السنة النبوية تشريعٌ لفاقديها

غريب زهران
gh.zahran@gmail.com

2016 / 7 / 25

يكثر الحديث حول صحة السنة النبوية وما تم نقله لنا وطريقة جمعها وزمانها ووجوب إتباعها كمصدر من مصادر التشريع الإسلامي.
أنا هنا في هذا المقال البحثي أود التركيز على حجم ما تم نقله لنا من صحيح الحديث حتى نعرف هل نحن بحاجة الى بحث في صحة الحديث أم لا قبل كل شيء.
فكما هو معروفٌ أن الأحاديث الصحيحة عند أهل السنة والجماعة هي المصدر الثاني للتشريع وهي بمثابة المفسرة للقرآن الكريم ومنها الناسخ لبعض آياته ومنها المفصل لأحكام الدين الإسلامي عندهم.

وكما هو معروفٌ أيضا أن أهل السنة والجماعة تعتبر صحيح البخاري ثاني أصح كتاب بعد القرآن الكريم.

وكما هو معروفٌ أيضا عن صحيح البخاري أنه يحتوي على 7397 حديث صحيح يتضمن هذا العدد الأحاديث المكررة، وبعد حذف الأحاديث المكررة فإنه يصبح عدد الأحاديث فيه هو 2761 حديث.

وكذلك معروفٌ أيضا أن القرآن الكريم هو كتاب الله الذي أنزل على رسوله محمد والذي تعهد الله بحفظه ونقله الى الأجيال اللاحقة لعصر النبي والذي يخلو من النقص والزيادة والتحريف.

هناك دراسات عديدة أجريت على عدد الكلمات التي يتحدثها الشخص الواحد في اليوم الواحد والتي تتراوح ما بين 7.000 كلمة إلى 20.000 كلمة ، وقد يفوق بعض الأشخاص هذا العدد بكثير نظرا لطبيعة أعمالهم.
وكما هو معروف بأن تعريف السنة النبوية هي كل ما ورد عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير وكما هو معلوم ايضا أن عدد سنوات البعثة المحمدية هي 23 سنة هجرية، وكل سنة فيها 354 يوم، اي أن عدد أيام بعثة الرسول قياسا بوحدة اليوم هي 8142 يوما.
وعلى إعتبار أن الرسول هو شخص عادي جدا علاقاته محدودة مع وسط عادي العدد والصحبة وعلى إعتبار أنه غير معلم للناس تعاليم دينهم ودنياهم وعلى أعتبار أنه لم يكن يخطب في الناس ويوجههم ايام الجمع وفي الأيام العادية دعونا نفترض أن عدد كلمات الرسول اليومية تقارب 10.000 كلمة وهي قريبة جدا من الحد الأدنى للإنسان قليل التحدث.
ولنفترض أن متوسط عدد كلمات الحديث الواحد للرسول يساوي 40 كلمة / حديث ، فإنه بقسمة عدد الكلمات اليومية التي من المتوقع أن يكون السول قد قالها على 40 كلمة / حديث ينتج لدينا 250 حديث يومي للرسول الكريم، وبالتالي فإن مجموع ما هو متوقع أن يكون الرسول قد قاله طيلة فترة بعثته هو 250 مضروب في عدد أيام السنة مضروبا في 23 سنة وينتج لدينا 2.035.500 مليونان وخمسة وثلاثون الفا وخمسمائة حديثا.
إستطاع البخاري أن يضمن لنا في صحيحه 7397 حديث منقول عن الرسول، وهنا لا أريد أن أشكك بأي حديث وسأعتبرها جميعها موثوقة النقل 100 %.
فإن نسبة ما نقل الينا في البخاري هو 7397 حديث في صحيحه مقسوما على 2.035.500 حديثا ينتج لدينا النسبة 0.0036 طبعا هذا مع الأحاديث المكررة ، أي انه وصلنا 36 حديث صحيح من كل عشرة ألاف حديث.
وبعد حذف تكرار الأحاديث في صحيحه فإن النسبة تقل بالطبع الى 0.0014 حديث غير مكرر / حديث نبوي.
ولمن لا يرغب بإجراء عمليات حسابية بسيطة كهذه يكفي أن يعلم أن الرسول بعث 8142 يوما، وروي عنه لنا 7397 حديث أي بمعدل أقل من حديث صحيح واحد في اليوم الواحد من أيام بعثة الرسول.
هذا طبعا فيما يتعلق بالكلام فقط وإن وسعنا مفهوم الحديث الى الفعل والتقرير فإن النسبة ستقل كثيرا عن 0.0036 للحديث المكرر و 0.0014 للحديث غير المكرر.
لذلك فإنني اعتقد جازما أن على المسلمين وعلمائهم تصحيح مسارهم الديني وإعادة النظر بكافة أعمالهم الفقهية عامة والتشريعية خاصة التي إعتمدت على ما جاء في البخاري من أحاديث صحيحة، وذلك بالطبع لأن غالبية الحديث الشريف غير منقول وغالبية ما نقل منه غير صحيح. فهذا لا يدلل على تحريف السنة وضعف صحتها، بل يدلل على أن غالبيتها الساحقة محذوفة وليست محرفة.
قياسا مع القرآن الكريم فإن نسبة الكمال قد تكون معدومة ومقاربة للصفر في صحيح البخاري، الأمر الذي يتطلب أعادة بحث وتقييم لكافة المراحل التاريخية السابقة والحالية.
قد يقول قائل إن الله أمر بإتباع الرسول في كثير من آياته ، فنقول أن الرسول هو بشر عاش حياته ونقل رسالة الله المتمثلة بكتابه المحفوظ (القرآن الكريم) الى العالمين ، وأن سيرة حياة الرسول أو ما تدعى سنته هي الإستراتيجية إو المنهاج الذي بلغ بها الرسول الرسالة للناس ونشر الدين وحفظ كتابه، وبعد وفاة الرسول كان للمسلمين الحق بأتخاذ تشريعاتهم الوضعية التي تتناسب مع إحتياجاتهم حسب ظرفي الزمان والمكان فيما لا يتعارض مع القرآن الكريم المحفوظ كاملا لكل زمان ومكان، وأمر الله بإتباع الرسول هو موجه لأصحاب الرسول ومن عاصروه ، وموجه في بعض الآيات الى كافة الناس فيما يتعلق بما آتانا به الرسول من القرآن.
وقد يقول قائلا آخر وكيف لنا أن نتعلم طريقة الصلاة مثلا وهي غير منصوص عليها في القرآن ؟ فأقول أن هناك فارقا كبيرا بين تعليم الرسول الناس كيفية أداء الصلاة وأنه كان يصلي بهم يوميا 5 مرات وعلى مدار حياته ، وبين حديث قاله مرة او اكثر أمام واحد أو أكثر من أصحابه لظرف ما وفي زمن ما.
وفي نهاية هذا المقال البحثي اوجه السؤال التالي إلى أصحاب العقول الحرة المتدينة : كيف لله عز وجل أن يطلب منا إتخاذ السنة النبوية كمكمل ومفسر ومفصل ومشرع وناسخ لكتابه العزيز وهي بالأصل غير متوفرة لدينا بنسبة 99.64% ؟.
كيف يستطيع فاقدي السنة التشريع بها ؟



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن