لا اكراه في الدين- دعاية اسلامية كاذبة

سامي الذيب
sami.aldeeb@yahoo.fr

2016 / 5 / 16

كتاب جديد يتتبع الأكذوبة الإسلامية
------------------
في كل مؤتمر أو محاضرة عن الإسلام نسمع المسلمين يرددن الآية 256 من سورة البقرة التي تقول
لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ.
.
لفهم حقيقة هذه الدعاية الكاذبة، قمت بتتبع كل ما كتبه المفسرون القدامى والمعاصرون حولها ونشرته في كتاب صدر باللغة الفرنسية والإنكليزية ومؤخرا بالعربية عنوانه
لا اكراه في الدين - تفسير الآية 256 من سورة البقرة خلال العصور
وهذا الكتاب متوفر مجانا من موقعي
http://sami-aldeeb.com/tafsirs/Contrainte_amazon_ar.pdf
وسوف اكرس لهذا الموضوع حلقة مع برنامج الجهر بالإلحاد في 18 مايو 2016 الساعة 17 بتوقيت لندن https://www.youtube.com/watch?v=1Pm-NtSTn84&feature=share
.
يلجأ المسلمون كثيرا جدا لهذه الآية للبرهنة على تسامح الإسلام واعترافه بحرية العقيدة. ولكن هذه الآية مخالفة لحديث نبوي يقول: من بدل دينه فاقتلوه. وقتل المرتد، أي من يترك الإسلام، تم النص عليه مثلا في القانون الجزائي العربي الموحد الذي وافق عليه بالإجماع مجلس وزراء العدل العرب وموجود على موقع الجامعة العربية http://carjj.org/node/237. يقول هذا القانون:
المادة 162 - المرتد هو المسلم الراجع عن دين الإسلام ذكرا كان أم أنثي بقول صريح أو فعل قاطع الدلالة أو سبب الله أو رسله أو الدين الإسلامي أو حرف القرآن عن قصد
المادة 163 - يعاقب المرتد بالإعدام إذا ثبت تعمده وأصر بعد استتابته وإمهاله ثلاثة أيام
المادة 164 - تتحقق توبة المرتد بالعدول عما كفر به ولا تقبل توبة من تكررت ردته أكثر من مرتين
المادة 165 - تعتبر جميع تصرفات المرتد بعد ردته باطلة بطلانا مطلقا وتؤول الأموال التي كسبها من هذه التصرفات لخزينة الدولة.
.
وقد خلقت حرية العقيدة مشاكل لكل الأديان. وقد تم التأكيد عليها في الفقرة الأولى من المادة الثانية، والمادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان:
المادة الثانية الفقرة 1 - لكل إنسان حق التمتع بكافة الحقوق والحريات الواردة في هذا الإعلان، دون أي تمييز، كالتمييز بسبب العنصر أو اللون أو الجنس أو اللغة أو الدين أو الرأي السياسي أو أي رأي آخر، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي أو الثروة أو الميلاد أو أي وضع آخر.
المادة 18 - لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها سواء أكان ذلك سراً أم مع الجماعة.
.
وقد لاقت عبارة "الحق حرية تغيير ديانته أو عقيدته" معارضة شديدة من قبل الدول الإسلامية، ويمكن اعتبارها من اهم التحديات التي يواجهها المسلمون، لأنهم يرون في هذه الحرية انتهاء الإسلام، كما أعرب عنه بكل صراحة القرضاوي: "لو تركوا الردة لما كان هناك اسلام. لكان انتهى الإسلام منذ وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام. فالوقوف امام الردة هو الذي أبقي الإسلام" (انظر هذا الشريط http://goo.gl/bu1PcG). ويستشهد القرضاوي بالآية 5: 33 لتبرير قتل المرتد:
إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآَخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ.
.
مختصر مفيد لما جاء في كتب التفسير
-----------------------
يمكن اختصار معنى الآية لا اكراه في الدين وفقا للتفاسير المذكورة في هذا الكتاب كما يلي:
1) لا تسامح مع عبدة الأوثان لأنهم ليسوا اهل كتاب منزل. فهم مخيرون فقط بين الإسلام والسيف مع ما يتبع ذلك من سبي نسائهم واسترقاق أطفالهم وسلب أموالهم. ويطلق عليهم عامة صفة المشركين، أي يشركون مع الله آلهة اخرى.
2) أهل الكتاب، أي اليهود والنصارى، مخيرون بين الإسلام، او الاحتفاظ بدينهم مع دفع الجزية وهم صاغرون والخضوع لأحكام تنتقص من حقوقهم مقارنة بالمسلمين، أو السيف مع ما يتبع ذلك من سبي نسائهم واسترقاق أطفالهم وسلب أموالهم. فمن يرفض الإسلام أو دفع الجزية يجب قتله بالسيف. ويشبه المجوس والصابئة باليهود والنصارى.
3) الوثنيون الذين يتحولون لليهودية أو للنصرانية يعاملون معاملة الوثنيين، فيخيرون بين الإسلام والسيف مع ما يتبع ذلك من سبي نسائهم واسترقاق أطفالهم وسلب أموالهم.
4) السبايا وأسرى اليهود والنصارى والذين يتم استرقاقهم لا يفرض عليهم الإسلام، ولكن سبايا وأسرى الوثنيين والصابئين والمجوس يفرض عليهم الإسلام، لأن اسيادهم لا يمكنهم الزواج من نسائهم ولا يستطيعون اكل ذبيحتهم. وأما القاصرون من الفئتين فيفرض عليهم الإسلام فرضًا حتى لا يتبعوا دينًا فاسدًا.
5) كلمة اكراه تعني عامة الإكراه الجسدي، أو بصورة ادق القتل. ولم نجد إلا مفسرا واحدا يفسر كلمة الإكراه بالقتل والسجن والحرمان من الأموال. ولم نجد أي مفسر يعتبر انتقاص حقوق غير المسلمين والتشديد عليهم بهدف تحويلهم للإسلام نوعا من الإكراه. فمثلا منع غير المسلمين من الزواج من مسلمة، بينما يسمح للمسلم من الزواج من كتابية لا يعتبر اكراها.
6) لم نجد أي مفسر اعتبر آية لا اكراه في الدين بأنها تعني حق المسلم بترك الإسلام أو ترك الواجبات الدينية مثل الصلاة والصوم. ووفقا لأحد المفسرين المعاصرين، المسلم الذي يرفض الصلاة يحق قتله اعتمادا على آية لا اكراه في الدين. فالمسلم يجب معاقبته ان رفض فرائض الإسلام الدينية.
7) بعض المفسرين، خاصة المعاصرين، يرفضون الاتهام بأن الإسلام انتشر بالسيف، معتبرين اللجوء للحرب وسيلة لحماية حقهم في نشر الإسلام. ولم نجد مفسرًا واحدا يعترف بحق غير المسلم في تبشير المسلمين وتحويلهم لدين غير الإسلام أو نشر ديانتهم.
8) لم نجد أي مفسر يعطي الحق لأطفال المسلمين الذين لم يختاروا ديانتهم في ترك الإسلام عندما يبلغون سن الرشد.
9) يعتبر المفسرون ان كل شخص عاقل يجب عليه ان يختار الإسلام، ولكنه يترك حرا في فعل ذلك. وفي نفس الوقت يعتبرون ان التحول للإسلام لا يتم إلا بإرادة الله، ولكن لا يعطون حرية الاختيار للوثنيين. فهؤلاء يجب افناؤهم من الوجود، حسب قول أحد المفسرين المعاصرين. وهذا قد يفسر لماذا لا يبالي المسلمون بإبادة 80 مليون هندوسي لأنهم يعتبرون وثنيين.
10) المفسرون المعاصرون يعتبرون الإسلام اول دين والدين الوحيد الذي يعترف بمبدأ لا اكراه في الدين الذي يعتبرونه مساويا لمبدأ حرية الاعتقاد. ولا يتعرض أي منهم للمفارقات المذكورة أعلاه بين مبدأ لا اكراه في الدين وحدوده وبين مبدأ حرية الاعتقاد كما تنص عليه الوثائق الدولية.
11) كثيرا ما تثار قضية النسخ فيما يخص آية لا اكراه في الدين. فحتى لا يتم فهم هذا المبدأ في جميع الحالات، اعتبر المفسرون ان المعنى العام تم نسخه بالآيات التي تنص على القتال بحيث لا يطبق مبدأ لا اكراه في الدين إلا في حدود أهل الكتاب الذين يقبلون بدفع الجزية وهم صاغرون.
.
التناقضات مع الأحكام الدستورية والأحكام الدولية
------------------------------
لا شك في انه يمكن اعتبار مبدأ لا اكراه في الدين كمرحلة مهمة نحو الاعتراف بحرية العقيدة. وفي هذا المضمار، يمكن القول بأن الاعتراف بهذا المبدأ يعتبر تقدما لما كان الوضع عليه في مسيحية القرن السابع الميلادي. ولكنه يعتبر تراجعًا مقارنة لما كان متعارف عليه بين العرب قبل الإسلام وفقا للمصادر الإسلامية ذاتها. فالمجتمع الوثني العربي كان يعترف بجميع الأديان – ولذلك تعتبر اخلاقيات المجتمع الوثني اعلى من اخلاقيات الإسلام كما جاء بها القرآن الذي لا يعترف إلا بأهل الكتاب وفي حدود ضيقة. وبعدم إعطاء محمد الوثنيين إلا الخيار بين الإسلام والسيف فإنه وقع في تناقض فظيع مع المبادئ التي كان متعارف عليها في المجتمع العربي في ذاك الزمان.
.
وإذا تركنا جانبا التاريخ العربي، فإن مبدأ لا اكراه في الدين كما جاء في القرآن لا يمكن بأي حال من الأحوال مقارنته بمبدأ حرية العقيدة المنصوص عليه في الدساتير والوثائق الدولية الخاصة بحقوق الإنسان.
وإذا نحن اكتفينا بالوضع في سويسرا، يمكننا القول بأن الشريعة الإسلامية القائمة على القرآن والسنة لا تتفق مع مبدأ حرية العقيدة المنصوص عليها في الدستور السويسري. فمبدأ لا اكراه في الدين لا يجيب إلا بصورة جزئية محدودة جدا لمتطلبات القانون السويسري.
- فالقانون السويسري يرفض أي تفريق بين أهل كتاب ومن لا ينتمون لأهل كتاب.
- وهو يرفض كل اكراه وكل تمييز مبني على الانتماء الديني، إن كان هذا التمييز مادي، أو عائلي، أو متعلق بالميراث والإجراءات (خاصة الشهادة) والعقوبات.
- وهو يعطي لكل شخص الحق في تغيير الدين بداية من عمر 16 سنة.
- ويعطي لكل شخص الحق في الانتماء أو عدم الانتماء لأي دين كان.
وهذه الأحكام السويسرية تجد مثيل لها في وثائق حقوق الإنسان الدولية.
.
اطالب المسلمين بالكف عن الكذب عندما يتكلمون عن آية لا اكراه في الدين. فهي مجرد دعاية كاذبة.
.
النبي د. سامي الذيب
مدير مركز القانون العربي والإسلامي http://www.sami-aldeeb.com
طبعتي العربية للقرآن مجانا من هنا http://goo.gl/JpqIST أو ورقيا من موقع امازون http://goo.gl/GmV3Ty
كتبي المجانية http://goo.gl/cE1LSC
اشرطتي http://sami-aldeeb.com/video



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن