رسائل زرقاء .. إلى رشا ..(2)

علي الخليفي
ali.khalifa360@gmail.com

2016 / 1 / 12

تعرفتُ إليكِ بذات الطريقة التي تعرفتُ بها إلى الله ..

كُنتِ عالماً مَهيباً لا أدري كُنهه رافق طفولتي وصبايَّ المُبَكر ..

كُنتِ طيفاً يتجلىِ في وجهِ حواء جميلة منحتني قلبها مقابل قُبلة مسروقة في مقعد سيارة على شاطئ مهجور إلا من الأعين المُتلصصة لحماة القيم
تحسستُ وجودكِ في دُنيايَّ الأولى في عوالم الأحلام قبل أن تُصدم بولولات ديك الصباح من فوق كومة زبالة كنت أسميها وطــــن ..

ثم تجليتي طيفاً جميلاً تحمله موجات أثيريه ربانيةَ المنشأ والمآل ..

دنوتِ منكِ كما دنونتُ من الله ..

تحسستُ وجهكِ عبر الفضاءات الشاسعة بأطراف أصابعي التي جمدها صقيع الشوقِ اليكِ ..

غَمَرَ دفءُ حضوركِ صقيع غُربتي وأداب ثلوج البِعاد عنكِ ..

غمرني دفء حضوركِ كما غمرني دفءُ حضورِ الله يوم حضر بنفسه يبشرُني بمجيئك ..
ويشهدُ على عَقدِ قِراننا ويدبك معنا هو وملائكته على أنغام موسيقى قادمة من تلك المدينة التي يُحبها قلبه أكثر من كل المدن..

وجهكِ ووجهُ الله ووجهُ دمشق لوحة واحدةً تُجسدُ ألقَ هذه الحياة ..

عرفتكِ كما عرفتُ الله .. وتلمستكِ كما تلمسته ..
وعانقتكِ حقيقةً ماثلةً بين يديَّ كما عانقته ..

ولكنني يوم اإلتقيتُ الله إنفجرنا باكيياً أنا وجلالته ..

ويوم إلتقيتكُ إنفجرنا ضاحكين من أقدارنا ..

نحنُ البشر البائسين الساعين نحو التأله نمتلك عواطف منقوصة ..
أما عواطف الله فهي كاملة ،هي أقرب لعواطف الأمومة ..

يُتعِب الله نفسه في التخطيط لتلك الأقدار الجميلة ويُجهد خياله ليرسم لها نهايات مُبهجة وأكثر بهجة مما نتصور
لنأتي نحن ونقطفها ونستمتع بها دون أن نقولَ ولو شكراً ..

صار الله طرفاً في كل نِقاشاتنا حول أنفسنا وحول الحياة بل وحول جلالته ..
وفي أحيان كثيرة كنا نحسُ بوجوده جنبنا ..
يُشاركنا نقاشاتنا ويتحمس لأحدنا دون الأخر ..
ثم يتذكر مركزه الإلهي فيستغفر نفسه
ويُغادرنا وعلى شفتيه إبتسامةُ رضىً على كل أبنائه العاشقين.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن