ضد الرومانسية السياسية

الماركسيين اللينينين المغاربة
marxiste.lininiste.maroc@gmail.com

2016 / 4 / 8

حميد دريماخوس 
ضد الرومانسية السياسية
*******************
" إن كل انتفاضة ثورية، مهما بدا هدفها بعيدا عن النضال الطبقي، ستظل تمنى بالإخفاق و الهزيمة إلى أن تنتصر الطبقة العاملة الثورية، و ان كل اصلاح اجتماعي يظل مجرد طوبوية ووهم إلى أن تتقابل الثورة البروليتارية و الردة الاقطاعية بالسلاح في حرب عالمية."1 كارل ماركس
أقول لحشود الرومانسيين أننا لم نختار العنف الثوري كحل للصراع الطبقي، بل هو الحل الوحيد المفروض على جماهير العمال و الفلاحين الفقراء و كافة المستعبدين فوق الأرض، و هو هكذا لأن البرجوازية و الإقطاعية الرجعية لن تتخلى عن السلطة السياسية، عن مصالحها الطبقية بملء إرادتها أو بمجرد استخدام النضال السلمي ضدها، بل ستعض بأنيابها على سلطتها و على وضعها و بكل ما أوتيت من قوة مستعملة لهذا الغرض جميع الوسائل المتاحة لها، و هذا ما أكدته التجربة التاريخية للبشرية منذ مرحلة المجتمع العبودي، فليس هناك أية طبقة اجتماعية كانت تملك في يدها السلطة السياسية يمكنها أن تسلمها لطبقة أخرى بطريقة سلمية، أو بمجرد طلبها منها، لتكون المشانق المعلقة في الساحات العمومية و السجون و طرق التعذيب المختلفة و الصدامات الدموية و القنابل الذرية... شاهدة على دور العنف و الزجر في تكسير علاقات الإنتاج و الانتقال الثوري من مرحلة تاريخية إلى مرحلة تاريخية أخرى أعلى على حد تعبير ماركس « إن العنف هو قابلة لكل مجتمع قديم عندما ينمو في أحشائه المجتمع الجديد »2، و على دوره في محاولات الطبقات المسيطرة الحفاظ على سيطرتها أو محاولات رجوع طبقة (ميتة) لوضع سابق كانت فيه هي المسيطرة، رغم أن العنف الثوري البروليتاري هو عنف ستكون و لأول مرة في التاريخ نتيجته لصالح العبيد المأجورين، لصالح الأغلبية، لهذا حددت الماركسية إحدى السمات الجوهرية للصراع الطبقي و هي كونه لا يعرف لا الهوادة و لا الرحمة، إذن فكل من يضع حلا خاطئا لهذا التناقض الطبقي الكوني بين معسكر البروليتاريا و معسكر البرجوازية فهو ضمنيا يدافع عن مصالح البرجوازية السائدة، فليس بثوري من يخاف الثورة، و ليس بثوري من يميل إلى النضال السلمي و يخاف النضال الطبقي الثوري، و من يريد أن يحصل على حريته بالأحلام السلمية فليذهب للعيش في جمهورية أفلاطون و قبل أن ينام كي يحلم بالحياة الوردية فليتناول دواء منوما كي يبقى مستمرا في أحلامه لمدة أطول، أما الاستجذاء و التوسل و التسول يبقى حلا للعاجزين و المشبعين بالعواطف (النبيلة) و المخدوعون، لأن الحقيقة الثورية تقول بأن ناطحات السحاب و التكنولوجية العالية، أروبا الحالية، أمريكا الحالية، روسيا الحالية، الصين و اليابان الحالية، العلوم و النظريات الحالية، الإنسان الحالي،...، هي بعدد لترات الدم التي سكبت طيلة قرون من التطاحن و الحروب الطبقية، هي بعدد العظام و الجماجم البشرية التي تختزنها الأرض في جوفها، للأسف ليس هناك طريق آخر يمكن أن تسلكه الشعوب غير هذا الطريق، غير طريق الدم، وزهق الأرواح، فليس هناك من حل للقضاء على الحرب سوى الحرب، « إن العنف هو الأداة التي تشق الحركة الاجتماعية الطريق بواسطتها و تحطم الأشكال السياسية الميتة المتحجرة »3انجلس.
إن جزأ كبير من أزمة الحركة العمالية يمكن تلخيصه في الصراع ضد التيارات الحالمة، و التي تؤمن بالنضال السلمي، و هو على العموم «مذهب» البرجوازية الصغيرة، نظرا لكون وضعها الإقتصادي الذي يتوسط طرفي التناقض الرئيسيين يحكم عليها بالعيش على آمال أن تصبح برجوازية كبيرة، حيث يراودها هذا الحلم بشكل مستمر، لكنها بالمقابل مطاردة من الخوف من التبلتر، ما يجعلها مترددة في آراءها و في حياتها عامة، فمجال اتساع أرباحها قد يجعلها مطمئنة لسيطرة البرجوازية إذا وجدته مجالا مريحا، لدى تجدها ترفع شعارات محافظة و تدافع عن استمرار النظام البرجوازي (المريح)، أما إذا اختنقت مشاريعها الصغيرة و وجدت نفسها على حافة الإفلاس فهي تلعن النظام البرجوازي حاملة بذلك شعارات تقدمية، كما قد يجعلها تذمرها طبقة مجنونة، تخرج ما بيدها من سلاح كي تنتقم لوضعها دون اكتراث لنسبة القوى الطبقية، ما يجعلها لقمة صائغة في يدي العدو، إلا أن الحلم الذي يراودها يتمظهر في برامجها السياسية، وفي مواقفها تجاه النظام البرجوازي لتشيع في غالب الأحيان نظرتها الرومانسية للصراع الطبقي، و تلطف الشعارات الثورية داعية الطبقة العاملة لانتزاع حقوقها عن طريق النضال السلمي فقط "سلمية سلمية لا حجرة لا جنوية" "السلم الاجتماعي"...إن أخطر أنواع الرومانسية السياسية تلك التي تتجلبب بجلباب الماركسية و المندسة داخل الحركة الجماهيرية سواء داخل الحركة العمالية أو الحركة الطلابية..، فهي تحتفظ بالجمل الثورية و العبارات الأكثر "ماركسية"، مشوهة بذلك مهام الثوريين، فمن الدفاع عن العمل العلني، إلى تأسيس "حزب" يناضل من أجل بناء الحزب الثوري، إلى نبذ العنف و العنف المضاد،...،تعددت الصيغ و الرومانسية واحدة و النتيجة هي مغازلة المجتمع القديم و السقوط في مغبة الدفاع على نظام الاستغلال و الإضطهاد الطبقيين.
إن الحقيقة الموضوعية و التي أكدتها اللينينية و أتبتثها تجربة قرن و نصف من الزمن يمكن إجمالها في ما يلي:
الرأسمالية قائمة فوق صدور الكادحين بالعنف الرجعي، بالحروب اللصوصية.
التناقض بين البرجوازية و البروليتاريا في العالم لن تحله سوى الثورة الإشتراكية و قيام دكتاتورية البروليتاريا.
التناقض بين الإمبريالية و الشعوب المضطهدة في الدول المستعمرة لن تحله سوى الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية.
إن النظام القائم يسحقنا، سيعتقل و سيغتال المزيد من أبناء الشعب، إن النظام القائم لا يرحمنا و لن يرحمنا، سيبني لنا سجونا أكثر قساوة من سجن تزمامارت، إنه يمثل دوره كما ينبغي في مسرح التاريخ، ما يظل شاغرا هو دور الشعوب في رمي الرجعية في مزيلة التاريخ إلى حيث لا رجعة. ما يتطلب منا إشاعة روح النضال الطبقي البروليتاري الثوري بين صفوف الشعب، و التصدي و محاربة فكر و سياسة الرومانسيين.
إن آخر كلمات العلم الاجتماعي _لدى تنظيف المجتمع_ ستكون: « الصراع أو الموت، الإصطدام الدموي أو العدم. هكذا يجب أن نضع المسألة» (جورج ساند) 4

1:كارل ماركس؛ رأسمال و العمل المأجور ص 17 ؛ دار التقدم
2: أورده انجلس؛ في كتابه ضد دوهرينغ؛ ص 215.
3: إنجلس؛ نفس المرجع؛ ص 215.
4: أورده ماركس في بؤس الفلسفة؛ ص 130؛ من إحدى النسخ الإلكترونية.
حميد دريماخوس



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن