مشكلة عثمان سعدي مع رأس السنة الامازيغية .

مصطفى صامت
sametmostapha@gmail.com

2017 / 1 / 14

يبدوا أن بعض الجزائريين قد نال منهم مرض نكران الانا وهو مرض نفساني تمت دراسته في مختبرات الطب النفسي .وقد وصل الأمر ببعض منهم الى محاربة وإنكار كل ما هو جزائري محلي لإرضاء نفسيتهم التواقة الى التماهي مع الغير بل تقليد الغير كذلك ، وهو أمر مطابق لما ذهب اليه فرانز فانون الذي وضع مفتاحا يفسر لنا ظاهرة التحولات الثقافية و الاضطهادات العنصرية عبر التاريخ في كتابه “بشرة سوداء، قناع أبيض.“.
في الحقيقة أن الجدل القائم حول تاريخ يناير الامازيغي جدل عقيم احدثه الامازيغ المؤدلجون بالعروبة البعثية والناصرية للسبب السالف الذكر بل شاهدنا اعجابا لهذا الاحتفال (الناير الامازيغي) من طرف عرب المشرق والحجاز عكس الامازيغ المستعربون والمؤدلوجن فكريا بالعروبة امثال الدكتور عثمان سعدي .
فالإشكال الواقع في المسألة هو بخصوص ربط احتفال الناير بالملك الامازيغي ششناق ووصوله الى الحكم في مصر سنة 950 قبل الميلاد .
فلو حاولنا تحليل المسألة عن طريق تجزيء المعطيات لوجدنا ان الجميع يتفق في أن الناير هو احتفال قديم يقوم به معظم سكان شمال افريقيا بما فيهم الطوارق في الجنوب حيث تعد المأكولات والأطباق المختلفة في هذا اليوم وهذا الكلام لم ينكره حتى العروبيين القومجين وعلى رأسهم الدكتور الفاضل عثمان سعدي في مقاله ذلك . .
كذلك لا أحد من الطرفين المتنازعين كذب قصة الملك الامازيغي ششناق ووصوله الى حكم مصر بتأسيس الاسرة 22 و 23 وهناك من يقول حتى الاسرة 24 . يبقى الاختلاف في طريقة وصوله الى الحكم هل بالانتصار على الفراعنة عن طريق الحرب ( نسخة المؤرخين الامازيغ) أم عن طريق السلم (نسخة مؤرخي مصر ) وطبعا من المنطقي أن ينكر المصريين هزيمة فرعونهم على يد غرباء من غرب مصر إذا سلمنا بتدخل الذاتية في طرحهم ، لكن كليهما يتفقان انه بلغ الحكم سنة 950 ق .م وهذا مدون على جدار معبد الكرنك في مصر وكذلك كتب التوراة (ملوك أول 14/25ـ 28) و (الملوك الأول، 14:25) وغيرها وهو ما يهمنا في المسألة أكثر .
لنفترض إذا أن الناير له علاقة مباشرة بالسنة الفلاحية التي يرجعها البعض الى تقليد روماني فهنا يحق لنا ان نتساءل كيف وصل هذا الاحتفال الى أمازيغ الطوارق في الصحراء رغم انهم تاريخيا لم يتأثروا بالحضارة الرومانية التي كان لها تأثير في المناطق الساحلية فقط وكذلك امازيغ منطقة الصحراء لا علاقة لهم بالفلاحة والفصول مثل امازيغ الشمال بسبب البيئة الصحراوية ، ثم على أي أساس يتم ارجاع المناسبة الى الرومان ولم نسمع بشعوبهم أو التي استعمروها خارج شمال افريقيا يحتفلون بهذا الناير ؟ والجميع يعلم كذلك ان الحضارة الامازيغية سبقت الرومانية بمئات السنين بل اجدادنا هم من لقنوهم الدين المسيحي الكاثوليكي على يد سانت أغستين، وحتى ألهتم الوثنية التي استمدوها من الاغريق أخذها الاغريق من الميثولوجيا الامازيغية باعتراف أكبر مؤرخي اليونان هيريدوت تفسه.
كل ما في الامر أن الامازيغ أرادوا أن يكون لهم تقويم زمني مثلهم مثل كل الشعوب في العالم، فكما ربط المسيحيون تقويمهم بمولد النبي عيسى عليه السلام سنة 1 للملاد ولم يعترضهم أحد، وقام كذلك العرب المسلمون بربط تقويمهم بهجرة النبي محمد ص الى المدينة والتقويم العبري المرتبط يبدأ تأريخ الخليقة حسب التقاليد أليهودية أي قبل (5773) وهو تقويم قمري شمسي وكذلك التقويم الصيني الذي يمتد تاريخه إلى حوالي 4714 عام وغيرهم من الاقوام مثل المايا . فما يمنع الامازيغ اذا من اتخاذ تقويم لهم هم الاخر ؟ وان كانت كل شعوب شمال افريقيا الامازيغية تلتقي في احتفالات الناير فهو الحدث المناسب يبقى فقط أي تاريخ يكون البداية لهذا التقويم ؟ طبعا ليس هناك حدث قديم وله سند تاريخي قوي الى غاية الان مثل اعتلاء الامازيغ لعرش مصر . فلما كل هذا الجدل اذا ؟
ثم لنفترض ان هذه المناسبة وثنية بل لتكن ماسونية فما الحرج في ذلك ؟ اليس الكثير من التقاليد والمناسبات الاسلامية هي في الاصل اعياد وتقاليد كانت في الجاهلية مثل أشهر الحرم وحتى الحج، لم يلغيها الاسلام بل صححها وهذبها فقط لأنها لا تتعارض مع قيمه.
كذلك نذكر أن هذا هو التاريخ ، فعلميا ليس هناك حقيقة تاريخية مطلقة بل روايات تاريخية مختلف حسب المؤرخ الذي يختلف مع غيره في مَلكة العقل وطريقة التحليل والاستنباط وقراءة المعطيات ، فحتى التاريخ الاسلامي الذي وقع منذ 14 قرن فقط تضاربت فيه الروايات وأختلف المؤرخين الذين كانوا في نفس الزمكان وحتى في يوم ولادة الرسول محمد ( ص ).
فل يكن الناير إذا من صنع ابليس نفسه اذا ارتدتم ، سنحتفل به فقط لانه متجذر فينا منذ سنين ويعبر عن روح امتنا ، ولأنه لا يتنافى مع قيم الدين الاسلامي كونه يجمعنا في يوم واحد تحت مضلة الحب والتآخي والمرح والتآزر وعلى نفس طبق الكسكسي والبربوشة والبغرير ومختلف المكسرات في جوي عائلي دافئ وهو غرض كل الديانات السماوية والتطلعات الانسانية .






https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن