ائتلاف القوى المدنية .. ضرورة تاريخية ام ضرورة سياسية.؟

علي عرمش شوكت
aashokat@hotmail.com

2017 / 2 / 6

من البديهي ان لا تُطلب الاجابة العاجلة على هذا السؤال، لكونها شبه غائبة ، وببسيط الكلام ، لم تخطر على بال المعنيين بها كما يبدو. ربما ان البحث عن هيكلة التيار المدني لم يرتق الى مدى التأسيس لمثل هذا التكاتف بين اطرافه. رغم ان اضطراب الساحة السياسية العراقية، وما ستنجم عنها من مخاطر تدفع بقوة، الى اقامة متاريس " الصد " اولاً ومسك زمام المبادرة قبل ان تزيد بعثرة القوى المدنية، وتصبح رقماً مصفراً. سيما وان حفر الخنادق التقسيمية ووضع الخطوط الحمراء بين العاصمة والمحافظات، الهادف الى تبني مبدأ ايزنهاورالرئيس الامريكي الاسبق " فرق تسد"، وحينها ستغدو القوى المدنية ليست قادرة حتى على الحفاظ بصفتها المدنية، وستمسي حطاماً مجروفاً نحو ارصفة منتهية الصلاحية. وذلك بفعل التدخلات الاقليمية المتكالبة على ابتلاع العراق وتقاليد شعبه المدنية منذ تأسيس دولته.
ان قيام ائتلاف القوى المدنية في هذا الظرف المزري الذي يمر به البلد، يأتي كضرورة تاريخية قبل ان يكون ضرورة سياسية ايضاً، لكونه معني بان يضطلع بما يلقيه عليه حق الوطن ووحدة شعبه المجتمعية، والحفاظ على ثرواته المتواصل نهبها. وذلك باستنفار اعالي الذود عن حياضه، هذا وناهيك عن ضرورة تفعيل موجبات توفير الحريات والحياة الانسانية الكريمة وصيانة التماهي النبيل التاريخي بين اطياف الشعب العراقي، اتقاءً من كوارث التفرقة المذهبية والعرقية التي افرزها انزال الدين الى حضيض السياسة من قبل احزاب الاسلام السياسي الحاكمة. وليس من الوهم عندما تنطلق الدعوة والمناداة لقيام ائتلاف القوى المدنية، في ظل حراك الشارع المحتج المتزايد الذي لاشك سيمده عزماً واقداماً على تحقيق امل شعبنا بقيام الدولة المدنية الديمقراطية، فمن المنطق تماماً ان يتمخض الحراك الجماهيري عن تماسك خلاصته االمدنية وتبريزها ككتلة تنطوي على وزن قيمي سياسي له اعتباره وفعله الميداني.
وحينما يرتقي هذا الائتلاف المدني الى مرتبة الضرورة، يتوجب ان تُدرك مقوماتها. فهي - اي الضرورة - ، لا تمشي بلا قدم، او تبحر بلا اشرعة ذات عنوان وطني ديمقراطي مدني جلي، لا تشوبه بواعث خلفيات اطرافه السياسية والايدلوجية. ولايغيب عن بال احد بان القوى المدنية تتسم باختلاف منابعها الفكرية ومناهجها السياسية، وعلى سبيل المثال وليس الحصر، فمنها مدنية ديمقراطية تؤمن بالعدالة الاجتماعية {اليسار العراقي } ، ومنها ديمقراطية لبيرالية، ومنها ايضاً، مدنية غير انها دكتاتورية وحتى فاشية، مثل نظام هتلر، و نظام صدام، ومن على شاكلتهما. اذن ثمة اهمية لبلورت المشتركات، سيما وان هنالك تحركاً جاداً في هذه الايام على الساحة العراقية يهدف لتحشيد قوى التيار المدني، بغية الظهور بصيغة او اطار ائتلافي يفترض ان يشكل بديلاً لقوى الاسلام السياسي التي فشلت بامتياز في بناء وقيادة الدولة.
جرت الاشارة انفاً الى المشتركات التي تشكل الارضية المطلوبة لارساء ائتلاف القوى المدنية الديمقراطية تحديداً. لكونها بمثابة المرجع الذي يحول دون استفحال ما يختلف حوله في مجرى العمل الذي ليس بمنأى عن المؤثرات السياسية الخارجية، التي قد تباشر تصديها الى حتى جنينية الائتلاف. وكذلك ما يعتمل داخل كل فصيل من متغيرات ومواقف تفرزها علة النزعات الذاتية كنتيجة طبيعية للمصالح الطبقية والسياسية لهذا الطرف او ذاك. هذا الامر يستحق تعزيز التواصل والجدل الهادف المبيت في سبيل ترسيخ وترصين الائتلاف الموأمل لقوى بناء الدولة المدنية . وما يجدر التأكيد عليه هو عدم اهمال الثقل السياسي والرصيد النضالي لكل حزب او فضيل مدني ديمقراطي لكونه يحسب معياراً للمصداقية وتراكم الخبرة السياسية في تحمل مسؤولية الدور النضالي المناسب.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن