زهد عبد الكريم قاسم

وصفي أحمد
wasfi_alhufi@yahoo.com

2016 / 7 / 31

بعد التحول الكبير الذي احدثته ثورة 14 تموز 1958 على مختلف الصعد , فتحت الدنيا ابوابها لعبد الكريم قاسم , حيث موارد البلد الهائلة , والالتفاف الجماهيري الكبير إلى درجة أن المستضعفين من ابناء الطبقات المسحوقة واجهت الدبابات الزاحفة على وزارة الدفاع بأيادي فارغة وسقط العديد منهم مضرجين بدمائهم دفاعاً عنه ولم تصدق مقتله لشدة تعلقها به , وظلت تنتظر عودته في يوم مأمول , ونسجت لهذه العودة قصصاً وأساطير .
لكنه رغم ذلك لم يحاول الاستزادة من الدنيا حتى أنه امتنع عن الارتقاء في السلم العسكري بعد الثورة إلى ما بعد رتبة زعيم ركن و لكن مقربين منه ألحوا عليه , وأقنعوه بان ذلك حق من حقوقه وعليه ممارسته , وارتقى إلى رتبة لواء ركن عام 1959 , وبعدها بأربع سنوات ارتقى إلى رتبة فريق ركن عام 1963 قبل مصرعه بشهر او يزيد , ولكنه أصر على أن يبقى راتبه كما هو عندما كان في رتبة زعيم ركن , وظل راتبه على حاله ولم يتغير حتى بعد أن تولى رئاسة الوزارة والقيادة العامة للقوات المسلحة ووزارة الدفاع وكالة , وهو الراتب الذي كان يتقاضاه قبل الثورة و اي انه امتنع عن استلام أكثر من ضعف ما يستلمه , وقد وجد قاتلوه في مكتبه بوزارة الدفاع قوائم بأسماء فقراء ومحتاجين كان ينفق عليهم من راتبه هذا .
وضرب عبد الكريم قاسم مثلاً رفيعاً في بساطة العيش وسمو النفس والزهد في المأكل والملبس , وظل غذاؤه يأتيه من بيت أخيه يومياً إلى وزارة الدفاع بـ ( السفرطاس ) وهو عبارة عن ( رز وخبز ومرق ) كان ولدا شقيقه حامد قاسم عبد الله وطالب يتناوبان في حمل غذاء عمهما إلى مكتبه بوزارة الدفاع حسب ما ذكر ذلك السيد عبد الله حامد قاسم في لقاء مع طالب الحسن يوم 23 / 8 / 1963 .
وجد أعداؤه في البحث علهم يجدون ما يشير إلى أرصدة أو حسابات في البنوك والمصارف خارج العراق أو داخله ليتخذوا منها ذريعة في تشويه سمعته ومبرراً للنيل منه , وبعد ان اعياهم البحث والتفتيش , عثروا على دراهم معدودات في جيب بدلته العسكرية , هي كل متاعه في هذه الدنيا الزائلة .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن