الحوار المتمدن في عيدها الرابع

حمزة الجواهري
hjawahri@yahoo.com

2005 / 12 / 10

كل يوم يمر والحوار المتمدن تزداد تألقا وتفتح دربا جديدا نحو قلوب وعقول القراء، ولم يمر يوما إلا والحوار المتمدن يطيح بصرح للتخلف بنته أموال سرقوها من شعوبهم، ولم يمر يوم إلا والحوار تكون قد بنت جسرا جديدا بين الشعوب، وخلال مسيرتها قد أوصلت وشائج المحبة والصداقة بين المثقفين العرب أينما وجدوا، سواء في بلدانهم أم في المهاجر، وحتى الذين ألقوا بهم في سجون أنظمة القمع وتكميم الأفواه.
الحوار المتمدن نفسها لم تسلم من سياسات تكميم الأفواه، فقد تم حجبها في أكثر من بلد ظنا من الأنظمة أنها سوف تحجب الحقيقة عن الناس وتشل الأيدي وتكسر الأقلام، وهذا هو المستحيل بعينه، فلا العقل توقف عن إبداعه ولا القلم كف عن طلب المداد والحقيقة آخذة بالصعود كما الشمس بعد شروقها.
مع انطلاقة العقل في ميادين الحوار، تألق الإنسان العراقي خصوصا والعربي عموما وتصاعدت حركته نحو غد مشرق ديمقراطي وثراء في العقول والنفوس، فقد فتحت الحوار المتمدن أكثر من ملف عراقي وعربي في آن واحد، ناقشت قضايانا في مختلف المجالات، ولم تترك فرصة لفتح حوار أو ملف إلا وفتحته من أجل إعلاء الحقيقة وتعميق الوعي الوطني والطبقي وما تتطلبه المرحلة في تاريخنا المعاصر، حيث لا يخفى عليكم، أن شعوبنا تمر في مرحلة تحول متسارعة الأحداث والوقع، كأي مرحلة تحول تاريخي.
فكانت ومازالت الحوار المتمدن أول من تلمس نبض الشارع، وأول من حدد الأولويات، وأول من وفر الأدوات لإطلاق العقل نحو اكتشاف الضرورة وتعميق الوعي بها، فالحرية بمعناها الحقيقي "وعي الضرورة" ولا شيء أكثر من ذلك، فالحوار المتمدن كانت حقا هي الرائدة في كسر قيود الإنسان وانطلاقه نحو الحرية الحقيقية في عوالم الوعي بأفاق لا تحد.
إنها حقا مهمة صعبة ومن أكبر المهام التي يجب على المثقف العراقي والعربي تحملها نيابة عن شعبه لاجتياز المرحلة بنجاح، فالطريق متعرجة شائكة علاها العشب البري وفخاخ المتصيدين وهوام البرية المفترسة والغادرة، فكان قدر للمثقف العراقي والحوار المتمدن وباقي وسائل نشر الوعي والثقافة حمل هذا الدور على كاهله من أجل الوصول إلى بر الأمان، فكم هي صعبة هذه المهمة!
وقفت الحوار المتمدن وقفة مشرفة مع الأديب والفنان والسياسي فشدت من عضده وآزرته ودافعت عنه ووقفت تلك المواقف المشرفة من الجميع دونما تمييز أو محاباة، فكان المثقف هو نبيها وحامل كتابها ومبلغ رسالتها، وكانت الحوار المتمدن الأرض التي يسعى بها دونما حدود أو قيود. هكذا عرفتها ولا أجدها تحيد يوما عن هذه المسيرة.
الحوار المتمدن، حقا حفظت الأمانة، فلم تبيع كلمة من أجل نفع مادي، ولم تفرط برأي لمبدع إرضاء لجهة ما، ولم تمد يدها لترتزق، فتآزر معها المثقف ولم يبخل عليها ذو سعة، دعما لمواقفها، وحبا لها، وتقديرا لدورها في العملية التاريخية، فكانت حقا واحة الواحات الفكرية حتى أنها تجاوزت كل التوقعات لتصبح جامعة وحافظة لإبداع كتابها وملاذا للباحث والدارس.
هكذا أعطت الحوار المتمدن الدرس لكل من يريد أن يخدم شعبه بشرف وإيثار ونكران ذات.
في عيدها الرابع، أقدم لها باقة ورد وقبلة.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن