إضراب عام ؟

حسين رشيد
hasan_rr2002@yahoo.com

2016 / 9 / 4

إضراب عام ؟
في مثل أيامٍ كهذه من العام الماضي، كانت التظاهرات الشعبية في أوجّها، ليست في بغداد فحسب، بل في عموم مدن البلاد. حتى بات يوم الجمعة، جرس إنذار مرّعب لكل القوى والأحزاب والكتل، إذ كان في برلمان (المشاكل) أو حكومة (التحاصص). ذلك الأوج أجبر رئيس الحكومة إعلان جملة إصلاحات لم يتحقق منها شيء. حتى صنّفت بالإصلاحات (التخديرية). رغم أن السيد العبادي كان بإمكانه قلب الطاولة والعملية السياسية، والنهوض من جديد، لما توفر له من دعم وإسناد من كل الجهات، لكنه للأسف فوّت الفرصة.
بريق التظاهر (المدني) أخذ يخفت شيئاً فشيئاً، إذ كان بسبب الأجواء السياسية، أو دخول أطراف لا تتفق معها بعض القوى المدنيّة، الأمر الذي أدى إلى تشظّي التيار المدني، واكتفاء الكثير من الجماهير بمتابعة التظاهرات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والإعلام. بالتالي خف الضغط على الحكومة، والكتل السياسية، التي أخذت تتنفس الصعداء من جديد.
دعوة الاعتصام الصدري والتي عدت محاولة انتقامية موجهة نحو حزب الدعوة وقيادته ومن الناحية الأخرى محاولة لركوب موجة الحتجاجات وحيازة فضيلتها ومجدها، بالنتيجة الاعتصام أسفر عن اقتحام أول للمنطقة الخضراء ومجلس النواب بوجه الخصوص، وكاد أن يتحول إلى صراع دموي مخيف، لولا تدخل بعض السفارات؟. أعقبه اقتحام ثانٍ لمجلس الوزراء. ربما أراد به المتظاهرون تعديل الكفّة بين السلطتين، بالرغم أنهم كانوا يطالبون بإصلاح السلطة الثالثة القضائية. الاقتحام الثاني والذي توقعنا أن القوى السياسية، باتت في موقف لاتحسد عليه من الوهن. لكنها وبفضل (السفارات) أيضاً عادت أقوى، ولم تذعن لصوت الشعب والتظاهر الذي أخذ هو الآخر في مستوى متذبذب، غلب عليه الشعارات العريضة والمكررة، دون تركيز وتأكيد على ملفات معينة، وبشكل خاص (تعديل قانون الانتخابات، تغيير مفوضية الانتخابات، العمل بقانون الأحزاب، إنهاء المحاصصة، فصل السلطات، إصلاح الهيئات، والاهتمام بالاقتصاد الوطني وحمايته) وجملة أمور أخرى في مقدمتها الفساد، الذي يفترض بساحات التظاهر أن تكون هي المدّعي العام، وتعلن أسماء الفاسدين والمطالبة بكشف الملفات الخفية، التي تعلن عبر وسائل الإعلام، بخاصة فيما يخص تهريب الأموال ومزاد العملة اليومي وشركات التحويل المالي والمصارف الأهلية والتي للأسف بقيت بعيدةً عن اهتمام التظاهرات.
بين مدّ وجزر تجاذبات العملية السياسية وتطورات الحرب مع داعش، حاولت ساحات التظاهر الضغط من جديد، في الذكرى الأولى لانطلاقها، لكن ذلك الضغط لم يوفّق، أو لم يحقق مبتغاه. بخاصة في ظل توحّد جبهة الفساد البرلمانية والحكومية وتسيير دفة البرلمان حسبما تريد، إذ كان من خلال الاستجوابات وسحب الثقة، أو من خلال التلويح بالاستجواب وسحب الثقة، والذي سيتوقف على مقدرة الملوّح له في كسب رضا الملوّحين بالاستجواب. وسط ذلك يأتي إعلان زعيم التيار الصدري للإضراب العام لمدة يومين،على أن يقوم المضربون بتمشية الأمور المهمّة والعاجلة للمواطنين، لكن هل هذا جوهر الإضراب، وهل يكون بهذا الشكل، وهل سيحقق مبتغاه إذ حُدّدت مدّته سلفاً؟؟ أسئلة عسى أن تجد أجوبته عند من اقترح الإضراب على زعيم التيار الصدري والذي فات عليه أن يعرف به (هو وسيلة ضغط للحصول على مطالب محددة ارتبطت بالعمال والطلاب بشكل اكبر من بقية الشرائح والمهن) بالتالي غياب الطبقة العاملة وأهدافها ومصالحها عن النشاط الأحتجاجي هو السبب الأهم لفشل هذا النشاط. وبذلك تكون أسباب توقف الصناعة الوطنية واضحة وجلية لجميع.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن