من يضعف الحشد الشعبي؟من يضعف مجابهة داعش؟

ابراهيم الحريري
hariri4u@gmail.com

2015 / 9 / 5

من يضعف الحشد الشعبي؟
من يضعف مواجهة داعش؟
ابراهيم الحريري

تَشكّلَ الحشد الشعبي، كما هومعلوم، اثر دعوة المرجعية الى الجهاد الكفائي.وبرغم ما رافق تشكيله من عدم وضوح في طبيعة مهامه، كيفية تشكيل قيادته، و لمرجعيته السياسية و العسكرية، وغير ذلك من الأعتبارات التي تسبق، و ترافق، بناء اي تشكيل مسلح، فقد جرى التغاضي عن ذلك، بدعوى، او بسبب، الظروف الأَستثنائية التي رافقت تشكيله، اي سقوط الموصل بيد داعش، ثم تمدّدها الى محافظات و مدن اخرى بحيث باتت على ابواب بغداد.
التحق بالحشد الشعبي، على عجل المئات، ثم الآلاف، بدوافع مختلفة، البعض تلبية لفتوى المرجعية، والبعض الآخر لدوافع وطنية، ويصعب عزل الدافعَين عن بعضهما، اذ يتداخلان اغلب الأحيان، و ثمة فريق ثالث،عاطل عن العمل، وجد في التحاقه بالحشد بابًا للرزق (من مقابلة اجريت مع لاجئ من موجة اللاجئين العارمة الأخيرة قال فيها انه التحق بالحشد و لم يستلم مخصصه لأكثر من عام فاضطر الى ركوب الموج الهائج).
لعب الحشد الشعبي، الى جانب القوات المسلحة الأخرى، دورا مهما في التصدي لداعش و في تحرير بعض المدن والقصبات. و برغم ماشاب بعض العمليات من تجاوزات، وتاخيرعودة بعض السكان، في مناطق معينة، من العودة الى منازلهم و قراهم التي تم تحريرها من قبضة داعش، ما اثار شبهة محاولة ممارسة التطهير الطائفي لبعض المناطق (و ما يزال موضع جدال و محاولة معالجته و ملافاة آثاره السياسية الضارة) الامر الذي حدا بالقائد العام للقوات المسلحة تؤيده في ذلك المرجعية، الى تأكبد ان الحشد الشعبي هو تشكيل مسلح، جزء من القوات المسلحة، و مرجعيته السياسية و العسكرية هي القيادة العامة للقوات المسلحة.
لكن المواقف األأخيرة لقيادة الحشد الشعبي، و نعني انحيازه الى طرف معين في الصراع السياسي الدائرالآن حول سبل حل الأزمة الشاملة، ان هذه المواقف تبرز، من جديد، و بشكل ملح، النواقص البنيوية التي رافقت تشكيله و جرى التغاضي عنها، في البداية، و باتت تضيف، الآن، تعقيدا آخر للأزمة العامة الراهنة.
من بين الأسئلة الملحة، القديمة- الجديدة, التي تطرحها المواقف الأخيرة لقيادة الحشد الشعبي، هي: من هي مرجعيّتها السياسية و العسكرية ؟ من اين تتلقى التوجيهات و الأوامر؟
واضح، حتى الآن، ان توجهاتها ومواقفها الأخيرة، لا تتوافق مع التوجهات العامة لرئيس الحكومة، الذي هو, في الوقت ذاته،القائد العام للقوات المسلحة، و لا مع فتوى المرجعية التي على اثرها جرى تشكيل الجيش الشعبي،فضلا عن انها تتعارض مع مطالب الأصلاح و التغيير التي تنادي بها الملايين من العراقيين و العراقيات.
يكمن خطر هذه المواقف، التي تنحرف عن الغرض الذي جرى، على عجل، تشكيل الحشد الشعبي لتحقيقه، اي مجابهة داعش، في انها، اي هذه المواقف، تهدد تماسك الحشد الشعبي،فاكثر الملتحقين به انما فعلوا ذلك تلبية لفتوى المرجعية و تلبية للنداء الوطني.و حين تتعارض توجهات قيادة الحشد اشعبي مع هذه الدوافع، فان كثيرين من الملتحقين به سيجدون انفسهم مضطرين،او ملزمين، باعادة النظر في قرارهم و ربما دفعهم ذلك الى هجر الحشد و قيادته.
و الأكثر اهمية، ان اغلب منتسبي الحشد الشعيي هم من محافظات الوسط و الجنوب، اي من المحافظات التي ينخرط اغلب سكانها، الشباب خصوصا، في الحراك الشعبي المطالب بالَاِصلاح و التغيير. و لا يمكن لقيادة الحشد الشعبي ان تراهن ان منتسبي حشدها لا يتعاطفون مع هذه المطالب، و بعضهم لم بستلم مخصصاته من مدة، بينما يرفل من يراد لهم ان يدافعوا عنهم في النعيم. و حتى لو افترضنا، جدلا، ان المنتسبين، او اكثرهم، لم يحدد موقفا من الحراك الشعبي، اما عن انعدام للوعي، او بسبب عدم الأكتراث بما يدور،فانه لا يمكن المراهنة على عدم تأثرهم بعوامل القرابة المتنوعة، ما يدفعهم الى الأنحياز الى الحراك، الى اهلهم و اقاربهم، او، في اضعف الأحتمالات، الى رفض استخدامهم ضدهم، اذا جرت،غباءً او تهوراً، محاولة ذلك.
يقى ثمة اعتبارآخر، دستوري- قانوني.فقد منع قانون الأحزاب، الذي جرى اقراره مؤخرا، الأحزاب و الحركات السياسية و المدنية اقامة تشكيلات (ميليشيا) مسلحة. و قيادة الحشد الشعبي، بانحيازها الى احد اطراف الصراع السياسي الدائر، تفقد صفتها و دورها كتشكيل مسلح وطني يجابه عدوا غازيًا محتلا، وتنحدر الى مستوى ذراع مسلح لفريق سياسي موضع اتهام و مطلوب التحقيق في ارتكاباته و ماجرته على البلاد من كوارث، و تصفيتها، ضد الأكثرية الساحقة من المواطنين الذين يريدون اعادة بناء الوطن على اسس عصرية. مدنية سليمة.
على قيادة الحشد الشعبي، اذا ارادت حقا تحقيق المهام التي أُنشئ الحشد من اجلها، ان تعيد النظر في مواقفها و حساباتها، والا فانها، ستسيئ الى الحشد الشعبي و الدور المطلوب منه, تضعفه و تعمل على تفككه، و هذا،شاءت ام ابت، لا الحراك الشعبي، يخدم داعش و سائر اعداء الوطن.



https://www.ahewar.org/
الحوار المتمدن