فشل اليسار الغربي

فضيلة يوسف
fmyousef@yahoo.com

2016 / 10 / 1

مواجهة الحرب الحقيقية.، صعبة وتتطلب ذلك شجاعة حقيقية، وانضباط وتصميم على النصر بها. ينتقد ما يسمى ب "اليسار" في الغرب (أمريكا الشمالية واوروبا ) لسنوات وعقود الامبريالية والاستعمار الجديد وبشدة أحياناَ. ولكن كلما قام فرد أو دولة بتحدي (الإمبريالية) ، يغلق معظم المثقفين اليساريين الغربيين ببساطة عيونهم، ويرفضون تقديم الدعم الكامل غير المشروط لأولئك الذين يعرضون حياتهم (وغالباً حتى وجود بلدانهم) على خط النار.
لن أنسى أبدا اللكمات المهينة التي وجهت إلى هوغو تشافيز، من "اليساريين الغربيين "، بعد أن تجرأ على إهانة جورج بوش في الأمم المتحدة في عام 2006، واصفاً إياه بأنه "الشيطان" ، رغم السموم التي كانت لا تزال "معلقة في الهواء" بعد ظهور الرئيس الأمريكي في الجمعية العامة.
لن أذكر أسماء ، ولكن ستكون مفاجأة للقراء لو علموا كم من قادة اليسار في الولايات المتحدة وصف شافيز وخطابه ب "غير مهذب"، "له نتائج عكسية .
قتلت الامبريالية الغربية عشرات الملايين من الناس بعد الحرب العالمية الثانية. وتحت قيادة جورج بوش الوحشية تحولت أفغانستان والعراق إلى أنقاض ... ولكن على المرء أن يبقى "مهذباً ، موضوعياً و "رايق".
حسناً، الثورات الحقيقية لا تبدأ هكذا ، وهذه ليست الطريقة التي تخاض بها الحروب المناهضة للاستعمار. عندما تبدأ المعركة الحقيقية، فإن التهذيب غير مقبول، وذلك ببساطة لأن الجماهير المضطهدة تريد قادة يعبرون عن مشاعرها . وحتى "الموضوعية" فإنها موضع تساؤل ، عندما تكون الثورات لا تزال هشة في مواجهة كاملة الدعاية المعادية الضخمة من النظام الامبريالي.
ولكن السؤال هو: هل يدعم معظم اليساريين الغربيين حقا الثورات والنضالات المناهضة للاستعمار في العالم المضطهد؟
أعتقد أنهم لا يفعلون ذلك. وهذا واضح بشكل كبير من قراءة معظم ما يسمى بوسائل الإعلام البديلة في كل من أمريكا الشمالية وأوروبا.
من يقود بلاده في معركتها ضد الدكتاتورية الغربية العالمية ، يكاد يعرّف على الفور بأنه ديماغوجي. وعلى الأرجح "غير ديمقراطي "، وليس من قبل وسائل الإعلام "الليبرالية" فقط، ولكن أيضاً على صفحات ما يسمى بالإعلام "البديل" و "التقدمي" ليست جميعها ولكن ، وبصراحة: معظمها .
حصل تشافيز فعلاً على دعم قليل جداً من المفكرين الغربيين "اليساريين". والآن عندما تنزف فنزويلا، و"الجمهورية البوليفارية" يمكن الاعتماد فقط على عدد قليل من دول أمريكا اللاتينية الثورية، فضلاً عن الصين وايران وروسيا. وبالتأكيد ليس على تضامن قوي ومنظم اليسار الغربي.
تلقت كوبا دعماً أقل من فنزويلا. لم تبذل أي محاولة في الواقع من قبل اليساريين الغربيين لإنقاذ الشعب الكوبي البطل بعد انهيار الاتحاد السوفياتي،. وأنقذت الصين، في النهاية الاشتراكية الكوبية. (عندما كتبت عن ذلك، وقف مئات من اليساريين الغربيين ضدي، وفي نهاية الأمر أكّد فيدل في كتابه "تأملات"، ما كنت أقوله). ثم، عندما بدأت إدارة الرئيس أوباما بالتصالح مع هافانا، بدأ الجميع تقريباً في الغرب بالتهجم الساخر: الآن سينهار كل شيء! إنهم يشترون كوبا! "ولكنهم لم يفعلوا ذلك. سافرت إلى الجزيرة الخضراء الحبيبة، وكان واضحاً جدا منذ اللحظة الأولى هناك، أن "الثورة ليست للبيع". ولكنك لن تقرأ في كثير من الأحيان في وسائل الإعلام "التقدمية" الغربية ذلك. وبطبيعة الحال ليست أمريكا اللاتينية فقط" مكروهة" من قبل التقدميين في الغرب. في الواقع، ما تزال أمريكا اللاتينية تحصل على بعض الدعم الاسمي هناك على الأقل.
يحتقر الليبراليون ومعظم اليسار الغربي الصين وروسيا، وهما الدولتان القويتان ، التي تقفان الآن علناً ضد الإمبريالية الغربية، " هناك جهل تام في تلك الدوائر، عن نوع الديمقراطية الصينية ، عن ثقافتها القديمة، وعن اشتراكيتها وهو شكل معقد ولكنه ناجح للغاية ("الاشتراكية ذات الخصائص الصينية). يكرر اليساريون الغربيون مثل الببغاوات، الدعاية "الليبرالية" أن "الصين تسير نحو الرأسمالية، ويسخرون من السياسة الخارجية الصينية.
يصيب العداء الغربي للصين العديد من القادة الصينيين والمثقفين بالاشمئزاز. أدركت فقط مدى هذا الاشمئزاز، عندما تحدثت في العام الماضي، في المنتدى الثقافي العالمي لأول مرة في بكين، وتناقشت مع المفكرين في الأكاديمية الصينية للعلوم الاجتماعية،) ذراع الحكومة والحزب اليمنى .
يمكن للصين الاعتماد على حلفائها في روسيا، وأمريكا اللاتينية وأفريقيا وأماكن أخرى، ولكن بالتأكيد ليس في الغرب.
من غير المجدي أن نذكر روسيا أو جنوب أفريقيا.
احتضن اليسار الغربي روسيا، "الضحية" خلال سنوات يلتسين ، أما روسيا المحاربة، عدوة الإمبريالية الغربية فهي مرة أخرى، مكروهة.
ويبدو أن "التقدميين" في الولايات المتحدة وأوروبا يفضلون حقاً "الضحايا". ويتعاطفون بطريقة أو بأخرى مع "معاناة النساء والأطفال العزل" في البلدان التي يقوم الغرب بنهبها واغتصابها، ولا يشمل هذا التعاطف جميع البلدان التي تعامل بوحشية، ولكن على الأقل بعضها! ...
ما لا يعجبهم على الإطلاق، هم الرجال والنساء الأقوياء الذين يقررون محاربة الامبريالية الغربية للدفاع عن حقوقهم.
يكرهون الحكومة السورية. ويحتقرون الحكومة الكورية الشمالية. يتم الحكم على رئيس الفلبين في وسائل الإعلام الليبرالية الغربية: بأنه مهووس مسؤول عن مقتل الآلاف من مروجي المخدرات (الأبرياء ) "و (بالتأكيد ليس بوصفه سوكارنو الجديد المستعد لإرسال الغرب كله إلى الجحيم).
مهما كان تفكير اليسار الغربي حول كوريا الشمالية وحكومتها (واعتقد انهم يجهلون الكثير عنها)، فإن السبب الرئيسي لكره كوريا الشمالية من النظام الغربية، أنها، جنباً إلى جنب مع كوبا، حاربت من أجل حرية أنغولا وناميبيا، وقدمت لمصر طائرات الميج التي استخدمت ضد إسرائيل، وناضلت في روديسيا (زمبابوي حاليا)، وكذلك في العديد من البلدان الأخرى، وذلك بإرسال مساعدات إنسانية ومعلمين وأطباء إلى القارة بأكملها التي دمرها الاستعمار الغربي الهمجي.
وتلقت الكثير من الخير مقابل ذلك ! في أحسن الأحوال، اللامبالاة، وفي أسوأها الحقد والضغينة
يقول البعض إن اليسار الغربي لا يريد الاستيلاء على السلطة، بعد الآن. فقد خسر كل المعارك الهامة. وأصبح بلا أسنان، يقف عاجزاً، وغاضباً على العالم وعلى نفسه.
تحدثت في البرلمان الإيطالي في كانون ثاني 2016 بدعوة من منظمة النجوم الخمسة عن النهب الغربي الوحشي للعالم ، وقضيت بعض الوقت مع الجناح الأيسر للحركة . هم أناس رائعون ولكنهم مرعوبون من الوصول للسلطة.
وأخيراً لماذا تدّعى هذه الكيانات الغربية الأنانية الضعيفة أنها يسارية"؟ لماذا يتم الخلط بين المصطلحات، ولماذا يتم تشويه الثورات الحقيقية، هؤلاء المقاتلين الذين يخاطرون بحياتهم، الآن، في جميع أنحاء العالم؟
الحروب كلها قبيحة للغاية. قمت بتغطية العديد منها، وأنا أعلم ... ولكن بعض منها، وتلك التي تخاض من أجل بقاء الإنسانية، لا مفر منها. إما أن تقاتل ، وإما يدور الكوكب بأكمله في فلك المستعمر ويبقى المظلوم، في الأغلال.
عندما تكون الحرية والوطن على المحك، لا يكون النضال والقتال موضع نقاش ودردشة .
وعلى "اليساريين"، إدراك أن الإمبريالية والاستعمار (أو "الاستعمار الجديد") هي أعظم الشرور وأنها تقوم بتدمير إنسانيتنا، وعليهم دعم المناضلين في خط المواجهة
وإلا فإن اليسار سيصبح أضحوكة وسيحكم التاريخ عليه بقسوة.
مترجم
Andre Vltchek



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن