الكورد والرومانسيات الثورية!

بير رستم
pirustem@gmail.com

2017 / 3 / 19


بير رستم (أحمد مصطفى)
يبدو أن التاريخ الطويل لشعبنا مع ثقافة الاحتلال وبالتالي تجربته مع الثورات ضد ذاك المحتل للتخلص من واقع سياسي فرض عليه، قد شكّل لدى الكثيرين من أبناء شعبنا سيكولوجيا ثورية أقرب إلى الحالة الرومانسية الحالمة منها إلى القراءة السياسية الواقعية حيث وللأسف يجد الكثير من هؤلاء في الفعل الثوري هو الواقع والحقيقة المطلقة وليس واقعاً مفروضاً لمرحلة تاريخية ما بهدف الانتقال من واقع استبدادي لواقع جديد تحقق شرطاً وواقعاً تاريخياً أفضل لاستمرارية الفعل الوجودي البشري لمكون مجتمعي ما .. إن مرد هذا الكلام هو ما نقرأه من بعض الكلام الرومانسي عن فكرة العمل الثوري من بعض الإخوة والأخوات، حيث ترى نظرتهم للثورة بأنها هي الحياة الطبيعية وشرط أساسي للوجود التاريخي وليس فعلاً طارئاً حكمتها شروط وظروف مرحلة تاريخية ما، بل هناك _ربما البعض_ لا يجد نفسه خارج الفعل الثوري.

وللدخول في صلب الموضوع أكثر، فإنني كتبت قبل يومين بوستاً أبين فيه قراءتي وبشكل جد مختصر، حول مشروع منظومة العمال الكردستاني وقضية "الأمة الديمقراطية" والمقارنة مع التجربتين الإسلامية والشيوعية حيث كتبت؛ "إن كانت التجربتين الإسلامية والشيوعية قد فشلتا على صعيد الديمقراطية ولكنهما بكل تأكيد نجحتا على صعيد خدمة أوطانهم وللعلم فإن كل الشعوب التي خضعت للتجربتين كانوا في خدمة من يتسيد المشروع حيث العرب في التجربة الإسلامية والروس في الشيوعية. وهكذا مع مشروع "الأمة الديمقراطية" فإن الآخرين يخدمون الكورد وليس العكس وذلك على الرغم من كل ما يروجه بعض الإخوة؛ بأن "الأبوجية" يدفعون بأبنائنا للمحرقة في سبيل الآخرين.. وإنني أقول لهؤلاء فقط العبارة التالية: أيها الإخوة متى كان الكوردي يقود الآخرين بعد تجربة صلاح الدين الآيوبي!".

وكما هي الحال مع أغلب هذه البوستات التي تتناول هكذا قضايا إشكالية فقد جاءتني الكثير من التعليقات، بين مؤيد ونافي للفكرة مع عدد من القراءات الموضوعية، لكن استوقفني رأي أحد الإخوة بحيث جاءت فكرة كتابة هذه المقالة حيث كتب معلقاً؛ "بالعادة الثورة تكون على الطغاة ماموسته.. و بما إن حزب الاتحاد (الديمقراطي) يعتبر نفسه قائد ثورة روجافا و بما إن حزب البعث هو الطاغية الذي نكّل بروجافا لمدة 4 عقود و أكثر فهل لي أن أسألك بأن ردك الذي يقول هناك مصالح مشتركة بين الحزبين المذكورين هو قمة التخبط و السهو كيف لحزب ثائر يتفق مع ظالمه.. و الأنكى انك تبرر في كل الحالات فهل ما أقوله الآن مجاكرة أم ما تقوله أنت يثبت صحة الأقوال والاتهامات التي تصف مصالح الحزبين و أفعالهما بمناطقنا مسرحيات و مهمة حزب الاتحاد هي التكفل بإسكات أفواه الكورد دون سواه.. أيضاً مستنتج من كلامك (مصالح مشتركة) و هذا أساس مصلحتهم".

نلاحظ بأن رده كان جواباً على فكرة وسؤال طرحه هو حول؛ لم الإدارة الذاتية لا تطلب من الحكومة السورية وحزب البعث الترخيص وتفرضه على أحزاب المجلس الوطني الكردي فقط وقد استنتج من ذلك بحيث يقول؛ "إن النظام السوري هو الذي يقود الإدارة الذاتية" رغم كنت قد جاوبته بأن؛ "هناك مصالح مشتركة تجبر قبول الإدارة بوجود تلك المراكز عزيزي والكل يعلم هذه الحقيقة لكن يبدو أن المجاكرة الحزبية يجعل البعض يتحجج بما يدرك إنها ليست حجة"، لكن ورغم محاولتي عدم الدخول في التفاصيل فقد كتب التعليق السابق، كما أوردته قبل قليل، بحيث أكد لدي القناعة التالية والتي كتبت له كرد على تعليقه وأنا أقول: إنني لا أستغرب كون الفعل الثوري لدى الكثيرين منكم حالة رومانسية حالمة أكثر ما تكون قراءة للواقع والإمكانيات.. عزيزي وبعد سنوات ها هي المعارضة تفاوض ذاك النظام الديكتاتوري لتشاركه في إدارة البلاد.. ثم ومن تاريخنا الكوردي القريب، فإن البارزاني الأب وكذلك الرئيس "مسعود بارزاني" ولأكثر من مرة أتفق مع النظام العراقي _وكلنا يعلم بأن نظام صدام كان أسوأ بكثير من نظام الأسد، على الأقل بخصوص المسألة الكوردية_ ورغم ذلك وعندما دعت الحاجة، فإن القيادة الكوردية في الإقليم كانوا يعقدون الاتفاقات للحفاظ على المصالح المشتركة.. أما بخصوص "إسكات الأفواه"، فلن أطيل حيث إنها ثقافة عامة في الشرق وأخيراً أقول: يبدو فعلاً؛ إنني أتخبط في الدخول بهكذا ردود ومهاترات مع بعض الإخوة!!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن