سعي محموم لحل الازمة السورية لماذا ؟

حسن محمد طوالبة

2015 / 12 / 8

سعي محموم لحل الازمة السورية لماذا ؟
د. حسن طوالبه
منذ سنتين والقوى الدولية تحاول ايجاد حل للصراع في سوريه , فقد عقدت اجتماعات في جنيف 2013 و2014 وصدر عن الاول توصيات مفادها التوافق على مرحلة انتقالية بدون الاسد , وكانت التوصيات انعكاس لما يجري على الارض , اذ كاد النظام السوري ان ينهار قبل عام لولا التدخل الايراني الواسع وحزب الله اللبناني , ولما فشل هذا التدخل جاء التدخل الروسي ليقلب موازين الصراع في سوريه لصالح الاسد وعلى حساب الشعب السوري الذي ظل ضحية التدخلات الخارجية .
نظام الملالي راهن على صمود النظام في سوريه واعتبر سقوطه خسارة كبيرة له اكبر من خسارة الاحواز , كما ان روسيا التي شعرت بالخديعة في قرار التدخل الدولي في ليبيا , واستجابة لمصالحها الاقتصادية في المنطقة وخاصة اكتشاف النفط والغاز في البحر المتوسط , وجدت فرصتها في التدخل المباشر في سوريه , وتعزيز تحالفها مع نظام ملالي ايران , رغم علمها ما يقوم به الملالي من اثارة الفتنة الطائفية في المنطقة . ويبدو ان روسيا بوتن تعزف على وتر الفتنة الطائفية من خلال الملالي وتهدد بهم دول في الخليج العربي مثل السعودية وقطر .
لقد اصبحت الارض السورية مسرحا للقوى الدولية والاقليمية , وهذا كله بسبب سياسة الاسد الطائفية والديكتاتورية الانعزالية , اذ سمح لهذه القوى ان تدخل الى الساحة السورية لتحقيق مطامعها ومصالحها في المنطقة , وبسبب هذا التدخل تشرذمت قوى المعارضة السورية سواء منها المدنية او العسكرية , كما سمح هذا التشرذم لنظام الاسد ان يدخل الى هذه القوى ويدعم بعضها ليستخدمها ورقة في اية مفاوضات مقبلة .
ولما كان التدخل الدولي والاقليمي لم يحسم الامر لصالح اية قوة , ولاسيما بعد ان القت الطائرات الامريكية لوحدها 20 الف صاروخ على مواقع داعش ولم تحد من قدرتها على الحركة , بل تمكنت داعش من التمدد في الارض العراقية والسورية , وتمددت في اراضي الدول الاقليمية كما حدث في سيناء ضد الطائرة الروسية وفي اليمن بقتل محافظ عدن وفي الدول الاقليمية كما حدث في باريس , الامر الذي منح اليمين المتطرف الفرنسي الفوز في الانتخابات الاولية , وهذا يؤشر تسيد التطرف الاوروبي ضد المسلمين في الدول الاوروبية . كما ان القصف الروسي لم يحد من قدرات المعارضة العسكرية بل صارت المعارضة تشكل خطرا على الوجود الروسي فيما اذا زودت باسلحة نوعية ضد الطائرات والاهداف الارضية البعيدة المدى .
ونظرا لتعقد الموقف على الارض السورية وعدم قدرة القوى الدولية والاقليمة على حسم الموقف تتداعى هذه القوى للتفتيش عن حل سلمي يحقق مصالح كل هذه القوى المتصارعة . فهل بالامكان تحقيق ذلك ؟ .
اليوم يبدأ مؤتمر المعارضة السورية في الرياض , ونزامنا معه ينعقد مؤتمر اخر للمعارضة الداخلية المرضي عنها من نظام الاسد في المالكية في محافظة الحسكة في شمال شرق سوريه تحت عنوان " مؤتمر سوريه الديمقراطية " وتشارك فيه قوى مدعومة من الولايات المتحدة .
اما مؤتمر الرياض فقد اعدت اليه السعودية منذ زمن وبالتشاور مع الاطراف الدولية المعنية بالصراع في سوريه , فقد دعت التيارات المدنية ذات التأثير على الارض ولها اتباع من شرائح الشعب السوري , وابرز هذه القوى الائتلاف الوطني الذي تاسس عام 2012 وشارك في مؤتمري جنيف الاول والثاني عامي 2013 و2014 , وكذلك هيئة التنسيق الوطنية والمقبولة من نظام الاسد , ومؤتمر القاهرة الذي انعقد اول العام الجاري في القاهرة وضم حوالي 150 شخصا , وحزب المؤتمر الوطني الكردي , اضافة الى 15 فصيلا عسكريا مثل جيش الاسلام وحركة احرار الشام والجبهة الجنوبية . ويبدو ان السعودية استبعدت حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي بناء على طلب من تركيا , رغم ان هذا الحزب الذي تمثله " وحدات حماية الشعب " المسلحة . وتسيطر على مساحات من الارض شمال سوريه المحاذية لتركيا وتتلقى الدعم من الولايات المتحدة , وهذه القوى الكردية هي القوة الداعية الى مؤتمر الحسكة للمعارضة في الداخل .
وعلى ذات النهج تستقبل موسكو غدا الاربعاء وفد المعارضة المقبولة من نظام الاسد ومعه ممثلون عن النظام احدهم يمثل الحزب الحاكم . كما تستعد واشنطن الى عقد مؤتمر حول سوريه يوم 18 من الشهر الجاري . كل هذه التحركات الدبلوماسية بهدف التوصل الى اتفاق الاطراف السورية المعارضة لتنفيذ ما تم الاتفاق عليه في مؤتمر فيينا الاخير والذي اوصى بتشكيل حكومة انتقالية خلال ستة اشهر ومن ثم اجراء انتخابات خلال 18 شهرا بمشاركة سوري الداخل والخارج .
هذه الاجتماعات والمؤتمرات تجمع كل المتناقضات في المعارضة السورية المدنية والعسكرية , ولاسيما ان هذه جميعا قد استثنت القوى المعارضة المصنفة على الارهاب مثل داعش والنصرة , وتدعي القوى الدولية انها تحارب هذه القوى الارهابية وكثير من الادلة اكدت دعم القوى الدولية والاقليمية لداعش , وابسط دليل ان الوف الصواريخ والقنابل التي القيت على مواقع داعش لم تحد من قدرتها على الحركة وتنفيذ الهجمات الارهابية .
المعضلة الكبيرة الاولى هي التوفيق بين الفصائل المدنية والعسكرية واتفاقها على برنامج مشترك قبل الدخول في مفاوضات جنيف الثالثة , وازالة الاحتقانات المترسبة بين هذه القوى منذ زمن . والمعضلة الثانية هي الاتفاق على ممسار موحد حول بقاء الاسد في المرحلة الانتقالية من عدمه . اذ يصر الائتلاف الوطني على رحيل الاسد ولامكان له في المرحلة الانتقالية او في مستقبل الاسد , ولاسيما قوى اقليمية ودولية باتت تروج لبقاء الاسد في المرحلة الانتقالية وفي المستقبل امر يقرره الشعب السوري . في حين ان قوى اخرى لا تمانع في بقاء الاسد في المرحلة الانتقالية .
ان حرص جميع القوى على ايجاد حل سلمي للازمة في سوريه ات لان جميع الاطراف لم تستطع تحقيق نصر تام على الطرف الاخر , وبالمقابل تتوسع داعش وباتت تشكل خطرا على الاطراف الدولية ولاسيما بعد تفجيرات باريس . واي حل سلمي سيكون في صالح روسيا وايران , لان كليهما لهما وجود عسكري في سوريه ولن تخرج هذه القوات بسهولة , الامر الذي قد يفجر الصراع مجددا حتى تتحرر سوريه من وجود القوات الاجنبية . واي خلاف بين القوتين الدوليتين روسيا وامريكا لن يقود الى مواجهة مباشرة , بل يمكن ان يكون الصراع بالنيابة ما دامت هناك قوى محلية واقليمية .



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن