زهر اللّوز -13-

نادية خلوف
nadia_khaloof@yahoo.com

2016 / 5 / 18

أضغاث أحلام. هي مجرّد أحلام
ينتهي الحلم ،و لا زال وعينا في المنام
يطلّ علينا أمل مثل نسيم عليل
نفسّره كما نشاء
نمضي يومنا في التفسير، والتأويل
يحين وقت النّوم
نتوضأ على نيّة الحبّ
نتقلب في فراشنا
تتحارب الأصوات في رؤوسنا
نرحل عن الوعي متعبين
أنّهكنا التفكير بحلم اللّيلة المقبلة
.. .
في كل مساء أرسم خطّة محكمة
لحلم مليء بالألوان
يأتي على حصان
يرتمي قربي
يصفعني
يرسم خطوطه المرعبة على جسدي
أخرج منه محمّلة بدهر من العذاب
أسعى لتغييره في الليلة المقبلة
ويكون حلماً أعيشه في بستان
فيه نهار، وألوان
...
أتمنى أن أحلم. منذ مدّة طويلة لم أنجح في استحضار الرؤى إلى أوقات نومي.
لا يقبل الوهم أن يزورني خلال يقظتي .
هل تؤمن بالأحلام يا مسعود؟
عفوا حبيبي أخطأت في الاسم.
-لم تخطئي أنا مسعود.
هو زوجي مكرود. يوحي إليّ أنّه مسعود
لا يهم اسمه ولقبه.
-تعالي يا دنيا نركض على الشّاطئ ، تختبئين مني بين المطر، أمسك بك ونشبع الكون ضحكاً. دعينا نعيش الحياة. لا زلتِ متألّقة. كأنّني رأيتكِ للتوّ.
تختلط القبلة الأولى برذاذ ينعش القلب ، أصمت ، أحمرّ خجلاً، أعيش حالة حبّ . لا أرى من العالم سوى رقّة النسيم ، ودفء الرّذاذ ، وجمال الكون. لن أصحّح الأسماء. لتكن قصّة حبّ اسمها مسعود، ودنيا.
. . .
على ذلك الشّاطئ البعيد رقصنا معاً
غنّينا لقبلتنا الأولى
صليّنا صلاتنا الأزليّة
لا تغادر حبيبي !
دعنا هنا
هذا المركب ينتظر ، أرى أنّك مستعدّ للرّحلة.
دعني أغفو بينما تغنّي عنّي. غنِّ عنّي فمنذ ولدت لم يذكر أحد اسمي في أغنيته.
أشعر أنّني منبوذة لو تخلّيتَ عنّي. أنا لست ملاكاً ، قد أنتقم لحبّي.
حبيبي!
اسندْ رأسي إلى كتفكَ . دعنا نعيش عمراً من الحبّ، وعندما لا أعرف قلبي من قلبك. أبكي لأنّ قصص الحبّ تتوّج بالبكاء، تمسح دمعي، تمسك يدي. تقول لي: لا تبكي حبيبتي، عرفتك أنّك بريّة منسوجة من جنون الأنبياء. من أنا لولا جنونك؟
-قولي يا دنيا. لا تتوقّفي. أحب أن تقولي لي حبيبي، يبقى العالم قربي وردياً. إنّني رجل من زمن جديد. تعلّمت روحي من القمصان التي لبستها، عندما حلّت روحي في جسد كلب. كنت أعوّي فتعوّي زوجتي، وعندما حلّت في روح غنيّ أصبحت أهين زوجتي فتبصق خلفي دون أن أراها، احتكمت إلى جنيّة تشبهك. قالت:" عد مرّة أخرى إلى جسد إنسان. اختر حبيبتك، وعندما تقول لها حبيبتي سوف تملكها، فالعالم مصنوع من الكلام، الكلام هو الذي يخلق اللّون والجمال." صدّقت كلام الجنّية ، عندما كنت طفلاً كان أبي يقول لأمي يا ابنة الفاجرة ، يسخر منها، يذلّها، وعندما يخرج كانت تسميه أمامنا بأبي القرنين، ترغي وتزبد وهي تصفه وتصف عائلته.
-توقّف يا مسعود عن الإسهاب في الكلام عن أشياء مضت. دعنا نعيش حالتنا. الليلة لنا، وفي النّهار سوف يكون العرس، ويكون المدعوّون أنا وأنت. سوف نقيم العرس هنا على الشّاطئ، نبقى في انتظار طفلنا، يخرج إلينا من البحر ، وكلّما شبعنا من حضوره عاد ثانيّة . دعنا نعيش الحياة.
لماذا تبتسم كالأبله؟
من أنت؟
خاسر!
هل كنت أحلم؟
-منذ جلست قرب شجرة اللوز التي تقع قرب الباب الواقع في حديقتي الخلفية، وخاسر يراقبني دون أن أعلم بوجوده.
-اسمعي يا عزيزتي. في الغد سوف أجلب طبيباً معي يعرف كيف يفصل بين الحقيقة والحلم. استشرته، وقال هناك ثقب في القشرة السطحية التي تطلّ على بوابة العقل يجب إصلاحها. لو أصلحها سوف تعرفين الحقيقة من الحلم، وسوف تحلمين أيضاً ، وتتحقّق أحلامك.
خذي هذه المرآة الصغيرة . ضعيها في جيبك، انظري إلى نفسك فيها، وحاولي أن تتحدّثي معها ، كوني هادئة مع المرآة. سيطري على الغضب، فالحياة قصيرة جداً ليس عليك أن تكوني غاضبة على الدّوام.
كأنّ العالم يلفّه ضباب، شجرة اللّوز تقذف بورود حمراء دافئة كالجمر، أجلس قربها. أحاول أن أقنعها بأن تعود إلى طبيعتها، وتسيطر على غضبها. تصرخ:
أنتم من أوصلني إلى هذه الحال.
كنت شجرة لوز جميلة
أرش أزهاري ، أحرس الحياة.
ثرثرتم قربي بكل الأشياء
نسيت اسمي
أصبح داخلي ملتهباً
عندما أنطفئ ، سوف يتوقف الزّهر أيضاً.
لا زال قلبي مشتعلاً. سوف أبقى غاضبة إلى أن أتحوّل إلى رماد
.. .
ننتقل من حال إلى حال، تتوالى الأجيال، يستمرّ الغضب ، ومعه يرحل الجمال.
كنت أعيش الحبّ على شاطئ بعيد، الآن أعيش حالة غضب. غضب شجرة اللوز، غضبي منك يا مكرود. كنت أرغب أن تكون رجلاً أعيش معه تجربة حبّ.
كلّ شيء هادئ الآن. شجرة اللوز لم تتغيّر، وأنا لازلت أنا، والصبح قارب على البدء، والشّمس سوف تشرق كلّ يوم .
الشّمس سوف تشرق كلّ يوم
نمشي مع أشعّتها من الصّباح حتّى المغيب. نحزن لفراقها.
في كلّ يوم نمشي بطريقة جديدة. نهرول، نركض. نزحف. نسقط في الهاوية .
أعدك أيّتها الشّجرة أن أبدّل الليل بالنّهار.
في الغد سوف أجلس تحت أشعة الشّمس في الصباح إلى أن يصبح جسدي جمراً. أتعرى . الشّمس الدّافئة لا تحتاج إلى ثياب.
سوف أخصص غداً لدفء الشّمس والتّعري ،وعندما تغيب الشمس
أنام في معبد للحبّ
أجرّد قلبي من الأمراض التي علقت به
يرحل الزّيف، وتبدأ الحياة .




. ..



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن