المصابون باضطراب الهوية الجنسية..هل يحق قتلهم؟!(كرار ناشي) مثالا.

قاسم حسين صالح
qassimsalihy@yahoo.com

2017 / 7 / 23



توطئة
في 1987 استدعتني مديرية شرطة بغداد لقضية علمية هي وجود شباب (مخنثين) بالتعبير الشعبي ، ومصابين باضطراب الهوية الجنسية بمصطلح الطب النفسي،وذلك لدراستهم علميا وتقديم المشورة العلمية لوزارة الداخلية في كيفية التعامل معهم.
في 2010 قامت مجموعة مسلحة او ميليشيا بقتل شباب من هذا النوع بطريقة بشعة بان سدوا فتحات مخارجهم وقيدوهم وراحوا يستمتعون برؤيتهم يموتون . ومن منطلق مسؤوليتنا العلمية فاننا كتبنا مقالة بعنوان (طنطا ) وصفنا فيها الحدث بانه جريمة وان هؤلاء من اختصاص الطب النفسي، فجاءنا تحذير بتهديد.
الآن وفي 3 تموز 2017 يقتل الشاب (كرار) بالحجة نفسها مع انه وصف من الذين يعرفونه بانه ممثل ومثقف وكل (جريمته) ان شعره طويل ويتأنق بملابس تبدو للبعض..ملابس بنات.

تحليل سيكولوجي:
في كل مجتمع هنالك بعض الأفراد مصابون باضطراب الهوية الجنسية ( Gender Identity Disorder)، وتعني تحديدا" ان الفرد من هؤلاء يشعر انه ولّد في الجسم الخطأ. فالولد يشعر نفسيا" انه انثى ولكنه مولود في جسم ذكر ، وهنا يحصل اضطراب بين هويته النفسية ومشاعره الانثوية وبين هويته البايولوجية وما مطلوب منه التصرف كرجل ، والشيء نفسه يحصل للفتاة المصابه بهذا الأضطراب،حيث تشعر في داخلها انها رجل ولدت في جسد انثى.
وحديثا اصبح هذا المصطلح غير متداول لأن بعضهم يعدّه عدوانا فاستبدل بمصطلح ( Gender Dysphoria ) للتخفيف ،وصار يعني الشعور بعدم الرضا بين الهوية الجسدية والمشاعر الجنسية،او عدم التطابق بين هوية الجسد (كرجل) وانفعالاته العاطفية(كرجل)نأو خلل التناغم الجنسي.ولأن هذه الحالة تكون ثابتة وشديدة،فانها تكون مصحوبة بالتوتر النفسي والقلق والاكتئاب..ورغبة ملحة في تغيير جنسه. فالشاب المصاب بهذه الحالة يرغب بشدة في ان يتحول الى فتاة برغم انه يمتلك عضوا ذكريا وشاربين،ومع ذلك فأنه لا يعدّ مرضا عقليا Mental Illness)).
نزيد في التوضيح فنقول،ان الذكور والأناث يحملون بداخلهم هرمونات الذكورة والأنوثة،والاختلاف يكون في نسبها،حيث تغلب هرمونات الذكورة في الذكور وتغلب هرمونات الأنوثة في الأناث،وعند هؤلاء يكون هنالك توافق التركيبة البيولوجية والتكوين النفسي،ينجم عنه توافق نفسي واجتماعي ووظيفي.اما في الحالات المرضية( عبر الجنسية Transsexuality ) فانه يحصل انشقاق ،تضاد بين التركيبة البيولوجية والأتجاهات النفسية ينجم عنها صراع شديد داخل النفس وصعوبات في عدم التوافق الأجتماعي والوظيفي والعاطفي تؤدي الى معاناة نفسية لاسيما القلق والاكتئاب.
وعلينا ان نفرّق بين هذه الحالات والشذوذ الجنسي لان الشذوذ يكون رجلا طبيعيا يميل الى ممارسة الجنس مع رجل ،او انثى تميل الى ممارسة الجنس مع انثى،ولم تعد هذه الحالة اضطرابا في الطب النفسي،وقد تم اسقاصها من الـ ( DSM ) وصارت الحالة مقبولة اجتماعيا في البلدان الأوربية واميركا.
ما يقوله العلم.
الدراسات السيكولوجية توصلت الى أن هذا (الاضطراب) يحصل بعمر سنتين إلى أربع سنين. فالطفل الذكر يميل إلى اللعب بألعاب الإناث (عرائس مثلا)، وتكون تسريحة شعره وثيابه شبيهة بما تفعله الإناث،فضلا عن ان حركاته وتصرفاته تكون انثوية.والعكس يحصل فيما يخص الطفلة الأنثى حيث تميل إلى الألعاب التي يمارسها الأولاد (المسدسات مثلا) والتصرف في المظهر والسلوك كما لو كانت ولدا.
واذا لم تتم معالجة هذه الحالة في الطفولة ،فان المصاب/المصابة به يستمر في مراحل المراهقة والشباب والرشد..وهنا يواجه الفرد مشاكل أسرية واجتماعية ووظيفية،ويعيش معاناة قاسية لاسيما في المجتمعات التي تعد الولد (مخنثا) والفتاة (مسترجلة).وهذه الحالة موجودة في العديد من البلدان والحضارات وتتراوح نسبها في ولادات الذكور بين 0,005 و 0,014فيما تكون في ولادات الاناث بين 0،002 و 0،003اعتمادا على الأفراد الذين يطلبون العلاج،ما يعني انها اقل بكثير مما هي عليه في الواقع.


الأسباب:
تفيد البحوث السيكولوجية بأن هذا (الأضطراب) يمكن ان يحدث او يظهر في اية مرحلة عمرية(طفولة،مراهقة،شباب،رشد) وان اعراضه تحتلف من مرحلة عمرية الى أخرى.وتتفق على ان الأسباب الحقيقية لم يتم التوصل اليها بعد. فالنظريات القديمة تحدثت عن خلل هرموني، واخرى تعتقد بوجود تأثيرات هورمونية داخل الرحم،فيما تشير الدراسات الحديثة الى أنه لا يوجد اضطراب في مستوى الهرمونات الذكرية في حالات الأطفال أو الكبار الذكور الذين يعتقدون ويشعرون أنهم اناث. وافادت الدراسات بأن المراهقين والراشدين المصابين بهذه الحالة( Gender Dysphoria )تنتاب عدد منهم افكار انتحارية ،وآخرون يحاولون الانتحار ،فيما ينتحر آخرون فعلا.
توصية علمية لمن يعنيه الأمر.
ما يوصف بـ(المخنثين) لا ذنب لهم فيما صاروا عليه،لأنهم نتيجة سببين:
الأول:الأسرة..في اساليب تنشئتها للأطفال لاسيما الأولاد،وتحصل في حالتين:اما التباهي بالطفل كم هو جميل واطالة شعره واطلاق العبارة العراقية المشهورة(الله شكد حلو ..عبالك بنيه)،او حين يأتي الطفل الولد بعد اربع خمس بنات،فتلجأ الأم الى ان تجعله يبدو للآخريات كما لو انه بنت في تسريحة الشعر والملابس..دفعا للحسد.
والثاني:انهم جاءوا بتركيبة بيولوجية وهورمونية ونفسية خاطئة،بمعنى (ان ربهم خلقهم هكذا).
هذا يعني ان (المخنثين) كالمرضى الذين لا يكونوا مسؤولين عن مرضهم، وان قتلهم يعد جريمة يحاسب عليها القانون .وان التعامل الصحيح يكون بتحويلهم الى الأطباء النفسيين في العيادات النفسية بالمستشفيات العراقية،وهم الذي يحددون طريقة التعامل معهم اما بالارشاد والعلاج النفسي، او باحالتهم الى مستشفى الرشاد في بغداد، او بتحويلهم الى الأطباء المعنيين بجراحة الأعضاء التناسلية.
نرجو ان يصل صوتنا هذا عبر (المدى) الى المعنيين في اجهزة الدولة ،والتشكيلات المسلحة ،والناس عموما ..لنرتقي بتعاملنا الى المستوى الحضاري والأنساني..فلدينا من التصرفات ما ستسخر منا الأجيال كم كنا متخلفين!
اللهمّ هل بلّغنا..اللهمّ فاشهد.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن