العلمانية بنسختها العربية

نصر اليوسف
nalyusef@gmail.com

2016 / 7 / 18

العلمانية ـ كـفكر وممارسة ـ أنواع ودرجات... فالعلمانية ـ حسب رأيي ـ يمكن أن تكون:
ـ "إيجابية" عندما تكون مجرد نهج فكري لأشخاص في المجتمع، يمارسون حقهم في التفكير الحر، ويؤمنون بحق الآخرين في حرية التفكير.
ـ و"بنّاءة" عندما تتحول إلى قوانين ناظمة لحياة المجتمعات... والنسخة الأنغلوساكسونية هي الأمثل ـ حسب رأيي.
ـ و"سلبية" عندما تصبح بمثابة قيدٍ أو سجنٍ فكري، يَحُول دون تمكين معتنقها من قبول أي فكر آخر... وهذا ما اسميه "التطرف العلماني".
ـ و"هدامة" عندما تصبح سلاحاً يُشهرُه أتباعها في وجه كل من لا يريد أن يصبح نسخة طبق الأصل عنهم... وهذا ما أسميه "الداعشية العلمانية".

من خلال متابعتي لكتابات وتصرفات العلمانيين العرب، الذين يحلو لهم أن ينعتوا أنفسهم بـ"الليبراليين"، تشكل لدي انطباعٌ بأن غالبية هؤلاء يمكن أن ينطبق عليهم التعريف الثالث بكل جدارة؛ أي أنهم "متطرفون علمانيون" أو "علمانيون متطرفون".
ففي الوقت الذي يطالبون فيه بحقهم في السعي إلى إبعاد الدين تماما عن الدولة، يرفض هؤلاء رفضاً قاطعاً ونهائياً أن يقبلوا أو يعترفوا بأي حق للمتدينيين في السعي إلى إدخال الدين إلى معترك الحياة السياسية.
والأدهى والأمر يكمن في الـ"علمانية داعشية" أو الـ"داعشية علمانية" التي ظهرت ـ مؤخراَ ـ بكل وضوح، في أوساط العلمانيين الليبراليين العرب، على خلفية محاولة الانقلاب الفاشلة في تركيا... إذا عبر الكثير من المذكورين ـ بكل صراحة وصفاقة ـ عن تأييدهم للانقلاب بالقوة الغاشمة على الشرعية، لأنه ـ حسب رأيهم ـ يهدف إلى القضاء على "الإسلام السياسي".
لم يخطر في بال هؤلاء المتنورين الليبراليين أن يأخذوا بالحسبان أو يقيموا أي اعتبار لرأي الجماهير التركية؛ المعنية مباشرة بالأمر...
إن الموضوعية تقتضي أن نعترف بأن مجتمعاتنا مريضة، وبأن الأجيال المعاصرة من مجتمعاتنا لن يكتب لها الشفاء في المدى المنظور، لأن:
أتباع الإسلام السياسي في بلادننا إقصائيون ـ بلا شك،
والشيوعيون والقوميون إقصائيون أيضا،
وأثبت علمانيّونا الليبراليون أنهم لا يختلفون في شيء عن الإسلاميين، ولا عن الشيوعيين، ولا عن القوميين.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن