أزمة مالية خانقة

ضياء رحيم محسن
almohseendiha@yahoo.com

2016 / 2 / 5

مما لا شك فيه أن العراق يمر بأزمة مالية خانقة لأسباب كثيرة؛ بعضها يرتبط بسعر النفط في الأسواق العالمية، والأخر يرتبط بالعمليات العسكرية التي تجري في مناطق مختلفة من أرض العراق لطرد عصابات داعش الإجرامية، بالإضافة الى أسباب ترتبط بمدى فاعلية الحكومة وجهازها في كيفية إدارة الدولة بعيدا عن الفساد، وقريبا من المهنية.
من خلال تقييمه للوضع في العراق، يعتبر البنك الدولي العراق (( بأنه أسوأ الأماكن في العالم للأعمال التجارية)) والسبب في ذلك إتساع الفساد المالي والإداري في البلد، بما يؤدي الى إحجام المستثمرين الأجانب من الدخول الى السوق العراقي.
ومع هذا وذاك من الأسباب، يبقى هناك بصيص أمل في نجد أذان صاغية من الحكومة التنفيذية، للشروع بما هو صحيح لإنقاذ البلد من الأزمة الخانقة، وهذا لن يأتي من خلال حلول ترقيعية هنا وهناك، بل أن تقوم الحكومة بمصارحة نفسها بأن الأزمة حقيقية وتحتاج الى حلول تتناسب مع مستوى الأزمة، فلو أخذنا مثلا أزمة أسعار النفط والتي هبطت الى مستويات تكاد تكون قريبة من تكلفة سعر برميل النفط، فهل نبقى مكتوفي الأيدي ونحن ننظر الى ثروتنا تهدر بدون الإستفادة منها.
تكاد تكون مسألة تطوير القدرات التكريرية للنفط لا تذكر، فمصانع إنتاج المشتقات النفطية قليلة مقارنة بمستوى إنتاج النفط في العراق، ذلك لأننا إذا ما إستثمرنا هذا الجانب سنجد موارد مالية كبيرة تدخل الى ميزانية الدولة، حتى مع هبوط أسعار النفط أو إرتفاعها في المستقبل، هذه المصانع ستجعل العراق يستغني عن إستيراد المشتقات النفطية، ما نحن بحاجة إليه فعلا هو ثورة في هذا القطاع المهم للإرتقاء به الى مصاف الدول المتقدمة.
كثيرا ما نسمع المسؤول هو يتحدث عن الإستثمار، وبغض النظر عن معرفته او عدم معرفته بهذه المفردة، لكننا نرى بأن الإستثمار معدوم في العراق، وحتى ما يتم الإعلان عنه من فرص إستثمارية تم توقيعها، لا يتعدى عن مشاريع فردية لم تقدم شيئا للإقتصاد العراقي، فأين الإستثمار في المعامل الإنتاجية العراقية التي كان قائمة الى ما قبل عام 2003، والتي توقفت بعد ذلك، هذه المعامل على كثرتها وبقيمتها الدفترية العالية، لو تم عرضها للإستثمار لسال لها لعاب المستثمرين، لما تدره من أرباح كبيرة يبحث عنها في أماكن مختلفة من العالم، في أغلب الأحيان تتمثل الإستثمارات في العراق بإقامة أسواق أو عرض سيارات حديثة، وهذه لا تمثل إضافة لإقتصاد منهك.
ما نحتاج إليه أن يفهم العاملون في حقل الإستثمار ما هي الفرص التي يمكن أن تساهم في تحريك عجلة الإقتصاد، وكذلك أن تجلب للبلد التكنولوجيا المتطورة، ذلك لأن تحريك الإقتصاد العراقي من شأنه أن ينوع موارد الموازنة، بالإضافة الى أن ذلك يعني تشغيل عدد غير قليل من العاطلين عن العمل، لكن يجب الإلتفات الى مسألة مهمة وهي أن يكون العاملين في الإستثمار لهم دراية كافية به، ويتمتعون بالنزاهة والشفافية في عملهم، لأننا نسمع عن هروب رؤوس أموال كبيرة بسبب الرشاوى التي على المستثمر أن يدفعها هنا وهناك.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن