تمثيلية النساء بالهيئات والمؤسسات المنتخبة المحلية والوطنية: خيبة أمل وانتظارات(تقرير)

عبد المجيد السخيري
skhairiabdelmajid@gmail.com

2015 / 10 / 25

في لقاء مفتوح خاص، يأتي في نهاية الحلقات الأخيرة من المسلسل الانتخابي الذي انطلق منذ شهر ماي من سنة 2015 بانتخابات ممثلي وممثلات هيئات المأجورين باللجان الثنائية متساوية الأعضاء، وانتهى بانتخاب أعضاء وعضوات مجلس المستشارين/ الغرفة الثانية للبرلمان المغربي في 2 أكتوبر من نفس السنة؛ واستكمالا لأشغال وفعاليات البرنامج التكويني والتحسيسي الذي أشرفت على تنفيذه جمعية العهد الجديد لتنوير الأسرة بتطوان، بشراكة ودعم "صندوق الدعم لتشجيع تمثيلية النساء" من أواخر شهر ماي إلى غاية منتصف شهر غشت من سنة 2015؛ وبغاية وضع اللمسات الأخيرة على التقرير التركيبي النهائي للمشروع المنجز، فقد تمت دعوة المشاركات والمستفيدات من الدورات التكوينية ضمن برنامج "التأهيل السياسي والقانوني للنساء من أجل مشاركة فعالة في الانتخابات الجماعية والجهوية"، لحضور هذا اللقاء من أجل تسلم الشواهد التقديرية بالمناسبة، بينهن عددا من المرشحات اللواتي خضن غمار الانتخابات الجماعية والجهوية للرابع من شهر شتنبر 2015 ، بعدما استفدن من دورات تأهيلية لهذه الغاية، وتقييم تجرية المشاركة النسائية وتحليل نتائجها من زاوية ما توفره الإحصائيات النوعية المتاحة، وتقديم نتائج وخلاصات الدراسة التي أنجزها الأستاذ الباحث عبد المجيد السخيري في إطار هذا مشروع الجمعية تحت عنوان"المشاركة السياسية وتمثيلية النساء في المغرب/وصف وتحليل". هذا وقد أشرف الأستاذ نفسه على تأطير وتنشيط هذا اللقاء انطلاقا من قاعدة البيانات والإحصاءات التي قام بتجميعها وعرضها على المشاركات مما أتيح له من المصادر الرسمية لمختلف المحطات الانتخابية، مع التركيز بالخصوص على التحليل النوعي للنتائج.
وقائع اللقاء جرت بمقر الجمعية المنظمة يوم الأحد 18 أكتوبر 2015 صباحا، وانطلقت بكلمة ترحيب بالمشاركات اللواتي استجبن لدعوة اللقاء وإبراز الغاية منه. وقد حرص الأستاذ المؤطر كعادته على إعطاء الكلمة الأولى للمشاركات لتقديم قراءاتهن الخاصة في نتائج الانتخابات الأخيرة من زاوية النوع، وسرد تجارتهن الشخصية، وبشكل خاص المرشحات في الانتخابات الجماعية والجهوية للرابع من شتنبر، سواء اللواتي توفقن منهن في الظفر بمقعد بالمجالس المنتخبة، أو اللواتي لم يحالفهن الحظ هذه المرة في الفوز بمقعد انتخابي، مع دفعهن لإبراز وتحديد أهم العوامل والظروف والاختيارات التي أسهمت في ترجيح النجاح بالنسبة للفئة الأولى، والعوائق والسياقات الخاصة أو العامة التي كان لها دور راجح في عدم تمكن الفئة الثانية من الحصول على النتائج المرغوبة. وقد جعلت المشاركات من هذا اللقاء منصة تنديد وتشريح في نفس الوقت لعدد من العوامل البنيوية، الاجتماعية والثقافية، التي لا تزال تعمل في اتجاه تحجيم المشاركة السياسية النسائية الفعالة، في ارتباط مع الفراغات القانونية التي تزال تحول دون بلوغ المستوى المأمول من التمثيلية العادلة والمنصفة للمرأة في المجالس المنتخبة، والتي كانت ولا تزال على رأس المطالب القوية للحركة النسائية المغربية بمختلف أجنحتها وتياراتها وهيئاتها. كما توقفت أغلب المشاركات مليا عند النتائج المخجلة على مستوى تمثيل المرأة بالمكاتب المسيرة للمجالس المحلية ومكاتب المجالس الجهوية ومجلس المستشارين، وقدمن في هذا الباب تفسيرات كثيرة، همت بالخصوص عيوب النظام الانتخابي التي أثارتها مذكرات عدد من الجمعات النسائية والحقوقية، والتي تسهم بشكل مقنع في إضعاف فرص الحصول على تمثيلية مشرفة بالنسبة للنساء ولو في ظل التقدم المحرز على مستوى تطبيق آلية الميز الإيجابي(الكوطا)؛ وتخلف الأحزاب السياسية عن القيام بدورها الأساسي في الارتقاء بمكانة النساء بهيئاتها القيادية وهياكلها الداخلية بما يؤدي إلى تمكينهن من الحصول على أفضل الفرص للترشح بقوائمها الانتخابية، خاصة على مستوى اللوائح المحلية كوكيلات، فضلا عن الدور السلبي الذي لعبته بعض منها في تعليل إقصاء المرأة بمزاعم واهية، بل ومخالفة للقوانين، كما وقع في انتخابات مجالس الأقاليم والعمالات أو مكاتب الجهات.
غير أنه، رغم خيبة الأمل التي شعرت بها أغلب المشاركات في الانتخابات الأخيرة كمرشحات، ونبرة الغضب التي بدت واضحة في شهادتهن وسرد تجاربهن الشخصية فيما يخص انتزاع الحق في الترشح وتزكية الأحزاب التي تنتمي إليها والظروف التي مرت بها الحملات الانتخابية، واختلاف أو تفاوت مسؤولية الأحزاب في إضعاف حضور المرأة في المشهد الانتخابي؛ فإن بصيص الأمل في تحسين أوضاع المرأة من الناحية السياسية ظل مع ذلك في أفق رؤيتهن للمستقبل من وجهة نظر النضال النسائي بالخصوص، والرهان على تحسين موقعهن في الأداء الحزبي الداخلي، وهو ما عبرن عنه كأمل راسخ، إنما يقظ في مواصلة الكفاح ضد العقلية الذكورية المسيطرة ودمقرطة الحياة الداخلية للأحزاب السياسية، تفاعلا مع التحليل الموضوعي والوصف الشامل الذي قدمه السيد المؤطر لسياقات تنظيم الانتخابات الأخيرة ونتائجها، واتجاهات التطور السياسي، والمزيد من تحديث المنظومة التشريعية ذات الصلة، بصرف النظر عن خلفية القراءات المنتجة في هذا الباب من قبل الفاعلين(_ات) السياسيين(_ات) والباحثين(_ات)، وتباين الرؤى الإيديولوجية المؤطرة لها، واسقاطاتها على مستوى تصور المستقبل الديمقراطي للبلاد في ظل استمرار بنية الفساد السياسي والاقتصادي، وتصلب النظام الأبوي، والتساهل والتسامح مع تغذياته الثقافية.
الشهادة التي قدمتها إحدى المشاركات التي قادت حملة انتخابية نوعية بإحدى الجماعات القروية باقليم الشاون، وكان لها دور مهم في نجاح حزبها في الظفر بأغلبية مطلقة من مقاعد المجلس المحلي، سلطت الضوء على أهم العوامل التي ساعدتها في خوض حملة انتخابية مقنعة بوسط محافظ وذكوري وغير مسيس بشكل كاف، بحيث تمكنت في النهاية بمثابرتها وتحديها، وإقناعها لعدد من مناضلي حزبها ذو التوجه اليساري( الاصلاحي) من الذكور بوضع ثقتهم في كفاءتها السياسية، من تحقيق تواصل فعال مع الناخبين(_ات) وانتزاع تأيدهم(ن) لها، وهو ما تم تكريسه في النتائج المحصل عليها. وقد أثنى الأستاذ المؤطر على شجاعة وجرأة هذه السيدة وقدرتها المميزة على الجمع بين مسؤوليات مختلفة كامرأة متزوجة وأم أطفال وموظفة ومناضلة حزبية وجمعوية ومستشارة جماعية، ونوه كثيرا بقيمة شهادتها في هذا اللقاء والدروس التي يمكن استخلاصها منها في ضوء تقييم التجرية السياسية والانتخابية للمرأة بمنطقة الشمال المغربي بشكل خاص. وقد كانت الأسئلة التي أثارتها هذه الشهادة وتعليقات المشاركات عليها والإجابات التفاعلية التي بلورها المؤطر هي ما اختتم به اللقاء المفتوح على أمل مواصلة مثل هذه اللقاءات مستقبلا، وتطوير برامج التكوين والتدريب السياسيين لهذه الفئة من الفاعلات في الحقل العام، وتوثيق تجاربهن على نحو يتيح للباحثين(_ات) في المجال الأكاديمي مادة اشتغال خصبة على مستوى تحليل ودراسة الحقل السياسي المغربي.
في الأخير تم توزيع شواهد تقديرية على المشاركات في الدورات التكوينية بحضور أعضاء وعضوات مكتب الجمعية المنظمة للقاء، وكلمة بالمناسبة ألقتها رئيسة الجمعية نوهت من خلالها بمستوى التزام وفعالية المشاركات في مختلف الدورات التأهيلية، ووعدت بتحسين آليات متابعة الجمعية لمساراتهن السياسية مستقبلا، وتجاوز كل الأخطاء التي تم ارتكابها على مستوى التواصل والمواكبة أثناء فترة الحملات الانتخابية، وإعداد مشاريع تكوين في المستقبل تراعي الحاجيات المستجدة لهن في مجالات التأهيل القانوني وتعميق التكوين السياسي.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن