العاصفة السوداء

علي سيدو رشو
alirasho@yahoo.de

2016 / 9 / 14

الإعلام كما هو معروف في الوسط العالمي بأنه السلطة الرابعة ويلعب أحد أبرز الأدوار في نقل الحقيقة أو تشويهها، ولهذا فهو سلاح ذو حدّين. هنا علينا أن نعترف بأننا فشلنا في بلورة إعلام إيزيدي قادر على نقل حقيقتهم ومعاناتهم إلى العالم. ولذلك فمنذ أحداث الرابع عشر من شهر شباط / 2007 بما حصل من الهجوم الإرهابي من قبل الدواعش الكرد على مركز قضاء الشيخان وما تلاه من مجازر وبنفس التاريخ من شهر اغسطس 2007 مرورا ب 3/8/2014، كانت جميعها بتدبير ودراسة معمّقين على أيدي أجهزة مختصة في فن التخطيط والتنفيذ لكي يقتلوا القتيل ويمشون في جنازته. ولهذا فإن المخططين الذين عملوا على تدمير الايزيديين كديانة وكشعب جعلوا من كل مشكلة أساساً لما ستاتي من بعدها من حلقات بحيث أن الأخيرة تغطي على سابقتها وبالتالي فهو إذن مسلسل خياني متواصل على شكل حلقات بتنفيذ واضح الأهداف والاسباب والمرامي. وفي مفصل هذا الفيلم فهنالك محطات يجب التوقف عندها وابراز مواقفها التي قد تعطي الموضوع أهمية.
المجلس الروحاني: في أعتقادي المتواضع، أن مادة وسيناريو هذا الفيلم (العاصفة السوداء)، لم تعرض على المجلس الروحاني الايزيدي بالشكل الذي تم إخراجه به، وإنما قد عرض عليهم فكرة القيام بعمل من هذا النوع مستغلين جهلهم بهذه الأمور البعيدة عن امكانياتهم لكي يعطوا الصفة الشرعية لعمل غير شرعي، وإلا فما هي طبيعة عمل المجلس الروحاني الايزيدي من هكذا عمل؟ وهل أطلع المجلس على النصوص ومراحل المونتاج؟ ومتى كان يؤخذ برأي المجلس الروحاني؟ ثم كم هي نسبة مشاركة الايزيديين في انتاج الفيلم؟. وفي رأيي ايضاً فإن هذه اللقطات التي نشرت هي مقصودة كما هو مادة واخراج الفيلم لكي يجسوا نبض الشارع الايزيدي بشقيه الرسمي والشعبي. الفيلم لم يكن من أجل تسليط الضوء على حقيقة معاناة الايزيديين بقدر ما هو طمس للحقائق التي أدت إلى تلك الكارثة الانسانية وإخفاء ملامحها بمجرد التمثيل والتمثل بجنازة الايزيديين التي لازالت تنزف قيحا من وراء الهروب التكتيكي المشين لقوات البيشمركة من ساحة القتال دون اطلاق رصاصة واحدة ومن ثم التغطية على جرائم الانسحاب وإبعاد الشبهة عنهم دولياً. فلا البيشمركة ولا الحكومة الكردية أو حكومة بغداد أو الساسة لهم أية مساهمة في انقاذ ولو سبية واحدة أو طفل إيزيدي واحد من محنتهم، وإنما كل ما حدث هو بعد أن وضع بعض الخيرين روحهم على أكفهم وانقذوا تلك السبايا فالبيشمركة استقبلتهم في كركوك وسنجار ودهوك والتقطوا معهم بعض الصور التذكارية وهم يقدمون الماء والعلاج للأسرى العائدين وكانهم هم الذين انقذوا السبايا، وهو نفس الدور الذي لعبته حكومة بغداد للأسف.
التمويل: على ما يبدو فإن الفيلم قد كلّف مبالغ كبيرة وحسب المعلومات وعلى ذمة المسئولين فيه فإن كردستان تمر بأزمة مالية خانقة. ومن خلال مسيرة الوسط السياسي الكردي لم يحصل هناك إهتمام ولو بزيارة ميدانية لسياسي بارز للاطلاع على واقع المخيمات المزري. ولم تؤخذ هموم ومشاكل الناجيات اهتمام المسئولين ولو من باب المجاملة؟ فهل يعقل أن تقوم حكومة كردستان بهذا العمل لكي توضح صورة ومعاناة الايزيديين أمام الرأي وبالتالي فلا يعقل أن تصرف حكومة الاقليم مبلغا كهذا لفيلم لسواد عيون الايزيديين لكي تنقل حقيقة معاناتهم للعالم بعد أن خانتهم في الميدان وسلمتهم على طبق من ذهب لأخطر تنظيم ارهابي؟ ثم ليس من المعقول أن يكون هذا الأمر بمنأي عن الوسط الأقليمي الداعم لموقف الساسة الكرد بمحاولة إنهاء الوجود الايزيدي ومحوهم من على وجه الأرض بكل الوسائل المتاحة (التخويف والتجويع وشراء الذمم والخطف والقهر وكتم الأفواه والتغير الديموغرافي وحرق الممتلكات الشخصية والتجاوز على القيم الايزيدية وتزييف الحقائق وابتزازهم سياسيا واجتماعيا والى غير ذلك). ويبدو من بعض المشاهد (للأسف لم نرَ منه أي شيء، وما نقوله هو على ذمة المشاهدين للفيلم)، بأن للفيلم جذور سياسية مرتبطة بعمق مسلسل ماقام به داعش وذلك بتمويل من دولة قطر (مؤسسة الدوحة للافلام)، وبدعم من حكومة اقليم كردستان وميتوس فيلم (المانيا)، وذلك واضح من ردة فعل المخرج حسين حسن في لقائه على فضائية روداو بتاريخ 11/9/2016 مع السيد سعود مصطو عندما قال (بأنه ليس وحيداً في هذا العمل لكي توجه كل الاتهامات اليه بشكل شخصي). وكذلك لقائه بالايزيديين في مركز لالش عندما قال بان مادة الفيلم ستبقى كما هي واننا سوف لن نحذف منها وهو يعرف ماذا يقول ومن اي مصدر قوة يتكلم.
مهمة المجلس الروحاني: على المجلس الروحاني أن يخرج للرأي العام الإيزيدي بتوضيح رسمي عن ما دار في تلك الموافقة على هكذا عمل والشخصيات التي كانت مشاركة في اللقاء الذي دار لإعطاء الترخيص بالقيام بهكذا عمل (إن كانت تلك حقيقة)، دون علم المختصين والرأي العام الايزيدي. على الأقل كان من المفروض فرض بعض القيود على الممول والمنتج والمخرج في حال خروجهم عن حقيقة معاناة الايزيديين، مثلاً: ماهي نسبة الكوادر الايزيدية في المشاركة، الاطلاع على النص قبل البدء بالعمل، الشخصيات المشاركة في الانتاج، مصدر أو مصادر التمويل، مكان التصوير، تغطية حقيقة العاصفة وغيرها. وفي لقاء مع السيد المنتج على فضائية (كي ان ان)قال أن البعض أراد أن يظهر بموقع البطل من خلال التعليق السلبي على الفيلم وهي اشارة واضحة بأن الرجل واثق من عمله وأنه سيستمر في عرض الفيلم وهو من حقه.
أهداف الفيلم الحقيقية:
لكل عمل هدف سواء أكان ذلك العمل فنياً، أو سياسياً، أو أقتصادياً أو غير ذلك، وهو شيء مشروع في العرف الاعتيادي ولكن عندما يتجاوز ذلك العمل حدود الهدف المعلن بدافع الانتقام أو عن نيات مبيتة باستهداف معين فعند ذلك سيلاقي بالتاكيد معارضة وقد تصل حتى حد المقاومة بالوسائل السلمية المختلفة. وقد تركزت أهداف الفيلم في الآتي.
1. إن البلبلة التي خلقتها هذه المحاولة حققت بعض نتائجها من خلال تشويه متعمد لحقيقة معاناة الايزيديين ومن ثم ابراز الجانب الايجابي والانساني للبيشمركة بالتغطية على هزيمتهم النكراء دون مقاومة. وكذلك توجيه الراي العام الايزيدي عن حقيقة معاناتهم بدعم المشروع الذي تقوم به القديسة نادية مراد بمعاونة منظمة يزدا وتلهية شعبنا عن موضوع مهم آخر وهو انعقاد مؤتمر لندن في 10/9/2016.
2. هل بامكان جميع من قاموا بتمويل وانتاج واخراج هذا الفيلم الأتيان بأسم فتاة أو سيدة أو طفل ايزيدي حاول ذويهم بالمساس لكرامتهم؟ وهل أطلق الايزيدون غير أسم القديسات على كل من نجت من كابوس داعش الاسود؟
3. من المعلوم بأنه ليس في محافظة دهوك ولو دار سينما واحد، فهل من المعقول أن يقام مهرجان سينمائي في مدينة لا تتضمن دار سينما واحد وبين مجتمع لم يشهد عرضاً سينمائياً؟ كما وأتمنى من الجميع بعدم التركيز على المخرج حسين حسن لوحده وانما يتم التركيز على الممولين والمنتجين والسياسة التي من وراء اخراج هذا الفيلم.
4. الهدف منه ايضا هو، إرسال رسالة واضحة الأهداف إلى الإيزيديين بأننا وراءكم أينما حل بكم الدهر، وأننا سوف نلاحقكم بكل الوسائل الممكنة لكي ننال منكم ومن عقيدتكم. ولكننا نقول للجميع بألأننا باقون بقاء الدهر ونشكر القائمين على مراحل هذا الفيلم لتعطينا جرعة اخرى من المقاومة العنيدة للوقوف بوجه من يقوم بالاعتداء علينا. وهنا نسجل شكرنا للسادة: سعود مصطو وخضر دوملي وبابا كافان وكل من حضر لرؤية الفيلم وقام بتفنيد مغزى حقيقة ما هدف اليه هذا الفيلم الذي أساء للإيزيديين أكثر مما أحسن اليهم. كما نثمن الدور العظيم الذي أبداه ناشطي ومستخدمي قنوات التواصل الاجتماعي وما لهم من دور في فضح اهداف واساليب القائمين على هذا الفيلم.
5. الإساءة العلنية للشعب الايزيدي وتاريخه ونضاله واحترامه للمرأة ومقاومته الباسلة ضد عناصر الجريمة والشر المتمثلة بداعش ومناصريه من خلال قلب الحقائق بشكل فج ورخيص. في الوقت ذاته كان بإمكان المنتج أن يقوم بإبراز حقيقة مقاومة الابطال الايزيديين لأعتى تنظيم ارهابي عرفته البشرية.

ما العمل؟
1. الأستمرار في فضح محتوى الفيلم والقائمين عليه بمراحلة المختلفة من حيث التمويل والتنفيذ والاخراج وما وراء ذلك من سياسة بكل ما يمكن من خلال تقديم الادلة بأن ما ورد في الفيلم من وقائع هي كيدية ولا تمت الى الحقيقة بصلة بالادلة وتقديم صور المناسبات التي تم الزواج من الناجيات القديسات واجراء اللقاءات مع ذويهن ونشر تلك المقابلات لتسمعها الجهات العالمية.
2. العمل على تنظيم راي قانوني واقامة دعوة قضائية على كل من ساهم باخراج هذا الفيلم بقصد تشويه سمعة وحقيقة الشعب الايزيدي.
3. اسناد المخرجين الايزيديين باخراج فيلم يلقي الضوء على حقيقة معاناة الايزيديين وكيف دافعوا بشكل عنيد عن سنجار بامكانياتهم البسيطة، وابراز الجوانب الانسانية في التعامل مع الناجيات وكذلك تسليط الضوء على وحشية داعش وهزيمة البيشمركة من دون قتال وتعريض الشعب الايزيدي الى هذا الابادة الجماعية.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن