الخطوط الحمراء .. الخطوط الخضراء

سلام ناصر الخدادي
salamalkudady@yahoo.com

2017 / 7 / 3

منذ أن ابتدع رجالُ الدين في العصور القديمة ، بدعة (حدود الله) لإخافة رعاياهم وجعلهم يدورون في فلكِ الرعبِ والمصيرِ المظلم والنار الآكلة لكل شيء ، وشتى انواع العذابات .. كلّ هذا وأكثر لأجلِ إدامة تسلّطهم على رقابِ الناس وبقائهم على رأسِ الهرمِ المجتمعي (أعلى حتى من الملوك أو القياصرة) لتدرّ عليهم مناصبهم ومنزلتهم سيلاً يبدأ ولا ينتهي من الذهبِ والأموالِ والهدايا وأنواع الهبات .
وجيلاً بعد جيل ، توارثت عند المجتمع وترسخت (حدود الله) واتسعت دائرتها شيئاً فشيئاً حسب اجتهادات رجال الدين وما يشرعنوا من فتاوى تصبٌّ في صالحهم أولاً ، ولتزيد من سطوتهم وبسط أيديهم على كلِّ شيء .. حتى وصل الأمر أن وصلوا هم الى (حدود الله) !! وأحاطوا أنفسهم بخطوطٍ حمراء ، يُمنعُ الاقترابُ منها ، أو المساس بها ، أو تداولها حتى ولو سهواً بسوء !!
ومع تقبّل الناس لفكرة حدود الله أو الخطوط الحمراء التي رُسمت بعنايةٍ كبيرةٍ وحسبَ مقاساتٍ غاية بالدقة والحذر ! بدأت بعض المجتمعات (وكلٌ حسب ثقافته وإدراكه ومدى تأثير هذه الافكار عليه) تتبارى بمزايداتٍ واضحة على كثرة هذه الخطوط !! وتتسع دائرتها لتشملَ الأدنى فالأدنى !
هكذا بدأت حدود الله تترسخ في أذهان الناس لخطوطٍ حمراء يُمنعُ الأقترابُ منها ، نزولاً فيصبح بعض المتنفذين وربما بعض التجار ، أو لنقل بعض المناصب خطوطاً حمراء .. ويلٌ لمن يدنو منها !
وتتسعُ دائرة الخطوط الحمر أمام المواطن في المجتمعات ذات التفكير المحدود ، والعقل الضيّق الذي لا يرى سوى ما يُرسم لهُ من دروبٍ بسيطة ، في متاهات الجهلِ والسذاجة .
ويستمرّ الزمنُ الرديء يحذفُ علينا بأشباهِ الرجال وذوي العاهات البليدة المستديمة .. وفاقدي الوعي والإحساس ، ليجعلوا من أي تشكيل أو أي مجموعة لتصل الى الأشخاص ويجعلوا من فلان الفلاني خطاً أحمراً .. فينبري ساذجٌ يؤيد وآخر يصفق وذاك يزعقُ بكل رعونة ويشمل فلان الفلاني وعائلته ايضاً خطاً احمراً !!!
وتزداد الخطوط اللعينة ، وتتشابك بهالاتٍ ودوائر حمراء محرّمة تحذرك بالويل والثبور إن مددت اصبعك بإشارةٍ لها !
ألا تباً لكم ولكلِ خطوطكم وسذاجتكم وما تخططون وتلعبون .. فخطوطنا الخضراء أعمُّ وأشملُ .. وأوسعُ مدى وأبعدُ نظر ..
خطوطنا الخضراء تعرف من أين تبدأ ، والى أين تتجه ..
خطوطنا الخضراء تفضحُ الدجل والخرافة والسذاجة وتنير طريق الحق للسالكين ..
لأننا نعرف القابعين خلف دوائر الجهل من ذوي العقول الفارغة ، لتمجيد التافهين والفارغين وجعلهم (خطوطا حمراء) .. وتعظيم الإمّعات والسذج بإحاطتهم هذه الخطوط الوهمية الفارغة ..
خطوطنا الخضراء ستنتشر ليعمّ الضوء وينير العقول ..
سيدني في
2/7/2017



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن