بغداد ليست قندهار

حكمة اقبال
hikmatgd@yahoo.com

2016 / 10 / 23

هذه الجملة كانت موجودة على لافتة كبيرة جداً اثناء تظاهرة في ساحة التحرير ضمن حملة الحريات أولاً ومالحقها من تظاهرات في شباط 2011 ، والتي قمعتها شرطة وجيش المالكي حينها . صورة اللافتة مع شاب يرفعه زملاؤه المتظاهرون على اكتافهم ، استعملتها كواجهة لصفحتي على الفيسبوك منذ اول يوم انشأت الصفحة لغاية الآن ، لأني أؤمن كثيرا بهذه الجملة ، ولكن هل ستصمد بغداد ؟؟؟؟؟

قانون واردات البلديات الذي اقره مجلس النواب العراقي يوم أمس السبت 22 تشرين الأول 2016 ، حمل في مادته الرابعة عشر مايلي ( يحظر استيراد وتصنيع وتوزيع وبيع المشروبات الكحولية بكافة انواعها ) ، وهي مادة جديدة كما ورد في نص القانون ، والسؤال هنا هل تتطابق هذه المادة مع الدستور ؟
الدستور العراقي ، مثله مثل قرآن محمد ، حمّال أوجه ، يُمكن تفسير آياتهِ وسورهِ حسب الرغبة عند المفسرين ، وما أكثرهم ؟
في الفقرة الاولى من المادة (2) ترد ثلاث نصوص متناقضة وهي :
أ- لايجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الاسلام .
ب- لايجوز سن قانون يتعارض مع مبادئ الديمقراطية .
ج- لايجوز سن قانون يتعارض مع الحقوق والحريات الأساسية الواردة في هذا الدستور .
سيجري خلاف واضح حول دستورية أو عدم دستورية المادة 14 من القانون المذكور ، ولكن واقع الأمر سيأخذ منحى فرض هذه المادة على المجتمع العراقي ، اذا لم يصار الى الغائها ، وهنا ستدخل بغداد في نفق قندهار .
؟ كما ورد في الفقرة ثانيا من المادة (2) من الدستور التي تقول ( . . . . كما ويضمن كامل الحقوق الدينية لجميع الأفراد في حرية العقيدة والممارسة الدينية ، كالمسيحين، والأيزيدين، والصابئة المندائيين )

أفترض ان من الخطأ اختصار النقاش حول القانون بموضوع احتساء الخمور فقط ، انه مسألة احترام حقوق وحريات المواطنين العراقيين الاصلاء من اتباع الديانات المسيحية والايزيدية والمندائية ، ممن لايطلب منهم دينهم الامتناع عن الخمور ، اليس هم مواطنون عراقيون متساوون مع الآخرين ؟
الأمر يتعلق بمصدر معيشة مئات آلاف العوائل التي تعمل في التصنيع والتوزيع والاستيراد ، وكيف سيعيشون بعد هذا القانون ؟ وهل فكر اعضاء مجلس النواب الذين صوتوا لصالح القانون بهذا الأمر ، أم انهم غير معنيون به ؟

الأمر ينسحب أيضاً على الحريات العامة ، فلماذا يفترض البرلمان ان كل مواطن مُسجل انه مسلم في حقل الديانة في هوية الأحوال المدنية يرغب بتطبيق ما يريدونه هم ؟
نحن نعلم ان المشروبات الروحية كانت موجودة في العراق منذ الأزل وحتى حملة المقبور الإيمانية التي لم تمنع استيراد وتوزيع وتصنيع المشروبات الروحية ، رغم انها خففت من توفرها ، وكان الحصار الأقتصادي الذي فرضته الامم المتحدة سببا مباشراً في انخفاض مستوى بيعها .
ابو سامي كان احد الموزعين للمشروبات الروحية في سنوات السبعينات والثمانينات يقول انه كان يوصل 60 صندوق عرق يوميا الى قضاء الشامية في الديوانية ، لأنه استهلاك هذه الصناديق لايتم في هذا القضاء الصغير ، بل في محافظتّي النجف وكربلاء ، ونتذكر جميعاً انه في كل أقضية العراق كان هناك ناديين يبيعان المشروبات الكحولية لسكان القضاء ، وهما نادي المعلمين ونادي الموظفين ، دع عنك مراكز المحافظات وكثرة النوادي والبارات لكل الفئات الاجتماعية من نوادي العمال الى نوادي المهندسين والأطباء .

ما العمل الآن ؟ تقول الأخبار ان النائب يونادم كنا سيقدم شكوى الى المحكمة الدستورية ، هل هذا كافٍ ؟ كلا بالطبع .
- أرى ان يقدم الشكوى كل النواب من كتلة التحالف الكردستاني والتحالف المدني وممثلي اتباع الديانات الاخرى .
- أن تقام حملة استنكار واسعة ضد القرار تبدأ بها الأحزاب السياسية التي تدعي الديمقراطية وفي المقدمة منها الحزب الشيوعي العراقي .
- ان تشارك في الحملة منظمات المجتمع المدني وفي المقدمة منها التيار الديمقراطي العراقي .
- ان يصار الى حملة استنكار عالمية تقوم بها تنسيقيات التيار الديمقراطي في الخارج ، كل في بلده بالتعاون مع احزاب برلمانية ومؤسسات مدنية ، وتنقل الى البرلمان الاوربي ، وهيئات الامم المتحدة المعنية بالموضوع .
- هذه الحملات يجب ان تكون مستمرة وليست آنية ، حتى يتم تعديل القانون ، لأنه يتشابه مع القانون الجعفري سيئ الصيت .
- ان يكون شعارا جديدا في ساحات التحرير في بغداد والمحافظات .

من جديد ، الفكرة في حملة استنكار القانون هي الحريات المدنية ، وهذا القانون هو بداية ، فما هو القادم من قوانين التخلف والاضطهاد ، اذا تم تمرير القانون دون التصدي له ؟
هل يتجرأ رئيس الجمهورية ويعيد القانون الى البرلمان ؟
هل ستتجرأ المحكمة الدستورية برفض القانون بسبب المادة 14 ؟
هل يتجرأ السيستاني ويطلب رعاية حقوق وحريات اتباع الديانات الاخرى ، والمسلمين غير المؤمنين ؟

لي كبير الأمل في شباب العراق الذين يواصلون الحفاظ على بصيص الضوء في نهاية النفق المظلم الطويل ، لكي تبقى بغداد ليست قندهار .

لنرفع كل يوم ، أنخاب انتصارات الجيش في الموصل ، وأنخاب استمرار نضال الشعب ضد داعش بكل اشكاله الطائفية .
وكما قال غوار الطوشي : بصحتك يا أبي .






https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن