قحطانيات10: عبد الله مطلق القحطاني

أفنان القاسم
ramus105@yahoo.fr

2016 / 11 / 20

بنية التدوير
العنوان الثاني للقحطاني من سلسلة أرثوذكسياته هو "الأقنوم الثالث وتخبط الأرثوذكس بمعناه"، وفي الحال يبرز "التخبط" محورًا، ليكون التوزيع البنيوي على شكل "دائرة" تميز كتابات القحطاني، وتسمح لنا بتمييز الميل إلى الالتقاء في نقطة واحدة، تكون غالبًا على شكل سؤال، وهذه هي بنية التدوير لديه، بنيةٌ الميلُ فيها هنا يدور حول الأقنوم الثالث أو الروح القدس: "وملخص ذلك كله تأكيد روح الإله منذ الأزل وجودا !! ، وأن روح الله يعمل في الإنسان منذ الأزل !!! ، وأن روح الرب يتكلم !! ، وأنه لم تأت نبوة قط بمشيئة إنسان بل تكلم أناس الله القديسون مسوقين من الروح القدس !! وأن الروح القدس يملأ من يدعوه الرب للخدمة ويملأ عقله أيضا بالفهم والمعرفة والحكمة !! ، وأنه في كل زمن كان للرب شهود إذ يرسل بروحه القدوس فيعمل ويعلم ويرشد !!" التخبط هنا واضح كمحور: روح الرب يعمل، يتكلم، يملأ، يرسل، يُعَلِّم، يرشد، كل هذا يدخل في تيار الروح القدس، وتبعًا لبنية التدوير، لا بد للكتابة القحطانية أن تدلل على تيار معاكس للروح القدس، وإلا فلن نتقدم: "بل ويلبس روح الرب بعض خلقه كحال زكريا بن يهوياداع الكاهن !! وكما قال بولس روح الحكمة !! وروح النبوة والعدالة والسلطة !! وأن روح الرب منذ الأزل يصنع قوات وعجائب على يدي الأنبياء والقديسين والرسل !!! من إقامة موتى وشفاء مرضى وإخراج شياطين !! - هذه كلها فعلها أنبياء العهد القديم ولم تكن حكرا على يسوع !!! - ، وأخيرا يؤكد الكتاب المقدس أيضا أنها ليست حكرا على الأنبياء والقديسين والرسل !! بل أيضا في نفوس وقلوب المؤمنين !!!" التيار المعاكس للروح القدس هو خَلْقُهُ من أنبياء وقديسين ورسل يصنعون العجائب قبل صنع المسيح.

الروح القدس في الكتاب المقدس
إذن يتعاقب التيار والتيار المعاكس، الروح القدس وخَلْقُهُ، لندخل في الجوهر السردي للروح القدس كمفردة وأين وردت وتحت أية صيغ وسياقات: "وردت مفردة الروح المتعلقة بإله الكتاب المقدس بمواضع متعددة في الكتاب المقدس وبصيغ وسياقات متعددة ومختلفة ، بدءا من أول فقرة من أول إصحاح في أول سفر في الكتاب المقدس وهو سفر التكوين ، مرورا بسفر صموئيل الثاني وسفر الخروج ، وسفر أخبار الأيام ، وسفر حزقيال ، وسفر أشعياء ، وسفر المزامير ، وسفر اليشع ، وسفر الملوك الثاني ، وانتهاءً بانجيل لوقا ، ورسالة بولس إلى أهل أفسس ، وسفر أعمال الرسل ، ورسالة بولس الأولى إلى أهل كورنثوس !! ورسالة بطرس الثانية ، وأخيرا سفر الرؤيا آخر سفر في الكتاب المقدس من العهد الجديد !!" الإشارات كلها إلى مراجع، وكأننا ببنية التدوير تغترف من التاريخية (كون الشيء تاريخيًا) لتنبني، فهل هذا لإثبات واقعية حادث الأقنوم الثالث أم للتزيين بمراجع تمثل شخوصًا مقتبسة من حياة القديسين والتاريخ المقدس، فلا ننس أن المعني بالمفردة الروح القدس وخَلْقُهُ؟

أشهر معاني كلمة روح
للإجابة على سؤالنا السابق وفي نفس الوقت للتقدم في عملية بناء التدوير، يضع القحطاني قائمة جرد لمعاني كلمة روح في الكتاب المقدس، بشيء من الإطناب، ودافعه التدوير السردي: "جاءت بمعنى ريح ونسمة ، - وهذا معناها الأصلي وفق مفهوم الأرثوذكس !! - ، فاستعملت عن بعض القوات غير المنظورة ! روح العرافة !! وروح الضلال !! وروح المسيح !! ، وعبر بها عن اتجاهات خاصة بالإنسان فقيل المنسحق والمتواضع الروح !! ، وروح منكسرة !! وروح الوداعة !! وروح الفشل !! ، وروح سبات !! وأيضا سمي بها الملائكة الأبرار والأشرار !!!" تسمية الملائكة الأبرار والأشرار بروح يعيدنا إلى فكرة التيار والتيار المعاكس، لكن الفكرة هنا ليست لوظيفة تدويرية بل لوظيفة تعبيرية من ناحية، ولوظيفة تشكيكية من ناحية.

مفهوم الأرثوذكس للروح القدس
مع المفهوم نحن هنا على وشك الانتهاء من إغلاق الدائرة: "لا يمكن الجزم بمفهوم واحد وقاطع عندهم للروح القدس !! لكنهم يوصون قارئ الكتاب المقدس أن يفرق !! إن كان هو الأقنوم الثالث !! في اللاهوت المستحق الإيمان والتعبد !!! ، أو كان مجرد قوة تساعد المؤمن في حياته الروحية !!! ثم ينتقلون للتأكيد على أن القارئ للكتاب المقدس يرى بوضوح أن الروح القدس شخص !! ذو صفات إلهية !! ويقوم بأعمال لا يقوم بها إلا الإله !! وأنه يهب بركات عظيمة للمؤمنين ..... الخ ، لكنهم في النهاية يؤكدون على أنه سر من الأسرار الإلهية !!!" زاوية الانحراف في الميل الدائري تقوم على تناقض ليس المفهوم ولكن الموقف من المفهوم، وكأننا هنا –كما يقول القحطاني- لا يمكننا الجزم بمفهوم واحد وقاطع، لهذا كان الموقف من المفهوم (إن كان... أو كان...) محيرًا كموقف جمعي جماعي، وبالتالي أدت الوظائف التعبيرية للروح القدس إلى مفاهيم مختلفة.

سؤال الختام
"وسؤالي البسيط: إن لم يكن هذا تخبط واضح فماذا تسمونه إذن ؟!! وكيف يقدر لمخلوق أن يحضر الخالق الروح القدس في زيت الميرون ؟!!!!!" بهذا السؤال نجدنا في محور التخبط من جديد، وبحكم هذا المحور، ييسر القحطاني للأرثوذكسي السبيل أمام انغلاق الدائرة.

يتبع قحطانيات11



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن