مؤمن سمير.. حطاب أعمى بلا خبز ولا نبيذ

مؤمن سمير
momensamir76@yahoo.com

2017 / 6 / 2

مؤمن سمير.. حطاب أعمى بلا خبز ولا نبيذ
بقلم/ محمد نبيل
البوابة نيوز- الثلاثاء 30-05-2017
ربما يكون عام 2017 الأسعد بالنسبة للشاعر المصري مؤمن سمير، حيث شهد صدور ثلاثة أعمال شعرية له هم "إغفاءة الحطاب الأعمى" عن دار روافد للنشر و"حيز للإثم" عن مؤسسة بتانة الثقافية وأخيرا ديوان "بلا خبز ولا نبيذ" الصادر حديثا عن الهيئة العامة للكتاب؛ وبذلك يرتفع رصيد مؤمن سمير من الأعمال الشعرية المنشوزرة إلى 14 ديوانًا، بالإضافة إلى خمسة كتب أخرى في مجالات مختلفة غير الشعر.
لكن مؤمن سمير لم يقصد مطلقًا إصدار أكثر من ديوان له في فترة قريبة؛ فالأمر كله يتعلق بأزمة النشر في مصر فمؤمن يظن أن صدور أكثر من عمل للشاعر في وقت واحد يظلم هذه الأعمال ويحرمهم من الاهتمام؛ لكن حالة النشر في مصر تجعل من صدور كل كتاب قصة كبيرة تخضع للأهواء وللظروف الصاعدة والهابطة بما يستحيل معه أن تعرف أو يكون لك دور في تحديد متى سيصدر عملك على وجه اليقين.
إغفاءة الحطاب الأعمى
طابع فلسفي سيطر على مؤمن سمير في هذا الديوان؛ اعتمد على استدعاء التراث في العديد من القصائد؛ وكانت المفارقات اللفظية سمة تميز قصائده إذذ جاءت موظفة بشكل متناغم مع الحالة الشعورية المسيطرة على النصوص؛ لمؤمن سمير مشهدية خاصة داخل نصوصه؛ يتجرد خلالها من الواقع الآني وتفاصيله المرهقة ويسافر في الطبيعة وواقعها المجرد؛ ومن إغفاءة الحطاب الأعمي يكفينا قراءة هذا المقطع الشعري؛ لنكتشف المزيد من الجماليات: "كانَ حزينًا/ أبونا آدم/ صحا يومًا/ وتمشى في المراعي/ وقال يارب خلقتني هكذا/ كبيرًا/ ومهيبًا/ لم أكن طفلًا أبدًا/ لم أَلْهُ بالفطائرِ التي تصيرُ عرائسَ/ ولم أُلاكم الهواءَ فيرد الضربةَ وهو غضبان/ لم تَقُدْنِي أقدامي للقريةِ الأبعد من الشمس/ فيفزعَ أبي لغيابي وأشمَّ كيف أنهُ يحبني/ أكثرَ من نسائِهِ ولعبِ الورق/ لي عندك طفولةٌ/ فاحفظها في خزانَتِكَ/ وامسحني بها كلما خِفْتُ منكَ".
حيزٌ للإثم
يغوص هذا الديوان في كينونة الأنثى مستدعيًا بذلك مكانتها ككائن أسطوري؛ وكتابة هذا الديوان استغرقت وقتًا كبيرًا لما فيه من تجديد على مستوى التناول، فتلك الزاوية لتناول موضوع الأنثى، وفلسفتها تعتبر جديدة بالنسبة لمؤمن سمير؛ ويتكون حيز للإثم من 34 قصيدة نثرية؛ وفي قصيدة بعنوان "عند الكهف" يقول مؤمن: "عندما كنت وحيدا في حضنك/ تركت في الممر ملابسي الراقصة/ ونقطة وقوفي فجأة في الحلم/ ذراعك المرن الذي استولى على دهشتي ودسها في جيبك العلوي لم يعد يهمس أو يشهق أو يزحف تحت الطريق الوحشية والنبع البعيد/ حاولي أن تسقطي عيونك قرب مرآتي فينقطع اللهاث ويشير للقتل/ ببساطة حاولي وأنا مكبل بشبحين والنمل والخوف يرعيان في ساقي الهاربة وسرتي التي لا تذكرني قهرا/ مكبل / وانتظرك/ كأننا / الدخان".
بلا خبز ولا نبيذ
كان التعاطي مع المطلق بتجليات وأحوال مختلفة هي طبيعة الحالة الشعورية المسيطرة على هذ الديوان، ويتسع مفهوم المطلق هنا من "الكبير" و"المتعال" إلى المطلق في كل قيمة إنسانية، كمطلق الخوف والغياب.
يلعب الشاعر مرة بذاته كبطل ومرة تظهر الذات في حالة حكي ومراقبة، كما يخفت حضوره أمام كل شاهقٍ وغير مُدرَك ومرة يسائل هذا المفهوم ويؤنسنه ليخلق أسطورته الأرضية المعيشة.
وتتزاوج اللغة في الديوان مابين اللغة المعيشة التي تقترب أحيانًا من الشفاهية واللغة التداولية وبين محاورة المجاز واللعب معه.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن