الزواج العربي : صراع الفكر و المال

ماهر رزوق
maherrazouk@gmail.com

2017 / 7 / 11



يحدثني أحدهم : أنا شاب عربي و كذلك أنا علماني ليبرالي ، لكنني أعيش في مجتمع تقليدي أو متدين و غالباً متشدد ... مجتمع يؤمن بعاداته كما يؤمن بأديانه ، بل أكثر أحيانا ً !!

إذا تحدثت إلى أي شاب عربي ، ستجد أن مشكلته الأساسية و الأهم : هي الزواج ... فالشاب العربي لديه عوائق كثيرة ليتجاوزها ، حتى يصل إلى مرحلة الزواج ... و الفتاة العربية عليها أن تنتظر و تتقدم في العمر و تتحول إلى (عانس) في نظر المجتمع ... ريثما ينتهي هذا الشاب من تجاوز كل العوائق نحو تحقيق هدفه الكبير جداً ، و الذي هو الزواج طبعاً !!

عندما أكون شاباً عربياً و أفكّر بطريقة ليبرالية (حرّة) ترفض كل عادات و تقاليد مجتمعي ... سأتعرض ببساطة إلى صراع داخلي بين طرفي نقيض ... فالطرف الأول يدعوني إلى جمع المال بأي طريقة ، حتى لو كانت تلك الطريقة : أن أعمل في دول الخليج العربي التي تحمل مجتمعاتها طابعاً دينياً متشدداً مخالفاً لطريقة تفكيري ...
و الطرف الثاني يدعوني إلى احترام أفكاري التي وصلت إليها بعد قراءات عديدة ، سمحت لي أن أكتشف عمق التخلف و الرجعية التي غرق فيها مجتمعي و الذي يحاول أن يجرني معه إلى بؤرة تخلفه و يدفن طاقاتي الفكرية في غياهب الخرافة و النمطية ... و كما يقول الكاتب الأمريكي أوليفر هولمز : "عندما يتمدد العقل لاستيعاب فكرة جديدة ، لا يعود بعدها أبداً إلى حجمه الطبيعي"

أتساءل أحياناً : لماذا وضع مجتمعي كل هذه العوائق أمام حصولي على أبسط حقوقي ؟؟
إذا كنت أنا أرغب بالزواج و فتاة ما ترغب بالزواج ... لماذا لا نتزوج فقط هكذا و انتهى الأمر !!؟
لماذا كل هذه الشروط التعجيزية التي فرضت على شبابنا و جعلتهم مجرد آلات تعمل في النهار و الليل ، مما تسبب بهدر طاقاتهم الفكرية و العلمية ، و استنزف جهودهم في تأمين أبسط متطلبات الحياة !!؟

نعم كان للأنظمة العربية دورها الكبير في تحقيق هذا العجز الفكري ... لكن من سمح لهذه الأنظمة أن تسود ؟ والسؤال الأهم : من وضع شروط الزواج الصعبة؟ ... من يطلب من الشباب الذين يعانون من ضغط هذه الأنظمة و جبروتها ... أن يبذلوا الغالي و الرخيص ، لكي يحصلوا على الجنس بطريقة ترضي مجتمعاتهم : أي الزواج !!؟

لا يمكننا أن ننكر أن أغلب العرب يرغبون بالزواج ، فقط بهدف الحصول على حاجتهم الأساسية و الطبيعية : الجنس !!

مجتمعاتنا المنغلقة و المنافقة ، لا تسمح لشبابها بالجنس خارج إطار العلاقة الزوجية ... كما أنها لا تسهّل عليهم عملية الزواج !!

مما يدعو كثير من الشباب العرب اليوم للتساؤل : لماذا علي أن أعمل جاهداً و أرهق نفسي ليلاً و نهاراً ... من أجل فتاة تجلس في منزلها منتظرة المنقذ (المنهك جسدياً و نفسياً) الذي سيأتي بعد طول انتظار ليلبي لها رغباتها الجنسية !!؟



MAHER RAZOUK



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن