حرب الخليج ( الملف السري )... الحلقة الرابعة

سعدون الركابي
sadunalrikabi@yahoo.com

2016 / 1 / 2

حرب الخليج ( الملف السري)
تأليف:
- بيير سالينجر
- إريك لاورينت
ترجمة :
سعدون الركابي
الناشر: دار كيوان للطباعة و النشر
دمشق
الطبعة الأولى
2005

الحلقة الرابعة

الفصل الثاني

لفترةِ أكثر من قرن, إِعتبرت لندن الخليج منطقةً بريطانيةً ثمينة. إذ إنهُ يسمحُ لها في السيطرةِ على المعابرِ بإتجاهِ الهند و الشرق الاقصى, لذلك فإن قرار لندن و سياستها الطويلة, تعتمد على عدم السماح لأيةِ ظاهرةِ نفوذٍ أُخرى في هذه المنطقة. هذه الإستراتيجية كانت متلازمة مع سياسةِ توجيهٍ و بدبلوماسيةٍ ذكية, و التي ساعدت كثيراً على ولادة جرثومة النزاع الحالي. حتى الحرب العالمية الأُولى, كانت العراق و الكويت يُشَكِّلان جزءاً من الإمبراطورية العثمانية. و الحقيقة فإن إمارة الكويت و المساحة الصغيرة المحيطة بها و البالغة 18000 كم2, كانت تابعةً لولاية البصرة ( تقسيم اداري عثماني ) العراقية. في سنة 1913 كانت تتصاعد الدعايات حول قُربِ نشوبِ حربٍ عالميةٍ في أُوروبا, في هذه الفترة وقَّع الإنكليز و العثمانيون على إتفاقٍ يجعل الكويت إِمارةً شُبهَ مستقلة. في غضون الحرب العالمية الأُولى, و بينما كان العثمانيون يُقاتلون بجانبِ الألمان, إعترفت لندن بالإمارة و حدودها, كإمارةٍ مستقلةٍ تماماً عن الأمبراطورية التركية. خطُ التقسيم هذا بين العراق و الكويت و الذي يُوفِّر لبريطانية حليفاً و سنداً إستراتيجياً, لم يعترف به العراق أبدأ. إذ أُغُتصبَ منهُ جزءٌ من أرضهِ, لم يكن لهُ - في نظرهِ – أيَ وجودآ إستقلاليآ ابداً, كما حُرم من موطئِ قدمٍ الى الخليج. وُضِع العراق سنة 1918 تحت الإنتداب البريطاني, و كان هذا سبباً ىخراً لزيادةِ الغبنِ لديهِ.
و في سنة 1925 أُجبرَ الحُكمُ في العراق على توقيعِ معاهدةٍ غر متكافئةٍ مع المُجَمَّع العملاق " شركة العراق النفطية ". في هذه المعاهدة أُشتُرط و بشكلٍ صريحٍ أن تبقى هذه الشركة, بريطانية الجنسية و بقيادةِ مواطنٍ بريطاني. و إن حُصَّتها النفطية, ستسمرُ حتى عام 2000. كانت لهذه الشركةِ إذن, اليد المُطلَقة بإستخراج و بيع البترول, و كذلك التصَرُف كما تشاء, بأرباحِ أضخمِ إحتياطيٍ بتروليٍ على وجه التاريخ! و الحقيقة, فإن العراق كان كالكويت, دولةً مصطنعةً و بدون حدودٍ واضحةٍ! فنتيجة لمعاهدة سايكس بيكو 1916, و التي أكدت على الأرض تقسيم الأمبراطورية العثمانية بين إنكلترا و فرنسا, أُنشِأ العراق, بالأخذِ بنظرِ الإعتبار توحيد الولايات التركية الثلاث: بغداد و البصرة و الموصل.
هناك مقولةٌ قديمةٌ تختصرُ واقع الحال, بأن العراق كان تعبيراً عن حالة جنون تشرشل, الذي أراد توحيد بئري نفط و هما البصرة و كركوك, فضَم حولهما ثلاثةَ شعوبٍ مختلفة, و هم الكرد و الشيعة و السُّنة. أُسقطت الملكية حليفة الغرب, إذ قُتل الملك فيصل, بينما سُحِلت جثةُ رئيسِ الوزراء نوري السعيد في الشوارع و مَزَّقَتها الجموع إرباً. أما زعيمُ الحكومةِ الجديد اللواء عبد الكريم قاسم, فقد نجى من محاولةِ إغتيالٍ بعد إنقلابهِ بسنةٍ. أحدُ أعضاءِ محاولةِ الأغتيال هذه, كان الشابُ صدام حُسين, و الذي رغم جراحهِ تمكَّن من الهروبِ الى سوريا. في سنة 1963 وضعت مجموعةٌ من الغوغاءِ البعثيين رأسَ قاسمٍ على رمح. و في سنة 1968 وصل حزب البعث الى السلطة, و كانت هذه منصَّة الإنطلاق لصدام حُسين. إذ مُنذُ ذلك الوقت, مُنح مَنصِبَ نائب رئيس مجلس قيادة الثورة, و لكنه كان - في الحقيقة - رجل العراق القوي. و سُلَّمت أجهزة الأمن المُتعددة الى إخوتهِ الثلاثةِ من أُمهِ: برزان و سبعاوي و وطبان و لإبن عمهِ علي حسن المجيد, المُلَقَّب " بعلي الكيمائي ", لأنهُ المسؤول عن المذابح التي تعرَّض لها الأكراد على يديه, بإستعمال الأسلحة الكيمائية و ضد المدنيين العزل. بينما إبن عمه الآخر حسين كامل المجيد و أخوهُ, فقد كانا هما المسؤوليَن عن مختلفِ عقود الأسلحة, و التي جمعا من خلالها أموالاً طائلةً.
ففي سنة 1987, و خلال شِراء 20 صاروخ سكود صيني الصنع, يُقال بأن حُسين كامل حصل على مبلغ 60 مليون دولار! هذه العشيرة التي تُمسكُ بالسلطة في العراق, يرتبط أبناؤها فيما بينهم بروابطِ القرابةِ و الدم و التزاوج. عُدي الإبن الأكبر لصدام, و الذي هو مثلٌ صارخٌ لسُوءِ الأخلاق, ضرب حتى الموت أمام ضيوفهِ, أحدَ حُرَّاس والدهِ. و إستشاط الوالد غضباً, و أراد أن يُعاقبَ ولدهُ العقاب الصارم, فطلبت ساجدة – زوجته – من أخيها عدنان خير الله, و الذي كان وزير الدفاع أيضاً, طلبت منه أن يتدَخَّلَ عند صدام للعفوِ عن ولدها. و عفى صدام عن ولدهِ لكنهُ لم يعفُ عن وزيرهِ و إبن خالهِ و صهرهِ, فدبَّر له حادثَ سقوطِ طائرةٍ مروحية, خاصةً و إنهُ قد أصبح قائداً محبوباً لدى الجيش.
كان العنف هو السلاح المُفضَّل لدى صدام حسين. إذ عندما تولّى السلطة سنة 1979, بعد إرغامهِ للرئيس البكر على التنازل عن الرئاسةِ, إحتفل بالمناسبة بإعدام 21 عضوٍ من أعضاء القيادة, و كان أحدهم من أقرب المُقرَّبين لصدام*. و لقد كتب صدام فيما بعد ملاحظةً عنهُ: " كان قريباً جداً مني و لكنهُ إبتعد كثيراً عني ". و بعد سنةٍ من ذلك أدخل مجموعةً من معاونيهِ و وزراءهِ الى السجن, ثم قرَّر إعدامَ بعضهم. كان يتلذَّذُ بدماءِ معارضيهِ. و كانت له مقولة مشهورة: " بأن أكثر الناس إخلاصآ هم المتهمون فعلاً ". لذلك, فكان يزرعُ شعوراً دائماً لدى معاونيهِ و رفاقهِ بأنهم مُتهمون في شيءٍ ما و مراقبون! صدام الذي لم يكن عسكرياً أبدآ, كان معجباً و متفاخراً بجيشهِ. كان يُريد أن يكون هذا الجيش قوياً و بنفس الوقت خاضعاً تماماً له. كان يُحِبُ أن يَظهر أكثر الوقت ببدلةِ الجنرال, و لكنه يشعرُ بالنقص تِجاهَ الضباط الكبار, و الذين يعتبرونهُ مُتطفِّلاً عليهم.
في أثناء الحرب مع إيران خرجت العديد من الإشاعات, بأنهُ أعدم عدداً كبيراً من العسكريين ذوي الرتب العليا, بينما يُصحِّحُ صدام حُسين قائلاً: " لم يتم إعدامَ إلا قائدي فرقة و قائدَ وحدةٍ ميكانيكيةٍ و هذا أمرٌ طبيعيٌ جدأً في حالة الحرب ". و مع ذلك ففي خلال إحدى إجتماعات القيادة العليا للقوات المُسلحة, إنتقدَ ضابطٌ كبيرٌ أمرَ صدام بمنعِ تنفيذِ بعض الخُطط المُعَدَّة للقيامِ بهجوم في المعركة, إستمع صدام للنقد, ثم أطرقَ قليلاً, و فجاة و بدون أن ينطُقَ بكلمةٍ, سحب مسدسهُ الذي يحملهُ في حزامهِ طيلةَ الوقت و أطلق الرصاص في رأسِ الضابطِ الكبير و أرداهُ قتيلا ً.
في سنة 1988 و مباشرة بعد الحرب, أرسل مئات الضباط الى السجون, كما أعدم البعض منهم بعد وقت قصير! أحدُ أبطالِ الحرب العراقية الإيرانية المشهورين, الجنرال ماهر عبد الرشيد, و الذي كانت إبنتهُ زوجةَ إبن صدام, إختفى بشكلٍ غامضٍ الى الأبد. خلال تقريرٍ لحقوقِ الإنسان, نُشِر سنة 1990, ذُكر فيهِ بأنهُ و تحت قيادةِ حزب البعث, أصبح العراقُ بلدَ مُخبِرين! كان هذا التعريف حقيقياً و بنفس الوقت محزناً. فمن المُمكن إعتبار أن 25 بالمئة من العراقيين, أي واحدآ من كُلِ أربعةِ أشخاص, يعملُ مُخبِراً لإحدى أجهزة الأمنِ و المخابراتِ المُتعدِدَة و التي كان أعضاؤها بدورهم ُمدَرَّيين من قبل الشرطة السرية لألمانيا الشرقية.
في مجالسه الخاصة, كان صدام حُسين يحبُ ان يتمثَّل بنوخذ نُصَّر ملك بابل بين سني 605-562 قبل الميلاد. يُحبُ هذا الملك ربما لأن هذا السلف كان يُؤمنُ مثل صدام بسلطة القوة. إذ إحتل نبوخَذ نُصَّر القدس و هدمَ معبدَها و أَسَرَ الشعبَ اليهودي و جعلهم عبيداً في بابل. كان نابليون بونابرت يقول: أنا أضعُ خُططَ الحرب معتمداً على أحلامِ جنودي, بينما كان صدام حُسين يضع خططهُ الحربية و يحققها و يمضي في تمامِ أحلامهِ في العظمةِ بفضلِ تواطئِ ديمقراطياتِ الغرب! ففي سنة 1984صرف العراق أكثر من 14 مليار دولار لشراء الأسلحة, و هذا المبلغ يُمثِّلُ نصفَ إنتاج العراق الوطني من الموارد. و بين سنتي 1982-1985 إستورد العراق أسلحة هائلة تتجاوز قيمتها 42.8 مليار دولار! و لم يتوقف إستيراد العراق للأسلحة حتى بعد توقُّف الحرب مع إيران, فبغداد كانت أكبرَ مستوردٍ للأسلحةِ في العالم كله! إذ إشترت ما يُقارب 15 بالمئة من كل المبيعات العالمية للأسلحة خلال فترة الثمانينات!
العراق ذلك الذي كان حليفاً لموسكو والذي وقَّعَ معها سنة 1972 " معاهدة الصادقة والتعاون ", راح يقتربُ أكثر فأكثر من الدولِ الغربية الوحيدة التي تستطيعُ تلبيةَ مطالبهِ الضرورية. يُريد إذن أن يبني صناعةً نوويةً؟ نعم يُريدُ ذلك .. و يتقدَّمُ الفرنسيون لتزويدهِ بمفاعلٍ نووي في منتصف السبعينات, و هذا ما كان يحتاجه العراق و يغمضُ الفرنسيون عيونهم عن خطرِ إنتشار و تصنيع البلوتونيو. كان صدام حُسين يُريد أسلحة نووية و لا يُخفي هذهِ الحقيقة. و لكن حلمه تبخَّر لبعض الوقت, عندما دمَّرت الطائرات الإسرائيلية مفاعل تموز النووي سنة 1981.
يمتلِكُ العراق حالياً تَرسانة من الأسلحة الكيمائية, و التي إستُعمِل بعضُها لصدِّ الهجماتِ الإيرانية و لتدمير قرى المعارضين الأكراد. و هنا تظهر المساعدات الغربية جلية, إذ تم حصر 208 شركات غربية, ساهمت في درجاتٍ مختلفةٍ في تحقيقِ مختلفِ البرامج العسكرية العراقية النووية و بصورة خاصة الصناعة الكيمائية منها. و هذهِ الشركات تتوزَّع على البلدان التالية: 86 شركة من المانيا الغربية, 12 شركة إيطالية, 18 شركة أمريكية, 11 شركة سويسرية, 17 شركة نمساوية, 8 شركات بلجيكية, 7 شركات إسبانية, اليابان شركة واحدة, البرازيل شركة واحدة, مصر واحدة, السويد واحدة, هولندا إثنتان, بولونيا واحدة, الهند واحدة, موناكو إثنتان. و بالرغم من إن الحكومة الأمريكية رفضت الإعتراف بأنها زودَّت العراق بالأسلحة المختلفة, لكن العديد من الشركات الأمريكية الخاصة كانت تبيع للعراق المُعِدّات العسكرية, إما عن طريق شركاتٍ وهمية أو عن طريق شركات وسيطة للعراق. و كانت العملية التي تمت في مطار هيثرو اللندي في 28 آذار 1990, فضحت ضخامة هذه السمسرة. ففي هذا اليوم وَجدت أجهزة التفتيش الحدودية قطع " الكريترونس " الكهربائية ذات الإستعمالات العسكرية, هذه الأجهزة يمكن إستخدامها كأجهزة تفجيرٍ للأسلحة النووية.
نهاية هذا الخيط تم الكشف عنه بعد 18 شهر من التحقيقات و المداهمات التي قامت بها أجهزة المخابرات البريطانية و بمساعدة أجهزة التفتيش الحدودية الأمريكية, إذ تأكَّد بأن هذه القطع تُصنع من قبل شركة في سان دياكو كاليفورنيا, و التي تم الإتصال بها عن طريقِ وسطاءٍ يعملون لصالح العراق. أثار هذا الأمر قلق قيادة الشركة المذكورة, التي قامت بدورها بإخبار أجهزة الحدود التي قامت بتسريبِ عميلٍ لها بين الوسطاء الذين شاركوا في محادثاتِ شراءِ قطع " الكريترونس ". و تم شحن هذه المواد عن طريق شركة " توا " TWA" للطيران, و بقيت الشحنة في مخازن في مطار هيثرو لمدة إسبوعين. و لم تتدخل أجهزة المخابرات إلا عندما تمت إجراءات شحن البضاعة على متن طائرةٍ للخطوط الجوية العراقية, و التي كانت مُستعِدَّةً في المطار لنقل هذه الأجهزة الى بغداد. إذ تم إعتقال خمسةِ أشخاصٍ يعملون في هذه الشركة, و هم عراقيان إثنان و لبناني و بريطانيان إثنان. و في سان دياكو, المحطة الأخرى في التحقيقات, تم إعتقال بعض البريطانيين الذين يعملون في مشروع بعض الشركات البريطانية. لقد سَبَّبَ نبأَ مُصادرةِ مواد " الكريترونس " دهشة المسؤولين, فمُنذ سنةٍ او سنتين, كانت تتناقل الكثير من التقارير حول جهود بغداد لتصنيعِ سلاحٍ نووي. كانت عملية إكتشاف " أجهزة الكريترونس " قد أثارت مخاوف الكثير من الخبراءِ و السياسيين الذين راحوا يتسائلون, عما إذا ما كانت لحظة إمتلاك العراق للسلاح النووي, هي أقرب مما كان يُعتقدُ. غاضباً صدام حسين ذكرَ في حديثٍ متلفزٍ لهُ: " بأن القوى المعاديةِ للعرب تُحاولُ إيقاف العراق في سعيهِ نحو التقدم ". كان حاكمُ بغداد في وضعٍ حرجٍ جداً. إذ دَمَّر في أيلول سنة 1989 إنفجارٌ رهيبٌ المُجَّمع العسكري في الأسكندرية في جنوب بغداد, و الذي تُصنع فيه الأسلحة الكيمائية. و رغم التعتيم التام الذي فرضتهُ الأجهزة المسؤولة, فإن الشهادات و كذلك الصور التي إلتقطتها أجهزة التَجَسُّس في الأقمار الصناعية, كشفت ضخامة الدمار, إذ قُتل أكثر من 700 شخص و عِدَّة مئاتٍ خرجوا معوَّقين مدى الحياة.
وفي شهر شباط سنة 1990, حاول صحفيٌ يعمل لصالحِ الإسبوعية اللندنية THE OBSERVERVER , كتابةَ تحقيقٍ حول هذه الكارثة, و إسمهُ " فارزاد بازوفت " و هو إيراني معارض و يحمل جوازاً بريطانياً. قامت أجهزة المخابرات العراقية بقيادة السبعاوي أخِ الرئيس من أُمهِ بإعتقاله. و أُتهِمَ فارزاد بالتجسس لمصلحةِ إسرائيل كما إعترف هو بالتلفاز, و تحت التعذيب طبعاً بإنه جاسوس. لقد أحدث الحُكمَ بالإعدام على بازوفت ردَّ فعلٍ سلبيٍ ليس في أوروبا و أمريكا فقط بل حتى في صفوف بعض القادة العرب. و بعد إصدار حكم الإعدام ببضعةِ أيامٍ, إلتقى وزير الخارجية الأُردني مروان القاسم في تونس مع نظيرهِ العراقي طارق عزيز, خلال مشاركتهما في إجتماعِ وزراءِ الخارجية العرب. و منتهزاً فرصةٍ سَنَحت للإختلاء مع طارق عزيز, فبادرهُ القاسم قائلآ: " سيكون خطأً كبيراً أن تقوم حكومتك بإعدام بازوفت, و ستستغلُ الصحافة هذه الحادثة بينما ستسوءُ صورة العراق في الغرب ". فأندَّهش القاسم للرَّدِ العنيف لطارق عزيز و الذي يعرفهُ منذُ سنواتٍ عديدةٍ. لقد أجاب الوزير العراقي بلهجةٍ غاضبةٍ و حادة: " لابُد أن يُنَفَّذُ حُكمِ الاعدام, إذا لم نفعل ذلك فغدآ سيفزو العراق الفَ جاسوسٍ ". و تَمَّ شَنقَ بازوفت يوم 15 آذار, بينما أثار إتساعِ نطاق الإحتجاجات حفيظة صدام, إذ هو لم يَعُد يفهم سِرَّ هذه الحملة من إنتقادات الدول الغربية و هي التي كانت تَتَّفهم أعمالهُ لحد الآن! إذ كانت قضية بازوفت, و الكشف عن أجهزة الكريترونس في مطار هيثرو, و التغيير الكبير في الموقف الامريكي, قد إنتهت بهِ – هذهِ الأُمور - الى قناعةٍ مفادُها, إن الأمر عبارةٌ عن حملةٍ عالميةٍ مقصودةٍ ضد بلادهِ. و لأن صدام حُسين ينطلقُ من طبعٍ بدائيٍ متعالٍ يقودهُ شعورٌ من العظمةِ, راح يعتقدُ من الآن فصاعداً بأن العراق قد أصبح كعكةً يتكالبُ عليها العالم كُلَّهُ, و إنهُ بذلك يستطيعُ الاستخفاف بالعالمِ الذي ساعدهُ أن يكونَ قوياً.
________________________________________________________
* يُقصدُ بهِ عدنان حُسين, و كان صديقآ شخصيآ لصدام, لم يرحمهُ و قام بإعدامهِ - المُترجِم.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن