ليبيا: مخاوف من عودة السيناريوهات السابقة

فالح الحمراني
sanin777@hotmail.com

2017 / 3 / 15



على خلفية ضياع فرص الوفاق بين حكومة الوفاق الوطني والجيش الوطني الليبي بقيادة فايز السراج وقائد الجيش الوطني الليبي المشير خليفة حفتر واخفاقهما بالتوصل لحلول سياسية قائمة على التنازلات المقبولة، تحركت القوى والمليشات في اطار جديد من الاصطفافات والتحالفات على الهلال النفطي. وتراجع حفتر الى مواقع خلفية واجرى اعادة هيكلة لقواته في هجوم مضاد لكنه لم يتكلل بالنجاح كما في الفترات الماضي، فيما واصلت القوى الاسلامية المناؤة له التقدم نحو بنغازي. هذا مؤشر على ان كافة الضعف طعن كافة القوى ولم تعد واحدة منها قادرة على مد سلطتها ونفوذها بمفردها على التراب الليبي، مما يعني انها ستواصل القتال بشتى الاشكال.
وعاد رئيس الحكومة المؤقتة فايزالسراج من موسكو كما يُقال " بخفي حنين" ولم يحصل ما اراد ان يسمعه من الكرملين، من دعم لامحدود له، ويستنتج من تصريحات وزير الخارجية سيرجي لافروف ان موسكو وكما اشارت سابقاء خلال الالتقاء بالمشير خيلفة حفتر ستنشط دورها فقط في حال تحقيق الوفاق بين القوى الفاعلة والمؤثرة المناؤة للارهاب في ليبيا ولم صفوفها والتغلب على خلافاتها. ولا يستبعد ان يكون السراج قد طلب من موسكو التاثير على حفتر لتخفيف مواقفه بعد ان رفض الالتقاء بالسراج في القاهرة.
وثمة مؤشرات على ان موسكو تتخوف من ان يكون السراج قد وضع اجندته في سلة الغرب الذي يدعمه بقوة، ولهذا اعاد لافروف على مسامعه خلال المباحثات التي جرت مؤخرا بموسكو، الدور المدمر الذي لعبه الغرب في مصير ليبيا الحالي، حيث انه ساعد القوى المناؤة للعقيد الراحل معمر القذافي على الاجهاز عليه شخصيا واستلام السلطة ومن ثم رحل عن ليبيا وتركها نهشة للمليشيات والمنظمات الارهابية والتجمعات للتحارب بعضها مع الاخرى ومهد لانهيار الدولة وتشرذم القوى السياسية. وربما لهذا السبب توحي موسكو بانها تراهن على المشير حفتر، الذي يرى الغرب فيه سمات الدكتاتور المتغطرس، بيد انها ترى فيه القوة القادرة على ضبط الامور ووضع حل للفلتان.
وقد تم النظر للتطورات في ليبيا طيلة الاشهر الماضية بالاساس من خلال التنافس بين فايز السراج والمشير حفتر، اللذان يترأسان مركزي السلطة المتسابقين، ولاح بان النسيان طوى الشخصيات الاخرى وجرى التعتيم على ادوراها رغم انها مازالت على قيد الحياة، لكنها لم تلفت الانظارلنفسها، ففي واقع الامر ثمة قوى سياسية وفعاليات تقف وراءها غير قليلة تطالب ايضا بالسلطة والاموال، سواء على صعيد البلاد او في حدود مناطقها المحلية. وثمة مؤشرات على انتهاء فترة الهدوء النسبي القصيرة، لو نحسب حسابا لتبادلات اطلاق النار العشوائية وان السيناريوهات القديمة تعود على الساحة بقوة جديدة، اذا ما تتحرك القوى الاقليمية والدولية لإخماد البركان قبل ان ينفجر بحدة اكبر.
والدلالة الاخرى على عودة سيناريوهات العنف السابقة تمثل بقيام تحالف بين حكومة الإنقاذ التي يترأسها خليفة الغويل وسرايا الدفاع عن بنغازي التي تضم عدد من المليشات التي ادرجت بعضها في لوائح المنظمات الارهابية وارتكاب جرائم الاغتيال. وهاجمت هذه القوى مقر شركة النفط الوطنية وطالبت موظفيها الخضوع لاشرافهم برغم من الشركة تعهدت ان تكون محايدة وتعمل في مصلحة الشعب الليبي.
ويرجع المراقبون سبب اندلاع المعارك الحالي، من اسباب اخرى، الى فقدان العوائد من بيع النفط بعد سيطرة حفتر خريف العام على سيطر على مجمعات النفط وبهذا الشكل اوقف سيل النفط. ان اندلاع العمليات القتالية تلغي الجهود الرامية للمصالحة والوفاق واستعادة وحدة البلاد وسلامة اراضيها. ويرجح المراقبون بانه وفي حال نجاح الاسلاميين من بنغازي ومصراته بمواصلة سيطرتهم ولو لفترة غير طويلة المجمعات النفطية التي استولوا عليها سيؤدي الى وضع نهاية للحكومة التي يترأسها فايز السرج وانفراطها. نظرا لكونها تمثل مصالح الإسلاميين المعتدليين وسيحالف النجاح المفتي الاعلى وخليفة الغويل الذين يعتبرهم البعض ممثلين للجهادين المتشددين.
وربما لن يلاحظ صاحب النفوذ والتاثير المشير حفتر اختفاء السراج لضعف تاثيره على اللاعبين الليبيين، ولكن في هذه الحالة كما يعتقد الكثيرون، ستجد الدول الغربية، التي وضعت الرهانات حينها على السراج، نفسها في وضع صعب. ولا يستبعد ان على الغرب وفي ظل هذا الاصطفاف الجديد ان يقرر، وعلى الجناح السرعة، وضع رهانات على قوة اخرى. وفيما انه سيبحث عن شخصية كاريكاتورية من بين الاسلاميين، ام انه سيضطر للمراهنة على خفتر، الذي تنظر حكومات الغرب على له على انه معمر قذافي بنسخة جديدة، فضلا عن انه يسعى لاهثا وراء روسيا.
التطورات الاخيرة ستلقى من شك صيت ظلالها على وسمعة خفتر كشخصية قوة وسياسي مؤثر يمتلك قوة عسكرية والمسالة ليس في مدى الفترة الزمنية التي سيتمكن بها استعادة الموانئ في راس لاونفه وسدره ولكن باشكالية هل سيتمكن من الاحتفاظ بها.
ان كافة الدلائل تشير الى احتمالات ان تشهد ليبيا في الوقت القريب القادم تغيرات خطيرة في اصطاف القوى العسكرية والسياسية. وان القوى الاقليمية والدولية ستتحرك بوتائر اكثر للتاثير على مسيرة التطورات هناك.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن