-قدم ناعمة- لنبيل جديد.. بقلم: محمود ريان

نبيل جديد

2016 / 7 / 6

للكاتب محمود ريان "فلسطين"
مفهوم البطولة، المعنى، والدّلالة في قصّة "قدم ناعمة" للكاتب "نبيل جديد":
سنقوم بمقاربة قصّة قدم ناعمة للكاتب السّوريّ نبيل جديد والّتي أخذناها من مجموعته القصصيّة "الرّقص فوق الأسطحة" .
*المرحلة الأولى: تشخيص الشّخصيّة المركزيّة (نشاط قبليّ- نصّيّ)
1. المعيار الكتابيّ أو التّبئيريّ
أ. المعيار الكمّيّ- التّراكميّ:
في النّصّ الّذي بين أيدينا اِنحياز واضح إلى الرّجل، كونه هو المبادر في اَلفعل، وهذا يظهر من اِستعمال ألفاظ فيها تراتبيّة "سقط فوق"، "انقضّ فوق"، بشكل تبدو فيها قوّة وعنف وإيذاء وإيلام. وفي هذا التّوصيف المتوالي يظهر الرّجل بشكل ملفت؛ فهو يليق به الفعل وليس ردّ الفعل. وعلى اِمتداد النّصّ تظهر هذه اَلتّراتبيّة بين الرّجل والمرأة، الّتي جاءت بفعل المجتمع، فهو الّذي كرّس الفرق ومنح المرأة وظائف لم يمنحها للرّجل.
وما دمنا نتحدّث عن شخصيّتيْن فقد قرّر المجتمع من هي الشّخصيّة المركزيّة مسبقًا، وهذا ما يسمّى بتأثير البيئة أو المجتمع على النّصّ. فالرّجل هو الّذي يبادر إلى العلاقة الجنسيّة، فهو يتحرّك والمرأة مسرح الحركة، فالرّجل يحتلّ الحيّز الأكبر على حركة المسرح، وبالمقابل المرأة لم تبادر إلى الحركة بشكل ملفت ما عدا الحركة الأخيرة التّي أظهرتها في نهاية القصّة على المستوى الفيزيقيّ، عندما تحرّكت قدمها النّاعمة وانتفضت وأصابت المذياع؛ فوَقَعَ؛ فساد الصّمت. تتلقّى المرأة فعلًا يُمارس عليها بصمت
وقد انتهت القصّة "بالصّمت"؛ إلحاحًا على اِعتبار أنّ الصّمت هو ما يليق بها؛ لأنّ الحركة الجسديّة مرئيّة، بينما الصّمت هو أثر روحيّ يتّصل بالعقل والوعي الباطن. علمًا أنّ الحركة الخارجيّة هي اِنعكاس لحركة الوعي أصلًا في علم النّفس.
وبالتّالي فإنّ سلوك الرّجل بشكل طوليّ يستند إلى مرجعيّة جنساويّة، متعلّق بموقف من المرأة، وهذا ينسحب بشكل مُطّرد وبالمطلق...
ب- المعيار النّوعيّ- التّأثير والتّأثّر:
العنوان يوجّه النّصّ إلى مسار تأويليّ موصول بالرّجل، مع أنّنا نجد أنّ "قدم ناعمة" له اِرتباط بشخصيّة المرأة. فهذه الشّخصيّة مقنّعة بصمتها، ولم يصدر عنها فعل سوى ما حدث في نهاية القصّة، عندما تحرّكت قدمها؛ فاَنتفضت؛ فوقع المذياع؛ فساد الصّمت.
ومن هنا اِزدادت شخصيّتها غموضًا، واَزدادت قدرتها على التّدليل. لكن هذا لا يجعل من حركتها دليلًا على المركزيّة، فإنّنا بعد استيعابها ومتابعة الشّخصيّة في دائريّتها- وفقًا لمبدأ "ي. م . فورستر" حول الشّخصيّة المدوّرة- نلمس أنّ هذه الشّخصيّة لا تخدم المعنى بشكل مباشر، بدليل أنّ النّصّ هنا أُغلق من طرف الشّخصيّة الأخرى (المرأة)، إذن فهي ثانويّة!
الرّجل هو مَن يتحكّم بحركة الشّخصيّة الأخرى وهي المرأة، وفي المجمل يليق بها ما فعلته، وظهرت شخصيّة فاعلة متحرّكة، وحركتها فضحت معانيها ودلالاتها.
ولعلّنا نستطيع اَلادّعاء أنّ الكاتب نفسه منحاز بشكل ما على المستوى السّيميائيّ إلى الرّجل، كونه يفرض سيطرته على تلك العلاقة الجنسيّة الّتي تقوم وفق أهوائه وميوله العاطفيّة، فضلًا عن نوازعه الجسديّة الشّرهة الّتي تلقي بظلالها على سيرورة الحدث؛ فكلّ حيثيّات الحدث موظّفة في خدمة هذا التفوّق الجنسيّ الفظّ. ومن هنا قد نقترب من قصديّة الكاتب، على اعتبار أنّه يميل إلى إحدى الشّخصيّات، فهو يرى في المرأة ميدانًا لتفريغ النّزوات العاطفيّة الجنسيّة المكبوتة، وبالتّالي تضطّلع المرأة بدور جادّ في ذلك،
لكنّها في النّهاية تجسّد دور الضّحيّة في مواجهتها للسّلطة والتفوّق الجندريّ إلى حدّ ما.
2. المعيار القرائيّ: الاِنفعال والتّحديق
يجد القارئ نفسه موزّعًا في اهتماماته وميله بين الشّخصيّتين (الرّجل والمرأة)، فالرّجل يشدّ القارئ إلى فعله، بصفته يمثّل السّلطة العليا المرتكزة على علاقة تراتبيّة وفقًا للتصوّر الجنسويّ التّقليديّ. ونحن قد نتّخذ موقفًا اِنفعاليًّا من المرأة؛ كونها الضّحيّة باعتبار أنّ القلب يهفو إليها، فشُددنا إليها من باب العاطفة لا أكثر. ربّما أراد الكاتب أن يوصل المعنى من خلالها، وهذا المعنى يكتسب شرعيّة من العنوان "قدم ناعمة"، وقد اِنتهت القصّة بتأكيد هذا الموتيف، فقد سبغت القصّة بسبغة نسويّة لا بأس بها. وبما أنّ الرّجل هو الفاعل، فقد جنّد المركزيّة في صفّه، بصفته المبادر في العلاقة الجنسيّة، فضلًا عن أنّ المجتمع أقرّ له العصمة.
لذلك فإنّنا قد نمنح شخصيّة الرّجل المركزيّة بالاحتكام إلى الضّوابط الجندريّة، تلك الضّوابط تقد بشكل أو بآخر إلى التحكّم بالشّخصيّة المركزيّة، مع العلم أنّها وضعيّة، لأنّ المجتمع كرّس سلطة الرّجل على المرأة، وهذا ما نلمسه في النّصّ. فالنّص لا يحاكي الواقع بقدر ما يتّخذ موقفًا منه، وفقًا لمبدأ الواقعيّة الاِشتراكيّة. لكنّ النّصّ ينقل لنا إبداعيًّا التّقليد الّذي يسير عليه المجتمع الشّرقي السّلطوي بخصوص مكانة المرأة الاِجتماعيّة، وهذا ما نقله لنا منطق السّرد. فالسّرد كان وما زال الوسيلة الّتي نعقل العالم بها ونعقل أنفسنا، كما يرى" جوناثان كولر" Jonathan Culler وعليه فالسّرد يبدو لنا متماهيًا مع الدّلالة الّذي يقيه من أن يكون لعبة شكليّة فحسب.
وفي هذا السّياق يشير كذلك "جوناثان" إلى "أنّ التّواصل بين المبدع والمتلقّي، ينهض على معرفتهما المشتركة بالتّقاليد الّتي ينتمي إليها النّصّ المبتكر. ولولا هذه المعرفة المشتركة لاَستحال الاِتّصال والتّفاهم بين الكاتب والقارئ. فإنّ النّصّ الأدبيّ
يفترض نوعًا من التّقاليد الرّاسخة الّتي تعدّ شرطًا لإمكان التّفاهم بين المبدع والمتلقّي" .
ويرى بعض المتكلّمين في فكرة التّوليد النّصيّ أنّ القدرة على التّجديد والاِبتكار تتناسب طرديًّا مع القدرة على فهم تقاليد التّراث واستيعابها. وهنا في هذا النّصّ وجدنا أنّ الكاتب عميق الصّلة بالتّقاليد والعادات التّراثيّة الشّائعة في بيئته الحياتيّة، فهو لا يكشفها بقدر ما يطرحها للمشاهد ليمكنه أن يعاينها ويعالجها قدر المستطاع؛ لأنّ الكاتب ينطلق من تقاليد ومواضعات يحياها في مجتمعه ويريد أن يثيرها من منطلق الفكر الواقعيّ. وكما يرى روبرت شولزRobert Scholes ، " القدرة على التفرّد في مجال الإبداع الشّعريّ أو النّقديّ لا توهب للرّهبان؛ أي المعزولين عن التّقاليد والأعراف بل توهب لهؤلاء الّذين يسيطرون على التّقاليد ويستوعبونها" .
والحقّ أنّ الأعراف والتّقاليد الأدبيّة هي الّتي تمكّننا من معرفة ما ينطوي عليه العمل الأدبيّ من جدّة. وفي هذا ينقل "كولر" عن "جوليا كريستيفا" Julia Kristeva ما تراه من أنّ رصد المعالم البارزة في العمل الأدبيّ المدروس لا تتأتّى إلّا عن طريق معرفة الصّلة بينه وبين النّصوص الأخرى؛ لأنّ النّصّ عندها إنّما يتشكّل من خلال إشاراته الضّمنيّة إلى النّصوص الأخرى .
وفي مجمل الأمر تتفاعل المعايير الّتي تقدّمت على نحو يظهر ميل الكاتب والقارئ إلى التّركيز على دور الرّجل كشخصيّة مركزيّة أولى تلحق به المرأة في دورها الحاسم.
• المرحلة الثّانية- مقاربة البطولة وفقًا للموديل السّيميائيّ بخطواته الخمس:
أ‌. النّقص: ( الهدف والتّحفيز)، كما ندرك ليس هناك فعل خارج دائرة الحاجة أو النّقص. وفي القصّة فإنّ النقص يبدو في الحاجة الجسديّة والجنسيّة ولإثبات ذلك فقد أفرغ الرّجل شهوته واستنفدها بشكل يدلّ على الكبت على طول النّصّ.
ب‌. الرّغبة ( آليّة لضمان حركة الشّخصيّة): تبدو رغبة الرّجل واضحة لتحقيق القدر الأعظم في إشباع الغريزة والشّهوة الجامحة، نظرًا لأنّ الرّجل اِستفزّه المظهر الجسديّ المرئيّ؛ فوجد نفسه مدفوعًا للاِنقضاض على الفريسة. هذه الرّغبة هي تحصيل حاصل للغريزة المكبوتة، خاصّة أنّ الطّبيعة البشريّة لا تقاوم هذا الإغراء الجنسيّ الفائر والمحموم. كلّ المؤثّرات توحي بهذه الرّغبة الجنسيّة، وفي سبيل نيلها لم يأل جهدًا في اِستنزاف شهوته في سبيل الإشباع، لأنّ هويّة الآخر معطّلة في سبيل فرض الرّغبة، وفي ذلك نوع من المحاكاة للواقع الّذي يرزح تحت نير السّلطة والحاكم. وفيه نوع من الإدانة للطرف اَلآخر اَلمُستسلم.
ت‌. القدرة: نرى في القصّة أنّ الرّجل بدهائه وقوّته الجسديّة اِستطاع من تفريغ الحسّ الشّهوانيّ المكبوت، وهو بذلك حقّق حاجته الجنسيّة، الّتي مردّها إلى الضّعف البشريّ أمام شهوة جامحة. ولذلك لم يتورّع عن استفراغ شهوانيّته بتفعيل سطوته على المرأة، بشكلٍ عطّل قدرة اَلمرأة في ممارسته هذه.
ث‌. الفعل/ التّنفيذ: رأينا أنّ الرّجل في سعيه حقّق شهوانيّته وحسّه الجنسيّ في إشباعه، نظرًا للحالة النّفسيّة الّتي تستدعي التّحركّ على مستوى الفعل. وفعلًا بمبادرته حقّق غاية سعى إليها منذ ابتداء الحدث وحتّى اِنتهائه، وإن كنّا لا نقرّ بمشروعيّة ذلك.
وبالنّظر إلى العوامل المساعدة، نجد أنّها ذاتيّة تتحرّك بتحرّك الرّجل، لأنّ ما يقوم به بوازعه الفرديّ الموصول بالضّرورة بتخطيط للفعل.
لكن لا يخلو الموقف من وجود إعاقة. هذه الإعاقة ظهرت مع توقّف الموسيقى، عندما تحرّكت قدم ناعمة، وبحركتها ساد الصّمت، وبذلك يظهر أنّ للمرأة دورًا حاسمًا عندما أوقفت انسياب الموسيقى والغريزة كذلك، وبالتّالي حدّدت نهاية القصّة.
ولنا أن نؤوّل وقوع الصّمت، هذا الصّمت الّذي صنعته المرأة رغم ضعفها، لكن له وقعه. فالصّمت هنا قناع يتشكلّ برؤية الشّخصيّة وهنا المرأة. الّتي رغم صمتها لم يملك الحدث إلّا الخضوع لها، وذلك عندما تحرّكت قدمها، وتشنّجت، وأصابت المذياع. هذا الأمر يضعف دور الرّجل، فقد أشبع غريزته، لكنّه لم ينه الحدث وبذلك يظهر ضعفه في وضع نهاية لممارسته الشّبقيّة في هذه القصّة.
ج‌. النّتيجة: حركة الرّجل على طول النّصّ ظهرت جليّة، كونه الشّخصيّة المركزيّة، والّتي هي مركز التّبئير، وهي محور المنطوق السّرديّ. لكنّها لم تبهرنا عند نهاية القصّة، فكان التّعويق من المرأة كافيًا لكي لا نعتبرها بطلة بالمطلق؛ وإنّما جزئيّة، فنجاحها جزئيّ، لأنّ المرأة سلبتها بعضًا من قوّتها، وبالتّالي جاءت النّهاية لتعظّم غموضها وصمتها؛ ومن هنا فإنّ المعنى محكوم بالسّياق، ولذلك قد قُطع التّواصل واصطدم الرّجل بالواقع، وهذا الاِصطدام هو تشفير بالضّرورة. وبذلك فإنّ الرّجل حظي ببطولة جزئيّة بالمنظور الفعليّ وليست بطولة تامّة (Semi-Heroism).
• نشاط ما بعد القراءة (Post Ending Activity Of The Reader)
رأينا أنّ الشّخصيّة المركزيّة وصلت إلى حالة من حالات البطولة الثّلاث. وهذا بدوره
مردود إلى اِستراتيجيّة الفعل الّتي بناها في إدراكه. ونظرًا لردّ فعل المرأة في النّهاية الّذي أضعف من هيمنة الرّجل، جعله لا يحقّق بطولته كاملة. وهذا مردود إلى عوامل داخليّة وخارجيّة تتعلّق بالشّخصيّة السّرديّة. وبالنّظر الشّامل نلمس أنّ الكاتب لم يظهر هذه التّراتبيّة، بل بدت الجنسويّة كعامل تزيينيّ مفرغ من معانٍ كنّا نتوقّع أن تظهر ولو بالرّمز. ونحن نقرّ بالمعطيات النّصّيّة أنّ الرّجل هو صاحب العصمة، وبدا مسيطرًا بشهوته العاطفيّة الجنسيّة إلى أبعد الحدود، لكنّ ضعفه الأنطولوجيّ في النّهاية لا يشفع له.
باعتبار أنّ النّصّ السّرديّ هو عمليّة رمزيّة بالأساس، إذن الرّجل هو ليس الرّجل، كما أنّ المرأة هي ليست المرأة، وذلك لأنّ الشّخصيّات قائمة على تشفير، وشكل من أشكال الاِستعارة. فالكاتب يحرص أن يمرّر فكرة أو أيديولوجيا من خلال النّصّ، والقارئ هو شريك فعليّ في عمليّة الإبداع.
وإذا كان الأدب تشفيرًا للتّجربة الإنسانيّة، فإنّ التّواصل الأدبيّ يقوم على فكّ هذا التّشفير. وعلى حدّ رأي النّاقد الغربيّ "إيزر" Wolfgang ISER من مدرسة جماليّات التلقّي، "إنّ النّصّ لا تشيع فيه الحركة إلّا إذا تحقّق".
ومن هنا يمكن إحالة رمزيّة المرأة كَ (Signifier) إلى دلالة الصّراع الطّويل غير المحدّد، والقبول بمعانيه المتعدّدة، اِجتماعيًّا، وسياسيًّا، وثقافيًّا، وعسكريًّا في حالتنا العربيّة. وجدنا أنّ المرأة هي الّتي حسمت مصير الرّجل في توجّهه نحو وجه البطل الجزئيّ، مع أنّها كانت ضحيّةً، ولذلك فقد اِرتبط المعنى بها. وبنظرة شموليّة نجد أنّها وظّفت لتؤدّي دورًا واضحًا تحيل إليه، على اِعتبار أنّ الكلّ موظّف في خدمة الأيديولوجيا. المرأة في تأدية دور الضّحيّة في هذا العمل الأدبيّ، نحيل دورها القابل للرّضوخ والاِمتهان، إلى حالة أشمل تنطبق على الأمّة العربيّة كونها رضيت وقبلت أن تكون مستعمرة قياسًا على حالة المرأة الّتي اَستعمرت بالمفهوم الاِجتماعيّ الأيديولوجيّ؛ لذلك يمكن الحديث عن الحالة العربيّة الرّاهنة وتوصيفها بما يسمّى القابليّة للاِستعمار(Colinialisability). إذن هذا توجّه جديد في إحالة الحالة على حالة جمعيّة تشكلّ واقعًا موجودًا ومفروضًا. لذلك وفقًا للدّلالة العامّة هناك مُستَعمِرٌ ومُسْتعمَرٌ وجدا على حالة متباينة من حيث مركز السّلطة والكولينياليّة عامّة.
من هنا فإنّ المرأة هي المستعمَر، والرّجل هو المستعمِر. وللخروج من الوضع العربيّ المأزوم على المستوى السّياسي والسّوسيوثقافيّ ، ينبغي أن نعيد حساباتنا في المستعمَر، وبإحالة الحالة إلى الأدب نقول أنّه على الضحيّة أن تتغيّر وتأخذ دورًا أكثر فاعلًا في الصّراع بمفاهيمه المتنوّعة، ولا تنظر إلى نفسها ضحيّة عاجزة عن تغيير الوضعيّة الرّاهنة. من هنا نخلص إلى أنّ المرأة هي المسؤولة عن ضعفها وعدم اِضطّلاعها بالمسؤوليّة تجاه المستعمِر، ومن الضّرورة بمكان أن نغيّر الوضع القائم الّذي فرض من الخارج، ونأخذ دورنا الوطنيّ المسؤول تجاه الأمّة؛ حتّى لا نكون دائمًا في وضع الضّحيّة، وعليه ينبغي تغيير الموازين باتّجاه تثوير العامّة على المستعمِر؛ لأنّه إذا طُرِد من نفوسنا فحتمًا سيُطرد من أرضنا؛ وعندها تتحقّق العدالة والشّرعيّة بوضعيّاتها المتنوّعة في هذا الوطن الواسع، وإلّا كنّا عالة على الوجود الّذي يفتقر إلى ضرورات المرحلة الّتي تستدعي بناء الإنسان ورفع وعيه وتثويره أنطولوجيًّا؛ حتّى لا نظلّ نقبع في العزلة والهامش دون تأثير وجوديّ وفكريّ ف(1)ي واقعنا هذا!.
(1) قدم ناعمة من مجموعة الرقص فوق الاسطحة الصادرة 1976
موسيقا المذياع تسكن الغرفة، تلوت امامه كأفعى، سقط فوق الجسد الاحمر الخوخي، اغرقهما العرق.. فاحت رائحة الغرفة بالجنس، انقض على شفتيها المكتنزتين، احتضنها بقوة، امتص خلايا جسدها النابضة بالفرح، عبثت يداه بشعرها، انزلقتا فوق الكتف.. سارتا في مسيل الظهر، توقفتا عند الردفين..
- آه..
نظرات فاترة، الارتخاء يعربد في جسديهما، شفتاها وردة جورية.. تقلصت عضلاته.. جذبها نحوه بقوة:
- آخ..
كتم صوتها بقبلة طويلة،... توقفت الموسيقا المنسابة الناعمة المتموجة: "قام العدو بهجوم مباغت..."..
تحركت قدم ناعمة، امتدت، تشنجت، انتفضت، اصابت المذياع، وقع، صمت..
صمت.
1972



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن