خالد مشعل لم يعترف بإسرائيل ولكنه يعترف بها

ناجح شاهين
najehshahin@yahoo.com

2016 / 7 / 27

خالد مشعل لم يعترف بإسرائيل
لكنه "يعترف بها"

نفت حماس رسمياً أن يكون خالد مشعل قد اعترف ب "إسرائيل". وهي تصريحات أدلى بها القائد مشعل للصحافة الهندية متحدثاً بالإنجليزية حول حل سياسي للقضية الفلسطينية. وبحسب ynetnews.com وكذلك هآرتس فإن هذه التصريحات التي لا تعد جديدة، تضمنت الموافقة على حل دولة فلسطينية في حدود 1967. وفي سياق المقابلة أوضح مشعل أن المشكلة ليست لدى الجانب الفلسطيني الذي سبق له أن اعترف ب "إسرائيل" عبر ياسر عرفات أولاً، ثم محمود عباس دون أن يؤدي ذلك إلى حصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة (=الدولة في حدود 1967). وأوضح مشعل أن الحركة لا تعترف بإسرائيل التي تغتصب حقوق الشعب الفلسطيني.
سأله صحفي عن التناقض في هذا الموقف، ليلقي مشعل الكرة في ملعب "إسرائيل" بصفتها هي من يقف حجر عثرة في طريق السلام، وليبين أن عدم اعتراف حماس ليس هو المشكلة.
من نافلة القول إن القبول بدولة في حدود 1967 هو اعتراف واضح (حتى لو لم يكن صريحاً بالدولة العبرية) وهذا الموقف ينطبق بالطبع على فصائل "اليسار" التي ترى الآن ان المشروع الوطني يهدف إلى إقامة الدولة المستقلة ذات السيادة على كامل التراب الفلسطيني في حدود 1967.
غني عن البيان أن أحداً في فلسطين لن يحصل على دولة مستقلة ذات سيادة على أية حدود، لأن هذا يتناقض مع "احتياجات" الأمن الإسرائيلية. كما أن "إسرائيل" ليست في حالة من الضعف التي تدفع بها لكي تعطي أحداً حبة رمل واحدة. ولا بد أن قادة الشعبية والديمقراطية وحماس وفتح ...الخ لو كانوا في سدة الحكم في الدولة العبرية لما فكروا في التنازل عن شبر واحد من أرض "التوراة" المقدسة. ربما الأجدر بهم أن يتوسعوا شرقاً. وليس سراً أن الدولة العبرية تستثمر في شراء الأراضي في الأردن والعراق، وتوثق علاقاتها مع الدول المنشقة عن أقاليم سايكس-بيكو بما في ذلك الجمهورية الكردية في شمال العراق، وجمهورية جنوب السودان، وهي توثق علاقاتها مع قادة الدويلات السورية المأمول بناؤها على يد "المجاهدين" في الشمال على حدود تركيا أو في الجنوب على حدود فلسطين المحتلة بما في ذلك الجولان.
من هنا نقرأ في تصريحات مشعل تكراراً ينقصه الحصافة والإبداع لتجربة قيادة منظمة التحرير التي دخلت في مشاريع الغزل السلمية بدءاً من العام 1974 لتصل في نهاية الممر المتعرج إلى تسوية أسلو التي يتضح الآن أنها سراب، وأنها لا تمنع حين نضوج اللحظة التاريخية من استكمال الخطة "داليت" إلى نهايتها الطبيعية بتطهير ما تبقى من فلسطين.
ماذا يريد مشعل إذن من هذه التصريحات والأفكار؟ نتوهم أن هذا يصب في خانة "تنقية الأجواء" في الصراع مع الدولة العبرية لما فيه مصلحة النشاط الإخواني الإقليمي والكوني وخصوصاً بما يسهل التعاون التركي والقطري مع الدولة العبرية. وقد لاحظ المواطن الفلسطيني والعربي تطبيقاً عملياً لهذا التعاون عن طريق دفع قطر راتب شهر (شهر فقط لا غير) إلى موظفي غزة بمباركة الدولة العبرية بطبيعة الحال.
نستطيع طبعاً أن نتخيل السيناريو الأسوأ المتمثل في انكماش فلسطين لتتحول إلى غزة لا غير، أو غزة مع أجزاء من سيناء. من الصعب بالطبع تقدير احتمالات المستقبل وسط المتغيرات التي تهز المنطقة العربية من جذورها. لكننا بالطبع نعي أن شخصية مخضرمة مثل خالد مشعل لا يمكن أن تفشل في إدراك أن رياح السياسة الإقليمية لا تتجه في ناحية حروب التحرير التي تدحر الصهيونية. وإن كان هناك بقايا من ذلك على أرض الواقع فهي بالطبع تصب في خانة حزب الله وايران وليس قطر وتركيا. وقد أوضح عشقي، الجنرال السعودي السابق عاشق السلام، أن إيران أعطت الفلسطينيين السلاح من أجل أن يموتوا، بينما أعطتهم السعودية –ونسي قطر وتركيا- المال لكي يبنوا الرفاه والحياة والسلام. ومن الواضح أن مشعل وحركته يعومان في هذا الاتجاه.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن