الأَنْبِياءُ وجِهَادُ النِّكَاحِ والكِتَابُ المُقدَّسُ ((2))

ناصر المنصور
mnl79173@gmail.com

2017 / 6 / 3

سفر يشوع 15

13 وَأَعْطَى كَالَبُ بْنَ يَفُنَّةَ قِسْمًا فِي وَسَطِ بَنِي يَهُوذَا حَسَبَ قَوْلِ الرَّبِّ لِيَشُوعَ: قَرْيَةَ أَرْبَعَ أَبِي عَنَاقَ، هِيَ حَبْرُونُ.
14 وَطَرَدَ كَالَبُ مِنْ هُنَاكَ بَنِي عَنَاقَ الثَّلاَثَةَ: شِيشَايَ وَأَخِيمَانَ وَتَلْمَايَ، أَوْلاَدَ عَنَاقَ.
15 وَصَعِدَ مِنْ هُنَاكَ إِلَى سُكَّانِ دَبِيرَ. وَكَانَ اسْمُ دَبِيرَ قَبْلاً قَرْيَةَ سِفْرٍ


16 وَقَالَ كَالَبُ: «مَنْ يَضْرِبُ قَرْيَةَ سِفْرٍ وَيَأْخُذُهَا أُعْطِيهِ عَكْسَةَ ابْنَتِي امْرَأَةً».


17 فَأَخَذَهَا عُثْنِيئِيلُ بْنُ قَنَازَ أَخُو كَالَبَ.

فَأَعْطَاهُ عَكْسَةَ ابْنَتَهُ امْرَأَةً.

18 وَكَانَ عِنْدَ دُخُولِهَا أَنَّهَا غَرَّتْهُ بِطَلَبِ حَقْل مِنْ أَبِيهَا. فَنَزَلَتْ عَنِ الْحِمَارِ فَقَالَ لَهَا كَالَبُ: «مَا لَكِ؟»
19 فَقَالَتْ: «أَعْطِنِي بَرَكَةً. لأَنَّكَ أَعْطَيْتَنِي أَرْضَ الْجَنُوبِ فَأَعْطِنِي يَنَابِيعَ مَاءٍ». فَأَعْطَاهَا الْيَنَابِيعَ الْعُلْيَا وَالْيَنَابِيعَ السُّفْلَى.


تفسير الكتاب المقدس - العهد القديم - القمص تادرس يعقوب
يشوع 15 - تفسير سفر يشوع

نصيب يهوذا

كالب وقرية أربع...
في الأصحاح السابق طالب كالب بن يفنة القنزي حقه الذي وعده به الرب على لسان موسى، وهو امتلاك الجبل حيث المدن الحصينة وحبرون التي تعني (قران) أو (زواج),والآن إذ تسلم كالب "حبرون" والتي تدعى أيضًا "قرية أربع"، "طرد من هناك بني عناق الثلاثة: شيشاي وأخيمان وتلماي أولاد عناق" [14].
إن كان كالب بن يفنة القنزي الذي يُشير -كما قلنا- إلى القلب الذي تحوّل عن الاحتقار ودخل إلى المجد، قد نال حبرون مكافأة له، فدخل في زواج أو قران مقدس وروحي، فيه تتحد النفس مع عريسها إلى الأبد، فإن حبرون من جانب آخر تدعى قرية أربع. رقم 4 يُشير إلى العالم باتجاهاته الأربعة: الشرق والغرب والشمال والجنوب، فإنه أيضًا يُشير إلى الجسد المأخوذ من هذه الأرض أو هذا العالم. فصاحب القلب المقدس، الذي تحول إلى عريسه الأبدي يملك على جسده طاردًا منه بني عناق الثلاثة ليملك الرب أيضًا فيه. لا يكفي أن تكون قلوبنا أو حياتنا الداخلية مقدسة، وإنما يلزم أن نتطلع إلى أجسادنا بنظرة مقدسة، فكما نقدم للعريس قلوبنا الداخلية هكذا نقدم له أجسادنا، فيعمل الإنسان في كليته بنغم متوافق. يُشبه القديس غريغوريوس النيصي الإنسان في كليته بالقيثارة التي تحمل أوتارًا مختلفة لكنها تقدم بالروح القدس قطعة موسيقية متناسقة تُفرح قلب الله.
يرى العلامة أوريجانوس أن "عناق" تعني متعجرف أو غير متضع، و"شيشاي" تعني خارج عن، أي خارج عن القديسين وخارج عن الله الحق ذاته، "أخيمان" تعني أخي بعيد عن الحكمة، و"تلماي" يعني معلق هاوية خلال هذه المعاني يمكننا أن نقول أن حبروننا أي جسدنا الترابي متى سيطر عليه عناق أي روح الكبرياء وعدم الاتضاع إنما يسيطر عليه ثلاثة من مواليده يعملون معًا كملوك عليه ألا وهم: الخروج عن الله الحق وبالتالي البعد عن الحكمة مما يدفع الإنسان إلى أن يكون معلقًا في الهاوية أو منحدرًا إليها. ليتنا نكون ككالب، نطرد عنه الكبرياء أصل الداء، فلا نعود بعد نكون خارج الله سرّ حياتنا، ولا نحرم من الحكمة الإلهية وبالتالي لا ننحدر إلى الهاوية، بل على العكس نعود إلى الله فننعم بحكمته ونرتفع به من الهاوية إلى الحياة الأبدية.

كالب وقرية دبير...
"صعد من هناك (حبرون) إلى سكان دبير، وكان اسم دبير قبلًا قرية سفر. وقال كالب: من يضرب قرية سفر ويأخذها أعطيه عكسة ابنتي امرأة. فأخذها عثنئيل بن قناز أخو كالب، فأعطاه عكسة ابنته امرأة وكان عند دخولها أنها غرته بطلب حقل من أبيها، فنزلت عن الحمار، فقال لها كالب: مالك. فقالت: اعطني بركة، لأنك أعطيتني أرض الجنوب فاعطني ينابيع ماء، فإعطاها الينابيع العليا والينابيع السفلى" [15-19].
لقد سأل كالب كممثل للقلب المقدس إن كان أحد يضرب قرية سفر "الكتاب" ويأخذها، فإنه يقدم له ابنته عكسة امرأة، وقد قام أخوه عثنئيل بن قناز بذلك، فأخذ قرية سفر التي صارت دبير أي (نطق) أو (تدبير)، فتزوج بعكسة. إن عثنئيل تعني (استجابة الرب)، فإنه لا يستطيع أحد أن يتقدم إلى قرية الكتاب المقدس ولا أن يفهم أسرارها العميقة ما لم يستجب الرب له، ففهمنا للكتاب هو عطية الله ونعمته التي يهبها لسائليه وإذ نال عثنئيل الكتاب أي قرية سفر، صارت بالنسبة له دبير، أي تحولت من كتاب حرفي إلى نطق وفهم داخلي وتدبير حيّ فيه... أي تحول من حرفية الناموس القاتلة إلى الروح واهب الحياة. أما زواجه بعكسة ابنة كالب، إنما تعني التصاقه بابنة الحياة المقدسة، التي تسأل البشرية أن يدخلوا إلى قرية الكتاب ليكشف الله لهم أسرارها. وعكسة نفسها كابنة الحياة المقدسة في الرب إنما تُشير أيضًا إلى معرفة الأسرار الروحية، وكأن عثنئيل التصق بأسرار الكتاب ليس كقرية يعيش فيها فحسب وإنما كزوجة شريكة حياته!
ماذا فعلت عكسة أو أسرار الكلمة الإلهية بزوجها عثنئيل الذي استجاب له الرب طلبته؟ لقد أخذت من أبيها حقلًا كبركة تقدمها لزوجها، ثم عادت فنزلت عن الحمار لتطلب ينابيع ماء لرجلها فأعطاها أبوها الينابيع العليا والينابيع السفلى. يا لها من صورة رائعة للنفس التي تلتصق بالمعرفة الروحية التي هي ابنة الحياة المقدسة، فإنه خلال هذه الابنة تنعم النفس بالحقل أي الدخول إلى الكتاب المقدس بكونه الحقل الذي تعمل فيه لحساب الله وتفرح بثمر الروح، كما ترى المعرفة الداخلية قد نزلت عن الحمار، أي نزلت عن الاهتمام بالجسد، لتطلب ينابيع ماء أي ثمار الروح، فيوهب لها ثمارًا على مستوى سماوي علوي، كما تنعم بالثمر الذي تعيش به هنا على الأرض، يرافقها زمان غربتها أي (الينابيع السفلى).

شرح الكتاب المقدس - العهد القديم - القس أنطونيوس فكري
يشوع 15 - تفسير سفر يشوع

آية (13): "وأعطى كالب بن يفنة قسما في وسط بني يهوذا حسب قول الرب ليشوع قرية أربع أبي عناق هي حبرون."
قرية أربع = كان هذا اسمها قديمًا وبعد أن أخذها كالب صار اسمها حبرون وغالبًا هو اسم أحد أبناء أو أحفاد كالب. ورمزيًا فأربع قد تعني أربع ملوك أو أي أربع أشياء رآها أصحاب المكان هامة لكن رقم "4" يشير للعالم أو الجسد المأخوذ من الأرض.

الآيات (14-16): "وطرد كالب من هناك بني عناق الثلاثة شيشاي واخيمان وتلماي أولاد عناق. و صعد من هناك إلى سكان دبير وكان اسم دبير قبلا قرية سفر

وقال كالب من يضرب قرية سفر ويأخذها اعطيه عكسة ابنتي امراة."

ونجد كالب (يعنى القلب) قد طرد بنى عناق الثلاثة من هناك وأسماها حبرون.
والمعنى أننا حتى نقترن بعريسنا يسوع علينا أن نطرد محبة العالم من قلبنا.

آية (17): "

فأخذها عثنيئيل بن قناز أخو كالب فأعطاه عكسة ابنته امرأة."

عثنيئيل بن قناز = هو صار قاضيًا لإسرائيل فيما بعد.

وهناك 3 احتمالات:-

1- قد يكون أخو كالب الصغير فعلًا.

2- قد تكون مجازًا، أي من نفس القبيلة (كما قيل عن أقرباء المسيح أنهم أخوته) وكما قيل عن لوط أخو إبراهيم.

3- وقد يكون ابن عم كالب. وقناز أخو كالب والآية تحتمل هذا التفسير.

الآيات (19،18): "وكان عند دخولها أنها غرته بطلب حقل من أبيها فنزلت عن الحمار فقال لها كالب ما لك، فقالت اعطني بركة لأنك أعطيتني ارض الجنوب فاعطني ينابيع ماء فأعطاها الينابيع العليا والينابيع السفلي."
هي طلبت ينابيع ماء فأعطاها أكثر مما طلبت، أعطاها ينابيع عليا = هي غالبًا من الجبال حيث تتجمع مياه الأمطار. والينابيع السفلى = الآبار في الأراضي المستوية ونلاحظ قول عكسة "أعطينى بركة.. أعطينى ينابيع ماء". وعكسة التي تربت في بيت كالب رجل الإيمان تشير لما يجب على كل مؤمن أن يطلبه من الله أبوه أي الامتلاء بالروح القدس، هذه هي البركة الحقيقية التي نطلبها. وتكون الينابيع العليا إشارة لعمل الروح القدس مع النفس في السماء (رؤ7: 14). وتكون الينابيع السفلى إشارة لثمار الروح القدس في النفس هنا على الأرض (يو7: 37-39). ولكن كيف نحصل على هذه الثمار؟ يكون ذلك بالنزول عن اهتمامات الجسد = فنزلت عن الحمار.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن