي الشعبي ، وفراغ الساحة ، فهم يعملون على مشروع تخريب وتدمير المغرب الذي سيبقى عصيا عليهم مهما حاولوا وجاهدوا . فما الفائدة من خلق الحالة السورية ، والليبية ، واليمنية ، والعراقية ؟
8 ) انطلاقا من كون دعوة 30 يوليو هي دعوة لقلب النظام ، وهذه لن تنجح لأسباب عديدة ليس هنا محل الاستفاضة في شرحها .
وانطلاقا من كون الدعوة تدعو الى التفرقة الشعبية ، والتمايز ألاثني ، لضرب وحدة الشعب ، حتى يسهل عليهم تقسيم المغرب ، بعد تخريبه وتدميره .
وانطلاقا من كون الداعين لهذه الدعوة يوظفون الدين ، والطريقة الإيرانية في الثورة الدينية للسيطرة على النظام ، وهذا لن يكون ولن ينجح ، لان قواعد الاستجابة للدعوة ، والمعنيين بها ، غائبون ومتغيبون .
فان اي دعوة لقلب النظام تبقى دعوى مغشوشة ومخدومة ، لان الهدف ليس هو النظام ، بل الهدف هو وحدة المغرب الكبير والتسريع بتقسيمه .
أمام هذا المخطط الخطير ، الذي يستهدف الصحراء ، ويستهدف الريف ، ويستهدف الشعب المغربي ، فإننا ندعو أحرار وشرفاء الشعب المغربي الى :
1 ) الحذر واليقظة والتمسك بالوحدة الترابية والشعبية .
2 ) عدم السقوط في مثبطات تضرب وحدة الشعب ووحدة الأرض .
3 ) استنكار وإدانة كل مخططات التقسيم ، والتخريب ، والتدمير التي يشارك فيها أكثر من طرف ، إرضاء للدوائر الأجنبية المعادية لوحدة المغرب ، ووحدة شعبه .
4 ) اعتبار دعوة 30 يوليو ، دعوى مشبوهة ، عميلة ، يحركها الخونة ، ومن في قلبهم مرض ضد وحدة الأرض ووحدة الشعب .
5 ) الإدراك ، بان اي خروج في 30يوليو ، هو خيانة كبرى لشرفاء وأحرار حراك الريف الذين تشبثوا بالسلمية ، رافعين مطالب مشروعة اجتماعية واقتصادية ، ضمن وحدة المغرب أرضا وشعبا .
6 ) الإدراك بان الغرض من الدعوة ، اكبر من الريف ، واكبر من الانفصاليين والإثْنيّين ، وان المخطط تقف ن وراءه الامبريالية والصهيونية ، التي تعتبره تكملة لمخطط التقسيم ، والتخريب ، والتدمير ، الذي تعرفه أكثر من بلد بالشرق الأوسط .
7 ) انطلاقا من هذه الحقائق ندعوكم الى إدانة المخطط ، وعدم الخروج في مسيرات 30 يوليو ، التي لا علاقة لها بمشاكل الريف ، التي هي جزء من مشاكل كل المغرب .
8 ) ندعو كل المغاربة الأحرار والشرفاء الى رفع الراية المغربية ، راية الوحدة ، ورفع شعار عاش المغرب الكبير عاش الشعب المغربي .
ولتسقط مخططات التدمير والتخريب وضرب وحدة الشعوب
ادعوكم ألاّ تخرجوا في 30 يوليو لتفوتوا مؤامرة تسريع التقسيم .
المؤامرة واضحة . عاش المغرب الكبير .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن