تطوع ام تطفل ام استمالة

خالد خالص
khales1@menara.ma

2017 / 7 / 15

تقوم قلة قليلة من المحامين، والأمر قابل للتأنيث، بالنيابة في بعض القضايا التي تكون وسائل الإعلام قد سلطت عليها الأضواء دون غيرها من القضايا ودون تكليف صريح من قبل المعنيين بالأمر.
ويبررون ذلك بأنه يدخل في باب التطوع والتضحية والنضال الحقوقي وما إلى ذلك من شعارات ومن كبير الكلام.
ويذكرني الأمر بقضية الصحفي المشهور الذي حصد لوحده 600 نيابة محامي ومحامية في ملف واحد حيث تقاطرت النيابات من جميع نقابات المغرب في مواجهة محام واحد ينوب عن الطرف المشتكي. ولا أعتقد بأن الصحفي كلف هؤلاء وأولئك بمؤازرته بل أنا شبه متأكد بأنه لم يحصل له حتى شرف اللقاء والتحدث معهم. كما أن أغلب المحامين لم يحضروا أطوار المحاكمة ولم يشاركوا إلا مشاركة رمزية فيه مناقشتها. ومع ذلك وأمام 600 محام فقد حكم عليه القضاء بسنة حبسا نافذا قضاها كاملة وراء القضبان لأن المهم لا يكمن في الكم بل في الكيف.
وإذا كنا في السابق نجد الأمر عادي في القضايا السياسية التي يتابع فيها محامون فان الظاهرة امتدت وأصبحت تتكرر كلما كانت وسائل الإعلام حاضرة بقوة.
ولا أقصد هنا قضية دون أخرى ولا أسماء دون غيرها بل المقصود هو الجانب القانوني للظاهرة ودور المؤسسات بغض النظر عن أي اعتبار آخر.
وأعتقد بأن للمحامي هبته ووقاره وعليه الحفاظ عليهما بل إن المشرع فرض عليه بمقتضى المادة 35 من القانون المنظم لمهنة المحاماة بأن يتشبث فعلا بالوقار ومنع عليه  أن يمارس أي عمل يستهدف جلب الأشخاص واستمالتهم."
وأظن بأنه لابد من التذكير أيضا بمقتضيات المادة 43 من النظام الداخلي الموحد لهيئات المحامين بالمغرب التي تنص على انه " يمنع على المحامي أن ينتصب أمام أية محكمة أو أية جهة كيفما كانت ولو من أجل المصالحة عن شخص لم يكلف بالدفاع عنه، إلا إذا كلف بذلك في إطار المساعدة القضائية طبقا للقانون. وعلى المحامي في إطار التكليف وقبل مراجعة القضاء أن يسعى لفض النزاع عن طريق الصلح إذا كان ذلك ممكنا أو بواسطة الطرق البديلة الأخرى."
كما تنص المادة 34 من نفس النظام على أنه "على كل محام عرضت عليه قضية، أن يتحقق من أنه لم يسبق أن أسندت لأي زميل آخر قبله.
* ويجب على المحامي أن يحصل على موافقة مسبقة من زميله المنصب سلفا قبل القيام بأي دفاع أو إجراء لفائدة نفس الموكل في نفس القضية.
* ويجب على المحامي إذا ما خلف زميلا آخر في قضية لا زالت رائجة أن يتحقق من كون ذلك الزميل قد توصل بجميع حقوقه وفي حالة حدوث نزاع يتعين عرضه على النقيب."
وقد تخلق الممارسات التي يقوم بها البعض في وضع النيابة في بعض الملفات بدون تكليف إحراجا كبيرا للمحامي الذي كلف فعلا بالمؤازرة إذ يصعب التنسيق في كثير من الأحيان ناهيك عن عدم التجانس في أحيان أخرى. كما أن الأمر يخلق كذلك إحراجا للنقيب في حالة المنازعة في النيابات دون الحديث عن الإحراج الذي يمكن أن يخلقه المؤازر للمحامي إذا لم ترقه كلمة أو حركة صادرة هنا وهناك بقوله أنه لم ينصبه ولا يعرفه.
ولابد من التنبيه بأن المحامي يخاطر بكرامته وبكرامة مهنة المحاماة ضدا على المادتين 3 و 12 من القانون المنظم للمهنة حينما يتطفل على بعض الملفات.
وللتذكير فإن المادة 3 تنص على أن "المحامي يتقيد في سلوكه المهني، بمبادئ الاستقلال، والتجرد، والنزاهة، والكرامة والشرف، وما تقتضيه الأخلاق الحميدة وأعراف وتقاليد المهنة."
كما تنص المادة  12 من القانون المنظم للمهنة على القسم الذي يؤديه المحامي بالصيغة التالية "اقسم بالله العظيم أن أمارس مهام الدفاع والاستشارة بشرف وكرامة وضمير ونزاهة واستقلال وإنسانية ، وأن لا أحيد عن الاحترام الواجب للمؤسسات القضائية وقواعد المهنة التي انتمي إليها وأن أحافظ على السر المهني، وأن لا أبوح أو أنشر ما يخالف القوانين والأنظمة والأخلاق العامة، وأمن الدولة، والسلم العمومي."
وقد أثرت التطرق لهذا الموضوع باقتضاب وبصراحة وجرأة وموضوعية  لإثارة انتباه بعض الزملاء وكذا المؤسسات المسؤولة على التكوين و التاطير وحماية المهنة، لممارسات أصبحت تتكرر   ومن شأنها أن تفقد المصداقية في رسالة الدفاع التي ينظمها القانون والنظام الداخلي والأعراف والتقاليد المهنية.
فهل من تفاعل ؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن