المادية التاريخية

عبد السلام أديب

2017 / 4 / 3

تنقسم الفلسفة الماركسية الى شقين، شق أول تمثله المادية الديالكتيكية والتي تشكل النظرية المادية للطبيعة والمجتمع ومناهج تحليلها عبر قوانين الديالكتيك، وشق ثان يتمثل في فلسفة التأريخ السوسيولوجي بالاستناد إلى أدوات التحليل المادية الديالكتيكية لدراسة التاريخ والمجتمع والاقتصاد.

1 - المادية التاريخية

يقول ماركس في مقدمة كتابه نقد الاقتصاد السياسي الصادر سنة 1859: "ليس وعي الأشخاص هو الذي يقرر وجودهم، لكن ، على العكس، وجودهم الاجتماعي هو الذي يقرر وعيهم".(KARL MARX, CONTRIBUTION À LA CRITIQUE DE L ÉCONOMIE POLITIQUE. Traduit de l allemand par Maurice Husson et Gilbert Badia. Paris : Éditions sociales, 1972, page : 18.)

أقام ماركس فكرته هذه على اساس المادية الديالكتيكية والتي تنطلق من أولوية المادة على الوعي. وكما تؤكد ذلك المادية الديالكتيكية فإن الوعي هو مظهر من مظاهر تبلور المادة ومرحلة متطورة من مراحلها، وحيث لا يمكن لأي كان ان يدعي اليوم بأن هناك امكانية حدوث وعي بدون مادة، أي خارج دماغ الانسان.

لكن الأمر يصبح أكثر تعقيدا عندما نضيف الى ما سبق بأننا لا نتكلم هنا عن وعي بسيط أي عن وعي فرد، وانما نتحدث عن وعي عام، عن الوعي كظاهرة عامة عن كينونة.

عرف هيغل، الفيلسوف الألماني المثالي الشهير، الإنسان كموجود أو مخلوق عاقل أو مفكر،(Hegel, Frédérique, La Phénoménologie de l’Esprit, 1807, Traduction de JEAN HYPPOLITE, page 184)، لكن ليس هذا ما نحتاجه فنحن نعرف ان الإنسان عاقل كذلك وأيضا الحيوان عاقل، حيث أن الحيوان يملك القدرة على الإدراك ولديه مخ، فعندما تنظر إلى هذه المخلوقات وهي تمارس حيلها لإشباع رغباتها المختلفة كالجنس والطعام لا تشك لحظة واحدة بأنها مخلوقات عاقلة، لكن الملفت في حالة الإنسان ليس التفكير نفسه بل هو كيف طور قدرته على التفكير؟ ولماذا لم يتطور مثلا مجتمع الأسود أو القطط ... الخ؟

فالحيوانات تحقق دورة حياة ثابتة، فلو راقبنا عشرين جيلا من الأسود فلن تجد أي تغيير في حياتها، إن الفارق الجذري بين مجتمع الأسود ومجتمع الإنسان هو أن مجتمع الإنسان يتطور. قد تبدو الملاحظة جانبية أو غير هامة، لكن هذا ليس صحيحا لو أمعنا النظر قليلا؛ فتطور هذا الإنسان في وعيه وتفكيره ومعتقداته وانظمته ... الخ، تتحقق أساسا، جراء تطويره لأسلوب معيشته وتغذيته لنفسه .

مجتمع الأسود لديها طريقة واحدة في الحصول على تغذيتها، فالاسد يصيد الفرائس بأسلوب ثابت منذ ملاين السنين، فهل يحصل الانسان اليوم على غذاءه من مطاردة الفرائس البرية، مستخدما قدميه ويديه في الجري خلفها والإمساك بها واستعمال مخالبه وأنيابه لتمزيق لحمها؟

لقد أصبح الانسان اليوم يحصل على تغذيته حتى من خلال برامج الكمبيوتر، والانسان بحاجة إلى العمل ليكسب غذاءه، ثم ان هذا العمل يصبح له أثر في الوجود، إن عمل الفرد الواحد يصنع الآخرين كما أن عمل الآخرين الفرد، فهناك علاقة انتاج مشتركة تربط الأشخاص بعضهم ببعض.

إن عمل الإنسان من أجل انتاج وإعادة انتاج حياته هو الذي طور وجود النوع البشري، من هنا تتضح الفكرة التي يريد كارل ماركس تبليغها بشكل أفضل إذن:" ليس وعي البشر هو ما يقرر وجودهم، بل عكس ذلك؛ وجود البشر الاجتماعي هو الذي يقرر وعيهم".(Friedrich Engels, DIALECTIQUE DE LA NATURE, 1883, Paris : Éditions sociales, Traduit de l’Allemand
par Émile Bottigelli, 1968, page : 134 et suivant.)

إن للإنسان تاريخ، هذا التطور الذي تقوم قاعدته الاساسية على كون الانسان مخلوق عامل وبالتالي يتطور تحت ضغط وإلحاح حاجاته اللامتناهية وتناقضاتها مع الطبيعة، هذا التاريخ المؤلم القائم على التناقضات والصراع في كثير من مفاصله، فإن جوهر تطوره وحركته يقوم على سعي الإنسان المحموم نحو المزيد والمزيد من الانتاج، إن تاريخ الإنسان في حقيقته هو تاريخ تطور إنتاجية عمله.

ثم إن تطور إنتاجية عمل الإنسان هذه تخضع هي الأخرى لقوانين الديالكتيك المادي. فنحن نميز في تاريخنا البشري بين أنماط إنتاج، ولدينا المعلومات الكافية لنعرف عبر العصور كيف كان الإنسان ينتج غذاءه وكساءه ومسكنه، وكيف ينتج حاجاته. ولدينا القدرة على ان نتصور معا مراحل تاريخية محددة تبعا لنمط الانتاج السائد والتي تسير بشكل لولبي متصاعد على قاعدة نفي النفي والانتثال من الكم الى الكيف. لقد توفرت إمكانية تمييز انماط الانتاج السابقة: معرفة أي نمط انتاج يهيمن على مجتمع معين في مكان وزمان معين، حيث ينتظم المجتمع كله بناء على هذا النمط، لأننا ونحن نقرأ ظروف المجتمع في تلك الفترة نلاحظ أن له سمات محددة تجعله مختلف جذريا عن مجتمع آخر له نمط إنتاج مختلف قبلا أو بعدا.

وبناء على كون التاريخ عبارة عن حركة تطور متصاعدة عبر مراحل من كيف الى كيف جديد في إنتاجية الإنسان وبحسب الصراع الكامن داخله، فهناك قابلية تمرحل هذا التاريخ الانساني بحسب نمط الانتاج السائد الذي يميزها. ويتضمن نمط الإنتاج علاقات إنتاج تحدد دور الجماعات داخله. بمعنى أن المجتمع ينقسم إلى جماعات لكل منها دورها في نمط الإنتاج السائد، ويتحدد دور كل منها داخله، وتدعى كل جماعة من تلك الجماعات طبقة.

فنحن هنا إذن إزاء نظرية المادية التاريخية لكارل ماركس، والتي نستوعبها من خلال المادية الجدلية ومن خلال انماط الانتاج المختلفة التي تعتمد عليها المجتمعات الانسانية والتي تقوم على وحدة وصراع قوى الانتاج وعلاقات الانتاج في سيرورة متطورة متصاعدة من خلال نفي النفي، على شاكلة نظرية التطور البيولوجية عند داروين، حيث لا يمكن لمرحلة لاحقة ان تسبق مرحلة سابقة.

2 - التشكيلة الاجتماعية والاقتصادية:

إن المشكلة الرئيسة تكمن في تحديد كل حلقة من حلقات سلسلة التطور، كما أن التداخل بين حلقات سلاسل التطور، يجعل رؤية كل واحدة على حدة مسألة غير سهلة، في تحديد ماهيتها وتركيبتها وخصائصها بشكل مستقل عن سواها .لان الكل لا يساوي مجموع الأجزاء منفصلة. فالإنسان الحي المتحرك لا يساوي نفس الانسان إذا ما تم تفصيله الى اطراف عضوية جامدة مفككة.

إن أحد اهم العوائق في دراسة التاريخ ممرحلا يتمثل في هذه الإشكالية بالذات، فعملية تحديد كل من هذه المراحل يعتبر عملية غير بسيطة، لأن الاشكالية في دراسة المادية التاريخية تكمن في تعريف محدد للمرحلة في ارتباطاتها في الزمان والمكان، وفي درجة تطورها .

قبل المادية الديالكتيكية كانت عملية التأريخ في جلها تعتمد على معيار تمرحل إسمي، بمعنى تحديد سمة ثقافية معينة، قد يتم ربطها بأشخاص بذواتهم، تشكل خصائص المرحلة التاريخية ويتم بالتالي تعميمها على المرحلة ككل؛ مثل ذلك ما كان يذهب له بعض المؤرخين في دراسة التاريخ العربي: الدولة الراشدية ثم الدولة الاموية ثم الدولة العباسية ...الخ.

نفس الشيء بالنسبة لدراسة عصور ذات سمات ثقافية معينة؛ مثل العصور الوسطى ثم عصر النهضة ثم عصر التنوير... الخ.

الحقيقة أن هذه المراحل تقيس سمات تاريخية في واقع الأمر، مظاهر للمراحل، وقد تشترك مرحلتين بمظاهر مشتركة جزئيا او كليا. فبين المرحلة الاموية والعباسية لا نكاد نلمس تغيرا جذريا عاما في طريقة عيش الناس وانتاجيتهم وقيمهم وعاداتهم ومعتقداتهم وقوانينهم.
نفس الشيء بالنسبة للتمرحل القائم على أساس الإنتاج الثقافي، فلا تتعلق القضية بنوعية الإنتاج نفسه بل بسبب هذا الإنتاج فقط. فأسلوب التحليل التاريخي الميتافيزيقي بعيد كل البعد عن التحليل المادي الديالكتيكي الذي يقتضي تجاوز المظاهر الخارجية للولوج نحو الجوهر، فالسؤال المهم بالنسبة للمادي الديالكتيكي هو كيف يحدث التطور التاريخي؟

قبل ماركس كانت هناك أيضا بعض الدراسات التاريخية التي عملت على رفض أن يكون التاريخ مجموعة أحداث عشوائية، بل هو عندهم حركة منظمة سببية. وأقدم نموذج معروف في هذا الصدد هو نظرية ابن خلدون في العمران الانساني، والذي يضم بين ثناياه شيئا ما من الفهم الديالكتيكي المادي للتاريخ كحركة، فابن خلدون يلامس في تصوره لنظرية العمران ملاحظة في منتهى الأهمية، وهي الترابط العضوي بين صفات الناس وطبائعهم وافكارهم وعاداتهم وتقاليدهم ومعتقداتهم من ناحية، وبين طريقة معاشهم واسلوب انتاجهم لغذائهم من الناحية الأخرى.

إلا أن ابن خلدون في فهمه للتاريخ كحركة تطور لا يتجاوز حدود التحليل الثابت في مستوى ما عرفه من تبدل في حال القبيلة من تكوين العصبية البدوية، إلى السلطة، إلى الرفاه والدعة، إلى الهزيمة، والتناقضات الجديدة التي تنشأ وعودة الكرة.

أما هيجل الفيلسوف الألماني المثالي، فتصور بدوره التاريخ كحركة تطور ديالكتيكي، واعتمد على الفكرة الكلية الكونية كمحرك، فعند دراسته للثورة الفرنسية مثلا اعتمد على ثلاثية: الوضع والنفي تم التركيب:

1 - النظام القديم (الوضع).

2 - الثورة الفرنسية (النفي).

3 - الإمبراطورية (التركيب أو نفي النفي).(G. W. F. HEGEL, La philosophie de l’histoire, Traduction française de Myriam Bienenstock, Paris PUF, Page : 559.)

لكن هذا التحليل الثلاثي الهجلي الميثالي الديالكتيكي غير كاف لفهم التناقض الداخلي للثورة الفرنسية، فهو لا يجيب عن أسئلة من قبيل، لماذا كان النظام القديم؟ ولماذا قامت الثورة؟ ولماذا جاءت الإمبراطورية؟

إن القول بأن الفكرة تتطور لوحدها يعتبر ضربا من التفكير العبثي، فالحاجة تخلق اختراعا، وليس العكس.

لقد مكنت المادية الديالكتيكية ماركس وانجلز من المنهج الفعال الأساسي الذي أمكن الانطلاق منه، من أجل فهم هذا الخليط التاريخي، فالسؤال الجوهري هو عن محرك التاريخ وأساس التطور الكيفي المادي؟

لقد أدرك ماركس الخلل الذي يعتور هذا التصور المثالي لهيغل ولذلك كتب :"الديالكتيك عند هيغل بقف على رأسه. فينغي أن يوقفه المرء على قدميه ليكتشف النواة العقلانية داخل القشرة الصوفية".(كارل ماركس، رأس المال، المجلد الأول، ترجمة فالح عبد الجبار، دار الفرابي، 2013، ص38). فالمشكلة الحقيقية لا تكمن في ديالكتيكية التاريخ بل في ايجاد محرك هذ الديالكتيك، فمن أين يبدأ؟

يقول انجلز، "يجب ان نبحث عن الاسباب النهائية لكل التطورات الاجتماعية، ولكل الثورات السياسية، لا في رؤوس الناس، ولا في المعرفة الانسانية الاكثر وعيا للحقيقة الخالدة وللعدالة، ولكن في تغير طرق الانتاج والتداول. يجب أن نبحث عن ذلك لا في الفلسفة، بل في الاقتصاد الخاص بكل عصر.(Friedrich Engels, Ludwig Feuerbach et la fin de la philosophie classique allemande, Editions du Progrès, Moscou, 1970, page : 35).

لقد كشف ماركس وانجلز عن المحرك المادي، ووفق ذلك هداهما المنهج الديالكتيكي المادي الاساسي في حركة الوجود إلى أن الاقتصاد هو الميزة المتغيرة والتي تحرك معها كل شيء وتغيره. وبتحديد أكبر فهو نمط الإنتاج. إن تاريخ تطور الانسان هو تاريخ تطور طريقته في تحقيق انتاجه وإعادة انتاجه لحياته المباشرة، فكل حركة التطور الانسانية تدور بالأساس حول محور واحد هو كيف يتم الانتاج في المجتمع؟

إن الإجابة على هذا السؤال هو مفتاح الولوج لتحديد كل شيء في قراءتنا لأي جماعة بشرية، لقد لاحظ ابن خلدون ان الانسان يتبع في طبائعه وسلوكه وقيمه...الخ، طريقة معاشه كيف يعيش وماهي مصادر عيشه، إننا اليوم نعي تماما طبيعة الشخصية التي نتعامل معها بمقدار أساسي وجذري عندما نعرف ما هو عمله بالضبط وكيف ينتج؟ فطبيعة العمل الذي نمارسه نحن لإنتاج مداخيلنا ينعكس بشكل أساسي حتى على شكلنا البدني وعلى جلودنا ولباسنا.... الخ. فالواضح أن هذه قاعدة تقبل التعميم، أي أن قاعدة نمط الانتاج هذه تصلح سمة تميز المجتمع في فترة تاريخية من فتراته وانه يتغير.

إن نمط الانتاج يتم في اطار من صراع ووحدة قوى الانتاج وعلاقات الانتاج. فقوى الانتاج او عناصر الانتاج هي المكونات المادية لعملية الإنتاج، أي كل ما يدخل في عملية الإنتاج، سواء كان مستمد من الأرض والطبيعة، أو مستمدا من آلات أو معدات أو تكنولوجيا استخدام (رأس مال) ، أو من عمل انساني عضلي أو ذهني عقلي، أو إداري تنظيمي، كل هذا معا يشكل قوى الانتاج.

أما علاقات الانتاج فهي التعبير الماركسي عن علاقات الملكية والتناقض الذي تحدثه مع من لا يملك والصراع الطبقي الناتج عنهما، وبالتحديد تملك وسائل الانتاج أو رأس مال، والمقصود ماهية وملكية رأس المال المنتج . إن علاقات الانتاج هذه تمثل البنيان التحتي للمجتمع الأساس المادي الذي عليه يبنى المجتمع على اساس تناقض تناحري، وعلى أساس هذا التناقض الأساسي تحديدا يقوم تغير المجتمعات. فشكل رأس مال وملكيته بالتحديد مقابل حصيلة الإنتاج الاجتماعي الذي تولده قوة العمل، هي التي تحدد شكل الصراع الطبقي داخل المجتمع ومن ثم بناءه الفوقي .

أما البناء الفوقي، فهو المنظومة القيمية للمجتمع والتي تمثل ايديولوجية الطبقة المهيمنة، فالبناء الفوقي الايديولوجي، هو جملة من القوانين والعادات والأعراف والمعتقدات الدينية والأخلاق والفلسفة والقيم والنظام السياسي ...الخ، والتي تضمن من خلالها الطبقة الحاكمة استمرار هيمنتها الاجتماعية.

إذن، لدينا قاعدة مادية للمجتمع يمثلها نمط الإنتاج والذي بدوره مكون من قطبين متناقضين موحدين هما قوى الإنتاج من جهة والبنية التحتية لنمط الإنتاج وهي علاقات الإنتاج من جهة أخرى. ثم لدينا بنية فوقية ايديولوجية، تحافظ على وحدة التناقض في نمط الانتاج، بما فيها النظم الضابطة للمجتمع دينيا واخلاقيا وسياسيا وقانونيا ووسائل الاكراه المدعمة لها ...الخ. هذا البناء كله هو ما أطلق عليه ماركس عبارة التشكيلة الاجتماعية والاقتصادية.

ويمكن ملاحظة هذه التشكيلة في دراستنا للمجتمعات تاريخيا، بل وان نلاحظ أن دراستنا للتطور التاريخي لأي مجتمع ممكنة بتحديده كتاريخ تطور تشكيلات اجتماعية اقتصادية، محركها الأساسي وجوهر تغيرها وتطورها هو بالذات البناء التحتي: قوى الانتاج وعلاقات الإنتاج.

لقد لاحظ ماركس بشكل أساسي أن التاريخ البشري يمر بمراحل متمايزة في تطوره، كل مرحلة منها تتميز بتشكيلة اجتماعية واقتصادية قائمة بذاتها انطلاقا من المشاعية البدائية (Marx, Contribution à la critique de l’économie politique, 1859 page : 153)، الى نظام الرق، الى النظام الاقطاعي، الى النظام الرأسمالي، الى مجتمع المستقبل الذي تنبأ به كارل ماركس وانجلز وهو النظام الاشتراكي الشيوعي.

فسيرورة التاريخ عند ماركس تقوم أولا على طبيعة البنيات التحتية والفوقية لنمط الانتاج القائم، ثم ثانيا على أشكال الصراع الطبقي التناحري بين الطبقتين الأساسيتين المتناقضتين، أي الطبقة المهيمنة والطبقة الكادحة المستغلة، ثم ثالثا، ارتقاء المجتمعات الطبقية من نمط انتاجي متخلف نحو نمط انتاجي اكثر تقدما.

من خلال آليات التحليل الماركسية، المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية، سنحاول توظيفها من أجل تحليل واقع المجتمع الرأسمالي الحالي واستخلاص شكل التناقضات القائمة حاليا وبالتالي أشكال النضال التي يتطلبها هذا الواقع. نتناول في فقرة أولى نظرية انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي حاليا انطلاق من كتابات كارل ماركس نفسها وحسب تراث الماركسيين. ثم في فقرة ثانية تراكمات الصراع الطبقي التي قد تؤهل حدوث نقلة نوعية من المجتمع الرأسمالي الحالي نحو مجتمع اشتراكي شيوعي آخر أكثر انسانية.

أولا: المادية التاريخية ونظرية انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي

ان نمط الانتاج الرأسمالي الذي يمكننا ان نؤرخ لميلاده انطلاقا من أواخر القرن الخامس عشر وبداية القرن السادس عشر، عرف مرحلة صعود وازدهار هائلة اقتصادية واجتماعية وسياسية رغم كل التناقضات التي يحتويها في جوفه، وذلك الى غاية بداية القرن العشرين، ومنذ ذلك الحين، وحسب كل المؤشرات المادية الملموسة بدأ يشهد مرحلة هبوط وانحطاط لولبيان على كافة المستويات رغم مظاهر الحضارة الباهرة التي بلغها، ورغم النمو غير المتكافئ بين الدول والجهات، بل والقارات.

فتعميم نمط الانتاج الرأسمالي على كامل الكوكب اكتمل مع بداية القرن العشرين حينما أصبحت جميع القارات مقسمة فيما بين الامبرياليات، وهي المرحلة التي عبر عنها لينين بان الامبريالية هي أعلى مراحل الرأسمالية، وكلمة أعلى تعني هنا اقصى نقطة تقدم أمكن للرأسمالية الوصول اليها، فعند هذه النقطة الامبريالية، ابتدأ عصر انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي، لان هذا النمط لا يمكنه ان يتطور ويتوسع بدون أن يمارس استغلال مفرط مع تراجع إمكانية إيجاد اسواق جديدة غير رأسمالية لتحقيق ارباح أعلى للإنتاج الرأسمالي. إذن فأمام استحالة امكانية البرجوازية المهيمنة سياسيا بدون شريك، التوسع نحو آفاق غير رأسمالية جديدة، أصبحت أزمة نمط الانتاج هيكلية لا يمكن علاجها الا بواسطة التدمير العنيف لوسائل الانتاج القائمة.

فقد أصبحت البرجوازية مجبرة على تدمير وسائل الانتاج لجعلها تتلاءم مع قوى الانتاج، حتى تتمكن من تحقيق ارباح جديدة. وحيث يمكن تشبيه وحشية البرجوازية اليوم للمحافظة على نمط الانتاج الرأسمالي بالأسطورة الاغريقية حول حكاية قاطع الطريق بروكست (سرير بروكست)، الذي كان يأتي بضيوفه الى بيته لكي ينيمهم على أحد السريرين يكون اما صغير الحجم أو كبير الحجم، فاذا كان الضيف طويل القامة فيجعله ينام على السرير القصير، وبالتالي يعمل على قطع رجليه حتى يتلاءم مع السرير، أما الضيف القصير القامة فيجعله ينام على السرير الطويل، فيعمد الى تمطيطه الى ان تتقطع اطرافه لكي يتلاءم مع السرير.

لذلك شهدنا كيف لجأت البرجوازية مباشرة عقب ازمة 1913 – 1914 الى اشعال الحرب العالمية الأولى فيما بين الامبرياليات من أجل تحقيق أكبر تدمير لوسائل الانتاج والتي ذهبت بأرواح حوالي 24 مليون نسمة من الطبقة العاملة على الخصوص. لكن هذه الحرب لم تكن كافية من حيث تدمير وسائل الانتاج، اذ سرعان ما انفجرت ازمة كونية جديدة لنمط الانتاج الرأسمالي سنة 1929 دفعت اساليب تدبيرها جميع البلدان الرأسمالية الى الدخول في حرب امبريالية ثانية ما بين 1939 و1945 والتي ذهب ضحيتها حوالي 60 مليون نسمة غالبيتها من الطبقة العاملة أيضا. فقد تمكنت البرجوازية من خلال الحربين العالميتين الاولى والثانية من اخراج حوالي 84 مليون نسمة من الكادحين من نمط الانتاج الرأسمالي القائم، كما تم تدمير كامل لقوى الانتاج التي كانت في تطور متسارع منذ بداية القرن التاسع عشر. بينما عرفت الولايات المتحدة الامريكية توسعا رأسماليا سريعا بفضل الاقتصاد الصناعي الحربي الممول الرئيسي لهذين الحربين العالميتين.

أما خلال الفترة اللاحقة للحرب العالمية الثانية والتي دامت ثلاثين سنة (الثلاثينيات المجيدة) فتميزت بنمو وازدهار اقتصادي مصطنع لنمط الانتاج الرأسمالي بفضل اشتغال الآلة الرأسمالية على اعادة بناء ما حطمته الحرب العالمية الثانية. لكن هذه الفترة سرعان ما ستنتهي أواخر عقد الستينات لتبدأ مرحلة طويلة من الازمة العامة لنمط الانتاج الرأسمالي لا زالت مستمرة الى اليوم، وتتسم بانتشار الكساد والتضخم مع بحث دائم عن خلق بؤر مصطنعة من الحروب هنا وهناك وتغذية ما يسمى بالإرهاب الدولي لضمان استمرار انتاج الاسلحة والمعدات الامنية واشعال فتيل الحروب واعادة البناء.

إن اساليب تدبير ازمة نمط الانتاج الرأسمالي تشابهت في كافة الدول. وتتلخص هذه الأساليب كما كان الشأن بالنسبة لسرير بروكست، في الضغط على الاجور، وتفكيك الخدمات العمومية، وتدمير نظام الاعانات الاجتماعية، ورفع سن التقاعد وتقليص رواتب التقاعد، ودفع الطبقات الشعبية لسداد فاتورة الازمة عبر رفع الاسعار وتفكيك المرافق العمومية وخوصصتها. وقد أدت هذه الاساليب في تدبير الازمة الى اغتصاب تعسفي لهامش كبير من الارباح لكن دون تراكم رأسمالي حقيقي، مع استمرار حالة كساد الاسواق والانتاج الزائد غير القابل للتصريف. كما عرفت نفس الفترة تحولا راديكاليا نحو تمييل الاقتصاد العالمي وهيمنة المضاربات المالية على الانتاج الفعلي.

وان انفجار الحلقة الاخيرة من ازمة نمط الانتاج الرأسمالي سنة 2008، كان نتيجة هذا التناقض الهائل بين من جهة القدرة الهائلة على الانتاج ومن جهة أخرى التراجع الهائل في القدرة على التسويق، وبالتالي تحويل هذه المنتجات الى ارباح، بسبب الضيق المتزايد للأسواق، بين عملية انتاجية تقوم على سداد أجور زهيدة للمنتجين الحقيقيين المتناقصين نتيجة البطالة الواسعة، نتيجة ادخال الآلة، واسواق تفيض بالمنتجات الزائدة ولا تجد لها مشترون قادرون على تحويل تلك السلع الى ارباح رأسمالية حقيقية.

لا يختلف شكل انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي عن أشكال انحطاط باقي انماط الانتاج السابقة. وقد سبق لكل من كارل ماركس وفردريك انجلز أن درسا في اطار المادية التاريخية شكل تطور مختلف انماط الانتاج السابقة على نمط الانتاج الرأسمالي، واستخلصا أن كل نمط انتاج اقتصادي اعتمدته البشرية بدون وعي للحفاض على بقائها، عرف مراحل الولادة ثم مرحلة الشباب والكهولة ثم مرحلة الشيخوخة والانحطاط.

وكما هو الشأن بالنسبة لولادة نمط الانتاج الاقتصادي والتي تعرف مخاضا عسيرا، حيث يقضي نمط الانتاج قرونا في الولادة والتطور والازدهار، فإن نفس نمط الانتاج عند بلوغه الى نقطة معينة، تبدأ معها مرحلة جديدة طويلة نسبيا، قد تمتد قرونا من التدهور والانحطاط. وقبل أن ينتهي نمط الانتاج القائم الى التلاشي بشكل كامل، يظهر نمط انتاج جديد يقوم على أنقاض نمط الانتاج القديم بل يساهم في محاربته واقباره.

من خلال خلاصات كارل ماركس وفردريك انجلز تعرفنا الى درجة جد متقدمة من الدقة على القوس الذي قطعه نمط الانتاج البدائي ثم على القوس الذي قطعه نمط الانتاج الآسيوي ثم على القوس الذي قطعه نمط الانتاج العبودي وعلى القوس الذي قطعه نمط الانتاج الاقطاعي واخيرا على القوس الذي يقطعه نمط الانتاج الرأسمالي الحالي والذي يوجد في مرحلة انحطاط متقدمة.

1 - نظرية انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي توجد في قلب الفكر الماركسي:

في سنة 1859 وبعد قضاء كارل ماركس حوالي 20 سنة من الدراسة والبحث الفلسفي والتاريخي والسوسيولوجي والاقتصادي، اضافة الى ما راكمه من تجارب، في خضم الصراع الطبقي الذي كانت تخوضه الحركة العمالية العالمية، والتي ساهما في نشأتها: كعصبة الشيوعيين التي ولدت سنة 1842 فمن خلال كل ذلك اصدر ماركس مؤلفه حول نقد الاقتصاد السياسي سنة 1859 والذي أشار في مقدمته لأهم نظرياته حول القوس الذي يقطعه كل نمط انتاجي على حدة. وقد عمل كارل ماركس على تضمين مختلف كتاباته الأخرى لخلاصات هذه النظرية، والتي تظهر واضحة من خلال هذه المقدمة. وفيما يلي محتوى ما قاله ماركس:

"الخلاصة العامة التي توصلت اليها، والتي، حالما استوعبتها، أفادتني كخيط قائد في دراساتي، يمكن صياغتها باختصار على الشكل التالي: في اطار انتاجهم الاجتماعي لوجودهم، يرتبط الناس فيما بينهم بعلاقات محددة، ضرورية، مستقلة عن ارادتهم؛ وتتطابق علاقات الانتاج هذه مع درجة معينة من تطور قوى الانتاج المادية لديهم. تشكل مجموع هذه العلاقات البنية الاقتصادية للمجتمع، وهي القاعدة الملموسة التي يرتفع على أساسها، البناء القانوني والسياسي، الذي يتطابق مع أشكال محددة من الوعي الاجتماعي. نمط انتاج الحياة المادية يكيف سيرورة الحياة الاجتماعية، السياسية والثقافية بشكل عام. فليس وعي الناس هو ما يحدد وجودهم، بل على العكس من ذلك وجودهم الاجتماعي هو الذي يحدد وعيهم.

عند درجة معينة من تطورها، تدخل قوى الانتاج المادية للمجتمع في تناقض مع علاقات الانتاج الموجودة، أو مع علاقات الملكية التي تطورت في اطارها الى ذلك الحين، والتي ليست سوى تعبيرها القانوني. وعلى أساس أشكال تطور قوى الانتاج، فإن هذه العلاقات تضع العراقيل أمامها. وهنا تنفتح حقبة من الثورة الاجتماعية.

فالتغير الذي يحدث في القاعدة الاقتصادية تحدث انقلابات، قد تزيد سرعتها أو تنقص، في كامل ذلك الصرح العلوي.

وعندما نتمعن في هذه الانقلابات، فيجب أن نميز دائما بين الانقلاب المادي – والذي يمكن أن نكتشفه بشكل علمي صارمة – الذي يطال شروط الانتاج الاقتصادي، والأشكال القانونية والسياسية والدينية والفنية أو الفلسفية، وباختصار الأشكال الايديولوجية، والتي يستوعب الناس في اطارها هذا النزاع ويدفعونه حتى نهايته.

وكما لا يمكن أن نحكم على شخص انطلاقا من الفكرة التي يكونها عن نفسه، لا يمكن أن نحكم على مثل هذه الحقبة من الثورة الاجتماعية انطلاقا من الوعي الذي تكونه عن نفسها. بل يجب على العكس من ذلك، أن نفسر هذا الوعي من خلال التناقضات المادية، ومن خلال النزاع الموجود بين قوى الانتاج الاجتماعي وعلاقات الانتاج.

ولا ينتهي أبدا أي مجتمع قبل أن تتطور جميع قوى الانتاج وتصبح واسعة بشكل كافي لاحتوائه؛ وأبدا لا تستبدل علاقات انتاج جديدة ومتقدمة العلاقات القديمة قبل أن تتبلور الشروط المادية لوجودها في صلب المجتمع القديم نفسه. لذلك السبب لا تطرح الانسانية أبدا سوى المشاكل التي يمكنها معالجتها، ذلك لأنه عندما ننظر إليها عن قرب، فلا توجد دائما سوى المشكلة نفسها والتي لا تبرز سوى في المكان الذي تتواجد فيه مسبقا الشروط المادية لمعالجتها، أو أنها على الأقل في طريقها لأن تصبح كذلك.

وكخطوط كبرى، فإن أنماط الانتاج الآسيوية، والقديمة، والاقطاعية والبرجوازية الحديثة يمكن وصفها على أنها حقب قد تطورت تدريجيا في تشكيلها الاقتصادي للمجتمع. وتعتبر علاقات الانتاج البرجوازية آخر الأشكال المتناقضة في السيرورة الاجتماعية للإنتاج، التناقض ليس بمفهوم التناقض الفردي، وانما تناقض ناشئ عن الشروط الاجتماعية لوجود الأفراد؛ ومع ذلك فإن قوى الانتاج التي تتطور في قلب المجتمع البرجوازي تخلق في نفس الوقت الشروط المادية الخاصة لمعالجة هذا التناقض. ومع انتهاء هذا النظام الاجتماعي، ينتهي إذن عصر ما قبل التاريخ للمجتمع الانساني".

الشكل رقم 1

تطور نمط الانتاج من مرحلة الصعود الى مرحلة الانحطاط

المصدر: تركيب شخصي انطلاقا من خلاصات كارل ماركس في مقدمة كتابه نقد الاقتصاد السياسي لسنة 1859.

الشكل السابق مستمد من وصف كارل ماركس لمسار أنماط الانتاج الطبقية أي بعد انصرام مرحلة الشيوٌعية البدائية، انطلاقا من نمط الانتاج الآسيوي، ثم نمط الانتاج العبودي، فنمط الانتاج الاقطاعي، ووصولا الى نمط الانتاج الرأسمال .ً فقانون سيرورة نمط الانتاج الذي توصل اليه كارل ماركس لا علاقة له بأي شكل من أشكال الحتمية الميتافيزيقية، بل يقوم على العكس من ذلك على ديالكتيك المادية التاريخية والصراع الطبقي.

فالإنتاج الاقتصادي هو بالضرورة انتاج اجتماعي وهو الذي تتشكل على أساسه البنيات الاقتصادية التحتية أي عبارة عن تركيب يقٌوم على علاقات معينة بين الأشخاص ووسائل العمل المستخلصة من الطبيعة مصدر كل الثروات. ونمط الانتاج الاجتماعي الذي ينشأ على أساس هذه التركيبة الاجتماعية، يؤسس لعلاقات انتاج معينة، وتعكس علاقات الانتاج السائدة وضعا طبقيا معينا يقسم بالضرورة المجتمع إلى طبقتين أساسيتين، طبقة حاكمة وطبقة محكومة، تتسم الأولى بالضرورة بالغنى والثانية بالفقر. وتتحكم الطبقة الحاكمة في الطبقة المحكومة بواسطة ما يسمى بالبنيات الفوقية أي مجموعة من القيود الايديولوجية والسياسية والقانونية والثقافية وتصل إلى احتكار القوتين العسكرية والبوليسية.

ورغم النجاح الذي تحققه عادة الطبقة الحاكمة في مرحلة تأسيسها وصعودها، من حيث تحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياس عبر هيمنتها الايديولوجية وتحكمها العسكري والبوليسي، وهو ما يمكن هذه الطبقة من تطوير قوى الانتاج التي تزيد من هيمنتها، إلا أن قوى الانتاج سرعان ما تتوقف عن النمو نتيجة التناقض والتفاوت الحادين والذي حٌدث بينها وبين علاقات الانتاج أي بين الحاكمين والمحكومين، فالطبقة الحاكمة التي تريد باستمرار انتزاع أكبر قدر ممكن من ساعات العمل ومن فوائض القيمة ومن الارباح، مقابل منح عائدات أو مداخيل زهيدة يتم رميها الى الطبقة المحكومة التي ما تفتأ تغرق في بؤسها، فحينذاك يكون نمط الانتاج السائد قد بلغ نقطة اللاعودة أي مرحلة الانحطاط وانطلاق مرحلة الثورة الاجتماعية أو ما يمكن تسميته بمرحلة الأزمة الثورية.

الشكل رقم 2



يعطي الرسم البياني صورة تقريبية للتطور التاريخي لأنماط الانتاج المتعاقبة وتراوحها ما بين الازدهار والانحطاط، ولم نعتمد في الرسم البياني مرحلة الإنسان البدائي أو ما يسمى بالشيوعية البدائية والتي دامت لآلاف السنين في غياب تام للانقسام الطبقي، وهي مرحلة ساد فيها الصيد وقطف الثمار كوسيلة للعيش مع صنع بعض الأدوات البدائية وحيث كان الانسان البدائي يعيش في تجمعات صغيرة. ولا شك أن هذه المرحلة عرفت أيضا مرحلة ازدهارها ثم مرحلة أفولها لينتج عنها نمط الانتاج العبودي.

فالرسم البياني يحاول رصد تطور انماط الانتاج الطبقية انطلاقا من نمط الإنتاج الآسيوي ثم العبودي القديم فالإقطاعي فالرأسمالي. مع اعطاء تواريخ تقريبية حول مرحلة الصعود وحول مرحلة الانحطاط.

ويؤكد كارل ماركس هذه الخلاصات بصدد دراسته لنمط الانتاج الرأسمالي في كتابه رأس المال عندما يتطرق إلى السوق العالمي ونظام الحاجات:

"العالمية التي يتوجه نحوها رأس المال دون توقف تعترضها حدود متلازمة مع طبيعته، تجعله، عند درجة معينة من تطوره، يظهر معها كأكبر معرقل لهذا الاتجاه وتدفعه الى الدخول في مرحلة تدميره الذاتي".(Marx, Grundrisse, “Le capital : marché mondial et système des besoins).

كما يؤكد فردريك انجلز على نفس الخلاصة في كتابه ضد دوهرينغ حينما يؤكد على أن "نمط الانتاج الرأسمالي (...) في اطار تطوره الخاص، يتجه نحو نقطة يصبح معها هو نفسه مستحيلا".(Engels, Anti-Dühring, partie II, “Objet et méthode)

إن مرحلة التناقض الحاد التي وصلت اليها الرأسمالية التاريخية، مع بداية القرن العشرين ستجد في لينين أكبر معبر عن المرحلة الجديدة التي دخلتها الرأسمالية وهي مرحلة الامبريالية. ورغم أن لينين لم يستعمل مصطلحات من قبيل صعود وانحطاط الرأسمالية، فانه استعمل مصطلحات وتعبيرات مشابهة مثل "حقبة الرأسمالية التقدمية"، و"العامل القديم للتقدم" و"حقبة البرجوازية التقدمية" وذلك لتمييز مرحلة صعود الرأسمالية، ثم "حقبة الرأسمالية الرجعية"، "وأن الرأسمالية أصبحت رجعية" و"الرأسمالية المحتضرة" و"حقبة الرأسمالية التي أدركت نضجها" وذلك لتمييز مرحلة انحطاط الرأسمالية. فلينين استعمل نظرية ماركس حول مرحلة انحطاط الرأسمالية بكاملها ووصف انعكاساتها الاساسية، خصوصا من أجل وضع تحليل صحيح لطبيعة الحرب العالمية الأولى.

2 - حتمية انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي تقابلها حتمية الثورة البروليتارية :

إن قانون اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض، الذي اكتشفه كارل ماركس (أنظر الفصل الثالث من الكتاب الثالث من رأس المال)، يترجم التناقض بين واقعة كون البرجوازية لا تستطيع ان تحقق أرباحها سوى من خلال عمل العامل، أي من العمل "الحي" (الرأسمال المتغير)، بينما تتقلص حصة هذا العمل الحي في دورة الانتاج، مع تطور الرأسمالية بشكل منهجي، لفائدة حصة "العمل الميت"(الرأسمال الثابت)، أي الآلات والمواد الأولية. ويشكل هذا التناقض مكونا عضويا أساسيا كامنا في الرأسمالية، لكن هذه النظرية ليست هي النظرية الماركسية الوحيدة للازمات، فهناك أيضا نظرية انسداد الأسواق أمام تصريف المنتجات الرأسمالية بسبب اختفاء مناطق جغرافية غير رأسمالية مما ينتج عنه نقص هائل في مستوى استهلاك الانتاج الزائد، وهو ما سماه ماركس "بالسبب النهائي لكافة الأزمات" والمتمثل في الفقر والقدرة المحدودة لدى الجماهير للاستهلاك.(« la raison ultime de toutes les crises réelles est toujours la pauvreté et la consommation restreinte des masses ». Le Capital, Volume III, chapitre 30, Ed. La Pléiade, Tome 2, chapitre XVII, page 1206.).

فنظرية اتجاه معدل الربح نحو الانخفاض، لا تتناقض مع نظرية عدم قدرة البرجوازية على خلق أسواقها الذاتية لتصريف منتجاتها، بل تشكلان نظريتان متكاملتان:

- فمن جهة أولى، لان المنافسة بين البرجوازيين حول الأسواق يجبرهم بشكل حتمي على الاستمرار في الزيادة في انتاجيتهم، وهو ما يؤدي حتما الى قلب حتمي للتكوين العضوي لرأس المال، بمعنى ذلك أرجحية حصة العمل الميت (الرأسمال الثابت) مقارنة مع حصة رأس المال الحي (الرأسمال المتغير).

- ومن جهة ثانية، تتمكن البرجوازية من خلال تمديد مستوى الانتاج عالميا وغزو أسواق جديدة التي تبقى مع ذلك محدودة من:

1) - تعويض انخفاض معدل الربح عن طريق تعظيم كتلة الأرباح؛

2) - احتواء هذا الانخفاض عن طريق الزيادة في الاستغلال، الذي يتحقق عن طريق اقتطاع أكبر فائض قيمة نسبي (فمن خلال تمديد مستوى الانتاج، يتحقق تقليص تكاليف انتاج السلع الضرورية لحياة العامل وإذن القيمة الحقيقية لأجره).

كخلاصة لما سبق نؤكد من جديد على أن نظرية انحطاط الرأسمالية توجد في قلب النظرية الماركسية اللينينية، وعلى أن تطبيق هذه النظرية على المرحلة الامبريالية الحالية تحدد شكل وطبيعة التنظيم الحزبي العمالي الثوري المنشود بناؤه، كما تحدد استراتيجيته وبرامجه، وتقطع في المقابل مع أي برنامج حد أدنى اصلاحي، ببساطة لاستحالة ادخال أي شكل من أشكال الاصلاح على الرأسمالية المنحطة، وتحول كافة الكيانات السياسية المراهنة على اصلاح نمط الانتاج الرأسمالي الى مجرد كيانات انتهازية مضادة للثورة.

3 - بعض مؤشرات انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي:

يمكن تلخيص جميع مؤشرات انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي، من الازمة العامة التي أصابت جميع المجالات وجميع قطاعات الحياة الاجتماعية.

1 - فعلى المستوى الاقتصادي (أي البنيات التحتية للمجتمع) يصطدم الانتاج بشكل متزايد بتناقضات هيكلية والتي ليست شيئا آخر سوى علاقات الانتاج الاجتماعية نفسها. فوتيرة تطور قوى الانتاج تصبح بطيئة، ان لم تتوقف تماما. كما يتعرض المجتمع باستمرار لأزمات اقتصادية تتضاعف خطورتها وامتداداتها عند كل أزمة جديدة، حيث تعمل كافة الحكومات باستمرار على اعتماد سياسات التقشف.

2 - على مستوى البنيات الفوقية: أصبحت شروط المعيشة المادية تشكل في جميع المجتمعات الى غاية اليوم المشكل الاجتماعي الأول، وينتج عن ذلك ان علاقات الانتاج تبقى هي المحدد النهائي لشكل ومضمون مختلف البنيات الاجتماعية. وعندما تنهار هذه العلاقات، نتيجة التدهور المتواصل للحياة المادية للمجتمع، فإنها تجر معها في حركة انحطاط كامل الصرح القائم فوقها من فلسفة وايديولوجية وثقافة ومؤسسات ...الخ. وعندما تتطور مثل هذه الحالة من الأزمة على المستوى الاقتصادي، فإن جميع مجالات الحياة الاجتماعية تتأثر بالضرورة سلبا.

وانطلاقا من هنا علينا أن نبحث عن الجذور الحقيقية لما يسمى بأزمة الحضارة. فالتحليل المثالي يتيه وراء البحث في أسباب الانهيار الاخلاقي، وحول التأثيرات السلبية للوفرة، وحول التأثير السلبي أو الايجابي لهذه الفلسفة أو ذلك الدين أو العقيدة (أطروحة صراع الحضارات عند هنتنغتن)، باختصار، فإنها تبحث في مجال الأفكار، والفكر السائد، عن سبب حدوث هذه الأزمات مع اهمال الشروط المادية التي أحدثتها. ودون تجاهل تأثير بعض هذه الأفكار على سياق الاحداث ، فمن الأكيد مع ذلك، كما قال ماركس:

"لا نحكم على الفرد انطلاقا من الأفكار التي يحملها عن نفسه. ولا نحكم على حقبة ثورية انطلاقا من الوعي الذي تكونها حول حركتها. فهذا الوعي يفسر بدلا من ذلك باكراهات الحياة المادية، وبالتنازع الذي تتواجه فيه قوى الانتاج الاجتماعي وعلاقات الانتاج"(مقدمة كارل ماركس لكتابه نقد الاقتصاد السياسي).

في المجال الايديولوجي: تسعى البرجوازية الى المحافظة على نمط انتاج رأسمالي أصبح غير منطقي بشكل متزايد وأمام انهيار يومي متواصل للإيديولوجية التي تبرره. فالإيديولوجية البرجوازية في تفكك مستمر، كما أن القيم القديمة تتهاوى، وأن الابداع الفني يصاب بالجمود أو يتخذ أشكالا احتجاجية، في ظل تطور الفلسفات الظلامية والتشاؤمية.

في مجال العلاقات الاجتماعية، يتمظهر الانحطاط من خلال:

1 - تطور الصراع بين مختلف فصائل الطبقة البرجوازية المهيمنة. صعوبة الحفاظ على شروط تحقيق الارباح وكميتها؛ سعي الفقراء لضمان معيشهم (عندما يتخلون عن امكانية تعاونهم) الى القيام بذلك على حساب باقي مكوناتهم أو فصائل طبقتهم، مما يؤدي الى التفكك وانهيار جماعي.

2 - تطور الصراع بين الطبقات المتناحرة:

- صراع الطبقات المضطهدة، التي تشعر بأن الطبقة المستغلة قد عمقت بؤسها ووصلت به الى مستوى لا يحتمل.

- صراع الطبقة البروليتاريا الحاملة للمجتمع الشيوعي الجديد، مع كامل الفصائل السياسية القديمة الانتهازية والتحريفية والظلامية والشوفينية التي تتحول الى أدوات عدوانية اتجاهها وتشكل ادوات طيعة بيد البرجوازية المهيمنة التي تسعى الى تأبيد هيمنتها على الوضع المنحط القائم.

في المجال السياسي: وفي مواجهة تعمق ازمة انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي، لا تتمكن الطبقة المهيمنة من ضمان مستمر لسلطتها السياسية، الا بواسطة التخدير الايديولوجي والديني وبواسطة القمع الوحشي والاختطاف والتعذيب والتصفيات الجسدية، كما كان الشأن دائما في ظل انحطاط انماط الانتاج السابقة، مع تقوية مفرطة لأجهزة النظام، التي تعمل اساسا على المحافظة على مصالح الطبقة المهيمنة على حساب باقي الطبقات، حيث يترجم ذلك بشكل واضح في السياسات الاقتصادية والمالية كضرب المكتسبات الاجتماعية للطبقات الشعبية ومحاولة تفريغ الازمة على كاهلها، ويؤذي ذلك الى تعزيز سيطرة الدولة الطبقية وتمديد هيمنتها على مختلف مجالات الحياة الاجتماعية.

ثانيا: تراكمات الانتقال نحو الاشتراكية:

من خلال ما سبق نستخلص أن الأزمة العميقة لنمط الانتاج الرأسمالي جعلته في مفترق الطرق بين الانتقال نحو الاشتراكية أو السقوط في البربرية، غير أن الامر لا يحدث بتلك السهولة التي قد نعتقدها أو نختارها، فالصراع الطبقي هو المحرك الفعلي للتاريخ كما قال كارل ماركس، ثم ان البرجوازية المهيمنة لن تتخلى بسهولة عن سلطتها ونمط انتاجها، بل ستلجأ الى كافة الوسائل الممكنة لتصفية أعدائها. لذلك نجدها تتبع استراتيجيات معينة منذ مطلع القرن العشرين للحفاض على استمرارية هيمنتها. بينما تخضع القوى البروليتارية لنوع من التذبذب بين الاصلاحية والثورية، حيث تحاول عدد من القوى اليسارية البرجوازية الصغرى دفع الطبقة العاملة الى نوع من التوافق مع البرجوازية المهيمنة عبر العديد من الآليات الايديولوجية التخديرية، وهي من خلال ذلك تعمل أكثر على تثبيت ذاتها أكثر مما تعمل على قيادة الثورة السياسية والاجتماعية على نمط الانتاج الرأسمالي، بينما تحاول العديد من القوى الثورية على تعميق نضالاتها الميدانية لفضح مستوى انحطاط نمط الانتاج الرأسمالي.

1 - استراتيجية الرأسمالية من أجل ضمان استمراريتها:

من بين العناصر الاستراتيجية التي تلجأ اليها البرجوازية المهيمنة عالميا للحفاض على استمرارية نمط الانتاج الرأسمالي هناك الحروب والتسلح والمديونية والتخدير الايديولوجي:

أ – الحروب:

لقد بات من المؤكد أن نمط الانتاج الرأسمالي في مرحلة انحطاطه أصبح يعيش بفضل دورة مصطنعة، تتمثل في أزمة ثم حرب ثم اعادة البناء ثم الأزمة فالحرب فإعادة البناء ومع انتهاء كل مرحلة اعادة البناء تنفجر الازمة من جديد وهكذا دواليك. فالحروب أصبحت تشكل بديلا عن المستعمرات غير الرأسمالية القديمة والتي اصبحت منعدمة. فالرأسمالية تلجأ الى الحروب لتدمير هائل لقوى الانتاج من أجل الشروع بعد انتهاء هذه الحروب في عملية اعادة البناء، (لنتذكر سرير بروكست الوحشي) وبذلك تضمن البرجوازية عودة الروح مؤقتا لنمط الانتاج الرأسمالي خلال هذه المرحلة الاخيرة.

ب – التسلح:

منذ بداية القرن العشرين أصبحت صناعة الاسلحة تشكل مكونا هيكليا في استمرارية نمط الانتاج الرأسمالي، حيث تنفق الملايير من الدولارات المتأتية خاصة من الضرائب لإنتاج الاسلحة في جو مشحون بالتهديد بالحرب. ونظرا لان انتاج الاسلحة التي تعتبر منتجات، عديمة الانتاجية، ويتم تخزينها وبيعها، لا يمكن ان تتجاوز سقفا معينا، فان أي توقف في انتاج الاسلحة الا ويهدد نمط الانتاج الرأسمالي من جديد، مما يدفع البرجوازية الى التسبب في الحروب من أجل تدمير هذه الاسلحة واعادة انتاجها من جديد.

ج – المديونية:

شكلت المديونية منذ الحرب العالمية الثانية احدى وسائل اختلاق اسواق افتراضية لامتصاص الانتاج الزائد، وبالتالي التخفيف من الازمة الهيكلية لنمط الانتاج الرأسمالي. لكن المديونية بطبيعتها تعمق أزمة نمط الانتاج الرأسمالي ولا تخففها، فمختلف القروض الممنوحة لبلدان العالم الثالث خلال عقدي الستينات والسبعينات جعلت هذه الدول عاجزة تماما أواخر عقد السبعينات ومن بينها المغرب على سداد مستحقات المديونية بل وجعلتها غير قابلة لامتصاص الانتاج الزائد المتراكم باستمرار، وبالتالي الدخول في ازمة اقتصادية عالمية من الكساد والتضخم.

د – التخدير الايديولوجي:

ضلت البرجوازية المهيمنة منذ بداية القرن العشرين تعمل على ممارسة التخدير الايديولوجي في مواجهة الطبقة العاملة، للحفاض على خنوعها سواء من خلال اعتماد الدولة البرجوازية على هيمنتها للتدخل في تشكيل الاحزاب السياسية اليمينية واليسراوية والاسلاموية، كما يحدث في بلادنا، أو عن طريق فرض بيروقراطياتها داخل المركزيات النقابية، التي تعمل على جر الطبقة العاملة دائما الى نوع من التوافق والتعاون الطبقي في انكار تام لمصالحها. وعبر هذا التخدير الايديولوجي تتمكن البرجوازية من جر البروليتارية الى حروبها الاجرامية والى دفعها للقبول بمختلف الاجراءات التي يتم عبرها نقل تكاليف الازمة الاقتصادية والاجتماعية على كاهلها.

2 - استراتيجيات كل من القوى الاصلاحية والقوى الثورية في مواجهة الازمة:

كما اشرنا اعلاه تتمكن الدولة البرجوازية من الهيمنة عبر عدة آليات على الاحزاب السياسية بمختلف اتجاهاتها، عن طريق الاغراء والتمويل والاكراه، ومن بين هذه القوى التي أصبحت تشكل آلية برجوازية بامتياز عددا من الاحزاب المسماة باليسارية أو بالشيوعية أو بالماركسية حتى، حيث تستعمل الخطاب اليساري والاشتراكي بل والشيوعي لإغراء الطبقة العاملة بأنها تعمل على خدمتها وليس على استخدامها، لكنها في الواقع تصبح اداة في يد التحالف البرجوازي الحاكم لخداع الطبقة العاملة، وجرها الى نوع من التعاون الطبقي والحفاض على استمرارية نمط الانتاج الرأسمالي.

أما بالنسبة للقوى اليسارية الماركسية اللينينية الثورية، فغالبا ما يتم محاربتها من طرف مختلف الفصائل البرجوازية بما فيها اليسارية. ورغم كون الخطاب اليساري الثوري له جاذبيته وسط الطبقة العاملة الا ان ضعف البنيات التحتية لهذه القوى، وصعوبة تواصلها الدائم مع الطبقة العاملة، اضافة الى تعرضها في الغالب الى قمع النظام البرجوازي القائم، فيتعذر عليها تبليغ رسالتها، والمساهمة في رفع مستوى الوعي الطبقي في افق المواجهة الطبقية الحاسمة.

ومن خلال دراسة الخطوط العريضة لبرامج عدد من القوى الماركسية اللينينية الثورية العالمية يتبين توافقها على تحديد نقاط مركزية تميزها عن أحزاب المعسكر البرجوازي بجناحيه اليميني واليسراوي:

1 - الاعتراف بالانحطاط الكلي لنمط الانتاج الرأسمالي، وتدميره للإنسان وللطبيعة، وأنه غير قادر اليوم على خلق أي تقدم أو رفاه اقتصادي، بل فقط انتاج الحروب تلو الحروب من أجل التراكم الرأسمالي؛
2 - الاعتراف بضرورة بناء الحزب البروليتاري، ذو البعد المحلي والعالمي؛
3 - الاعتراف بالطبقة العاملة كأداة وموضوع للثورة، لكونها تشكل النقيض الأساسي للبرجوازية المهيمنة؛
4 - الاعتراف بان النظام السياسي الانتقالي نحو المجتمع الشيوعي الخالي من الطبقات سيتم على أساس دكتاتورية البروليتارية التي تعمل على الغاء الملكية الخاصة وتنظيم الإنتاج على أساس الملكية الجماعية لوسائل الإنتاج وعلى التذبير الاشتراكي للعمل؛
5 - رفض النقابات البرجوازية بشكلها الحالي كواجهات للصراع السياسي مع العمل داخلها على تثويرها وعلى شن الصراع الطبقي من خارجها؛
6 - رفض البرلمانية البرجوازية وكل معارضة انتخابوية، لأنها وسيلة لإسباغ الشرعية على دكتاتورية البرجوازية فقط وبالتالي ضمان استمرار النظام القائم؛
7 - رفض كل نوع من التحالف مع أي فصيل برجوازي أو اصلاحي أو تحريفي؛
8 - رفض تشكيل ما يسمى بالجبهات الشعبية مع الإصلاحية والتحريفية والشوفينية العنصرية والقوى الظلامية، ومع حركات التحرر الوطني البرجوازية؛
9 - الاعتراف بأن الثورة الشيوعية سيكون لها طابع محلي وعالمي في نفس الوقت، مما يتطلب التنسيق الاممي مع القوى الماركسية اللينينية في مختلف البلدان؛
10 - العمل على نشر الوعي الطبقي وسط الطبقة العاملة محليا وعالميا، لكسب الاغلبية الحاسمة لقيادة الثورة البروليتاريا؛
11 - الاعتراف بأن الاشتراكية لن تنجح الا بإلغاء العلاقات الرأسمالية لنمط الانتاج الرأسمالي (الانتاج، الملكية الخاصة، العمل المأجور، قانون القيمة الرأسمالي).



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن