العلاقات البديلة.

عباس علي العلي
fail959@hotmail.com

2017 / 6 / 3

العلاقات البديلة.

السيدة (س ، ل) خمسينية وله ولدين وبنتين وزوج متفان في خدمة العائلة، لا تشكو من أي مشاكل عائلية وحياتها مستقرة تجتهد أن تقدم كل ما تملك للعائلة وتترقب لحظات تخرج أبنائها بالتسلسل من الجامعة وبالأخص الكبيرة التي تحلم أن تراها طبيبة أسنان ناجحة، خلفيتها العائلية تنحدر من بيئة عشائرية ودينية يمتزج فيها المحافظة مع عدم المنع من التحرر، تخرجت من الجامعة قبل 26 سنه.
من خلال الفيس بوك تعرفت إلى حالة إنسانية لشاب في وقته كان يعاني من مشاكل أسروية ساعدته السيدة (س، ل) في تجاوزها ونجح في التخلص من الضغوط التي كان يعاني منها، لذا كان يتكلم معها دائما بصفة الأم، وهي تطلق عليه أسم (ماما عمار) ، الجميع يعلم بهذه العلاقة الإنسانية لا سيما الزوج والأولاد عدى نورلا الكبيرة، التي كان لديها حدس قلبي أن الأنجراف في التعاطف فوق الحدود سيجر إلى نتائج غير حميدة.
بلغ الأهتمام من السيدة بعمار للحد الذي أصبحت تمارس مغع دور الأم الحقيقية، وهو يمارس معها دور الأبن المدلل، وحصل الكثير من اللقاءات خارج البيت بين السيدة وعمار بحضور الزوج أحيانا أو بعض الأولاد والأمر طبيعي جدا لهذه اللحظة، المنحنى الذي تغير فجأو هو أن عمار أخبر السيدة في رغبته بالأرتباط بفتاة لغرض الزواج وطلب منها أن تراها وتعط رأيها بكل وضوح، أحست السيدة بزلزال أيقظ المجهول داخلها، ذهبت بالموعد المحدد وقابلت الفتاة وعادت غاضبة جدا.
أخبر عمار ماماته كما يقول بصرف النظر عن القضية بناء على رأيها وطلب منه المساعدة على البحث عن فتاة بديلة، في هذه الأثناء لاحظت نور أن والدتها بدأت تتغير في سلوكها العام نحو الأهتمام بمظهرها الخارجي وحرصها اللقاء اليومي بعمار حتى بمناسبة أو دون مناسبة، لاحظ عمار أن السيدة ومن حيث لا تعي قد تبدل أسلوبها معه فهي تصر على أن يرتدي نوع محدد من الملابس عند اللقاء وكثير من مفردات اللهجة السابقة بينهما قد تغيرت، إحساس يشعر به لأول مرة وصل لحد السهر للصباح للتحدث عبر الماسنجر بينهما ووصل الأمر إلى حد الأشتياق السريع جدا وبعض كلمات الغزل المبطن والمفتوح.
في بيت السيدة هناك علامات تعجب كبيره بطرحها البعض على البعض وأحيانا تتحول إلى كلام أستفهامي ينتهي بمشاجرة، خاصة وأن الزوج لم يعد ذلك القريب من زوجته ولاحظ أن الإهمال والشعور بالغربة من تصرفات زوجته، حتى فاجأت نور والدتها في حفلة التخرج التي أقامتها الكلية لطلبتها وإصرار الأم على الحضور مع عمار وهي كالعروسة، هنا صارحت نور والدتها أنها تجاوزت حدود الأم وعلاقتها بأبنائها الحقيقين في موضوع عمار وطلبت منها أن تتخذ القرار الحاسم.
في أتصال منها أي السيدة معي للقاء تحليلي نفسي وهل تشعر بأن ما تفعله خطأ أم أن الأمر طبيعي، وفي جلسة أستمرت لأكثر من ساعتين وبدون تحفظ وأسرار أكتشفت أن السيدة (س،ل) تعاني من ترسبات نفسية عميقة تعود لفشلها في أن تتزوج بمن كانت تحبه وهي طالبة في الدراسة الثانوية لأسباب عائلية، ثم زواجها التقليدية من زوجها الحالي وأنجابها السريع لبناتها وأولادها ومن ثم الإنشغال بالتربية والتعليم والوظيفة، وحرصها على إرضاء عائلتها لتثبت لنفسها النجاح دون أن تمر بالمشاكل التي كانت تعاني منها شقيقاتها الأكبر والأصغر، قد سلب منها كل أهتمام بمشاعرها الخاصة، إلى إن جاء عمار فتحولت العلاقة بينهما من مسار التعاطف والألفة الطبيعية إلى مرحلة الغيرة حينما طلب أن يرتبط بفتاة.
هذه الغيرة التي لم تعرفها مسبقا في حياتها الزوجية نابعة من كون زوجها من النوع الحريص أيضا على إرضائها وعدم الأنجرار وراء أي علاقة أو صلة مع نساء خارج العلاقة الزوجية، مما جعل روح العلاقة بينهما نمطية خالية من الإثارة، شعورها بالغيرة من الفتاة تحول بالوعي الباطن للسيدة إلى نوع من التحدي حينما تصورت أن عمار جزء من وجودها، وعليها أن ترضيه، كما أن عمار أستجاب هو الأخر لعقدة داخلية نشأت نتيجة زواج أمهمن شخص يكره بشدة، فأراد أن يمنح مامته البديله شعور خاص كي لا تذهب بعيدا عنه.
هذا النمط من العلاقات بين سيدة متزوجة وشخص أخر خارج نطاق العائلة يندرج في تطوراته المحتمله تحت عنوان العلاقات البديلة أو (العلاقات التعويضية)، وقد تنحرف هذه المسارات نحو نتائج خطيرة كما حدث مع أحد الأشخاص الذين كانوا على تواصل معي في قضية مشابهة، بطلتها فتاة معجبة بشخصية صاحب القضية على الفيس بووك وتطور الأمر إلى مرحلة الأبوة البديلة، والتيأنتهت بأزمة قلبية وأزمة صحية ما زال يعاني منها لليوم على أثر رفض الفتاة التي كانت تناديه بأبي رأيه بخصوص الزواج من خطيبها الذي كانت مرتبطة به قبل أن يتعارفا، وقد بذل لها الكثير من المال والخدمات الخاصة بأعتبارها أبنته وعليه أن تسمع وتطيع كلامه.
قد تكون هذه العلاقات بين الناس وخاصة إذا كان فارق العمر كبير وتطورت العلاقة اللا واعية بين الإثنين تحت عنوان الأيوة أو الأمومة البديلة تحمل معها ميلا غير طبيعي أساسه في التاريخ النفسي للكبار والحاجة إلى شعور خفي ومبطن قد يتجاوز مرحلة التردد والكتمان، إلى مرحلة الإعلان والإفصاح وهنا تحدث الكارثة لطرفي العلاقة أولا حين يستجيب الطرف الأخر أو حين يمتنع عن المضي بطريق الأخطار.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن