سيرتي!

محمد مسافير
moussafir.med@gmail.com

2017 / 6 / 21

يوم علِمت أمي أنها كانت حبلى بي، أصابها عصاب حاد، فطفقت تلطم بطنها، تقفز، تأكل بعض الأعشاب الضارة... تحاول إسقاطي من رحمها، لأنها كما حكت لي بعض الحاقدات، لم تكن مستعدة بعد لتحمل عبء الأمومة، فقد تزوجها أبي صغيرة لم تتمم الخامسة عشر... لكني لم أسقط، تشبثت بالحياة، وغرزت أظافري في جدار رحمها، حتى خارت قواها واستسلمت للقدر...
وبعد ميلادي، لم يُقم أبي العقيقة، كان سعيدا -ربما- بمجيئي، غير أن حالة أمي غير المستقرة كانت تثير الريبة، فقد كانت تصرخ في وجه الحضور: أبعدوه عني، ليس إبني... ورغم ذلك، بقيت متشبثا بها، ولا أكف عن الصراخ إلا في حضنها...
طردني معلم الابتدائي في اليوم الأول الذي وضعت فيه قدماي في الفصل، بعد أن سمعني أهمس لزميلي ببعض الكلمات النابية، كنت ألفظها ببراءة دون أن أستوعب أثرها في النفوس... وتكررت محاولات الطرد مرات ومرات في مساري الدراسي، لكني بقيت متشبثا برغبتي في إتمام الدراسة...
لم يستسيغوا وجودي بينهم، خاصة تلك السكرتيرة الشقراء، كانت تتفحصني بعينين مثقلتين وكأن النعاس أرهقهما، أبتعد عنها وأتحسس نظراتها تخدش ظهري، وكانت، فيما بدا لي من تعامل رئيسي في العمل، تحدثه عني بحقد دفين، كنت غير آبه بشيء إطلاقا، أرتدي دونهم، أتحدث بسوقية ساذجة، أدوس على جميع البروتوكولات لحظة الاجتماع، إلا أني كنت مولعا بوظيفتي، متفانيا فيها، متشبثا بها رغم كل مؤامرات الإبعاد...
في يوم زفافي، طردني أهل العروس، كنت قد انقضضت على لحية المأذون وسط الجموع، لأنه نعتني بألفاظ مشينة، حين قبلت عروسي قبلات حميمية طويلة، لم نستطع كبح رغباتنا... ورغم الطرد والفضيحة، إلا أني بقيت متشبثا بعروسي، وتزوجنا رغم أنف الرافضين...
لم أجد ذاتي بين الأصدقاء والأقارب، لم أحس بالأمان في هذا العالم، فطفقت أبحث عن عالم مغاير، عالم افتراضي، أنشأت حسابا فايسبوكيا، وبدأت أبوح فيه بما تمليه علي قريحتي، ورغم أني أتحدث عن نفسي، عن فكري، عن قناعاتي، دون مس بغيري، غير أن الحقد أحاطني، والتبليغات استهدفتني، والكثيرون قاموا بحظري... إلا أني عشقت هذا العالم وأهله، ولا أزال متشبثا به، رغم أنف الحاقدين !



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن