طبعة روسية جديدة لسباق التسلح الكلاسيكي

جورج حداد

2016 / 10 / 26

في بداية تسعينات القرن الماضي اعلنت زمرة غورباتشوف ـ يلتسين ـ شيفارنادزه "إلغاء!" الاتحاد السوفياتي، بدون اي استفتاء دستوري للجماهير الروسية والسوفياتية الاخرى. وأشرعت جميع الابواب والنوافذ والقنوات امام الاحتكارات العالمية، الامبريالية واليهودية، لاضعاف ونهب وتجويع روسيا والشعب الروسي، بدون ان تـُطلق رصاصة واحدة. واعلن "الكاردينال!!" الكاثوليكي ـ الشيطاني سبيغنيو بريجينسكي ضرورة تخفيض عدد سكان روسيا الى 50 مليون نسمة حتى يمكن السيطرة عليها تماما. واعلن الرئيس الاميركي الاسبق جورج بوش الاب عن قيام "النظام العالمي الجديد" ذي "القطب الاوحد" الاميركي طبعا!
النهضة الروسية الجديدة
ولكن سرعان ما عاد الشعب الروسي العريق، الباسل والخلاق، ينهض من الكبوة، حيث تمت ازاحة يلتسين وزمرته من الحكم، واستلم السلطة القوميون المعتدلون، "المتفاهمون" تماما مع الكنيسة الارثوذوكسية والقيادة الدينية الاسلامية الروسية. وعادت روسيا، حتى بدون الاتحاد السوفياتي، لتشغل موقع القطب العالمي الثاني بمواجهة اميركا، مع ان عدد سكان روسيا هو اقل من نصف عدد سكان اميركا، والاقتصاد الروسي يبلغ 2 تريليون دولار بينما الاقتصاد الاميركي يبلغ اكثر من 16 تريليون دولار.
سباق التسلح
والمَعْلم الرئيسي للمزاحمة بين القطبين هو سباق التسلح، الذي عاد الى اشد مما كان عليه بين اميركا والاتحاد السوفياتي في مرحلة "الحرب الباردة" السابقة.
وبالرغم من جميع الحسابات السطحية، فإن روسيا اليوم هي اكثر قوة بكثير واكثر قدرة بكثير في سباق التسلح القائم. ويكفي ان نذكر المعطيات التالية:
استرجاع الاقتصاد المستباح
ـ1ـ للدواعي السياسية والايديولوجية، الصحيحة او الخاطئة، كان الاقتصاد الروسي مستباحا تماما في العهد "السوفياتي"، إذ كانت روسيا تقدم المساعدات المالية والاقتصادية والتسليحية وغيرها، بدون مقابل في الغالب، لجميع الدول "السوفياتية" السابقة، ودول "المعسكر الاشتراكي" السابق، والعديد من الدول "الصديقة" الاخرى.
روسيا تعود الى رشدها
والان فإن روسيا لم تتخل عن سياسة تقديم المساعدة لحركات التحرير حيثما يلزم وبالاشكال والمقادير المناسبة، الا انها تخلصت نهائيا من عبء تقديم المساعدات عديمة الجدوى. وهو ما يعني توفير الاف مليارات الدولارت لصالح الاقتصاد الوطني الروسي بالذات.
اعتماد مبدأ "الربحية" و"المنفعة المتبادلة"
ـ2ـ ان الاقتصاد الروسي بمجمله بما فيه صناعة وتجارة الاسلحة، داخليا وخارجيا، اصبح يعتمد مبدأ "الربحية" و"المنفعة المتبادلة". اي ان التسلح خرج من دائرة "الاستهلاك غير المنتج" كما كان في العهد السوفياتي، وتحول الى احد اهم اعمدة الاقتصاد الروسي بعد الغاز والنفط. والمجمع الصناعي الحربي (OVK) هو اليوم محور الاقتصاد الروسي، ويقود المجمّع احد صقور البوتينية دميتري روغوزين، نائب رئيس الوزراء. ويضم المجمع عشرات المؤسسات الصناعية والعلمية التابعة في الاغلب للدولة. ويأتي بعده الاحتكار العملاق المتمثل بشركة "غازبروم" التي تمتلك الدولة غالبية اسهمها، وهي تتولى تحريك قطاع الغاز والنفط والطاقة، ويديرها صقر بوتيني آخر هو الكسي ميلر.
موروث "سوفياتي" هائل
ـ3ـ ان الفيديرالية الروسية "ورثت" عن الاتحاد السوفياتي السابق ترسانة حربية كبرى، ومنها ـ على سبيل المثال لا الحصر ـ اكثر من 8500 رأس نووي. وهو عدد اكبر مما تمتلكه الولايات المتحدة الاميركية وصويحباتها مجتمعات. وهذه الكمية من الرؤوس النووية هي اكثر من كافية لتدمير لا اميركا وصويحباتها فقط، بل والكرة الارضية كلها وربما القمر ايضا عدة مرات. وهذا يعني اقتصاديا توفير آلاف مليارات الدولارات، وان روسيا حاليا ليست بحاجة لصرف الجهود والاموال لتجهيز "الهدايا النووية" للكتلة العدوانية الغربية بزعامة اميركا.
"نفض الغبار" عن الترسانة السوفياتية
ـ4ـ كما ورثت روسيا من الاتحاد السوفياتي ناقلات او حاملات "الهدايا النووية" لاميركا وصويحباتها، اي مختلف انواع الصواريخ والطائرات الستراتيجية والغواصات والسفن الحربية. وحينما استلمت السلطة الكتلة البوتينية (التي تمثل اتحاد القيادات العسكرية والامنية والمخابراتية والاقتصادية والاعلامية، والتي تحظى بدعم الغالبية الساحقة للشعب الروسي، بما في ذلك الكنيسة الارثوذوكسية والقيادة الاسلامية الروسية والمعارضة الوطنية)، فإن اول شيء فعلته هو انها تخلصت من "اتفاقية يالطا" الستالينية ونفضت غبار ستالين وغورباتشوف ويلتسين عن الممتلكات الدفاعية للشعب الروسي، المتمثلة في "الهدايا النووية" السوفياتية و"ناقلاتها"، واعادت تصويبها باتجاه اميركا ودول الناتو وجميع القواعد العسكرية والاساطيل الحربية لاميركا وجميع اعداء روسيا في العالم اجمع.
برنامج تطوير وتحديث الجيش
ـ5ـ بعد عودته للرئاسة في 2008 طرح فلاديمير بوتين البرنامج المسمى "20 ـ 20" لكون مدة تنفيذه المقترحة هي حتى سنة 2020، والذي يقضي بتطوير وتحديث وعصرنة الجيش الوطني الروسي القائم اساسا على خدمة العلم، وبتشكيل جيش جديد الى جانبه، احترافي ومؤلل والكتروني بالكامل، ويبلغ تعداده حوالى 250 الف "مقاتل" ذوي تعليم جامعي وتدريب وكفاءة جسدية عاليين. وعقد اجتماع للقادة العسكريين والعلماء والاقتصاديين، طرح فيه مشروع هذا البرنامج الجريء والاقتحامي. وادلى بعض الاقتصاديين برأي يقول ان البرنامج يمكن ان ينفذ بنسبة 70%. فانبرى لهم رئيس المجمع الصناعي الحربي ونائب رئيس الوزراء دميتري روغوزين وقال: "ان برنامج الرئيس بوتين سوف ينفذ 100%".
الضربة الاولى لروسيا
ـ6ـ وفي سنة 2012، وفي مجرى تنفيذ "برنامج 20 ـ 20" ادلى الرئيس بوتين بتصريح قال فيه: "ان روسيا لن تكرر ابدا الخطأ الذي ارتكب خلال "الحرب الوطنية الكبرى" (في الحرب العالمية االثانية)، وهو انتظار تلقي الضربة الاولى. ان روسيا لن تكون معتدية. ولكن الضربة الاولى ستكون لنا. وستكون حتما ضربة نووية ماحقة.
العقيدة العسكرية الجديدة: "النصر لنا!"
ـ7ـ وفي 2015 أقرت روسيا العقيدة العسكرية الجديدة للقوات المسلحة الروسية، والتي تقوم على المبادئ التالية: ان تكون روسيا منتصرة في اي حرب محتملة، وضد اي عدو كان. ان يكون السلاح النووي هو محور التسلح الروسي. ان لا تكون روسيا معتدية، ولكنها قادرة على الكشف المسبق لاي تحرش عدواني، وان تكون الضربة الاولى لروسيا في اي حرب شاملة محتملة، وتكون حتما الضربة الاولى والاخيرة لانها ستكون ضربة نووية ماحقة.
الحرب النووية اصبحت محسومة
ـ8ـ ودون ان تتخلى روسيا عن التطوير المستمر لاسلحتها النووية و"وسائل ايصالها"، فقد نجحت حتى الان في وضع جميع الاهداف المعادية تحت التصويب الذي لا يحتاج سوى لكبسة الزر الاخيرة: من الفضاء الكوني (بواسطة الاقمار الاصطناعية المحملة بالهدايا "اللطيفة")؛ ومن الطائرات الستراتيجية بعيدة المدى؛ ومن الغواصات المتربصة في اعماق البحار والمحيطات وخصوصا حول اميركا الشمالية التي اصبحت محاصرة من الثلاثة المحيطات التي تحيط بها؛ واخيرا لا آخرا من القواعد الثابتة والمتحركة للصواريخ النووية في الاراضي الروسية وغير الروسية الصديقة او الحليفة.
واميركا ودول الناتو وغيرها من الدول المعادية اصبحت على يقين انه في اي مواجهة شاملة، فإنها ستمحى من الوجود من اللحظات الاولى للحرب المحتملة.
حروب الاستنزاف
ـ9ـ انطلاقا من هذه المعطيات، ومن مركزية النظام (والقرار) الروسي، وتفكك الكتلة الغربية ولامركزية النظام الاميركي، فإن الكتلة الغربية اصبحت تنطلق بمواجهة روسيا دوليا من مسلمة انها ـ اي اميركا وكتلتها ـ ستخسر حتما اي مواجهة حربية شاملة (نووية) مع روسيا. والعكس بالعكس بالنسبة لروسيا وحلفائها.
ولكن الامبريالية الاميركية، ومعها شريكتها الستراتيجية الطغمة اليهودية العالمية، لا تتخلى عن مطامعها بالهيمنة العالمية، ولهذا مالت الى نقل سباق التسلح الى حقل الاسلحة الكلاسيكية (غير النووية) مستفيدة ـ اي اميركا وكتلتها ـ من تفوقها المالي والاقتصادي والصناعي على روسيا. وقد عمدت اميركا الى تكثيف صناعة الاسلحة الكلاسيكية، وزيادة "اهداء" اسرائيل و"بيع" الحلفاء الاخرين اسلحة متطورة بعشرات ومئات مليارات الدولارات، من جهة، ومن جهة ثانية عمدت الى شن الحروب الاقليمية، والى نشر ما يسمى بالدرع الصاروخية، واستفزاز روسيا ومحاولة جرها واخيرا جرها الى الحروب الاقليمية في جورجيا واوكرانيا وسوريا. والذي دفع ويدفع اميركا وحلفاءها وعملاءها الى التراجع (العسكري والامني والدبلوماسي) ليس بالتحديد تفوق السلاح الكلاسيكي الروسي على السلاح الاميركي والغربي، بل قوة شكيمة القيادة الروسية وصلابة الجيش الروسي ووطنية الشعب الروسي العظيم، والتهديد الروسي المبطن بالانتقال الى مستوى الحرب العالمية وتوجيه الضربة القاضية لاميركا وجميع حلفائها.
روسيا ستتفوق بالاسلحة غير النووية ايضا
ـ10ـ لكن بطبيعة الحال ان روسيا لم ولا تقف مكتوفة الايدي امام هذا التحدي، وقد وجدت طريقها الخاص نحو كسر التفوق الغربي على صعيد التسلح الكلاسيكي، لا كميا، بل بالاخص نوعيا.
فقد تحوّل "المجمع الصناعي الحربي" (OVK) الى "مجمع صناعي حربي علمي" تعمل فيه افضل المختبرات وخيرة العلماء الشيوخ والكهول والشباب ذوي الافكار الجديدة والخلاقة. ويركز المجمع الصناعي الحربي على تطوير الاسلحة الموجودة، وعلى اجتراح اسلحة جديدة لا مثيل لها في العالم. ونقدم بعض الامثلة التي اصبحت في متنول الصحافة:
السلاح الكهرومغناطيسي
أ ـ جرت في حقل تجارب في ضواحي موسكو تجارب ناجحة على عدة نماذج لسلاح يفجر الهدف بدون اطلاق اي نوع من القذائف، ولا علاقة له بأشعة الليزر. وفي تصريح الى وكالة نوفوستي يقول ممثل "الشركة الموحدة لصنع المعدات" ان هذه النماذج اثبتت فعاليتها، وقد جرى عرضها في عرض مغلق خاص بوزارة الدفاع الروسية في اطار المنتدى العسكري ـ العلمي المسمى "الجيش ـ 2016". وكان ممثل شركة "التكنولوجيا الراديوالكترونية" قد تحدث عن سلاح الكترومغناطيسي عالي الدقة يوجه اشعة قادرة على تعطيل الانظمة الالكترونية المعقدة كالرادارات، وانظمة الادارة والتحكم والسيطرة، على بعد عشرات ومئات الكيلومترات. ويعمل هذا السلاح، مثل الميكروويف، على مبدأ تكثيف الحقل الكهرومغناطيسي.


قنبلة هائلة غير نووية
ب ـ وتستعد روسيا لان تجري في بحر بارينتس تجربة على قنبلة هائلة تستخدم فيها مادة متفجرة جديدة غير نووية، بل تعمل على مبدأ الميكروويف ايضا، ويمكن التحكم بحجم قوتها التدميرية، التي قد تبلغ مئات المرات اقوى من قنبلة هيروشيما، وهي تدمر الهدف بدون ان ينتج عنها اي اشعاعات ذرية او غازات او ما اشبه، وتقوم قوتها التدميرية على قوة الصدمة التفجيرية وقوة الموجة الحرارية ـ النارية.
"الصياد الليلي"
ج ـ وتمت في حقل التجارب في ضاحية "توميلينو" قرب موسكو تجربة الطيران الاولى لطائرة الهيليكوبتر المهاجمة MI-28N المشهورة بتجربتها القتالية والملقبة "الصياد الليلي"، وذلك بعد تطويرها وادخال تحسينات عديدة عليها. وتمت تجربة طيرانها الاولى هذه بحضور يوري بوريسوف نائب وزير الدفاع، الذي علق على التجربة قائلا ان هذه الهيليكوبتر المطورة ترفع مستوى القدرات القتالية للوحدات الجوية للجيش الروسي.
وهذه الهيليكوبتر المطورة تستطيع تنفيذ مجموعة واسعة من المهام جوا وارضا، من الاستطلاع الى تدمير الاهداف المعادية. وهي تمتاز بقدرتها العالية على المناورة وانها تعمل في كل الظروف نهارا وليلا، وذات قدرة نارية عالية. وهي تمثل انجازا متفوقا لصناعة الهيليكوبترات الروسية، حسب تعبير الكسندر ميخييف مدير شركة الهولدينغ "هيليكوبترات روسيا".

ومن التحسينات التي ادخلت عليها ان المواد التي اصبح يصنع منها فراشها وجسمها تجعلها قادرة على الاستمرار في الطيران واداء مهماتها حتى اذا اصيبت بقذائف من عيار 20 ـ 30 ملم. وانها اصبحت اكثر "شبحية" وصعبة الاكتشاف من قبل الرادارات المعادية. وقد زودت بتشكيلة متعددة من البنادق والرشاشات التي تعمل بالقذائف العادية او بالاشعة والموجات الكهرمغناطيسية، وبالقنابل، وكذلك بصاروخ موجه يمكن ان يحمل اي نوع من الرؤوس المتفجرة. وصنع خزان الوقود بطريقة تجعل من شبه المستحيل انفجاره او اشتعاله لدى الاصابة.
الغواصات الروبوط
د ـ بالاضافة الى الصواريخ النووية الباليستية وعابرة القارات والصواريخ المجنحة، التي زودت بها الغواصات الروسية، ولا سيما الموديلات النووية الحديثة الجديدة، فقد زودت تلك الغواصات بنوع جديد من الطوربيدات البحرية الذي يحمل رأسا نوويا مكيفا للقضاء على الاجسام البحرية المعادية ولا سيما حاملات الطائرات الاميركية العملاقة.
ولكن هذا الوضع كان يخلق نوعا من التضارب في المهمات. بمعنى انه اذا كانت احدى الغواصات مكلفة بالمرابضة قرب المياه الاقليمية الاميركية لتأمين الرقابة على الرئيس الاميركي وغيره من الاهداف 24-24 ساعة، ونشأت حالة ملحة لتعقب حاملة طائرات اميركية ظهرت في باب المندب او مضيق هرمس، فإن على قبطان الغواصة ان يتخلى (حتى اشعار آخر) عن مهمة المرابضة قرب المياه الاقليمية الاميركية، وعن متابعة الرئيس الاميركي وعدّ انفاسه ونبضات قلبه وتسجيل ضغط دمه على مدار الساعة، وان ينتقل بالغواصة بكل معداتها وطاقمها البشري عشرات آلاف الكيلومترات لكي يضع تحت التهديف حاملة الطائرات الاميركية المقصودة.


حاملة الطائرات الاميركية العملاقة "انتربرايز" وبقربها سفن حماية

ولحل هذه المعضلة "التقنية"، وتأسيسا على التجربة الناجحة لاميركا واسرائيل (وروسيا، بشكل متأخر زمنيا) في صنع واستخدام الطائرات بدون طيار، اصدرت القيادة الروسية توجيهاتها الى العلماء والعسكريين والمصممين الروس المبدعين، وطبعا الى المجمع الصناعي الحربي، لان تصنع في اقرب وقت ممكن عدة نماذج من غواصات "صغيرة" روبوطية، اي غواصات بدون طاقم بشري، ويقودها مركز توجيه وتحكم بالطرق العلمية الالكترونية، ويتم برمجتها لتعقب ومراقبة جميع الاجسام البحرية الاميركية والمعادية، ولا سيما حاملات الطائرات، والتجسس عليها، وضربها واغراقها في الوقت المناسب. ويتم بناء هذه الغواصات على الطريقة "الشبحية"، وتزويدها بكل انواع اجهزة التجسس والرقابة والاسلحة الاشعاعية والالكترونية والكهرومغناطيسية، وطبعا بالعدد الكافي من الطوربيدات والصواريخ الموجهة والصواريخ المجنحة، تبعا لكل هدف، وهي طوربيدات وصوارخ قادرة على حمل اي نوع من الرؤوس المتفجرة بما فيها الرؤوس النووية "حسب الحاجة". والمهمة الاهم امام هذه المنظومة هي مطاردة حاملات الطائرات الاميركية وتدميرها واغراقها في اللحظة التي تقرر فيها القيادة الروسية ذلك.
ويقول خبراء "الشركة المتحدة للمعدات" ان هذه الغواصات الروبوطية ستدخل في الخدمة في القوات الروسية خلال السنة او السنتين القادمتين.
التوجه نحو تعميم صناعة الروبوطات الحربية
ـ11ـ وانطلاقا من هذه الانجازات العملية، واستنادا الى التقدم العلمي لا سيما في الفيزياء، تتوجه القيادة الروسية والمجمع الصناعي الحربي الروسي نحو تكريس توجه ستراتيجي شامل في صناعة الاسلحة الروسية هو: "الروبطة" الواسعة في جميع الاسلحة والنشاطات الحربية: بدءا من الروبوطات التجسسية الصغيرة (بشكل طيور وفئران اصطناعية الخ تلقى خلف خطوط العدو)، وحتى المناطيد الضخمة التي ترتفع عشرات الاف الكيلومترات وتحمل عشرات الاطنان من معدات التجسس والحرب الرادارية والالكترونية والاسلحة التقليدية وغير التقليدية. وبناء على الاختبارات التي جرت وتجري باستمرار، تكرّس لدى القيادة الروسية ووزارة الدفاع والمجمع الصناعي الحربي التوجه نحو تعميم "الروبطة" على جميع القوات الروسية: المشاة، والمدفعية، والدبابات، والطيران، والبحرية، والفضاء.
تصدير السلاح على اساس "الربحية"
ـ12ـ ان سباق التسلح كان يشكل عبئا على الاقتصاد في العهد السوفياتي، كما اسلفنا.
اما الاساس السياسي ـ العسكري ـ الاقتصادي ـ الاجتماعي ـ العلمي للتوجه نحو التحديث و"الروبطة" في صناعة الاسلحة الروسية في الوقت الحاضر، فهو الالتفاف حول السلطة المركزية القومية الروسية، سياسيا، واعتماد قانون "الربحية"، اقتصاديا، والانفتاح الخلاق على جميع الافكار الجديدة الهادفة الى تطوير الاقتصاد والدفاع الوطنيين.
وتقوم المراكز العلمية المختصة بدراسة جميع المقترحات والاختراعات الجديدة و"فلترتها" واخذ المقبول منها وتجربته، وتحويل كل اختراع ناجح وضروري الى الاختبارات العملية، ومن ثم الى الانتاج. ومن شأن هذا النهج:
اولا ـ تزويد القوات المسلحة الروسية بأسلحة جديدة تكسر تماما قاعدة سباق التسلح التقليدي.
ثانيا ـ تقليص افضلية التفوق الاقتصادي الغربي على روسيا الى الصفر. اذ انه ـ وفيما عدا المشاريع الفضائية بعيدة المدى ـ فإن الاكتشافات الجديدة ليست مرتبطة مسبقا بالمستوى الاعلى من التطور الاقتصادي وضرورة توفير امكانيات مالية كبرى.
ثالثا ـ بسقوط الحواجز الايديولوجية، السياسية والدينية، بين روسيا والعالم الخارجي، وبالسياسة البراغماتية التي تقوم على مبدأ المصالح المتبادلة التي تنتهجها القيادة الروسية القومية مع جميع الدول الحليفة والصديقة، بمواجهة سياسة الهيمنة الامبريالية الاميركية واليهودية العالمية، فإن الاختراعات العسكرية الجديدة، ولا سيما الروبوطية، من شأنها ان تضاعف القدرة التنافسية لروسيا في سوق الاسلحة العالمي. ومثلما تطمح روسيا كي تكون مصدّرا رئيسيا، اذا لم تكن المصدّر الاول، للطاقة (الغاز والنفط والطاقة النووية السلمية)، فإنها تطمح ايضا لان تكون المصدّر الاساسي، او الاول، للسلاح التقليدي في العالم. وهي تمتلك القاعدة المادية والعلمية والصناعية لذلك، كما تمتلك القاعدة الجغرافية الواسعة جدا والمتنوعة التضاريس لاجراء اي تجارب كانت داخل حدودها.
رابعا ـ من وجهة النظر الجيوستراتيجية العامة، فإن من مصلحة روسيا ان تتسلح هي اولا تسلحا متكاملا كي تكون عصية تماما على اي طامع بثرواتها اللامتناهية، التي سيتوقف عليها في المستقبل غير بعيد استمرار وجود العالم المتحضر، وفي الوقت ذاته ان تنشر السلاح المتطور غير النووي في العالم لدى جميع الشعوب والبلدان والدول الطامحة للدفاع عن وجودها الوطني واستقلالها بوجه المعتدين الامبرياليين والطغمة اليهودية العالمية، حتى يصبح العدوان على اي شعب مهما كان صغيرا "مسألة فيها نظر!".
ــــــــــــــــــــــــــــــ
*كاتب لبناني مستقل



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن