خرافات المتأسلمين - حد الردة

زهير جمعة المالكي
zuhair66us@yahoo.com

2017 / 5 / 31

قد يستغرب البعض من العنوان الذي صدرت به هذا المقال والذي انوي ان امكنني ذلك ان احوله الى سلسلة من المقالات الهدف منها سلسلة هو مناقشة وايضاح الكثير الكثير من الخرافات الذي خلقها المتاسلمين ونسبوها الى الدين مما حول الاسلام بعد ان كان اوسع الاديان انتشارا في العالم الى نوع من الرهاب (الفوبيا) الذي جعل الكثير ممن نشأوا وتربوا في مجتمعات اسلاميه يتحولون الى الايمان باديان اخرى او الذهاب الى حد ابعد في الالحاد وانكار الدين .
سيكون اول موضوع نتناوله هو موضوع ( حد الردة ) وهو موضوع كان ولازال موضع جدال واخذ ورد منذ ايام الخليفة ابو بكر وحتى اليوم فهو محل اخذ ورد وتفسيرات متعددة مابين المتشدد في تنفيذ الحد ومابين متساهل ومابين مفرق بين الرجل والمرأة ومابين منكر ومابين مفرق بين المسلم بالولادة وبين المسلم الذمي .
من خلال دراسة اراء فقهاء الاديان الابراهيمية الثلاث اليهودية والمسيحية والاسلام نجد ان جمهور فقهاء الاديان الثلاث قد قد حددوا عقوبة المرتد بالقتل مع اختلاف وسائل القتل مابين الرجم ومابين الضرب بالسيف حيث ورد هذا الحد في رسالة بولس الرسول الى اهل العبرانيين فى الاصحاح العاشر و العدد الثامن و العشرون و يقول: "من خالف ناموس موسى فعلى شاهدين او ثلاثة شهود يموت بدون رأفة "كما ذكر ذلك في سفر التثنية (13) وكذلك في سفر التثنية الاصحاح17 و ابتداء من العدد الثانى وتقول الموسوعة الكنسية لتفسير العهد القديم -كنيسة مارمرقس-سفر التثنية ص462 :"ع4 : يشدد الله على ضرورة فحص المرتد عن عبادة بعبادة الأوثان للتأكد من هذا الفعل ع5 : إذا ثبتت الإدانة {أي ارتداده} يحدد الرب الحكم الواجب تطبيقه على الشخص المرتد سواء كان رجلا أو امرأة وهو الموت رميا بالحجارة. ".. اما في الاسلام فقد حدد الفقه الاسلامي حد الردة بالقتل . الا ان القرأن جاء خاليا من اي نص يشير الى حد الردة بل ان من اياته مايشير الى ان التوبة مفتوحة امام المرتد وان لم يتب فعقابه على الله وليس للبشر حيث ورد في الاية 137 من سورة النساء ( إن الذين آمنوا ثم كفروا ثم آمنوا ثم كفروا ثم ازدادوا كفرا لم يكن الله ليغفر لهم ولا ليهديهم سبيلا) ومعنى الاية واضح انها تذكر قوم مرتدين آمنوا ثم ارتدوا ثم آمنوا ثم ارتدوا ثم آمنوا ثم ارتدوا ثم آمنوا ثم ارتدوا . وبالرغم من ذلك فان الفقه الاسلامي هو الوحيد الذي مازال يصر على تطبيق حد القتل بل ان هناك من يدعو الى جعلها جزء من قانون العقوبات في الدول الاسلامية .
لو رجعنا الى حياة الرسول محمد نجد ان التاريخ لم يذكر ان الرسول قد اقام الحد بالردة على اي شخص بل ان الشرط الذي قبله الرسول من قريش في صلح الحديبية في جواز ان يعيد الرسول من جاءه من قريش مسلما وان لاتعيد قريش من جائها من المسلمن مرتدا يؤكد ان الرسول لم يعاقب المرتد . واشهر حادثه تاريخيه ثابته في كل كتب السيرة هي حادتة عبد الله بن سعد بن ابي السرح الذي اسلم ثم ارتد ثم عاد للاسلام بعد فتح مكه وعفى عنه الرسول بل واصبح من قادة الجيوش واصبح واليا في زمن عمر بن الخطاب على الصعيد ثم ولاه عثمان مصر كلها . وهذا دليل على ان النبي لم يعاقب على الردة .
بعد وفاة الرسول جاءت فترة اطلق عليها المؤرخون فترة حروب الردة قام الخليفة ابو بكر بارسال الجيوش لمحاربة قبائل العرب وقد انقسموا الى ثلاثة اقسام الاول ظهر فيهم من ادعى النبوة وانه يوحى اليهم كما كان يوحى للنبي محمد ومنهم مسيلمة وسجاح والاسود العنسي وطليحة بن خويلد الاسدي والقسم الثاني من رفض مبايعة ابو بكر بالخلافة مثل مالك بن نويره وقومه من تميم والقسم الثالث الذين رفضوا دفع الزكاة مثل الاشعث بن قيس وقومه من كنده . لة دققنا في مصير الفئات الثلاث نجد انه لم يقتل احد منهم بسبب الردة فاما مسيلمة فقد قتل في الحرب اثناء القتال والاسود اغتيل قبل الحرب اما سجاح فقد عادت للاسلام بعد هزيمة مسيلمة وطليحة الاسدي عاد للاسلام بعد ان هزم في المعركة وقتل الكثير من المسلمين بل اصبح من قادة الجيوش الاسلامية وكذلك الحال بالنسبة لعمرو بن معد كرب بل ان الخليفة قبل توبة الاشعث بن قيس وزوجه من اخته وولاه عثمان اذربيجان . الوحيد الذي قتل حدا في هذه الحروب كان مالك بن نويره ولم يكن قتله بسبب الردة بل كان بسبب رفضه البيعه ولاسباب اخرى ذكرها المؤرخون وكان قتله على يد خالد بن الوليد .
بالنسبة لتاريخ الخلفاء الاربع لم يرد ان احد منهم قد طبق حد الردة على اي شخص وهنا يثور السؤال من اين اذن جاء حد الردة ؟ والذي مازال يعتبر لدى المتأسلمين خطا احمر لايجوز الحديث عنه او حتى مناقشته . ان القائلين بحد الردة يستندون الى احاديث نسبها كتاب الاصحاح الى النبي محمد باعتبارها من سنته القوليه , ونقول هنا نسبها لان كل هولاء الكتاب وخصوصا الستة الكبار وهم محمد البخاري الاوزبكستاني ومسلم النيسابوري وابو عيسى الترمذي الاوزبكستاني وابو داود السجستاني واحمد بن شعيب النسائي الخراساني وابن ماجة القزويني لم يعاصروا النبي ولم يسمعوا منه بل نقل لهم عن طريق طرف ثالث . فقد نسب اولئك الكتاب للرسول محمد أنه قال: لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارق للجماعة. رواه البخاري ومسلم ، وانه قال: من بدل دينه فاقتلوه. رواه البخاري .
لو ناقشنا هذين الحديثين المنسوبين للرسول نجد انهما اولا يخالفان النص القراني الذي ذكرناه من سورة النساء حيث ان النص القراني لم يذكر عقوبة دنيوية للمرتدين كما ان العقوبة الاخروية منوطة لله وليس للبشر ولا للحاكم الشرعي . كما ان هذين الحديثين يخالفان سنة الرسول الفعلية التي ذكرنا فيها انه لم يعاقب المرتدين الا اذا كان الفقهاء يريدون ان يتهموا الرسول بان فعله يخالف قوله او انه يتهاون في الحدود المفروضة محاباة لاصحابه . كذلك فهما يخالفان فعل الخلفاء الاربع الذين جاؤا بعد الرسول .
من هذا المنطلق يتبين ان فرض حد الردة هو لاسباب سياسية ومن اجل تعزيز سلطة الكهنوت في الاسلام لخلق سيف بيد الفقهاء يشهروه بوجه كل من يخالفهم في الراي وتكون اسهل تهمة ان يقول عن المخالف بانه مرتد وبذلك يستحلون الرقاب والدماء في سبيل الحفاظ على سلطاتهم وسطواتهم حتى لو ان على حساب الدين .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن