نشر الشعوذة أيسر من نشر الفكر التقدمي

محمود فنون
mahf2000@hotmail.com

2017 / 3 / 23

الفكر القديم الموروث من آلاف السنين والمعزز اليوم بالشيوخ ووسائل النشر وسياسة الحكومات الرجعية ، له مكانة كبيرة في مجتمعاتنا ، ومعزز بمقاومة القوآ الرجعية والحكومات الرجعية للتقدم.
أن الشعوذة تدخل إلى القلب مباشرة ولا يحتاج مضمونها للمرور في قنوات التفكير بما يحتوي ، أو قنوات النقد والمراجعة!
كتبت وردة النرجس عن قصة امرأة وزوجها كانت تعالج نفسها بقراءة القرآن وشفيت !
كيف ؟ ومماذا كانت تعاني ؟
تقول الحكاية أنها كانت تعاني من آلام في رأسها وهي تشعر "باختناق وصداع "
وأنها كلما شعرت بهذه الآلام كانت تتجه لحفظ آيات من القرآن ، وكانت تضع مبلغا من المال بين الصفحات التي حفظتها من أجل أن تساهم في تزويج شاب فقير ! لا بأس بهذا الهدف .
ومن أجل ان يطمئن الزوج على زوجته بعد أن لاحظ المال الموجود في المصحف ، أخذها إلى الشيخ !نعم إلى الشيخ ! وهل هناك غير الشيخ الذي يستطيع فك الطلاسم وتفسير المشكلة وحلها ؟
والشيخ بصفته عالم بكل شيء فهم أسباب الصداع والإختناق وما تعاني منه المرأة !
السبب هو القرينة !! قرينة الزوجة التي كانت كما تدل الحكاية عدائية وكانت تريد ان تقتل الزوج " واليعاذ بالله " لولا وصفة الشيخ العالم . كثر الله من أمثاله في أمريكا وأوروبا واليابان وقلل من امثاله عندنا حتى العدم .
ماذا حصل عندما وصلوا للشيخ وأصبحوا بين يديه : " هنا الشيخ؟بكي بكاء شديدآ عندما علم بأن زوجته بها قرينة تقتل الزوج من شدة قوة قرينة زوجته؟هنا سألها ماذا تفعلين عندما تشعرين بالألم ؟.فقالت له أفتح المصحف و أقرأ و أحفظ و كثرة ما أحفظ أضع مال بنية زواج شاب فقير؟هنا الشيخ قال لها أنتي حافظتي على زوجك من الموت من قبل قرينتك القوية ؟ولكن فتحك للمصحف حافظ على حياة زوجك؟..."
أليس هذا منتهى الذكاء والفطنة من الزوجة المحبة ومن الشيخ العالم ؟؟؟
قال لها الشيخ استمري حتى نهاية المصحف ..
عاد الزوج وزوجته مرة ثانية بعد انتهاء المهمة . فما ان دخلوا وهذا امر مهم " تفأجأت بأن قرينتها بجانبها تضحك ؟فقال لها أغرسي في بيتك شجرة الصبرة مرة؟"
وإلى نهاية الحكاية حيث حملت المرأة من زوجها ...
إن نسبة كبيرة من القراء يستمتعون بحكايات كهذه ويستمتعون في مبناها وخاتمتها ويخلصون الى نتائج تعزز دور الشيخ واهميته . فلولا الشيخ لما وصلوا الى هذه النتيجة الجميلة .
وطبعا فالشيخ هو الذي يستطيع مشاهدة القرينة والنصح بكيفية التخلص من شرها ويستطيع اشياء كثيرة لا حصر لها .وهو يستطيع ذلك مادام يجد الناس الذين يقبلون بفكرة القرينة والجن والعفاريت ومخاطرهم على البشر!!
إن الشعوذة لا زالت جزءا هاما في حياة مجتمعنا وعقليته بما هو مشبع بتراث موروث بل كذلك بما هو محصن بهذا التراث ضد التنور وضد نقد التراث والتنور .
والأهم فإن نشر الشعوذة يحظى باهتمام بالغ من قبل تراكيب متماسكة ولها نفوذ وتضخ انواع متعددة من الشعوذة عن الجن والحاسدين وتبث ثقافة متصلة عن التداوي بالقرآن والسنة والأعشاب وما إلى ذلك حيث يتخصص بهذا لفيف واسع من المشعوذين من كل شاكلة وطراز ويبثون شعوذاتهم بواسطة وسائل النشر المختلفة .
سنقول إن التنوير سيجد طريقه إلى عقول الناس ولكن بصعوبة ، وذلك رغم انتشار التعليم المدرسي والجامعي ووسائل التثقيف والنشر الكثيرة . فالأستاذ الجامعي يكمل دور استاذ المدرسة والشيخ بمقدار ما هم ملتصقون بالتراث القديم دون تبصر . بل أن الأستاذ قد يجد نفسه ومنزلته في المجتمع والبيئة الخاصة من خلال إظهار التمسك بالشعوذة !
إن ضخ القديم متواصل وبواسطة أدوات هامة ! والعقلية الإجتماعية السائدة تحمي التخلف وتتمسك به وتقاوم تحريك الماء الراكد بقوة وبضخ متصل للأفكار البالية . وهذا رغم مراحل النهضة القومية والثقافية التي بدأت في نهاية القرن التاسع عشر والقرن العشرين والتي تعززت في خمسينات وساينات القرن العشرين في مرحلة الناصرية والأحزاب القومية والتقدمية في تلك المرحلة . هذا والتي انقلب عليها الرجعيون سياسيا وفكريا وثقافيا في مرحلة الردة الرجعية والحقبة السعودية والنفطية وتعززت خلالها حركات الدين السياسي في بلادنا .
لا بد من نقد أرسطو وكل ارسطو وتوسيع وتعميق هذا النقد من أجل إعلاء قيمة العقل والنضال المتصل ضد الموروثات المتخلفة ، والنقد والتفتح على مصادر التنوير والحداثة . وهذا دور المثقفين والقوى السياسية والإجتماعية التقدمية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن