هيمنة الحرف على القصيدة -زمن الجياع- محمد داود

رائد الحواري
read_111@hotmail.com

2017 / 3 / 1

هيمنة الحرف على القصيدة
"زمن الجياع"
محمد داود
عندما ينسجم اللفظ مع المضمون تكون القصيدة مطلقة، وعندما يهيم الحرف على القصيدة تكون متألقة ومطلقة معا، هذا ما كان في هذه القصيدة، فنجد الحرف "ق" حاضر في كل بيت من القصيدة، ليس كقافية وحسب بل ضمن الألفاظ أيضا، فنجده في لفظ: "سيغرق، قتل، القصاص، القتيل، القاتل، حق، تساق، القدس، النفاق، قوت، أرزاق" وإذا ما أضفنا إليها القافية يتأكد لنا بأن حرف القاف تأثر به الشاعر.
نهاية الأبيات كافة جاءت بمضمون سلبي أسود، حتى لو انتهى البيت بلفظ أبيض، فالمضمون القاسي مهيمن على القصيدة، وإذا ما أضفنا إلى كل هذا ذكر الحيوان من خلال استحضار "الذئب" الذي عادة ما يعطي النص سواد أضافي يتأكد لنا واقع السواد على الشاعر.
لكن أي البياض في القصيدة، وقد قلنا في موضع غير هذا، "لا يوجد نص سوداوي بالمطلق، فحتى هذا السود الذي يقدم يحمل بين ثناياه دعوة للخروج منه إلى الفضاء الرحب" لكن في هذه القصيدة نجد الشاعر قدم لنا حكم تحمل فكرة السواد، لكت في الجهة المقابلة تدفعنا/تحثنا إلى الابتعاد عن هذا السواد والتقدم إلى الأمام من جديد، هذا ما جاء في هاذين البيتين:
" كل الجراح الداميات ستبرأ
.................. إلا الكرامة ... جرحها يتعمق
لا خير في شعب تساق فحوله
............... صوب المنية .. يوم عيد تشنق"
فهنا بلا شك فكرة صريحة للتقدم من الأمل من خلال وجود دعوة للتمسك بالكرامة، وأيضا من خلال الفكرة التي تجعلنا لا نهاب الموت بقدر خوفنا من فقداننا لمفهوم الرجولة والاخلاص للوطن ولمبادئنا.


الكل حتما بالدماء سيغرق
.................. إن ساد فينا المستبد الأخرق
قتل وذبح والقصاص مغيب
............. مات الضمير ومات فينا المنطق
منا القتيل ومن حمانا القاتل
.............. والجرح يدمي والذئاب تصدق
فالأم ثكلى والدموع هواطل
............... وشهيد حق في السماء يحلق
كل الجراح الداميات ستبرأ
.................. إلا الكرامة ... جرحها يتعمق
لا خير في شعب تساق فحوله
............... صوب المنية .. يوم عيد تشنق
ويدوس بالقدس الأبية عاهر
............... وبها المساجد والكنائس تحرق
ونرى النفاق بكل شبر جهرة
................. من خان وطني للغزاة يصفق
والبعض يلبس حلة وطنية
.................... يعلو المنابر كالغراب وينعق
ويبيع أعراض الحرائر خلسة
.............. ويبيع من قوت الجياع ويسرق
ويظن أرزاق الشعوب بجيبه
................... والله من يهب العباد ويرزق
أيخون شعبا أو يخون بلاده
................. إلا وضيع كالذئاب وأحمق ؟؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن