الوطنية الحقيقية لا تكتمل إلا بمقارعة الرجعية

مهدي سعد

2017 / 4 / 21

كثرت التعريفات لمفهوم الوطنية لدى التيارات الفكرية والقوى السياسية الفاعلة على الساحة العربية الفلسطينية في إسرائيل، ولقد بنت بعض هذه القوى مفهوم الوطنية على أساس العداء للمؤسسة الإسرائيلية، وما تمثله سياساتها من نقيض جوهري لأحلام وتطلعات الأقلية العربية الباقية في وطنها.

أعتقد أن هذا المفهوم للوطنية يبقى ناقصًا بدون خلق آلية لمقارعة الرجعية، وأقصد بالرجعية تلك القوى الموالية للسلطة التي تشكل أداة بيدها لتنفيذ أجندتها تجاه المجتمع العربي، ولا شك أن الرجعية تلعب دورًا خطيرًا في تفتيت النسيج الاجتماعي وتمزيق الوحدة الوطنية عن طريق خلق صراعات هامشية بين مكونات المجتمع العربي في إسرائيل.

ولا بد من الإشارة إلى أن الرجعية تسعى جاهدة إلى الحفاظ على الوضع القائم الذي يخدم مصالحها، وتعمل على تكريس البنية التقليدية للمجتمع الذي تنتمي إليه، كما أنها تستميت في قمع أي محاولة تغيير سياسي أو اجتماعي بكل ما أوتيت من قوة، لأن من شأن أي تغيير أن يزعزع كيانها ويهدد وجودها ويسقطها عن عرشها.

لقد توصلت إلى قناعة من خلال تجربتي المتواضعة بأن مقاومة الاستعمار تعتبر أسهل بكثير من مقارعة الرجعية، لكون الاستعمار حالة طارئة تزول مع مرور الزمن، أما الرجعية فهي من صلب المجتمع وتنخر في عظمه ولا تنوي له إلا الشر، ولا تتحمل أي نوع من النقد وتقوم بكل ما في وسعها من أجل تحطيم وإلغاء خصومها.

هذه الحقيقة المرة لا يجب أن تقودنا إلى الاستسلام للرجعية وترك الساحة لها، بل يجب علينا كقوى وطنية أن نكثف من تصدينا للرجعية حتى نتمكن من دحرها وتخليص شعبنا من ويلاتها، وهذا الأمر لن يتحقق إلا بواسطة النضال المثابر الذي من شأنه فضح القوى الرجعية وكشف وجهها الحقيقي أمام الجميع، وبذلك سنساهم في بناء مجتمع متماسك تسود فيه القيم الإنسانية النبيلة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن