بن كيران، نهاية كاريزما الضحالة والتهريج

عبد الإله إصباح
is-bah@hotmail.com

2017 / 3 / 19

أنهى العاهل المغربي الملك محمد السادس مهام رئيس الحكومة المكلف بتشكيل الفريق الحكومي, وذلك إثر فشله في المفاوضات التي باشرها مع الفرقاء السياسيين الأخرين والتي استغرقت مدة خمسة أشهر دون جدوى. ومن خلال بلاغ الإعفاء من المهام يضع الملك نقطة النهاية للمسار السياسي لعبد الإله بن كيران أحد خدام المخزن الطيعين الذي بدأ مساره السياسي بشكل غامض وملتبس من خلال تنظيمه وقفة للإشادة بقتلة الشهيد عمر بن جلون من منطلق عضويته في التنظيم الإرهابي والظلامي المعروف بالشبيبة الإسلامية، وهو التنظيم المتورط في تدبير عملية الاغتيال السياسي لأحد رموز وقادة اليسار المغربي. ومنذ ذلك التاريخ استمرت علاقة عبد الإله بن كيران بأجهزة المخابرات حتى وهو يعلن انفصاله عن الشبيبة الإسلامية وتأسيس الجماعة الإسلامية. ولم يستطع بن كيران يوما أن ينفي هذه العلاقة بل اعترف بها وبررها بدعوى أن المخابرات جهاز من أجهزة الدولة وهو إذ يتعاون معه فإنه يتعاون مع الدولة. والحقيقة أن هذه العلاقة الثابتة تكشف دور السلطة في بروز تنظيم الشبيبة ومن بعده الجماعة الإسلامية وذلك من أجل التصدي للمد اليساري المتصاعد خلال السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي وهو أمر أصبح مؤكدا من خلال الرسالة التي بعتها بن كيران لوزير الداخلية ادريس البصري يطلب منه مساعدة الجماعة على مواجهة اليسار في الجامعات.
والذين يتأسفون اليوم على إعفاء بن كيران يبدو أنهم يتناسون هذا المسار الذي قضاه الرجل وهو ينفذ أجندة السلطة في محاصرة اليسار، ومحاربة الفكر الديمقراطي. ولذلك فابن كيران يبقى في المحصلة النهائية هو وحزبه منتوجا مخزنيا صرفا ولا أدل على ذلك أن النظام عهد لعبد الكريم الخطيب أحد خدامه الأوفياء باحتضانه وجماعته في حزبه الذي تغير اسمه وأصبح يعرف لاحقا بحزب العدالة والتنمية الذي ليس له من برنامج سوى التصدي لليسار وترسيخ الانغلاق والتطرف وتكريس المد المحافظ في المجتمع. ولم يجد النظام أفضل منه لاحتواء دينامية حركة 20 فبراير ومواجهة مطالبها المرتبطة بالقضاء على الفساد والاستبداد وإرساء نظام ملكية برلمانية يسود فيها الملك و لا يحكم. وقد تصدى بن كيران لهذا المطلب ودافع عن ملكية مطلقة تسود وتحكم وتحتكر السلطة، وكان له مطلب وحيد من الملكية هو حذف البند المتعلق بحرية المعتقد من التعديلات الدستورية لسنة 2011.
والغريب أن البعض يعتبره زعيما، مع العلم أن مساره خال من التضحيات الضرورية لكل زعيم يستحق هذا اللقب ، وخال من الشجاعة في مواجهة السلطة التي لم يعرف كيف يدبر العلاقة معها إلا من خلال أسلوب الخنوع والخضوع والتملق. يدعي البعض أن له كاريزما، والحق أن الكاريزما التي له هي كاريزما من نوع خاص كاريزما سمتها الضحالة والتهريج لا تنبثق إلا في مراحل النكوص والارتداد. أما خطابه السياسي فمغرق في التبسيط والتسطيح والديماغوجية، يكرس الجهل وثقافة الخنوع ولا يرتقي أبدا بالثقافة السياسية لمن يستمع إليه. إنه خطاب يكرس الدرجة الصفر من الوعي السياسي. بل وينحط بهذا الوعي إلى مدارك التضليل والخرافة.
خلال انحسار مفاوضات تشكيل الحكومة، لم يجد عبد الإله بن كيران سندا من الكتلة الناخبة لحزبه، فهي كتلة غير متعودة على أساليب النضال والاحتجاج ومواجهة السلطة. يفضل الفرد المنتمي إليها أن يبقى مجهول الهوية و لا يستطيع أن يعبر عن رأيه إلا متخفيا في معزل التصويت يرمي ورقته في الصندوق وينصرف إلى حال سبيله وقد أقتنع أنه أدى واجب الدفاع عن الإسلام وكفى الله المؤمنين شر النضال والتضحيات ونكران الذات من أجل المبادئ والأفكار. هي إذن كثلة سلبية لا تهش ولا تنش تكتفي بالهمس في المقاهي بخوف وحذر، ثقافتها السياسية تتغدى على خطب بن كيران المكرسة للوضع القائم من خلال ترويج قاموس يحيل على مرحلة ما قبل الوعي الديمقراطي ، مرحلة سيادة الاستبداد المطلق. أما أعضاء حزبه فمهما كثر عددهم، فإن كثرتهم تلك، تبقى كثرة لا يمكن أن تتحول إلى قوة ممانعة بما أنها نهلت من مرجعية بن تيمية التي تحض على الخضوع المطلق لولي الأمر في جميع الظروف والأحوال.
هذا هو بن كيران إذن الذي لم يستح البعض في اعتباره مدافعا ومعبرا عن كبرياء الشعب ، فكيف يكون معبرا عن هذا الكبرياء ومدافعا عنه و هو الذي لا يدخر جهدا في تكريس التملق والاستبداد وإهانة المرأة ومناهضة كل فكر حر وديمقراطي.
لقد تخلص منه المخزن، استعمله واستنفذه، أكله لحما ورماه عظما إلى مزبلة التاريخ



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن