قداس صلاة بمطار القاهرة الدولي!

بهجت العبيدي البيبة
Bahgatelbebeh@gmail.com

2017 / 2 / 4

ينظر العالم بترقب كبير لكل ما يصدر وما سوف سيصدر عن الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، وذلك ناتج لعدة عوامل، يأتي على رأس هرم تلكم العوامل بكل تأكيد تلك الوعود التي قطعها على نفسه في الحملة الانتخابية، وتلك التصريحات " الشاذة" التي تخرج عنه.

ترقب واسع، يشوبه القلق والخوف من ناحية، ويغازل أمنيات قطاع كبير على مستوى العالم من ناحية، والخوف له أسبابه ومغازلة الأمنيات لها أسبابها، وسيظل العالم هكذا مشدودا في انتظار ما يصدر عن سيد البيت الأبيض من قرارات.

لم ينتظر العالم كثيرا حتى ينقسم بين طرفي نقيض لما يصدر عن دونالد ترامب، فلقد جاء قراره بمنع دخول رعاياوقال الكابتن علاء غالي أحد المهتمين بكرة القدم بالنمسا، كانت لدينا ثقة كبيرة في فوز فريقنا الوطني، رغم صعوبة المواجهة، وهو ما تحقق في النهاية بفضل برسالة اللاعبين، والخطة التي لعبت بها المدير الفني للمنتخب هيكتور كوبر، ونبارك للمنتخب وللشعب المصري هذا الفوز الكبير سبع دول إسلامية ليشعل الموقف، ليس فقط بالولايات المتحدة الأمريكية، ولكن كذلك على مستوى العالم، فخرجت الكثير من الآراء التي ترفض مثل هذا القرار، وسكت آخرون دون أدنى تعليق، واعتبر فريق ثالث، كاليابان، قضية الهجرة شأن داخلي للبلاد.

أظن أن الموقف سيظل هكذا في حالة اندهاش واستقطاب، وسيدلل كل فريق على نجاعة وجهة نظره، بكل ما أوتي من قوة، كما هو الشأن في كل القضايا الخلافية، التي هي الجزء الأعم من كافة القضايا الدولية والإقليمية والمحلية على السواء.

ما لفت انتباهي، وانتباه المهتمين بالمقارنة بين الدول والشعوب، وعقلياتها، وطرائق حياتها، ذلك المشهد الذي ملأ وسائل الإعلام خاصة السوشيال ميديا، ذلك المشهد الذي وجدنا فيه مئات المسلمين يفترشون أرضية المطارات الأمريكية، يؤدون فيها الصلاة، في حماية أمن تلك المطارات، وكذلك المواطنين الأمريكيين الذين أغلبيتهم العظمى يعتنقون الديانة المسيحية، بالإضافة لعديد العقائد الأخرى.

ذلك المشهد عكس فيما عكس، ذلك الإيمان المطلق في الولايات المتحدة الأمريكية - وأضيف العالم الغربي - لمفهوم حرية العقيدة وممارسة طقوسها، التي هي متاحة للجميع - حقا - دون تمييز، إضافة لتعاطف قطاع كبير من أبناء الشعب الأمريكي والغربي مع المسلمين، بدرجة عالية من الوعي، الذي يفرق بين عامة المسلمين، وبين هؤلاء الذين يعيثون في الأرض فسادا، ويأتون بالموبيقات في عمليات إرهابية ينسبونها للإسلام، وهذا يوضح بجلاء شديد أن بالمجتمعات الغربية أكثرية عاقلة، تحكم على الأمور والأحداث بميزان الحكمة والعقل، وهو ما ينفي نفيا قاطعا مفهوم نظرية الصراع التي يُنَظِّر لها بعض الكتاب والمفكرين.

ومن زاوية بعيدة، يبعث لنا مشهد الصلاة في في مطارات الولايات المتحدة الأمريكية برسالة إلى هؤلاء المتعصبين في بلادنا الرافضين للآخر الذي هو مواطن كامل المواطنة، ونتساءل: هل بعد هذا المشهد البديع في التعايش، في بلاد، نتهمها بالكفر، هل يمكن لهؤلاء المتشددين في مجتمعاتنا العربية أن يسمحوا بإقامة قداس في مطار القاهرة أو غيره من المطارات في العواصم العربية.

إنني على يقين أن الأمل يبزغ من من قلب اليأس، وأن ضوء النهار يعقب عتمة الليل، وأنه يمكن لهذه الحالة الرثة التي تحياها شعوب منطقتنا أن تكون بداية مخاض لعصر جديد، جدير بأن تعيشه بلادنا، وتنعم به شعوبنا



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن