ملك المغرب محمد السادس جد قلق وجد منزعج

سعيد الوجاني
zehna_53@hotmail.fr

2017 / 6 / 27

ترأس الملك محمد السادس اجتماعا للوزراء يومه الأحد 25 يونيو الجاري بالدارالبيضاء ، تداول فيه عددا من القضايا الملحة والجوهرية ، كما أسفر عن صدور مجموعة من القرارات ، أهمّها انّ الملك يعبر عن قلقه وانزعاجه ، بخصوص عدم تنفيذ المشاريع التي يتضمنها البرنامج التنموي ، " الحسيمة منار المتوسط " . ودعا المتفشية العامة للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية ، والمتفشية العامة للمالية التابعة لوزارة المالية ، القيام ببحث مفصل ودقيق ، لتحديد المسؤوليات في تعطيل المشروع ، الذي تم توقيعه تحت رئاسته في أكتوبر 2015 بمدينة تطوان . كما أنّ من ( أهمّ ) الإجراءات التي اتخذها ، تعليق العطلة السنوية للوزراء هذا الصيف ، حتى انجاز المهام المنتظرة ، وكأنّ تعليق عطلة الوزراء ، هو شيء استثنائي وخطير ، وانه سيؤثر على الوزراء خاصة " المتهاونين " منهم ، مع العلم ان منْ يتحمّل المسؤولية قبل هؤلاء ، هو الملك كملك أولاً ، وكرئيس للجهاز التنفيذي ثانيا ، وكسلطة عليا تترأس المجالس الوزارية ثالثا .
ان دعوة الملك هذه ، لا تختلف في شيء ، عندما تساءل " أين الثروة " ، كما لا تختلف في شيء ، عندما خاطب الشعب قائلا " ما يفرحكم يفرحني ، ما يقلقكم يقلقني ..... الخ " ، ولا تختلف في شيء كذلك ، عندما طالب بأجراء بحث دقيق ومُفصّل ، عن التعذيب الذي تعرض له معتقلو الريف ، بالدهاليز البوليسية التي يشرف عليها صديقه فؤاد الهمة ، وخادمه المدعو عبداللطيف الحموشي الذي أضحى عنده من المقدسات ، مثل إدريس البصري عند الحسن الثاني .
وللإشارة ، فان هؤلاء ، إضافة الى المدعو الشرقي ضريس الوزير المنتدب في الداخلية ، أدخلوني إلى السجن ظلما ، بمحضر مزور ومطبوخ ، ومن داخل السجن ، حرّضوا عليّ المجرمين للاعتداء عليّ . ومن هنا أدعو الملك كرئيس لهؤلاء ، إلى إصدار أوامره ، إلى الإدارة العامة للدراسات والمستندات ، والى الفرقة القضائية للدرك الملكي ، بإجراء بحث دقيق ومفصل ، عن الاعتداء الذي تعرضت من طرف هؤلاء المجرمين الذين أدخلوني ظلما الى السجن ، و هم اليوم محط تساؤل عن التعذيب الذي تعرض له المواطنون بأقبية فؤاد الهمة ، وعبداللطيف الحموشي . فهل يستطيع الملك حقا ان يفْعلها ، ويُفعِّلُ في حقهم المسطرة ، لتقديمهم الى المحاكمة مثل باقي المواطنين ؟ .
ولنا أن نتساءل بعد دعوة الملك المسئول الأول عن الأجهزة البوليسية . هل تم تشكيل لجنة للتقصي والبحث ، فيما توّعد به الملك من خروقات مُضرّة بحقوق الإنسان ، في الأقبية والمخافر البوليسية ؟ وإن كان الأمر كذلك ، أين وصلت في أعمالها ، وأين هي نتائجها ؟
عندما كان الملك يلقي تدخله ، ويصدر توجيهاته ، وأوامره بالمجلس الوزاري ، تساءلت كمواطن عادي من حقه الاهتمام بالشأن العام ، ومن حقه مساءلة أيّ شخص مهما بلغ شانه ، عن سياسته في تدبير الشأن العام الوطني . هل الملك قبل إلقاء خطابه ، قرأ تقريرا مفصلا عن برنامج " الحسيمة منار المتوسط " ؟
وإذا كان الأمر كذلك ، فمن هي الجهة التي انتظرت حتى اليوم ، لتعطيه تقريرا مخدوما ، لإخفاء حقائق كانت معروفة حتى قبل أن يتعطّل المشروع ، او عطّلوه ، او هل كان هناك أصلا شيء يسمى بمشروع " الحسيمة منار المتوسط " ؟
ولو لا الحراك الشعبي بالريف ، وطول مدته ، والمساندة القوية للشعب المغربي لأهل الريف ، هل كان الملك ان يترأس مجلسا للوزراء ، ويلقي فيه خطابا يتمحور حول تهريب المسؤولية ، وتشتيتها ، او توزيعها ،على أشخاص قد تتم التضحية بهم في المستقبل القريب ، لإبعاد مسؤولية الملك من جهة ، ومن جهة لإظهار شيء من الجدية عند الملك ، حتى يظهر أمام الشعب ، بأنه فعلا ساهر على مصالح المواطنين ، ومرتبط بها ، وإن كان هناك من خلل ، فهو ليس موجوداً فيه ، وغير موجود في مؤسساته التي هو رئيسها ، وإنما هو موجود في مجموعة أشخاص ، سيتم التضحية بهم ، على أمل ان يحصل تراجع في الحراك ، او توقيفه بعد الاطمئنان الى التغييرات التي ستضحي بالبعض القليل ، دون البعض الكثير الذي سيستمر كمعاول تنفذ سياسة القصر ، لا مصالح الشعب .
وهنا لنا ان نتساءل : هل الملك في خطابه ، كان يقصد الحكومة العميقة التي يترأسها صديقه ، و ( مستشاره ) ، فؤاد الهمة ، وبمعية الجلاد ، العدواني ، والظالم المدعو عبداللطيف الحموشي الذي لا يزال يعتدي عليّ ، و الذي أضحى عنده من المقدسات ، والفاسد وزير الداخلية المدعو لفتيت الذي (هرف ) على مساحة أرضية بالسويسي ، أغلى منطقة بالرباط بثمن 350 درهما ، في حين ان ثمنها الحقيقي هو 40.000.00 درهم للمتر ، أي الدولة البوليسية الفاشية التي تشكل دولة داخل الدولة ، ام ان خطابه ، كان موجها الى الحكومة العادية ، التي يُعتبر وزراءها ، بمثابة موظفين سامين عند الملك ، ويسهرون على تنفيذ مشروع الحكومة العميقة ؟
ثم كيف نستسيغ ونفهم ، ان الملك الرئيس الفعلي لوزير الداخلية ، ولوزير المالية ، يطلب من هؤلاء تكليف إدارة التفتيشية العامة التابعة لوزارة الداخلية ، اي لوزير الداخلية ، والمتفشية العاملة للمالية التابعة لوزارة المالية ، اي لوزير المالية ، القيام ببحث مفصل ودقيق ، في خصوص تعطيل مشروع " الحسيمة منار المتوسط " ، في حين أن المسئول الأول والرئيسي ، يبقى الوالي التابع لوزارة الداخلية ، وبالضبط لوزير الداخلية ؟
فكيف سيكون الشخص خصما وحكما في نفس الوقت ؟ .
شيء لا يمكن لعقل سليم تقبله ، ولا قبوله ، وهو ما يرسم منذ الآن آ آفاق ونتائج البحث الذي لن يكون غير درّ للرماد في الأعين ، ولعب على الوقت بتقديم بعض الكباش فداء ، قصد ترطيب الأجواء علّ الحراك يتوقف ، وتعود الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل الحراك ، وتعود حليمة الى عادتها القديمة .
وإذا كان الملك يعتقد في قرارة نفسه ، او يعتقد في من حرّر له الخطاب لإلقائه ،انه بتعليقه عطلة الوزراء هذه السنة ، سيكون بمن أنجز شيئا لم يسبق انجازه ، وربما ان هذا الإجراء ( العقابي ) للوزراء سيعتبر ثورة ، فان المسؤولية وزراء الملك ، موظفوه السامون ، تكاد تكون منعدمة ، لأنهم لا يُقرّرون ، ولا يحكمون ، و قد سبق لعبدالاله بنكيران ، أن صرح بهذا عندما كان في الحكومة أكثر ، من مرة ، وفي أكثر من جهة ، وأكثر من مناسبة .
فكيف للملك ان يقلق ، وان ينزعج من وزراء مشلولين ، في حكومة عادية ، تخضع للحكومة العميقة التي يترأسها فؤاد الهمة ، وبمعية جلاد المملكة السعيدة ،العدواني الظالم المدعو عبداللطيف الحموشي ، ولفتيت وزير الداخلية الذي لا سلطة للوزير الأول العثماني عليه ؟
ثم كيف سيُحمّل الملك المسؤولية لحكومة غائبة ، او مُغيبة ، بل مشلولة أمام سلطات الوالي ، ممثل لفتيت وزير الداخلية بالجهة ؟
فمن المسئول ، ومن يحكم بالجهة ؟ هل وزارة الداخلية من خلال رجالاتها ، وعلى رأسهم الوالي ، أم وزراء القطاعات التي من المفروض فيها ، ان تكون صاحبة الرياضة في انجاز المشاريع . ؟
وبصيغة أخرى من يحكم بالجهة ؟ لأن من يحكم ، هو من يتحمل المسؤولية ، لأنه من المفروض فيه ، ان يكون لصيقا بالمشاريع ، وحريصا على حسن تنفيذها ، ومراقبا لكل مراحل تطورها ، من بدايتها الى نهايتها .
إذن كيف يعقل للإدارة الترابية التابعة لوزارة الداخلية ، ان تنجز بحثاً ضد وزير الداخلية ، من خلال واليه ، وممثله بالجهة ؟
وهل المتفشية العامة لوزارة المالية ، تملك الشجاعة والجرأة ، بإعداد تقرير ، او محضر ، ضد وزير المالية المشرف على المداخل ، من ضرائب مختلفة ، وكيفية وضع الإعتمادات المالية ، أمام تصرف الوالي ممثل وزير الداخلية ، وليس وزارة الداخلية ؟
وبكل صراحة معهودة ، إذا أراد الملك حقا ان يتمسك بالشفافية ، وبالموضوعية ، ويعرب عن قدر من المسؤولية ، عليه ، أولاً ان يطهر محيطه ، ويبعد عنه المنافقين ، والكذابين ، والمحتالين والوصوليين ، والانتهازيين ، الذين ( خرْجوا أعْليهْ ) ، وتسببوا في مآسي للناس ، وهم سبب الوضع الخطير بالصحراء المغربية ، وسبب ما يجري اليوم بالريف ، وبعموم المغرب .
كما على الملك ان يتمسك بالديمقراطية ، فهو حين أعرب عن قلقه ، و انزعاجه عن ( تعطيل ) " برنامج الحسيمة منار المتوسط " ، فهو جعل من نفسه محل الحكومة ، ومن ثم أضحى المسئول الأول ، عمّا لحق بالمشروع ، وبكل المشاريع من فشل .
وإذا كان ربط المسؤولية بالمحاسبة ، فالملك من خلال خطابه هذا أصبح ، المسئول الأول عن التعطيل . لكن السؤال . من هي الجهة التي ستتحدد إزاءها ، حجم مسؤولية الملك ؟
إذن بعد كل ما حصل . الم يحن الوقت لبناء نظام ديمقراطي ، تتحدد فيه المسؤوليات ، ويتم ربطها بالمحاسبة ؟
فبدون الديمقراطية الحقيقية ، الصحراء في خطر ، والريف في خطر ، والمغرب كله في خطر . والمسئول عن ذلك الملك ، الذي وضْعُه ، ونظامه في اكبر من خطر .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن