جدل السيادة وتنازع المصالح : صنافير وتيران .. وتظل إيلات مصرية .. دراسة ملف - 4 /5

محمود الزهيري

2016 / 4 / 19

ماتم الإتفاق عليه بين مملكة آل سعود والجمهورية المصرية , ستكون نتائجه العظمي في الجانب السعودي حصرياً , وان مصر مازالت دولة تقبل المنح والهبات والعطايا من مملكة آل سعود , وهناك أسئلة كبري تطرح ذاتها علي الأوراق لتنطق بمدي الأهمية التي دفعت المملكة السعودية في الوقت الحاضر لتتحدث عن ملكيتها لجزيرتي صنافير وتيران بالرغم من قربهما من الحدود المصرية , وأنهما بمثابة خطوط هامة للأمن القومي المصري يتم من خلالهما التحكم في مسيرة الملاحة البحرية من وإلي إيلات التي هي أم الرشراش المصرية الأصل والواقعة حتي الأن تحت الإحتلال العبري , وإذا كانت السعودية تبحث عن أسباب تواجد مايسمي بالوحدة العربية أو الوحدة الإسلامية , فما هو الداعي لتفجير هذه الصراعات الأن حول هاتين الجزيرتين !؟
السعودية مازالت خارجة عن إطار التحالف القائم الذي يحكم المطقة العربية الواقعة تحت مسمي المنطقة الشرق أوسطية والتي تسيطر عليها إيران , وتركيا وتل أبيب , ومازالت السعودية ومصر خارجتان عن هذا الدور المؤثر علي تسيير الأمور في المنطقة , وإن كان من الميسور إستخدامهما كمعاونان لتنفيذ القرارات التي تتغياها الولايات المتحدة الأمريكية بتوافقاتها مع تل أبيب وتركيا أو عبر المحادثات مع إيران خلال وسائط سياسية أخري تؤدي في نهاية المطاف إلي التخديم علي أدوار إيران وتركيا وتل أبيب , وفوق ذلك مصالح الولايات المتحدة الأمريكية ..
مازالت الشكوك والظنون تبحث عن بر يقين عبر الجانب المصري الذي يري أن هذه الظنون يتخوف أن تكون حقيقة واقعة علي أرض جزيرتي صنافير وتيران لتكون لمملكة آل سعود يد وقدم في مفاوضات مباشرة مع تل أبيب من خلال وقوعها تحت طائلة إتفاقيات السلام المصرية الإسرائيلية , ويكون الوجود السعودي ممثلاً في العلن , وليس في السر فقط , ليتم تمرير هذه الجريمة بسلاسة ويسر من غير ثمة ضغوط شعبية تقع علي المملكة من غير أن تهتز ثقة العرب والمسلمين في مملكة آل سعود , وإنما سيبتهج الجانب السعودي والشعوب الأخري الموالية له بهذا الإنتصار المبهج للشعب السعودي علي حساب الشعب المصري الذي ضحي بالدماء والجراح من أجل هاتين الجزيرتين طوال تاريخ من الدم والجراح والآلام والدموع , إلا أننا نجد أن بعض الأحزاب التي صنعتها الأنظمة الأمنية لتكون رديف سياسي / إجتماعي لرجل المؤسسة العسكرية الرئيس عبدالفتاح السيسي , ومنها حزب يدعي أنه من الذين كلفوا بحماة الوطن وبالفعل منطوق إسمه حماة الوطن وأغلب أعضائه من المتقاعدين من القوات المسلحة المصرية , وحسبما نشرت اليوم السابع بعدد 17 أبريل 2016 , وقالت علي لسان اللواء محمد الغباشى، المتحدث باسم حزب "حماة وطن إن الحزب بدأ حملاته التوعوية حول جزيرتين تيران وصنافير، واستعراض المستندات التى تؤكد سعوديتيها، مشيرًا إلى أن الحملة لقت قبولاً من المواطنين فى عددٍ من المحافظات. وأشار الغباشى، فى تصريحاتٍ لـ"اليوم السابع" إلى أن مثيرى الضجة الأخيرة معروفين ويبحثون عن الأضواء والشهرة عن طريق إثارة البلبلة ولو على حساب الأمن القومى، وأن أغلبهم من المنتمين لجماعة الإخوان، وحركة "6 إبريل" داعيًا الدولة إلى التعامل معهم بالقانون وبكل حسم دون تهاون.
وإلي هذا الحد وصلت الأمور للترويج لمسألة من المسائل البالغة الأهمية , ليصير كل من يري أن صنافير وتيران مصريتان , من الخونة والعملاء ومن الباحثين عن الأضواء والشهرة , أما من يري أن صنافير وتيران غير مصريتان فيصير من المواطنين الصالحين المحافظين علي الوطن والحامين لترابه وحدوده وأمنه القومي وسيادته , لتصير غالبية الأمور في الوطن المصري وكأنها أمور تختص بها مستشفي الخانكة أو العباسية للأمراض النفسية !!
ولا أدري كم ستكون تكلفة هذه الحملة التي تبعث الوعي للمصريين علي زعم أن صنافير وتيران سعوديتان , وليست مصريتان , وأن القائم علي هذه الحملة التي ستجوب أرجاء الوطن المصري إلا صنافير وتيران بالطبع لأنهما حسب إيمانه ليستا بمصريتان , والأهم كم ستتكلف هذه الحملة ومن الذي سيمولها ومن الذي سيلتزم بها , وسيحاسب من لايلتزمون بالإنفاق علي الحملة وينفق أموالها في مآرب أخري !؟
وكنت أتمني من اللواء المتحدث بإسم حزب حماة وطن , أن يجوب أرجاء مصر والدول العربية والعالم ليؤكد ويعرف العالم بأن إيلات مصرية , وإسمها أم الرشراش , وهي مازالت أسيرة تحت سيادة الكيان الإسرائيلي , وكثير من المصريين يهمهم عودة إيلات لحضن الوطن المصري , كما يهمهم الإبقاء علي صنافير وتيران في حضن هذا الوطن الذي حماه أبناؤه بالدماء والجراح والآلام !!
وليت السلطة التي تروج لهذه الصنائع السوء أن تنتظر وتتمهل وتتريث ليكون هناك رأي قاطع في هذه الأمور بعد إستشارة الخبراء والمختصين , حتي لايظهر الأمر وكأنه بمثابة سرقة أو سلب حق من حقوق المصريين وإعطاؤه للغير ..
وهذا صوت من أصوات الحكمة اطلقه الدكتور محمد نور فرحات في صحيفة الوطن المصرية بتاريخ 9 / 4 / 2016 , والتي ذهبت إلي أن :"ترسيم الحدود المصرية".. اتفاقية صارت مثارًا للجدال والنقاش منذ أن تم توقيعها، أمس، بين المملكة العربية السعودية ومصر، في ضوء زيارات العاهل السعودي سلمان بن عبدالعزيز للمرة الأولى لمصر، وأُثيرت في الأذهان جزيرتي "تيران" و"صنافير" المصريتين والمصنفتين كمحميات طبيعية بوزارة البيئة، وأحقية التنازل عنهما للسعودية التي كانت تملكهما، بعد أن قال رئيس الوزراء شريف إسماعيل، في تصريحات خاصة لـ"الوطن"، إن الاتفاقية سيتم عرضها على البرلمان للتصويت عليها.
ونصت المادة 151 من الدستور المصري، على أنه "يمثل رئيس الجمهورية الدولة في علاقاتها الخارجية، ويبرم المعاهدات، ويصدق عليها بعد موافقة مجلس النواب، وتكون لها قوة القانون بعد نشرها وفقًا لأحكام الدستور. ويجب دعوة الناخبين للاستفتاء على معاهدات الصلح والتحالف وما يتعلق بحقوق السيادة، ولا يتم التصديق عليها إلا بعد إعلان نتيجة الاستفتاء بالموافقة. وفي جميع الأحوال لا يجوز إبرام أي معاهدة تخالف أحكام الدستور، أو يترتب عليها التنازل عن أي جزء من إقليم الدولة".
وفي ضوء تلك المادة، أوضح الفقية الدستوري، محمد نور فرحات، أنه مطلوب من وزراة الخارجية المصرية تحديدًا الشؤون القانونية وشؤون المعاهدات الدولية، أن تُعلن أمام الرأي العام الوثائق الصادرة عن الدولة العثمانية عام 1906 لرسم حدود مصر البحرية عند خليج العقبة، والخطابات التي أودعتها الحكومات المصرية لدي الأمم المتحدة التي تحتفظ بها بحقها في جزيرتي تيران وصنافرة، لأنه في ضوء تلك الوثائق سيتم تحديد ما إذا كانت هذه الجزر ملك لمصر أو لا. وأضاف فرحات، في تصريح لـ"الوطن"، أنه في كل الأحوال سواء كانت مملوكة لمصر أو مستأجرة من المملكة العربية السعودية فهو أمر يتعلق بالسيادة المصرية على أقليم أيًا كان سبب هذه السيادة، وفي أحسن الأحوال يتم عرضها على مجلس النواب وتخضع لاستفتاء شعبي، وفقا للمادة 151 من الدستور. ووفقا للمادة ذاتها، أشار الفقيه الدستوري، إلى أنه إذا ثبت أنها جزء من الإقليم المصري فإن الدستور يحظر التفريط في أي جزء من الإقليم المصري سواء بموافقة البرلمان أم لا، ولا يجوز الاستفتاء عليه.
لماذا تصارعت مصر وإسرائيل على «تيران وصنافير»؟
تحت هذا العنوان بصحيفة المصري اليوم المصرية بتاريخ 10 / 4 / 2016 كتب مصطفي هشام عن أحدالباحثين الإيرانيين قائلاً :
باحث إيراني: مضيق تيران مفتاح التحكم في قناة السويس والبحر الأحمر وطرق إمداد البترول , يلعب موقع جزيرتي «تيران وصنافير » دوراً حيوياً في التحكم في الملاحة بخليج العقبة والبحر الأحمر، وتدرك الدول المطلة على الخليج أهمية الجزيرتين استراتيجياً، لذا دخلت تلك الدول في صراعات عسكرية للسيطرة عليها. ويستعرض الباحثان محمد جعفر اجورولو، وربيع ترك المتخصصان في الجغرافيا العسكرية بجامعة الإمام الحسين بإيران، أهمية مضيق تيران وجزيرتي «تيران وصنافير» في دراسة تحت عنوان «الأهمية الاستراتيجية لمضيق تيران في الصراع بجنوب غرب آسيا».
وقال الباحثان، في الدراسة المنشورة بمجلة «سكوبوس» المتخصصة في الشؤون الجيوسياسية، بتاريخ 3 ديسمبر 2014 إن الولايات المتحدة كانت تدرك الأهمية الاستراتيجية لتلك المنطقة، باعتبارها مفتاح التحكم في قناة السويس والبحر الأحمر وطرق امداد البترول من آسيا ومدخل للمحيط الهندي.
وجاء بنفس الصحيفة تحت العنوان التالي :
الصراع على مضيق تيران :
فترة الصراع بين مصر وإسرائيل عبر سنوات طوال أظهرت الأهمية الاستراتيجية لجزيرتي «تيران وصنافير» ومضيق تيران. وتقول الدراسة إن مصر تحكمت في المنطقة، واستغلتها لتكبيد إسرائيل خسائر اقتصادية خلال سنوات الصراع بين الطرفين.
ففي 1949، انتهت أول حروب العرب ضد إسرائيل بموجب اتفاق رودس، الذي وضع جزيرتي «تيران وصنافير» ومضيق تيران تحت السيطرة المصرية. وبدأت مصر في استغلال ما تسيطر عليه من ممرات ملاحية لتكبيد إسرائيل خسائر اقتصادية، فأغلقت قناة السويس في وجه الملاحة الإسرائيلية، وأجبرتها على اللجوء إلى طريق رأس الرجاء الصالح ما كبدها خسائر اقتصادية كبيرة بسبب زيادة نفقات نقل البضائع وإهدار الوقت.
وتسرد الدراسة ما حدث عام 1949 عندما طلب العاهل السعودي الملك فيصل من مصر حماية الجزيرتين والمضيق باعتبارها الأقدر عسكرياً على مجابهة العدو الإسرائيلي. وفي 1955، أعلنت مصر أن عبور ميناء العقبة يتطلب إذنا كتابيا منها، وهو ما لم تتحمله إسرائيل، التي شاركت في العدوان الثلاثي في 1956 لإنهاء سيطرة مصر على قناة السويس ومضيق تيران، وفتح الطريق أمام السفن المتوجهة إلى ميناء إيلات للوصول دون عقبات.
انسحبت إسرائيل من الأراضي التي سيطرت عليها خلال العدوان الثلاثي، وعادت مصر مجدداً للتلويح بإغلاق خليج العقبة، وإغلاقه فعلياً في 1967. واندلعت حرب جديدة تمكنت خلالها إسرائيل من احتلال شبه جزيرة سيناء وهضبة الجولان والضفة الغربية، وفرضت سيطرتها مجدداً على خليج العقبة باحتلال جزيرتي «تيران وصنافير».
وتشير الدراسة إلى مقولة بن جوريون رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق أن «حياة إسرائيل متوقفة على السيطرة على البحر الأحمر» لذا فإن إسرائيل تسعى ىبكل جهدها من أجل السيطرة على الجزيرتين والمضيق.
وظل مضيق تيران والجزيرتين تحت الإحتلال الإسرائيلي حتى عقدت مصر وإسرائيل اتفاقية السلام عام 1979، فأصبحت خاضعة لقوات دولية بالإضافة لبعض قوات الشرطة المصرية حيث أن تلك الجزر وقعت ضمن المنطقة «ج» التي نصت عليها الاتفاقية.
وبنفس الصحيفة جاء هذا السؤال :
كيف قبلت إسرائيل التخلي عن «تيران وصنافير»؟
كانت إسرائيل تدرك جيداً الأهمية الاستراتيجية للجزيرتين والمضيق، لذا لم توافق على الانسحاب منها إلا بعد اتفاق واضح ضمن اتفاقية السلام ينص على نزع السلاح من تلك المنطقة، والموافقة على منح سفنها حرية الملاحة البحرية مع ضمانات دولية بعدم إغلاق الممر البحري الاستراتيجي في وجهها مجدداً. كل ذلك تم في إطار اتفاق بين مصر وإسرائيل ولم تكن السعودية طرفاً فيه على الإطلاق.
انتهت الصراعات العسكرية حول جزيرتي «صنافير وتيران» ومضيق تيران، وأصبحت هناك قوات دولية مهمتها مراقبة أي انتهاكات لبنود اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل وضمان مرور السفن في مدخل خليج العقبة. ورغم ذلك تظل الأهمية الاستراتيجية للجزيرتين والمضيق واقعاً ملموساً، وورقة مهمة في يد الدولة صاحبة السيطرة على المنطقة.
وتقول الدراسة إن من تكون له السيطرة على تلك المنطقة يمكنه بسهولة التحكم في حركة الملاحة بالبحر الأحمر. وفي حالة تجدد الصراع في تلك المنطقة فإن الدولة التي ستتمكن من خلافة قوات حفظ السلام الدولية على تلك الجزر ستكون لها الغلبة في الصراع.
وتنتهي الصحيفة من موضوعها تحت العنوان التالي :
السعودية تعود للمشهد..
تشير الدراسة إلى مفاوضات بدأت بين الطرفين المصري والسعودي منذ العام الماضي من أجل إنشاء جسر يربط بين البلدين يمتد مسافة 50 كيلو مترا يبدأ في «رأس الشيخ حميد» بالسعودية، وينتهي في «رأس النصراني» بشرم الشيخ. وتظهر مجددا أهمية الجزيرتين حيث أنهما يمثلان أفضل وأقصر المناطق لبناء الجسر الرابط بين مصر والسعودية.

فهل سيكون هذا الجسر بمثابة طمر كافة الخلافات والتكهنات السيئة حول الجزيرتين , بمثابة عودة للروح بين مملكة آل سعود والشعب المصري ؟!
أعتقد أن الملايين يأملوا في ذلك , وينقصهم فقط أن يسعوا لتحقيق آمالهم !!



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن