ملكة سبأ والكنيسة بين يسوع والحكيم سليمان

ممدوح الشمري
mmdwhshammri@gmail.com

2017 / 6 / 13

الكتاب المقدس - العهد الجديد
إنجيل لوقا
الأصحاح الحادي عشر

29 وفيما كان الجموع مزدحمين، ابتدأ يقول: هذا الجيل شرير. يطلب آية، ولا تعطى له آية إلا آية يونان النبي
30 لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى، كذلك يكون ابن الإنسان أيضا لهذا الجيل
31 ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم، لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان، وهوذا أعظم من سليمان ههنا
32 رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه، لأنهم تابوا بمناداة يونان، وهوذا أعظم من يونان ههنا.

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص تادرس يعقوب ملطي
لوقا 11 - تفسير إنجيل لوقا

العبادة الروحيَّة
الصداقة وآية يونان النبي
"وفيما كان الجموع مزدحمين اِبتدأ يقول:
هذا الجيل شرِّير،
يطلب آية، ولا تُعطى له إلا آية يونان النبي.
لأنه كما كان يونان آية لأهل نينوى،
كذلك يكون ابن الإنسان أيضًا لهذا الجيل.

ملِكة التيْمَنْ ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم،

لأنها أتَتْ من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان،
وهوذا أعظم من سليمان ههنا.
رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونة،
لأنهم تابوا بمناداة يونان"[29-33].

لقد طلب قوم منه آية من السماء أما هو فيُقدِّم نفسه لهم آية، معلنًا يونان النبي كرمزٍ لشخصه الذي انطلق من الجوف كما من القبر قائمًا من الأموات (مت 12: 40) وبكرازته أنقذ أهل نينوى الشعب الأممي، وأيضًا سليمان الحكيم الذي اجتذب الأمميَّة ملكة التيْمَنْ من أقاصي الأرض تمثِّل كنيسة الأمم القادمة، لا لتسمع حكمة بل تمارسها. تلتقي مع حكمة الله نفسه. في الرمزين ظهرت كنيسة الأمم واضحة تلتصق برأسها يونان الحقيقي، القائم كما من الجوف، وسليمان الحكيم واهب السلام والحكمة.
يوضِّح القديس كيرلس الكبير في تعليقه على إنجيل لوقا إن الآية ليست عملًا استعراضيًا كما ظن اليهود، فحينما قدَّم لهم موسى قديمًا بعض الآيات كانت هادفة، خاصة للكشف عن خطاياهم من أجل التوبة فعندما طرح العصا على الأرض فصارت حيَّة ثم أمسك بذنَبها عادت عصا، إنما أشار بالعصا إلى اليهود الذين طُرحوا بين المصريِّين، فصاروا كالحيَّة لتمثلهم بعاداتهم ورجاساتهم وبُعدهم عن الله، وكأنهم قد سقطوا من يديه كما طُرحت العصا من يديّ موسى، لكن إذ أمسك الله بهم كما أمسك موسى بذَنَب الحيَّة عادوا إلى حالهم الأول، إذ صارت الحيَّة عصا، مغروسة في الفردوس، إذ دعوا لمعرفة الله الحقيقية، واغتنوا بالشريعة كطريق للحياة الفاضلة.
هكذا تكرَّر الأمر عندما أدخل يده في عِبِّه ثم أخرجها، وإذ هي برصاء مثل الثلج. ثم عاد فردَّها إلى عِبِّه لينزع عنها البرص، فإن هذه الآية لم تُصنع بلا هدف، إنما تشير إلى إسرائيل الذي كان تحت رعاية الله وحمايته حين كان متمسِّكًا بعادات آبائه سالكًا بروح الحياة الفاضلة اللائقة به، والتي له في إبراهيم وإسحق ويعقوب. فكان كمن في حضن (عِبّْ) الله، لكن إذ خرج عن ذلك كيَدّْ موسى، أي خرج عن حياة آبائه الإيمانيَّة الفاضلة أُصيب بالبرص، أي النجاسة. وإذ عاد فقبل العودة إلى حضن الله وتحت رعايته الإلهيَّة نُزع عنه دنس المصريِّين.
كان يليق باليهود كما يقول القديس كيرلس الكبير أن يدركوا خطأهم، لكنهم اِنشغلوا بطلب آية من السماء بمكرٍ، إذ يقول:
[نبع طلبهم عن مكرٍ، فلم يُستجاب لهم، كقول الكتاب: "يطلبني الأشرار ولا يجدونني" (راجع هو 5: 6)... لقد قال لهم أنه لا تعطى لهم سوى آية يونان التي تعني آلام الصليب والقيامة من الأموات، إذ يقول: "لأنه كما كان يونان في بطن الحوت ثلاثة أيام وثلاث ليالٍ هكذا يكون ابن الإنسان في قلب الأرض ثلاثة أيام... لم يقدِّم آية لليهود لكنه قدم هذه الآلام الضروريَّة لخلاص العالم... في حديثه معهم قال: "انقضوا هذا الهيكل وفي ثلاثة أيام أقيمة" (يو 2: 19). فإن إبادته للموت وإصلاحه الفساد بالقيامة من الأموات هو علامة عظيمة على قوَّة الكلمة المتجسِّد وسلطانه الإلهي، وبرهانًا كافيًا كما أظن في حكم الناس الجادِّين. لكنهم رشوا عسكر بيلاطس بمبلغٍ كبيرٍ من المال ليقولوا أن "تلاميذه أتوا ليلًا وسرقوه" (مت 28: 13). لقد كانت (قيامته) علامة ليست بهيِّنة، بل كافية لإقناع سكان الأرض كلها إن المسيح هو الله، وأنه تألَّم بالجسد باختياره، وقام ثانية. أمر قيود الموت أن ترحل، والفساد أن يُطرح خارجًا، لكن اليهود لم يؤمنوا حتى بهذا، لذلك قيل عنهم بحق: "ملِكة التيْمَنْ ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه"... هذه المرأة مع أنها من المتبربرين، لكنها طلبت بشغفٍ أن تسمع سليمان، وقد تحمَّلت السفر لمسافة طويلة بهذا الهدف لكي تسمع حكمته بخصوص طبيعة الأمور المنظورة والحيوانات والنباتات. أما أنتم فحاضر بينكم "الحكمة" ذاته الذي جاء إليكم ليحدِّثكم عن الأمور السماويَّة غير المنظورة، مؤكِّدًا ما يقوله بالأعمال والعجائب وإذا بكم تتركون الكلمة وتجتازون بغير مبالاة طبيعة تعاليمه العجيبة.
ويقول القديس أمبروسيوس: [بعد إن حكم على شعب اليهود، ظهر بوضوح سرّ الكنيسة: شعب نينوى يتوب (يونان 3: 5)، وتسعى ملكة الجنوب لتتعلَّم الحكمة (1 مل 10: 1)، فتأتي من أقصى الأرض لتتعلَّم حكمة سليمان، صاحب السلام. إنها ملكة لمملكة غير منقسمة تتكوَّن من شعوب مختلفة متباعدة مثل جسدٍ واحدٍ، كالمسيح والكنيسة (أف 5: 32). لقد تحقَّق الآن ذلك ليس خلال رمز، بل بالحقيقة تم ذلك. قديمًا كان سليمان رمزًا، أما هنا فنجد المسيح قد جاء متجسِّدًا، وتظهر الكنيسة من جانبين: ترك الخطيَّة وهدمها خلال التوبة (كأهل نينوى)، وطلب الحكمة (كملكة سبأ).

الكتاب المقدس - العهد الجديد
إنجيل متى
الأصحاح الثاني عشر

41 رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه، لأنهم تابوا بمناداة يونان، وهوذا أعظم من يونان ههنا
42 ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه، لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان، وهوذا أعظم من سليمان ههنا.

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القس أنطونيوس فكري
متى 12 - تفسير إنجيل متى

رفض السيد المسيح تقديم آية لهم لأنهم طلبوا هذا بمكر، فهو صنع معجزات من قبل لكنهم قالوا أنه يعملها ببعلزبول فهم لا يستحقون، لأن السيد نفسه عَلّمَ من قبل ضرورة ألا يُلقى القدس للكلاب. ولنفهم أن المعجزة ليست عملًا استعراضيًا، وإنما هي عمل إلهي هدفه خلاص الإنسان، يتقدم هذا كله الآية التي حملت رمزًا لدفن السيد المسيح وقيامته التي بها أعطانا الخلاص وهذه الآية هي آية يونان النبي. وموت المسيح نفسه وقيامته هي آية عجيبة لمن يفهم، فموت المسيح فيه موت للخطية وقيامة المسيح فيها انتصار على الموت وهذه هي الآية التي يحتاجها الإنسان لخلاصه.
ونفهم أيضًا أن المعجزات لن تزيد إيمان أحد بقدر ما يزيد إيمانه التأمل في محبة المسيح المصلوب عناّ، والقائم من الأموات ليقيمنا ويعطينا حياة أبدية فها هم اليهود قد رأوا معجزات كثيرة ولم يؤمنوا بل هم يطلبون المزيد منها، والمسيح يقول لا معجزات، فما تحتاجونه لخلاصكم ليس هو المعجزة بل التأمل في عمل المسيح الفدائي أي موته وقيامته. ويحتاجون لتوبة كتوبة يونان النبي وتوبة نينوى التي تابت بمناداة يونان. فالمسيح يعلم ما في قلوبهم من شرور جعلتهم لا يفهمون كل ما عمله سابقًا من معجزات.
ثلاثة أيام وثلاث ليال= التلمود يعتبر جزء اليوم يومًا كاملًا. واليهود يعبرون عن اليوم الكامل بقولهم ليلًا ونهارًا = مساء وصباح (تك 5:1+8) + (تك 4:7+12) + (إس 16:4).
جيل شرير وفاسق = يتهمونه أنه ببعلزبول يعمل معجزاته.

التيمن= اليمن أو الجنوب عمومًا أو سبأ.

(لو 30:11) يونان آية لأهل نينوى = ربما أن خبر الحوت وصل لأهل نينوى من البحارة، ثم خرج يونان حيًا، وكان هذا سببًا في إيمان أهل نينوى فكانت آية يونان هي خروجه من بطن الحوت بعد ثلاثة أيام. وآية المسيح الكبرى هي خروجه من الموت بعد ثلاثة أيام. والمعنى وراء هذا الكلام أن الضربات التي كانت ستوجه لنينوى إن لم تتب، ستوجه لليهود لو رفضوا الإيمان بالمسيح، وهذا ما حدث من تيطس سنة 70 م.
ونلاحظ في المثلين اللذين إستخدمهما المسيح: 1) نينوى سمعت عن خوف وإضطرار؛ 2) ملكة التيمن جاءت تسمع عن إشتياق بعد أن سمعت عن سليمان. أماّ إسرائيل فليس لديه إشتياق ولا يحرك قلوبهم الخوف بالرغم من كل ما رأوه وسمعوه من المسيح، مع أن المسيح أتى بحكمة ومعجزات أكثر بكثير من سليمان، ونادى بكلمات أعظم من يونان لكنهم رفضوه. ولاحظ أن نينوى قبلت نبياً غريباً عنهم فهو من إسرائيل وسمعت له وتابت، واليهود رفضوا ربهم المتجسد الذي تكلمت عنه نبوات كتابهم المقدس.
تأمل:- ما نحتاجه اليوم فعلاً ليس كثرة المعجزات ولكن تغير القلب إلى قلب محب لله، والقلب المملوء حباً لله سيقبل من يديه أي شىء.
يُعلّق القديس كيرلس الكبير على هذه العبارة بقوله: [جاءت هذه المرأة تطلب أن تسمع سليمان، وقد تحمّلت السفر لمسافة طويلة لتحقيق هذا الهدف، لتصغي لحكمته الخاصة بطبيعة الأمور المنظورة، والحيوانات والنباتات، أمّا أنتم فحاضر بينكم الحكمة عينه تستمعون إليه، هذا الذي جاء ليحدِّثكم عن الأمور غير المنظورة السماويّة، مؤكِّدًا أقواله بأعماله ومعجزاته، فتهربون من كلماته وتجتازون بعيدًا عن طبيعتها العجيبة. كيف إذن، ليس من هو أعظم من سليمان ههنا أي فيّ؟ أسألكم مرّة أخرى أن تلاحظوا حذاقة لغته فإنه يقول: "ههنا" ولا يقول "فيّ" لكي يجتذبنا بتواضعه عندما يمنحنا عطاياه الروحيّة. ومن ناحية أخرى فإنه غير مستحب لدى اليهود أن يسمعوه يقول: "إن أعظم من سليمان فيّ"، فإنهم لو سمعوه يقول هذا لتجاسروا قائلين: "انظروا إنه يقول أنه أعظم من الملوك الذين حكموا علينا في مجد"، فلأجل التدبير استخدم المخلّص لغة التواضع قائلًا: "ههنا" عوضًا عن قوله "في.
ويقول القديس أمبروسيوس: [هنا أيضًا يدين الشعب اليهودي، إذ يعبِّر بقوة عن سرّ الكنيسة في ملكة الجنوب، خلال رغبتها في نوال الحكمة، إذ تأتي من أقاصي الأرض لتسمع كلمات سليمان صانع السلام؛ الملكة التي لها مملكة غير منقسمة تضم أممًا مختلفة ومتباينة في جسدٍ واحدٍ.]
إن كان قد جاء السيّد المسيح الذي هو أعظم من يونان الذي اجتذب أهل نينوى للتوبة، وأعظم من سليمان الذي جاءت إليه ملكة التيمن من أقصى الأرض تسمع حكمته، فقد صار لنا إمكانيّة التمتّع بالملكوت الجديد، فيطرد الشيطان الذي احتلّ القلب زمانًا طويلًا ليسكن الرب فيه. هذه العطيّة المجّانيّة المقدّمة لنا تديننا إن تهاونّا فيها، فتركنا القلب للعدو مرّة أخرى خلال تراخينا، ليتقدّم بصورة أكثر شراسة حتى يحتل ما قد فُقد منه، وكما نرى عمليًا حينما يرتدّ المؤمن عن الحياة المقدّسة يصير في شرّه أبشع ممّا كان عليه قبل الإيمان أو التوبة.
يرى القديس يوحنا كليماكوس أن هذا القول الإلهي ينطبق بصورة واضحة على الشاب المتحمِّس الذي ينجح في تركه شهوات الجسد والحياة المترفة، لكنّه بعد دخوله إلى الحياة الرهبانيّة النسكيّة يسقط خلال تهاونه داخل ميناء الأمان، إذ يقول: [يا له من منظر يُرثى له، إذ نرى الذين بعدما عاشوا في مخاطر البحر يعانون من تحطيم السفينة داخل الميناء.

الكتاب المقدس - العهد القديم
سفر الملوك الأول
الأصحاح العاشر

1 وسمعت ملكة سبا بخبر سليمان لمجد الرب، فأتت لتمتحنه بمسائل
2 فأتت إلى أورشليم بموكب عظيم جدا، بجمال حاملة أطيابا وذهبا كثيرا جدا وحجارة كريمة . وأتت إلى سليمان وكلمته بكل ما كان بقلبها
3 فأخبرها سليمان بكل كلامها. لم يكن أمر مخفيا عن الملك لم يخبرها به
4 فلما رأت ملكة سبا كل حكمة سليمان، والبيت الذي بناه
5 وطعام مائدته، ومجلس عبيده، وموقف خدامه وملابسهم، وسقاته، ومحرقاته التي كان يصعدها في بيت الرب، لم يبق فيها روح بعد
6 فقالت للملك: صحيحا كان الخبر الذي سمعته في أرضي عن أمورك وعن حكمتك
7 ولم أصدق الأخبار حتى جئت وأبصرت عيناي، فهوذا النصف لم أخبر به. زدت حكمة وصلاحا على الخبر الذي سمعته
8 طوبى لرجالك، وطوبى لعبيدك هؤلاء الواقفين أمامك دائما السامعين حكمتك
9 ليكن مباركا الرب إلهك الذي سر بك وجعلك على كرسي إسرائيل. لأن الرب أحب إسرائيل إلى الأبد جعلك ملكا، لتجري حكما وبرا
10 وأعطت الملك مئة وعشرين وزنة ذهب وأطيابا كثيرة جدا وحجارة كريمة. لم يأت بعد مثل ذلك الطيب في الكثرة، الذي أعطته ملكة سبا للملك سليمان
11 وكذا سفن حيرام التي حملت ذهبا من أوفير، أتت من أوفير بخشب الصندل كثيرا جدا وبحجارة كريمة.

تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب
ملوك الأول 10 - تفسير سفر الملوك الاول

ملكة سبأ
تُعجب بحكمة سليمان

أبرزت الأصحاحات السابقة استقرار مملكة سليمان، واهتمامه بالعمل الإنشائي. بدأ ببيت الرب وملحقاته، ثم قصره الخاص وملحقاته، فجناح ابنة فرعون، ثم مدن المخازن، وأخيرًا منشآت لأجل مسرَّته. لكنَّنا لم نسمع عن اهتمامه بإقامة منشآت خيريَّة كالمستشفيات أو ملاجئ للفقراء، ولا أقام مدارس ومنشآت علميَّة ودراسيَّة. كما لم نسمع عن اهتمامه بتربيَّة ابنه رحبعام وليّ العهد.

لقد أوضح هذا الأصحاح عظمة حكمة سليمان، إذ اعترفت ملكة سبأ بأن ما رأته أعظم ممَّا سمعته عنه.
* عظمة غناه: قدَّمت له ملكة سبأ الكثير من الذهب والأطياب والحجارة الكريمة، كما قدَّم له ملوك الدول المحيطة بفيضٍ.
* عظمة سخائه، كان يأتيه الكثير، ويقدِّم أيضًا الكثير.
* عظمة مظهره: أتراس من ذهب، كؤوس من ذهب، عرش فريد في العظمة.
* عظمة قوَّته: مركبات وخيل بكثرة [26].
* قدرته التجاريَّة: تبادل تجاري مع مصر [28-29].
* غنى شعبه: [27].
إذا وضعت كل الأمور معًا يمكن القول بأن سليمان قد فاق كل ملوك الأرض في الغنى والحكمة، لكنَّه كان ظلًا للمسيح الذي قال عن نفسه: "هوذا أعظم من سليمان ههنا" (مت 12: 42؛ لو 11: 31).

زيارة ملكة سبأ:
جاءت ملكة سبأ تزوره لترى وتلمس ما قد سمعته عنه. قدَّمت له هدايا ثمينة بوفرة، كما اختبرته بأسئلة قدم لها إجابات وافيَّة، كشفت عن إعجابها بحكمته ومنشآته، وسبَّحت الله الذي أقام مثل هذا الملك على شعبه.
"وسمعت ملكة سبأ بخبر سليمان لمجد الرب،
فأتت لتمتحنه بمسائل" [1].
يتساءل البعض إن كانت ملكة سبأ أثيوبيَّة أم عربيَّة أم هنديَّة. فلدى كلٍ من أثيوبيا واليمن تقليد به يربطون ملكة سبأ بتاريخهم، خاصة وأن وجود ملكة تحكم البلاد كان عامًا في المنطقتين.
دعاها السيِّد المسيح ملكة الجنوب، لأن سبأ في جنوب كنعان. الرأي السائد أن سبأ في أفريقيا، يعتبر الأثيوبيُّون إلى يومنا هذا أن ملكة سبأ جاءت من بلادهم، وأن كنداكة (أع 8: 27) هي خليفتها.
يرجِّح البعض أنَّها من اليمن للأسباب التالية:
* كانت سبأ العربيَّة منطقة مشهورة بالأطياب في العالم القديم، وكانت غنيَّة بمناجم الذهب والفضَّة والحجارة الكريمة.
* سبأ العربيَّة كانت مملكة هامة، بينما سبأ الأثيوبيَّة كانت مجرَّد مدينة.
* إن كانت أوفير في العربيَّة، فيكون ذلك سببًا إضافيًا لاعتبار سبأ في نفس المنطقة. لأن تجارة سليمان مع أوفير نشرت أخباره ووصلت شهرته منها إلى ملكة سبأ.
يرى البعض الدارسين أن سبأ كانت مملكة مستقلَّة، شعب مميَّز من الأثيوبيِّين والعرب.
"لمجد الرب" [1]: مع ما اتَّسم به سليمان من مواهب كثيرة مثل النطق بأمثال وأناشيد والحنكة العسكريَّة والسياسيَّة والذوق الفنِّي في البناء، إلاَّ أن شهرته كانت "لمجد الرب"، بمعنى آخر ما انتشر عنه أنَّه رجل الله التقي.
ما هو الدافع لملكة سبأ أن تأتي بقافلة مسافة أكثر من 1000 ميل؟ لقد ارتبط اسم سليمان باسم الله، فجاءت تقدِّم له أسئلة صعبة لتعرف ماذا يعني هذا الإله المتعبِّد له بالنسبة لها. لقد استجاب الله لطلبة سليمان أن تأتي الشعوب وتتعرَّف على الله وتسأله في بيته (1 مل 8: 41-43).
كان من عادة بعض الملوك أن يمارسون رياضة ملوكيَّة بأن يقوموا بزيارة الملوك المعاصرين ويختبرون إمكانيَّاتهم وقدراتهم في التدبير. فقد سمعت ملكة سبأ الكثير عن سليمان فظنَّت أنَّها من وحيّ الخيال. جاءت بنفسها إلى أورشليم والتقت بسليمان وقدمت له أسئلة، وإذ أجابها على أسئلتها أدركت حكمته الفائقة ومجدَّت الله الذي أقام سليمان ملكًا ووهبه حكمة وبرًّا [9].
هل استمرَّت ملكة سبأ في إيمانها بالله؟ كل ما نعرفه أن السيِّد المسيح تحدَّث عنها مع أهل نينوى كمثلين حيِّين لقبول الأمم لله الحي في العهد القديم والتجاوب معه (لو 11: 29-32).
"فأتت إلى أورشليم بموكب عظيم جدًا،
بجِمال حاملة أطيابًا وذهبًا كثيرًا جدًا وحجارة كريمة،
وأتت إلى سليمان، وكلمته بكل ما كان بقلبها" [2].
مجيئها بقافلة ضخمة من الجمال يؤكِّد أن سبأ ليست في الهند كما ظن البعض، إذ لا يمكن لمثل هذه القافلة أن تأتي من المحيط الهندي، لكنَّها كانت وسيلة الانتقال في العربيَّة.
لم ترسل ملكة سبأ رسولًا ليكتشف شخصيَّة سليمان، بل ذهبت بنفسها. لقد حملت ذهبًا كثيرًا وحجارة كريمة وأطيابًا لكي تستمتع بالحكمة من فم سليمان. وها هو حكمة الله نفسه يود أن يهبنا ذاته مجانًا لنحمله فينا. ذاك الذي هو أعظم من سليمان، ومع هذا كثيرًا ما نهرب منه. لقد جاء إلى خاصته وخاصته لم تقبله.
من جانب سليمان فإنَّه لم يوبِّخها على تركها شئون مملكتها لتتحمَّل مشاق هذه الرحلة الطويلة، بل رحّب بها، وأعطاها الفرصة لكي تتكلَّم بكل ما في قلبها. أجابها على أسئلتها سواء الطبيعيَّة أو السلوكيَّة أو السياسيَّة أو الدينيَّة.
"فأخبرها سليمان بكل كلامها،
لم يكن أمر مخفيًا عن الملك لم يخبرها به" [3].
يرى يوسيفوس المؤِّرِّخ[84] أنَّها لم تقدِّم أسئلة فلسفيَّة، ولا دخلت معه في حوار ديني أو أخلاقي، إنَّما قدَّمت ما جمعته من أحجيَّة وألغاز صعبة، فقد عُرف الشرقيُّون قبل أيَّام سليمان بالتلاعب في الألفاظ، كما حدث مع شمشون (قض 14: 12-14). ولا يزال يشتهر الشرق بهذا حتى يومنا هذا.
قدم لنا التلمود كثير من القصص والأحجيَّة التي دارت بين ملكة سبأ وسليمان، وانتشرت أيضًا بطريقة أو أخرى في منطقة فارس وبلاد العرب بين ملوكهم.
جاء عن ملكة سبأ أنَّها كلما قدَّمت أحجيَّة صعبة كان سليمان بفكره الثاقب وسرعة بديهته يجيب عليها. أخيرًا قدَّمت باقة ورود جميلة صُنعت بإتقان شديد حتى يصعب تمامًا على الإنسان أن يميِّزها من الورود الطبيعيَّة. نسَّقت الباقة بطريقة مبدعة ومدهشة ثم قدَّمتها للملك. وقدَّمت معها باقة أخرى من الورود الطبيعيَّة تشبهها تمامًا.
ارتبك كل الحاضرين إذ يصعب على العين أن تميِّز بين الباقة الطبيعيَّة والباقة الصناعيَّة. في البداية لاحظ الحاضرون أن الملك -لأول مرة- يقف مرتبكًا. صمت الجميع وارتبكوا جدًا خشية أن يُخذل ملكهم. لكن الملك بسرعة شديدة جاء بعدد من النحل الذي يحوم حول الورود وأطلقه، فاتَّجه نحو الورد الطبيعي. فأمسك الملك بالباقة الطبيعيَّة وترك الورد الصناعي، عندئذ صفَّق جميع الحاضرين ودُهشت الملكة لحكمة سليمان واتِّقاد ذهنه.
"فلما رأت ملكة سبأ كل حكمة سليمان والبيت الذي بناه" [4].
يرى اليهود في تعبير "حكمة chaakmat سليمان، دائرة متَّسعة من المواهب الفكريَّة والقدرات العقليَّة والعمليَّة، فالحكمة هنا ليست معرفة نظريَّة بل عمليَّة تجلَّت في قدرته على تنظيم شئون مملكته، وتدبير قصره الملكي، وتمتُّعه بأنهار من الغنى تفيض على مملكته بالتجارة الدوليَّة، وحكمته في بناء الهيكل وتنظيم الخدمة فيه، ومهارته الفنيَّة والأدبيَّة، وتقواه، واهتمامه بالعبادة الجماعيَّة، وتقديم المحرقات باسم الشعب كله.
"وطعام مائدته ومجلس عبيده وموقف خدَّامه وملابسهم وسُقاته ومحرقاته التي كان يصعدها في بيت الرب،
لم يبقَ فيها روح بعد.
فقالت للملك: صحيحًا كان الخبر الذي سمعته في أرضي عن أمورك وعن حكمتك.
ولم أصدِّق الأخبار حتى جئت وأبصرت عيناي،
فهوذا النصف لم أُخبر به،
زدت حكمة وصلاحًا على الخبر الذي سمعته" [5-7].
لاحظت دقَّة نظام تدبير الأكل اليومي على مائدته التي ضمَّت الألوف يوميًا، وتدبير جلوس عبيده كلٍ حسب رتبته. والاهتمام حتى بمظهر عبيده وملابسهم البهيَّة.
"كان يصعدها"، ربَّما يعني بالصعود هنا أنَّه كان يسلك طريقًا خاصًا يعبره الملك من قصره إلى التل الغربي عبر وادٍ صغير منحدر ثم يصعد على التل الشرقي حيث الجانب الغربي من منطقة الهيكل.
"لم يبقَ فيها روح"، إذ كادت أن يُغمى عليها من شدَّة الدهشة التي لحقت بها.
اعترفت الملكة بأن ما قد بلغها كانت تظن أنَّه مبالغ فيه. الآن أدركت أن هذا التقرير قدَّم نصف الحقيقة. فإن ما شدّ اهتمامها ليس ما سمعته من شفتيّ الملك، بل وما رأته بعينيها. أُعجبت بكلماته كما بأعماله. امتدحته من أجل ما ناله من موهبة الحكمة، وما تمتَّعت به حياته العمليَّة من صلاح وتقوى. فقد امتزجت معرفته بسلوكه العملي، وتُرجمت مفاهيمه خلال حياته.
مجَّدت ملكة سبأ إله إسرائيل، لا بمعنى أنَّها تركت آلهتها لتعبد إله إسرائيل، بل آمنت به كأحد الآلهة الأخرى ، يرى بعض الكُتَّاب اليهود أنَّها دخلت الإيمان بتأثير سليمان وعبدت الله الحيّ، غير أن البعض يستبعد ذلك، إذ لا نجد أثرًا لتقديم عطايا للهيكل من جانبها. ما قدَّمته من هبات كان للملك شخصيًا.
ما قدَّمته من هبات ليس جزية التزمت بها، وإنَّما علامة صداقة لا على المستوى الشخصي فحسب بل على مستوى صداقة البلدين.
يقول Strabo أن السبائيِّين كانوا أغنياء جدًا، استخدموا الذهب والفضَّة بطريقة مبالغ فيها في أثاثاتهم وعلى الحوائط والأبواب وأسقف بيوتهم.
"طوبى لرجالك،
وطوبى لعبيدك هؤلاء الواقفين أمامك دائمًا، السامعين حكمتك" [8].
طوّبت الملكة رجاله الواقفين أمامه وعبيده الذين يخدمونه، فإنَّهم بالتقائهم به وبخدمتهم له يشاركونه الحياة المطوّبة أو السعيدة. هكذا من يسكن مع رب سليمان في بيته، ويخدم ملكوته ينعم بشركة الحياة معه، فيعيش مطوَّبًا، أي يشاركه حياته السماويَّة.
"ليكن مباركًا الرب إلهك الذي سرّ بك، وجعلك على كرسي إسرائيل،
لأن الرب أحبّ إسرائيل إلى الأبد.
جعلك ملكًا لتجري حكمًا وبرًا" [9].
لم تأت ملكة سبأ لتُقيم علاقات تجاريَّة أو سياسيَّة، لكنَّها جاءت تتأكَّد ممَّا سمعته عن حكمة سليمان فتنتفع به. كان ملوك السبَائيِّين كهنة (مز 72: 10). رجعت هذه الملكة التي ربَّما كانت كاهنة تشهد لله الحقيقي. بعد أن طوَّبت سليمان، ورجاله الواقفين أمامه وعبيده الذين يخدمونه، باركت الرب الذي وهبه المملكة والحكمة والغنى والمجد إلخ.
"وأعطت الملك مائة وعشرين وزنة ذهب وأطيابًا كثيرة جدًا وحجارة كريمة،
لم يأت بعد مثل ذلك الطيب في الكثرة الذي أعطته ملكة سبأ للملك سليمان" [10].
سبق فتنبَّأ داود أن سليمان سينال ذهب سبأ (مز 72: 15). هذه الهدايا من ذهب وأطياب وحجارة كريمة كان ظلًا لعطايا المجوس لمولود بيت لحم (مت 2: 11). قدَّمت الهدايا ثمنًا للحكمة التي نالتها، ولم تكن تعلم أن ما فعلته هو ظلّ لما يحدث فيما بعد عند ميلاد ابن داود الحقيقي.

ملكة سبأ رمز لكنيسة العهد الجديد:

1. سمعت فآمنت: إذًا الإيمان بالخبر والخبر بكلمة الله (رو 10: 17). آمنت واعترفت (لو 18: 13).
2. سمعت فسعت لتلتقي بسليمان رمز المسيح. لم ترفض الدعوة إلى العرس (1 مل 10: 6-7، مت 22: 5)، ولا أجَّلت اللقاء كما فعل فيلكس (أع 24: 25).
3. دخلت معه في لقاء وحوار لذا لم يخفِ عنها الملك شيئًا [2-3].
4. التقت به بروح التواضع [4-5].
5. تعرَّفت عليه فأُعجبت به، كما أُعجبت الكنيسة بالسيِّد المسيح فترنَّمت: "أنت أبرع جمالًا من بني البشر" (مز 45: 2). وكما يقول القديس أغسطينوس:
[إنه جميل في السموات بكونه الكلمة مع الله.
جميل على الأرض وهو متسربل بالطبيعة البشريَّة،
جميل في الرحم، وجميل بين ذراعيّ والديه،
جميل في المعجزات، وجميل في جلْده بالسياط،
جميل في منحه الحياة، وجميل في عدم رفضه الموت،
جميل في بذله ذاته: وجميل في أخذها ثانية،
جميل على الصليب، وجميل في القبر، وجميل في عودته إلى السماء].
يقول القديس جيروم: [اختفى لاهوته ببهائه وعظمته تحت حجاب الجسد، وبعث بأشعَّته على ملامحه الجسديَّة، فسبى كل الذين كان لهم غبطة التطلُّع إليه.
6. حقَّق لها سليمان رغبة قلبها (1 مل 10: 13؛ يو 6: 37؛ رو 6: 23).
7. اُمتحنت ومُدحت (1 مل 10: 8-9؛ مز 107: 2).
8. قدَّمت للملك ذهبًا (1 مل 10: 10؛ رو 2: 1-2).
9. شهد لها السيِّد المسيح ومدحها (مت 12: 42).
"وكذا سفن حيرام التي حملت ذهبًا من أوفير،
أتت من أوفير بخشب الصندل كثيرًا جدًا وبحجارة كريمة" [11].
خشب الصندل Almug trees، يرى البعض أنَّه خشب الصندلsandal wood الذي يمتاز برائحته العطرة، وآخرون يرون أنَّه (cedrus-desdara) Deodar يستخدم في الأعمال المقدَّسة والهامة.
هذا الخشب ثقيل للغاية وصلد، لونه أحمر جميل، يسمَّى valguka في اللغة السنكرتيَّة Sankrit، حرَّفه اليهود والفينيقيُّون إلى almug.

---------------------------------------

بمقارنة النصوص اتضح أن (ملكة التيمن) هي نفسها ملكة سبأ او ما تُعرف بإسم (بلقيس) أو الملكة (ميكادا) أو (بلقيس بنت شراحيل) ، ويطلق عليها الكتاب المقدس (ملكة التيمن) والقرآن يطلق عليها (ملكة سبأ) وهناك سورة بإسم (سبأ) . ويروي الكتاب المقدس أن ملكة سبا قد زارت الملك سليمان بعد أن سمعت عن حكمته وسعة ملكه. وأما في الإنجيل فإن السيد المسيح يسميها ملكة التيمن بمعنى ملكة الجنوب وهو النص الوارد في أنجيل لوقا و إنجيل(متى 12: 42) : ((ملكة التيمن ستقوم في الدين مع هذا الجيل وتدينه)).
واما التفاسير العربية فتقول ((أن اسمها بلقيس. وأنها ولدت ابنًا من سليمان في اثيوبيا وأن التفسير الحبشي يسميها (ميكادا) . ويقول التقليد الحبشي أن سلسلة ملوك الحبشة يرجع نسبهم إلى سليمان عن طريق هذه الملكة ولذلك يلقب ملك الحبشة هيلاسيلاسي نفسه الأسد الخارج من سبط يهوذا)).
ولكن المشكلة التي وقع فيها (الإنجيل) أنه نسب ملكة سبأ إلى زمانه حيث ورد في سفر أعمال الرسل 8: 27 ((وإذا رجل حبشي خصي، وزير لكنداكة ملكة الحبشة، كان على جميع خزائنها)). أي ان ملكة سبأ كانت في القرن الأول الهجري وبذلك خالف نصوص التوراة التي تؤكد حضورها بين يدي سليمان. وإلى ذلك اشار القس انطونيوس فكري حيث يقول : وقد تكون ملكة سبأ هي بلقيس طلبت أن يكون لها نسل من سليمان فأجابها لطلبها وهي أنجبت منه ولدا اسمه (منلك). ومن نسلها كنداكة ملكة الحبشة.
ولذلك فإن الاثيوبيون يعتبرون ملكة سبأ ملكتهم وهم ينحدرون من سلالتها.وهنا في هذا النص التفسيري فإن القس فكري يؤيد ما يذهب إليه الانجيل من أن كنداكة او بلقيس كانت في زمن يسوع المسيح . وهذا خطأ فاضح ، حيث أن يسوع المسيح كان يتحدث عن إيمان هذه المرأة الذي دفعها ان تتحمل المشاق وتقطع الفيافي والقفار من اجل الوصول إلى سليمان والإيمان به .
وهنا فإن يسوع كان يُشير بذلك إلى اليهود الذين أبو أن يؤمنوا به كما نرى في نهاية النص حيث يقول في إنجيل لوقا 11: 31 ((أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان، وهوذا أعظم من سليمان ههنا!)). ولكن المفسرون كلهم وقعوا في خطأ لا يُغتفر عندما قالوا بأن المقصود من ملكة التيمن هي بلقيس ملكة سبأ. فلو كان كذلك كيف ذكرت التوراة قبل الانجيل بمئات السنين خبر ملكة سبأ كما نقرأ ذلك واضحا في سفر الملوك الأول 10: 1((وسمعت ملكة سبا بخبر سليمان لمجد الرب، فأتت لتمتحنه بمسائل فلما رأت ملكة سبا كل حكمة سليمان)).وهذا ما ذهب إليه يسوع المسيح أيضا عندما قال : (أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان).
وتتفق اليهودية والمسيحية مع الاسلام على أن ملكة سبأ حقيقة واقعة لا كما يدعي البعض بانها من الاساطير القديمة كما يقول السيد القمني. حيث يقول القمص يعقوب : ((ويكفينا لإثبات حقيقة وشخصية ملكة سبأ أن السيد المسيح له المجد ذكرها بفمه على أنها ملكة التيمن أي ملكة الجنوب)).
ويقول القمص يعقوب أيضا : ((ما جاء من اسم هذه الملكة في التراث العربي (بلقيس) مقارنًا بما جاء في قول (إسحق الأنطاكي) في القرن الخامس الهجري أن العرب كانوا يعبدون إلهة تُدعى (بلتيس) وقد ذكر بلتيس أيضًا (برر علي) في معجمه على أنها المعبود الكوكبي (فينوس) أو الزهرة.. ومن ثمَّ يبدو أن أسم (بلقيس) لا يعدو كونه من العبادات الأسطورية القديمة، أما آخر أباطرة الحبشة (هيلاسلاسي) فكان يزعم أنه الحفيد الأخير في سلسلة أباطرة حكموا الحبشة، وأن هذا السلسال يعود بالنبوة إلى العلاقة التي قامت بين (سليمان) و(بلقيس). )). (3)
أما في الإنجيل حيث ورد ذكر ملكة سبأ في موضعين بنفس المعنى ، حيث أطلق عليها يسوع المسيح لقب (ملكة التيمن) وهو ما جاء في إنجيل متى 12: 42 ((ملكة التيمن ستقوم في الدين وتدينه، لأنها أتت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان)).
وكذلك ما ورد في إنجيل لوقا ولكن بتغييرات طفيفة وكأن التفسير اختلط مع النص حيث يقول : إنجيل لوقا 11: 31((ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم)).



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن