إشكالية القرار الاعدادي في نص قانون أصول المحاكمات الجزائية وتناقضه مع الدستور العراقي .

احمد فاضل المعموري
almamori_ahmed@yahoo.com

2017 / 3 / 24

أن تسليط الضوء على موضوع ضروري ومهم في الاجراءات الجنائية العراقية , كنص بقانون اصول المحاكمات الجزائية رقم (23 ) لسنة 1971 المعدل , وهو يتناقض مع مبادئ ومواد الدستور الدائم لجمهورية العراق لسنة 2005 , مما يولد إشكالية حقيقية في بقاء تبعات دكتاتورية السلطة القضائية واحتكارها في البحث ورفض أدلة النفي أو أدلة الأثبات في جرائم الجنح أو جرائم الجنايات وهي واسعة ومتعددة واصبحت تشكل مشكلة في تنامي وتوسع عددي وكمي ولا تتناسب مع حقوق المواطن أو حمايته الدستورية .
أن نص المادة (249) فقرة /ب من قانون الاصول (لا يعتد بالخطأ في الاجراءات اذا لم يكن ضاراً بدفاع المتهم ). هذا النص المبهم والمؤول حسب اجتهاد القاضي والغير دستوري ويحكم ببقاء الاخطاء التي تقع أو ترتكبها الجهات التنفيذية أو الجهات القضائية والتي لا يؤخذ بها كدليل على بطلان الاجراءات السابق حتى لو كانت الاجراءات باطلة بحكم النصوص الدستورية مما يشكل مساس وخرق بالضمانات الدستورية في نص المادة (19) – ثالثاً –(التقاضي حق مصون ومكفول للجميع ) وهي متوافقة مع المواثيق الدولية لحقوق الانسان كضمانات عادلة . أن نص المادة (18) /سادساً من الدستور العراقي (لكل فرد الحق في أن يعامل معاملة عادلة في الاجراءات القضائية والادارية ). يناقض نص المادة المشار اليها اعلاه باعتبارها تحتكر الاجراءات بانعدام الشفافية في القرار ,كما جاء بنص المادة (13) /ثانياً ( لا يجوز سن قانون يتعارض مع هذا الدستور ويعد باطلاً كل نص يرد في دساتير الاقاليم ,أو اي نص قانوني أخر يتعارض معه ) . وهذا النص هو المدخل لإلغاء نص المادة اعلاه وكسبب من اسباب الالغاء لتناقضه مع النصوص في القوانين التي لا تتوافق مع مواد الدستور الدائم .
أن نص المادة (249) فقرة / ج (لا يقبل الطعن تمييزاً على انفراد في القرارات الصادرة في مسائل الاختصاص والقرارات الاعدادية والقرارات الادارية وأي قرار غير فاصل في الدعوى الا أذا ترتب عليها منع السير في الدعوى ويستثنى من ذلك قرارات القبض والتوقيف واطلاق السراح بكفالة وبدونها ). هذه المادة القانونية وفقراتها الضمنية المتعددة والتي هي تكريس لمبدأ الدكتاتورية في سير القضية وتوجيها حسب رغبة القائم بالتحقيق هي مساس بالتقاضي القضائي المحايد واحتكار للتحقيق القضائي والسير بمنهاج مخالف لمبدأ الشفافية في المحاكمات العادلة التي تقوم على كشف الحقائق والمساعدة في بيان وجهة النظر القانونية دون الاخلال بالمسار الجنائي ,أذا هذه المادة تمثل اجحاف السلطة القضائية بحق المتهم والمحامي في الحصول على ادلة النفي أو أدلة الاثبات ومنع كثير من الطلبات التي تحقق في هذه الادلة أو استقصاء الحقائق المهمة من أجل الوصول الى المزيد من أدلة كشف الحقيقة أو تفنيد أدلة أو رفض أدلة مدلسه هي أنكار للعدالة القضائية والسياسة الجنائية الدولية .
أن مهمة المحامي في البحث الدائم عن ادلة النفي رغبة منه في أظهر براءة موكله والتي يحرم منها دائماً برغبة أو مزاجية قاضي التحقيق في مرات عديدة والسبب وجود هذه النص الغير دستوري والذي يحتاج الى تشريع لإلغائه من القانون ,وهناك أدلة وشواهد عديدة منها رفض الإحالة التي ترد لمحكمة الجنايات أو محكمة الجنح والسبب عدم اكتمال التحقيق أو النقص الحاصل في ادلة الاثبات أو ادلة النفي وهي معوق للوصول الى محاكمات جنائية عادلة ورصينة واجحاف بحقوق المتهمين أو المدعين بالحق الشخصي بحكم القانون منها بسبب عدم موافقة قاضي التحقيق الابتدائي في تنفيذ طلبات عديدة وهي حق من حقوق المتهم الدستورية ولكنها تنصدم بنص المادة اعلاه والتي يحكمها عبارة القرار الإعدادي أو القرار غير الفاصل في الدعوى باعتبار قاضي التحقيق قاضي إحالة وليس قاضي موضوع ,وهنا تناقض وأضح بمضمون المادة(249) الاصولية التي لا تقبل الطعن على انفراد وعدم إفساح المجال للمتهم أو المحامي من البحث والتحري في أدلة القضية وصولاً للحقيقة ,مما يحرم المتهم من حقوقه الدستورية المعطلة والتي اقرها المشرع في كثير من حرياته وحقوقه العامة .
أن التعسف باستخدام السلطة المنوطة بالتحقيق في قضايا الجرائم الجنائية وقضايا الارهاب والتي يتم تعطيل كثير من هذه الادلة كإجراءات (كشف الدلالة مرة أخرى أو الانابة القضائية أو الطلبات الاخرى في تدوين ملحق لإفادة المتهم أو فحص عينات بقع من الدم أو فحص مقذوف ناري في مختبر الادلة الجنائية ,او فتح قبر أو فحص جثة أو فحص متهم مصاب أو الطعن بتقرير خبراء الادلة الجنائية أو مفاتحة المنافذ الحدودية أو أبدال الوصف القانوني ) كلها تخضع لقرار قاضي التحقيق في قبول أو رفض الطلب المقدم وهذه الحالات كلها توصف (بالقرار الاعدادي أو القرار غير الفاصل في الدعوى ) ,مما يحرم الخصوم من الطعن به أمام المحكمة المختصة ,كمحكمة الجنايات بصفتها التمييزية أو محكمة التمييز بعد انتهاء المدة المحددة للطعن وهي ثلاثين يوم من تاريخ أصادره ,مما يفوت فرصة تطبيق نصوص القانون الموافق للدستور بشكل سليم .
أن قانون أصول المحاكمات الجزائية الذي صدر بتاريخ 14 / 3 /1971 ,على ضوء دستور جمهورية العراق لسنة 1970 ومفاهيمه الثورية ورؤيته الاشتراكية التي تبيح تدخل السلطة التنفيذية في عمل السلطة القضائية أو كجزء من السلطة التنفيذي لوزارة العدل العراقية قبل فصل السلطة القضائية عن وزارة العدل العراقية بموجب القسم السابع من الأمر رقم (12) لسنة 2004, وهو يختلف عن المفهوم الدستوري الحالي الذي يخضع لاعتبارات وضمانات حقوق الانسان وسمو مبادئه على نصوص القوانين السابقة . أن بقاء هذه النصوص القانونية والتي لا تتطابق مع مواثيق ومعايير مفوضية الامم المتحدة لحقوق الانسان أو مبادئ الاعلان العالمي لحقوق الانسان وهي التي تأخذ الاعلوية في قوانين الدول المنضوية للأمم المتحدة والتي هي حجة قائمة على كافة الدول ودساتيرها وقوانينها ومنها الدولة العراقية بحكم الاعلوية لهذه المواثيق والسيادة على دساتير وقوانين كل الدول المنضوية تحتها. أن اعادة النظر والعمل بالنصوص الاجرائية في قانون اصول المحاكمات الجزائية والتي تقيد حقوق المواطنين في ظل وجود النص القانوني المقيد الاجراءات تطبيق مواد الدستور ولا أخذ بمبادئ حقوق الانسان الدولية للوصول الى المحاكمات العادلة في ظل سياسة جنائية شفافة وواضحة في الاجراءات المعلنة والصريحة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن